السياسةالمرأة

نضالات المرأة المغربية ورهان المشاركة السياسية

إعداد : سعيد غيدَّى

من‭ ‬نائبتين‭ ‬برلمانيتين‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ولاية‭ ‬1993‭ ‬وولاية‭ ‬1998،‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القوانين‭ ‬الانتخابية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬30‭ ‬مقعدا‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬اللائحة‭ ‬الوطنية‭.  ‬هكذا‭ ‬وجدت‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬نفسها،‭ ‬داخل‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال‭ ‬رقما‭ ‬داخل‭ ‬منظومة‭ ‬سياسية،‭ ‬يحكمها‭ ‬المنطق‭ ‬الذكوري‭ ‬الإقصائي‭.‬

وتواجه‭ ‬الحركة‭ ‬النسائية‭ ‬المغربية‭ ‬تحديات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬انتزاع‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭ ‬سياسيا،‭ ‬واعتلاء‭ ‬مراكز‭ ‬القرار،‭ ‬حتى‭ ‬داخل‭ ‬التنظيمات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليها،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬إدارتها‭ ‬لبعض‭ ‬القطاعات‭ ‬الرسمية،‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬القوانين‭.‬

وقد‭ ‬ارتبط‭ ‬تاريخ‭ ‬نشوء‭ ‬الحركة‭ ‬النسائية‭ ‬المغربية،‭ ‬بقضية‭ ‬النضال‭ ‬الوطني‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار،‭ ‬حيت‭ ‬انخرطت‭ ‬النساء‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬السياسي‭ ‬والعسكري‭ ‬والفدائي،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬بالقوى‭ ‬السياسية‭ ‬آنذاك‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬النساء‭. ‬بدءاً‭ ‬بإنشاء‭ ‬تنظيمات‭ ‬نسائية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الأحزاب‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬التجارب،‭ ‬لم‭ ‬تستمر‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬للقضية‭ ‬النسائية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬كذلك‭ ‬لرهن‭ ‬النضال‭ ‬النسائي‭ ‬بالنضال‭ ‬الوطني‭.‬

وستعود‭ ‬المسألة‭ ‬النسائية‭ ‬لتطرح‭ ‬نفسها‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وأسست‭ ‬الدولة‭ ‬سنة‭ ‬1969‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬وعيها‭ ‬بأهمية‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تكريس‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬السائدة‭ ‬ونظرا‭ ‬لدورها‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬الاتحاد‭ ‬النسوي‭ ‬وجمعيات‭ ‬حماية‭ ‬الأسرة‭ ‬والنوادي‭ ‬النسوية،‭ ‬وتنظيمات‭ ‬تابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬أواخر‭ ‬السبعينيات؛‭ ‬ظهرت‭ ‬تجربة‭ ‬الأندية‭ ‬النسائية‭ ‬لمحاربة‭ ‬الأمية‭ ‬ولجان‭ ‬المرأة‭ ‬داخل‭ ‬الجمعيات‭ ‬الثقافية‭ ‬والنقابية‭ ‬وقد‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬اجتماعية‭ ‬للنساء،‭ ‬كما‭ ‬عرّفت‭ ‬بالقضية‭ ‬النسائية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ظل‭ ‬عملا‭ ‬محدودا‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الفئات‭ ‬الواسعة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬بالإضافة‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬بقي‭ ‬حبيس‭ ‬التوعية،‭ ‬لم‭ ‬يرقَ‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬خوض‭ ‬نضالات‭ ‬مطلبية‭.‬

تقول‭ ‬سعاد‭ ‬الإدريسي،‭ ‬الكاتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬للقطاع‭ ‬النسائي‭ ‬لحزب‭ ‬الطليعة‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الاشتراكي‭: ‬‮«‬شكل‭ ‬القهر‭ ‬المزدوج‭ ‬تُجاه‭ ‬المرأة‭ ‬الأساس‭ ‬الموضوعي،‭ ‬لقيام‭ ‬جمعيات‭ ‬نسائية‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينات،‭ ‬وأول‭ ‬الملفات‭ ‬الساخنة‭ ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬الحركة‭ ‬النسائية‭ ‬والسياسية‭ ‬والجمعوية‭ ‬هي‭ ‬مدونة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية،‭ ‬حيت‭ ‬تظافرت‭ ‬جهود‭  ‬كل‭ ‬المكونات‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المطالب‭ ‬الخاصة‭ ‬بمدونة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية”‭.‬

وقد‭ ‬عرفت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬حسب‭ ‬سعاد‭ ‬الإدريسي‭ ‬“مدّا‭ ‬نضاليا‭ ‬نسائيا‭ ‬تنسيقيا،‭ ‬حيت‭ ‬تأسس‭ ‬مجلس‭ ‬التنسيق‭ ‬لتغيير‭ ‬مدونة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬وحملة‭ ‬المليون‭ ‬التوقيع‭. ‬وقد‭ ‬تعرضت‭ ‬الحركة‭ ‬النسائية‭ ‬لهجوم‭ ‬عنيف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬المحافظة،‭ ‬كلما‭ ‬طرحت‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬ومساواتها‭ ‬وتحررها‭ ‬من‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬السائدة”‭.‬

‮«‬الكوطا‮»‬‭ ‬أم‭ ‬المناصفة؟

ترى‭ ‬السيدة‭ ‬نجيبة‭ ‬قسومي‭ ‬عضو‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الاتحادي‭ ‬أن‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬للنساء‭ ‬اليوم‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭. ‬معترفة‭ ‬بصريح‭ ‬القول‭: ‬“نفتقد‭ ‬لقيادات‭ ‬نسائية‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الفعلية‭ ‬داخل‭ ‬الأجهزة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للأحزاب‭ ‬والنقابات،‭ ‬ليقتصر‭ ‬تواجد‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬على‭ ‬تأثيث‭ ‬للمشهد‭ ‬فقط،‭ ‬بسبب‭ ‬التسلط‭ ‬الذكوري‭ ‬واحتكار‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بدعوى‭ ‬أنه‭ ‬ميدان‭ ‬ذكوري”‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬الحركة‭ ‬النسوية‭ ‬المتمسكة‭ ‬بمبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬فدور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬هو‭ ‬رئيسي‭ ‬وليس‭ ‬تكميلي،‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬اتخاد‭ ‬قرارات‭ ‬مشتركة‭ ‬وتسيير‭ ‬مشترك‭ ‬للحياة‭ ‬العامة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬بمنطق‭ ‬الوصاية‭ ‬على‭ ‬المرأة‭. ‬وشددت‭ ‬قسومي‭ ‬أنه‭ ‬“يجب‭ ‬على‭ ‬المشرع‭ ‬المغربي‭ ‬أن‭ ‬يخطو‭ ‬خطوة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬لتحقيق‭ ‬المناصفة،‭ ‬عبر‭ ‬الكفاءة‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الكوطا‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬بمثابة‭ ‬ريع‭ ‬سياسي‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬والنقابات‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة”‭.‬

معركة‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية

ترتبط‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬بواقع‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬كما‭ ‬ترتبط‭ ‬بما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬وديمقراطية،‭ ‬أي‭ ‬مساحة‭ ‬الحقوق‭ ‬الفعلية‭ ‬وبالعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬ليست‭ ‬معزولة‭ ‬عن‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وجميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬المنحى‭ ‬التراجعي‭ ‬للوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬انعكس‭ ‬على‭ ‬أوضاع‭ ‬النساء‭ ‬بحكم‭ ‬هشاشة‭ ‬وضعيتهن‭.‬

وأكدت‭ ‬سعاد‭ ‬الإدريسي‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬‮«‬محكومة‭ ‬بمنظومة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والأفكار‭ ‬والممارسات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تكريس‭ ‬دونيتها‭ ‬واضطهادها‭ ‬وتهميشها،‭ ‬رغم‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬منذ‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬وما‭ ‬راكمته‭ ‬من‭ ‬نضالات‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬لم‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬حضورها‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القيادة‭ ‬داخل‭ ‬الأحزاب‭ ‬ولا‭ ‬النقابات‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‮»‬‭. ‬وتابعت‭ ‬الإدريسي‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬الارتفاع‭ ‬النسبي‭ ‬للتواجد‭ ‬النسائي‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القرار‭ ‬مقارنة‭ ‬بالسنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬ورغم‭ ‬الحراك‭ ‬الكمي‭ ‬لحضور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النتائج‭ ‬لم‭ ‬تعكس‭ ‬حضورها‭ ‬الكمي‭ (‬النساء‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يمثلن‭ ‬أكتر‭ ‬56‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬السكان‭)‬،‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬النساء‭ ‬تشكل‭ ‬كتلة‭ ‬انتخابية‭ ‬كمية‭ ‬‮«‬تخدم‭ ‬السلطة‭ ‬الذكورية‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬تعبير‭ ‬الإدريسي‭.‬

وهناك‭ ‬عوائق‭ ‬كثيرة‭ ‬سياسية‭ ‬وثقافية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬الأمية‭ ‬منتشرة‭ ‬وسط‭ ‬النساء‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وتتعرض‭ ‬النساء‭ ‬للعنف‭ ‬بمختلف‭ ‬مستوياته‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬بما‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تمتيعها‭ ‬بكافة‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية‭. ‬ولذلك‭ ‬فإنّه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬وضع‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بالمساواة،‭ ‬فهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لأنه‭ ‬يجب‭ ‬خلق‭ ‬وتهيئة‭ ‬المناخ‭ ‬والشروط‭ ‬لتطبيق‭ ‬القوانين،‭ ‬وتربية‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬حولها‭ ‬وإيقاظ‭ ‬وعي‭ ‬المرأة‭ ‬ذاتها‭ ‬لكي‭ ‬تدرك‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬وطنها‭ ‬وأهميتها‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬المستقبل‭.‬

معركة‭ ‬المناصفة

من‭ ‬داخل‭ ‬قنوات‭ ‬التشريع

من‭ ‬المنتظر‭ ‬من‭ ‬تركيبة‭ ‬البرلمان‭ ‬الذي‭ ‬أفرزته‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬لسنة‭ ‬2016،‭ ‬وبنسبة‭ ‬تمثيلية‭ ‬نسائية‭ ‬لم‭ ‬تتعدّ‭ ‬21‭% ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬ممثلي‭ ‬الأمة،‭ ‬مراجعة‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مبدأ‭ ‬المناصفة‭.‬

والبرلمانيات‭ ‬الحاليات‭ ‬اللواتي‭ ‬حظين‭ ‬بثقة‭ ‬أحزابهن،‭ ‬تسلّمن‭ ‬المشعل‭ ‬من‭ ‬مناضلات‭ ‬سابقات‭ ‬خبرن‭ ‬دواليب‭ ‬العمل‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬ولجانها‭ ‬الدائمة،‭ ‬وهنّ‭ ‬اليوم‭ ‬مطالبات‭ ‬بمواصلة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬قوانين‭ ‬تلامس‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬والقضايا‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والأسري‭ ‬والنسائي‭ ‬بصفة‭ ‬خاصة‭ ‬وتحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المكتسبات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭. ‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬الدكتورة‭ ‬فوزية‭ ‬البيض‭ ‬البرلمانية‭ ‬السابقة‭ ‬والخبيرة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬‮«‬كلنا‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬مفتاح‭ ‬التغيير‭ ‬يبدأ‭ ‬أولا‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بالتشريع‭ ‬وإعادة‭ ‬مراجعة‭ ‬القوانين‭ ‬وصياغتها،‭ ‬وفق‭ ‬المستجدات‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬الملزمة‭ ‬وتحيينها‭ ‬لتتلاءم‭ ‬مع‭ ‬منطوق‭ ‬الدستور‮»‬

وطلبت‭ ‬المتحدثة‭ ‬من‭ ‬البرلمانيات،‭ ‬تشكيل‭ ‬لوبي‭ ‬ضاغط‭ ‬كأرضية‭ ‬لخلق‭ ‬تكتل‭ ‬لصناعة‭ ‬التغيير،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬إعمال‭ ‬المبدأ‭ ‬الدستوري‭ ‬المؤسس‭ ‬للمناصفة‭ ‬في‭ ‬الحقوق،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الواجبات‭.‬

وقالت‭ ‬الدكتورة‭ ‬البيض‭: ‬‮«‬طموحنا‭ ‬المشترك‭ ‬جميعا،‭ ‬كسياسيات‭ ‬بنَفَس‭ ‬حقوقي،‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬المساواة،‭ ‬ومدخلها‭ ‬الرئيس‭ ‬هو‭ ‬التنسيق‭ ‬وتجميع‭ ‬المبادرات‭ ‬الجمعوية‭ ‬النسوية،‭ ‬وتوحيد‭ ‬الخطاب‭ ‬وتحرير‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‮»‬‭.‬

وأكدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬فوزية‭ ‬أنّ‭ ‬النضال‭ ‬التشريعي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يطبع‭ ‬بطابع‭ ‬الاستمرارية‭ ‬خلال‭ ‬كل‭ ‬الولاية‭ (‬البرلمانية‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬اليقظة‭ ‬وحشد‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬الجلسات‭ ‬التشريعية‭. ‬ويمتد‭ ‬ذلك،‭ ‬حسب‭ ‬المتحدثة‭ ‬إلى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬المؤسسات‭ ‬المنتخبة‭ ‬المحلية،‭ ‬الجهوية‭ ‬والوطنية‭ ‬ومن‭ ‬داخل‭ ‬هياكل‭ ‬الأحزاب،‭ ‬وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬مناصب‭ ‬المسؤولية‭ ‬وصنع‭ ‬القرار‭ ‬ومراكز‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬المدنية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬مؤشر‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بالمغرب‭ ‬وترسيخ‭ ‬مقومات‭ ‬دولة‭ ‬تحمي‭ ‬حقوق‭ ‬كل‭ ‬الفئات‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬القوانين‭.‬

فرض‭ ‬المشاركة

أصبح‭ ‬قياس‭ ‬حجم‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤشر‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها،‭ ‬أو‭ ‬التمثيلية‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬المنتخبة،‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الماضي‭ ‬نسبيا،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬أصبحت‭ ‬لها‭ ‬تمظهرات‭ ‬متعددة،‭ ‬ويمكن‭ ‬قياس‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التعبيرات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬قيم‭ ‬جديدة‭ ‬للتغيير‭ ‬أو‭ ‬تصحيح‭ ‬وضع‭ ‬معين‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تؤكده‭ ‬الفاعلة‭ ‬السياسية‭ ‬والجمعوية‭ ‬صابرين‭ ‬بطاشي،‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تطوّر‭ ‬حضور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الحركات‭ ‬الاحتجاجية،‭ ‬حيث‭ ‬تدلّ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التعبيرات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬بعد‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬2011‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنحى‭ ‬الجديد،‭ ‬فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬حركة‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬العيالات‭ ‬جايات‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوقفات‭ ‬المقتصرة‭ ‬على‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬من‭ ‬المناضلات‭ ‬سواء‭ ‬المنتميات‭ ‬إلى‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬المنخرطة‭ ‬في‭ ‬الحِراكات‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬أو‭ ‬المستقلات،‭ ‬أو‭ ‬المنتميات‭ ‬إلى‭ ‬تعبيرات‭ ‬نسائية‭ ‬مدنية‭.‬

وفي‭ ‬جرد‭ ‬سريع‭ ‬لأبرز‭ ‬تمظهرات‭ ‬خروج‭ ‬المرأة‭ ‬المغربية‭ ‬للنضال‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي،‭ ‬قالت‭ ‬صابرين‭: ‬‮«‬خرجت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المسيرات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬تحت‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بـ”ربيع‭ ‬الكرامة”،‭ ‬وهو‭ ‬ائتلاف‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬النسائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬قوانين‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬المجحفة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬النساء‮»‬

وتشير‭ ‬دراسة‭ ‬للأستاذ‭ ‬عزيز‭ ‬خمليش‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الانتفاضات‭ ‬الحضرية‭ ‬بالمغرب‮»‬،‭ ‬أنّ‭ ‬الحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬رجالي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬سنوات‭ ‬التسعينات،‭ ‬وبشكل‭ ‬أكثر‭ ‬بروزا‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬حركة‭ ‬20‭ ‬فبراير،‭ ‬أصبحت‭ ‬الحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬بالمغرب‭ ‬تعرف‭ ‬حضورا‭ ‬نسائيا‭ ‬كبيرا،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬معها‭ ‬إن‭ ‬المناصفة‭ ‬المطلوبة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الهيئات‭ ‬التمثيلية،‭ ‬حضرت‭ ‬في‭ ‬التعبيرات‭ ‬الاحتجاجية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى