حتمية التغيير الديموقراطي
افتتاحية العدد 310
بالرغم من إحساس أغلبية المغاربة بحالة الانحباس والتراجع التي تعيشها البلاد في السنوات الأخيرة، إلا أن المتأمل في الواقع، رغم تعقيداته، وكثافة الغموض التي تخلقها مختبرات الدعاية والتضليل، يدرك أن هناك عوامل بنيوية تفعل فعلها في المجتمع، مهما كانت إرادة المحافظة والجمود التي تكرسها سياسة الطبقة السائدة، ومنها على الخصوص:
– ارتفاع ملحوظ في طرح المطالب والإلحاح على تلبيتها، بحيث تكاد تنعدم فئة اجتماعية في البلاد لم يصدح صوتها، ويكاد ينعدم قطاع صناعي أو خدماتي أو فلاحي لم يشكُ ولم يستغث؛ ارتفاع تجلت خطوطه العامة عبر حراك 20 فبراير2011، بسبب التصاعد المستمر في وتيرة هجوم الدولة على القوت اليومي لأغلب الجماهير، واتباعها لإملاءات المؤسسات الدولية وفي نهجها للرأسمالية المتوحشة.
– تصاعد ضغوط التحول الديموغرافي، حيث كشفت الأرقام الأخيرة لمندوبية التخطيط عن حقائق صادمة حول الساكنة النشيطة، والبطالة وسط الشباب التي تجاوزت 40 في المئة وحوالي 60 في المئة من السكان النشيطين دون أية شهادة أو دبلوم، وخصاص مهول على مستوى التغطية الاجتماعية، ولا تتعدى نسبة الأجراء 48.8 في المئة مما يعني التضخم الهائل لأنشطة الاقتصاد الغير مهيكل، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تضمن الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي.
– تأكد عجز الدولة والحكومة عن تقديم حلول مرضية وناجعة للمشاكل المتفاقمة في القطاعات الحيوية التي تعاني من تدهور مريع واختناقات مستمرة مما يرفع من منسوب الاحتقان الاجتماعي بسبب تعنت المسؤولين وعدم تلبيتهم للمطالب المشروعة لمختلف فئات الشغيلة المغربية وللقطاعات الخدماتية الصغيرة والمتوسطة وإنصافها من الاضرار التي لحقت بها جراء الاجهاز على صندوق الموازنة وتحرير الأسعار والاقتطاعات من الأجور وسياسة الجباية المفرطة والغير العادلة..
– انكشاف المناورة الكبرى للمخزن وتبخر وعوده وسقوط وهم المراهنة على الحزب الأصولي الذي يقود الحكومة منذ ثماني سنوات وتوالي فضائح رموزه ، وعجزه عن الوفاء بوعوده حول محاربة الفساد والاستبداد بل التطبيع معهما وخدمتهما بشكل مكشوف وبتبريرات مضحكة جعلت حتى المتعاطفين معه يصابون بالصدمة وخيبة الأمل.
كل هذه العوامل والمعطيات ترفع من وعي الجماهير وتعمق الفرز السياسي داخل بلادنا بين كتلتين كتلة يقودها المخزن ويضبط إيقاع تحركات مكوناتها، وكتلة معارضة ومناضلة قيد التبلور والتشكل في أفق تغيير ميزان القوى لصالح قوى التقدم والديموقراطية وفرض التغيير الديمقراطي المنشود.