ملف انتهاكات الماضي أي أفق ؟
مند أكثر من سنتين والحديث يدور حول الاستعدادات من طرف الدولة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لإغلاق ملف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، لكن على أي أسس؟ وبآي أفق؟ وخصوصا أن عددا من القضايا الأساسية لم يحصل فيها أي تقدم حقيقي وملموس مثلا، قضية كشف الحقيقة حول عدد من القضايا وحالات الاختفاء القسري وفي مقدمتها، قضية الشهيد المهدي بنبركة والحسين المانوزي..وكذلك قضية الرفات وتحديد هويات أصحابها وتسليمها لعائلة الضحايا، و ويمثل دلك عنصرا أساسيا في الكشف عن الحقيقة، فعدد من العائلات وأسر ضحايا الاختفاء القسري لازالوا يناضلون وينتظمون من اجل الحقيقة الكاملة، ومن اجل وضع حد لسياسة التجاهل والإنكار والتماطل، كما لم تتحقق المساءلة بأي شكل من الأشكال ولم يتم تفعيل إستراتيجية عدم الإفلات من العقاب ، وهي من أهم التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة لأنها تعني سيادة القانون ووضع حد للشطط والتعسف، إن بقاء عدد من مسئولي انتهاكات الماضي في عدد من مواقع المسؤولية و الحساسة يشكل احد العناصر الدالة على غياب إرادة سياسية حقيقية في طي صفحة الماضي، كما تطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية من رفع العراقيل أمام الملفات الموضوعة أمام القضاء، وحق الضحايا وعائلاتهم في الحقيقة القضائية بالإضافة إلى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وما يتعلق بإصلاح السياسية الأمنية وإخضاعها للرقابة وإصلاحها ،وإصلاح القضاء الى غير ذلك من التوصيات.
وتشكل ضمانات عدم التكرار، من إصلاحات دستورية وسياسية وقانونية وتربوية،أهم عنصر في إستراتيجية معالجة انتهاكات الماضي، وهي الضمانات الكفيلة بوضع حد للأسباب والظروف المنتجة للقمع ومصادرة الحريات، لكن الوضع السياسي القائم حيث الاستبداد السياسي والاقتصادي والسيطرة على المؤسسات والتحكم في الحياة السياسية وقمع الحريات وتهميش القوى الحية وتكريس الفوارق الاجتماعية والمجالية كل ذلك يعاكس الطموحات والتطلعات الديمقراطية.
كما انه لم يتم تنفيذ توصية هيئة الإنصاف والمصالحة بالاعتذار الرسمي للدولة، ناهيك عن السياق العام الذي يتسم بالتراجعات الكبيرة في مجال الحريات وحقوق الإنسان من قمع وتضيق على حرية التعبير والتنظيم والتظاهر والصحافة، ومواجهة الاحتجاجات الشعبية بمسلسل قمعي واسع من اعتقالات ومحاكمات وإصدار الأحكام القاسية كما حدث في الريف وجرادة وزاكورة…
أما بخصوص جبر الضرر الفردي والجماعي فرغم أن أهمية مجموع المبالغ المالية التي يتم التصريح بها، والعدد المستفيد من التعويضات المالية وتوصيات الإدماج الاجتماعي والتسوية الإدارية والمالية والتامين الصحي،إلا أن عددا من الضحايا لازالوا يطالبون بحقهم في جبر الضرر، وخصوصا الذين تقدموا بطلباتهم خارج الأجل، بالإضافة إلى حق المدمجين في تقاعد كامل، بالإضافة إلى الأهمية الحاسمة في جبر ضرر عدد من المناطق التي عرفت انتهاكات واسعة.
ناهيك عن عدد من الإشكالات تواجه الضحايا وخصوصا،أولئك الدين يوجدون في وضع اجتماعي هش،بعد أن دمر القمع والاعتقال الذي عانوا منه في حياتهم العديد من الفرص والمشاريع الدراسية والمهنية والحياتية، كما كان له الأثر البليغ على صحتهم وقدراتهم.
وحول الحديث عن إغلاق ملف انتهاكات الماضي خص الحقوقي المناضل حسن كمون رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والانصاف لجريدة الطريق بتصريح قال فيه :
- الحديث عن إغلاق الملف هو حديث قديم، انطلق مند إنهاء هيئة الإنصاف والمصالحة لاشغالها.انطلق اولا داخل المنتدى نفسه حيث وجد من دعى لذلك تواصل بعد ذلك من طرف المجلس الاستشاري على عهد السيد احمد حرزني.ثم عاود التكرار مند بدأ المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تهيئ تقريره”النهائي” والذي يبدو ان إصداره سيتأخر نظرا للتغير الطارئ على رآسة المجلس بتعيين الأستاذة أمينة بوعياش على رأسه.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الاغلاق بالنسبة للمجلس الوطني يعني ايقاف التحريات في حالات الاختفاء القسري العالقة وانهاء تجهيز كل ملفات التعويض والادماج الاجتماعي والصحي والتسوية الادارية وضحايا اهرمومو وتقديمها الحكومة.
اي أن الاغلاق حسب ما توفر للمنتدى من معطيات سيهم : ما تبقى من الحقيقة وملفات التعويض والادماج الاجتماعي والصحي والتسوية الادارية بالنسبة للضحايا المتوفرين على توصية في الموضوع.
اما القضايا المتعلقة بالإصلاحات المؤسساتية اي بمسلسل دمقرطة البلاد وتوفير شروط عدم التكرار وارساء آليات لتدبير النزاعات السياسية والاجتماعية على اسس ديمقراطية بما يعنيه ذلك من إصلاح المؤسسات والسياسات الأمنية وإصلاح العدالة ووضع إستراتيجية وطنية لعدم الإفلات من العقاب ..فهي قضايا لم يعلم أحد عن اغلاقها وفي كل الأحوال فإنها قضايا غير قابلة للأغلاق بطبيعتها..لا من طرف المجلس أو الحكومة أو غيرهما..
2- القضايا الأخرى المعتبرة من طرف المنتدى داخلة في نطاق الادماج والتسوية الادارية..كحالات الضحايا اعضاء المنتدى المصنفين خارج الأجل..وكذلك القضايا المتعلقة بتسليم رفاة ضحايا الاعدام أو استكمال التحري والبحث في حالات الاختفاء القسري فإننا قررنا في المنتدى أن نواصل العمل من اجل حلها والتركيز في كل ذلك على مخاطبة الحكومة وباقي أجهزة الدولة والضغط عليهما من أجل التقدم في الموضوع.