الثقافة

شارع المهدي بن بركة ثانية

◆ إدريس علوش

1-

وتمرينَ‭ ‬يا‭ ‬أقْدامي

مُترْبة‭ ‬كَحذاءٍ

والشَّارعُ‭ ‬مُثقلٌ‭ ‬

بشاراتِ‭ ‬الأحلامِ

وانْصرافِ‭ ‬الخطواتِ

إلى‭ ‬مجْهولِ‭ ‬الفجيعةِ

والمشهدُ‭ ‬سرابيٌّ

ينشدُ‭ ‬سماءً‭ ‬تَعلو

يَسْتفسر‭ ‬الغدَ

عن‭ ‬سرِّ‭ ‬الغيَّابِ‭ ‬الذي‭ ‬طالَ

نِصْفُ‭ ‬قرنٍ

وما‭ ‬اهْتَدى‭ ‬الورَّاقُ

لِحفيفِ‭ ‬الحقيقةِ

كلُّ‭ ‬ما‭ ‬سَمِعْناهُ‭ ‬لَمْ

سِوى‭ ‬حَواشي‭ ‬رمادٍ

أجْهشَ‭ ‬بدمعِ‭ ‬الجريدِ

وجمْرة‭ ‬حبر‭ ‬ٍ

لم‭ ‬تُلقِ‭ ‬بَعدُ‭ ‬بِضِلالِها

في‭ ‬حَفْنةِ‭ ‬ماءْ‭..‬

2-

أَحْلمُ‭ ‬بمشاةٍ

يحثُّونَ‭ ‬النَّجمةَ‭ ‬والمدار

على‭ ‬المضيِّ‭ ‬قُدماً

في‭ ‬اتجاه‭ ‬رحابةِ‭ ‬أُفقٍ

اهْتداهُ‭ ‬المهدي

شُرفاتٍ

وفراشاتٍ

ما‭ ‬همَّ‭ ‬إن‭ ‬اسْتراحَت‭ ‬ساقيةُ‭ ‬التاريخِ

لَحْظةً

أو‭ ‬استدارتْ‭ ‬جِهة‭  ‬الفيءِ

ليسْتدركَ‭ ‬الشُهداء

والحالمينَ‭ ‬بحباتِ‭ ‬الحصى

مَسالكَ‭”‬طريقِ‭ ‬الوحْدَةِ‭”‬

و‭ ‬حَفاوة‭ “‬أنوال‭”‬

وظَهيرةِ‭ ‬الطريقْ‭…‬

3-

هُمْ‭ ‬قتَلَةٌ

كَانوا‭ ‬هُناك‭-‬هَؤلاء‭-‬

لا‭ ‬أَحدَ‭ ‬يعرفُهم‭ ‬أوْ‭ ‬ينْساهُم

لكنَّهم‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مجْهولين‭ ‬تماماً

تسترَّوا‭-‬هكذا‭-‬في‭ ‬قُفازات‭ ‬مِهَنٍ

بِنياشينَ‭ ‬مُثْقلةٍ‭ ‬بالدَّمِ

وأخْرى‭ ‬بالصدأ

قادِمينَ‭ ‬منْ‭ ‬نَصْل‭ ‬المذْبحةِ

ومنْ‭ ‬شَفرات‭ ‬لغَزْلٍ‭ ‬محبوكٍ‭ ‬بفنِّ‭ ‬الدِّراية

قَتَلة‭ ‬بمِسدساتٍ‭ ‬كَاتمةٍ‭ ‬للصَّوْتِ

لا‭ ‬الروُّح

والضَّوءِ

والغَسَقِ

وَرَشْحِ‭ ‬الصباحْ‭..‬

4-

مَا‭ ‬اخْتلفنا

حَوْل‭ ‬حَجر‭ ‬الأساسِ

وسِرِّ‭ ‬الشَّاهِدةِ

ورائحةِ‭ ‬الترابِ

وَ‭ ‬مَا‭ ‬اخْتلفنَا‭ ‬

حَوْلَ‭ ‬يدٍ‭ ‬ظلَّتْ‭ ‬دوماً

تتحَسسُ‭ ‬خَفقان‭ ‬البُوصِلةِ‭  ‬شِراعاً

وسَمفونيةً‭ ‬لِيسارِ‭ ‬القَلْبِ

والحُلُم‭ ‬ِ‭ ‬المشْتهى‭ ‬كانتْ‭ ‬يَدُكَ

خَلْفَ‭ ‬السِتارِ

وسراديبِ‭ ‬العَتَمةِ

ظلَّ‭ ‬أكْثرَ‭ ‬مِنْ‭ ‬خُفاشٍ

يَنْفض‭ ‬فَرْوَهُ‭ ‬لتغيبَ‭ ‬الحقيقةُ

عَن‭ ‬أشِّعةِ‭ ‬الشَّمْسِ

نِصْفُ‭ ‬قَرْنٍ‭- ‬إِذنْ‭-‬

والسَّاعةُ‭ ‬تَبْحثُ‭ ‬عن‭ ‬عَقاربها

وعَنْ‭  ‬جَدلِ‭ ‬حضورٍ

آسرٍ‭ ‬لمعْنى‭ ‬الغيابْ‭..‬

5-

أَخالُ‭ ‬

‭ ‬فِنْجانَ‭ ‬قَهْوتكَ

مَليئاً‭ ‬برشْفةِ‭ ‬الشَّكِّ

ودَمْعةِ‭ ‬اليَّقينِ

يُشيرُ‭ ‬إِلى‭ ‬فَانوسِ‭ ‬الحِكْمةِ

وسَرْدِ‭ ‬الحِكايةِ

‭”‬جيلاً‭ ‬بَعْدَ‭ ‬جيلٍ‭”‬

هَلْ‭ ‬كَانَ‭ ‬السيناريو

يَسْتدْعي‭ ‬أنْ‭ ‬يَتسامرَ

إخْوةَ‭ ‬يوسُف‭ ‬والذِّئْبَ

كلَّ‭ ‬هذا‭ ‬الوَّقْتِ

عَلى‭ ‬حافَةِ‭ ‬البئر‭ ‬كُلَّ‭ ‬العُمْر

علَّ‭ ‬القميصَ‭ ‬يَنفضُ‭ ‬عَنْهُ‭ ‬بقُعَ‭ ‬الدَّمَ

وتَقاسيم‭ ‬الجريمةِ

والسينما‭..‬

6-

هَذا‭ ‬الشَّهيد‭ ‬الشَّاهدُ‭ ‬

أَكْبرُ‭ ‬مِن‭ ‬كَفنٍ

ومِنْ‭ ‬سعَة‭ ‬البياضِ

والشَّاهِدة

فكلُّ‭ ‬ذَرَّاتِ‭ ‬الأرْضِ‭ ‬احْتَفتْ‭ ‬بِهِ

وبِكمْياءِ‭ ‬الخَطواتِ‭ ‬والمسير

لاَ‭ ‬أحدَ‭ ‬صَدَّقَ

حَفيفَ‭ ‬أحْذيةِ‭ ‬العَسسِ‭ ‬والعَسْكر‭ ‬والوُّشاةِ

ورواة‭ ‬خَبرٍ‭ ‬يَحْتمل‭ ‬الكذِب‭ ‬أولاً

لا‭ ‬أَحد‭ ‬اسْتبْعَدَ‭ ‬بزَّةَ‭ ‬الجنرال

‭ ‬وأَكْثر‭ ‬مِنْ‭ ‬آثِمٍ‭ ‬

وتجاعيدِ‭ ‬الخوذاتِ

لم‭ ‬نَعُد‭ ‬نَحتاجُ‭ ‬الآنَ‭ ‬

عَدا‭ ‬حقيقةٍ‭ ‬تُذيبُ‭ ‬الثَّلْجَ

‭ ‬والصَّمْغ‭ ‬والشَّمْع‭ ‬الأَحْمر

ونَفْضِ‭ ‬الغُبارِ‭ ‬

وما‭ ‬ظلَّ‭ ‬في‭ ‬جُيوبِ‭ ‬الحقيبةِ

مِنْ‭ ‬شَكٍّ

يُعيدُ‭ ‬مَجْدَ‭ ‬الوِلادَةِ

لأوْراقٍ‭ ‬فِي‭ ‬أُفُقٍ

‭ ‬تَأْبى‭ ‬الأُفولْ‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى