خنيفرة: مؤهلات طبيعية غنية في غياب تدابير وبنيات سياحية حقيقية.. !
رشيد جناتي
على الرغم من علم الجميع، وفي المقدمة الجهات المسؤولة والمختصة، بما يزخر به إقليم خنيفرة من مؤهلات ومواقع طبيعية، خصوصيات وموروثات، وثروات نباتية ومائية وحيوانية وسمكية، ومن تنوع في التضاريس والمناخ، ومآثر تاريخية وزوايا صوفية وفنون شعبية فولكلورية، وصناعة تقليدية وحرف ومهارات متنوعة ومجالات لصيد وقنص الحيوانات، الخنزير البري أساسا، والطيور البرية، وجبال ومعادن ومغارات وغابات ومنتجعات وخيول ومحميات ومنابع وبحيرات ساحرة.
على الرغم من ذلك كله فإن إقليم خنيفرة ما يزال يشكو من غياب بنيات تحتية أساسية لتنشيط دورة السياحة الجبلية، ذلك رغم تناسل فن الخطابة حول الألفية الراهنة وفك العزلة وتحريك عجلة التنمية والتغني بكون النشاط السياحي يشكل قاطرة للتنمية الاقتصادية بالمنطقة،
إن الإقليم يحتضن ما يكفي من الفضاءات ذات الحمولة الثقافية الأصيلة و ويزخر بموروث إيكولوجي متميز وذي طابع اكتشافي في أعماق الطبيعة وأشجار الأرز والبلوط والعرعار والصنوبر، وبين الأودية، حيث أسماك متنوعة ونادرة ، كما بين عيون أم الربيع وبحيرات أگلمام أزكزا وأگلمام سيدي علي وأگلمام معمي وويوان وأبخان، ولا يمكن لأي زائر للمنطقة ألا تأخذه الرغبة في الانضمام لهواة ومحترفي القنص البري، حيث الوحيش والطيور المتنوعة.
العديد من الأصوات والفعاليات المحلية تتحدث بمرارة عن غياب بنيات تحتية أساسية لتنشيط دورة السياحة الجبلية، وإنشاء ما يساهم في جلب السياح الذين يفضلون قضاء رحلة في أحضان الطبيعة ومتعة الجبال، وكم من لقاء كثر فيه الحديث عن حول إعداد بطاقات للمواقع والمؤهلات السياحية بالإقليم، وتشييد مآوي للاستقبال وفتح ما يجب من الطرق والمسالك، والقيام بعملية إحصاء للمناطق القابلة للتهيئة السياحية بغاية وضعها رهن إشارة المستثمرين والفاعلين الجمعويين والاقتصاديين والمنعشين السياحيين، مع تسهيل المساطر الإدارية في وجه المستثمرين، وخلق مدرسة فندقية لتكوين مرشدين للسياحة الجبلية ومدربين لإدارة المشروعات السياحية، والعمل على إحداث موقع الكتروني للتعريف بمقومات غنى الإقليم الواقع بجبال الأطلس المتوسط على ارتفاع 826 م فوق سطح البحر، ومنها مواقع يمكن استغلالها في سياحة التسلق والطيران الشراعي والقفز المظلي.
ولم تهتم سياسة التهميش حتى بمشروع المخيمات الجبلية، ويتجلى بأسف كبير ما حدث بالنسبة لمبادرة إحداث مخيم وطني قار بمنتجع أگلمام أزگزا الذي تعرض للإجهاض بسبب خلاف بين مصلحتي الشبيبة والرياضة والمياه والغابات، إذ لم يكن أي أحد من المهتمين يتوقع أن يقع هذا الإجهاض بعد سلسلة من المفاوضات والاستعدادات التي أوشكت على لمساتها الأخيرة بالإعلان عن صفقة بناء المخيم لاستقبال ما حمولته 300 طفل في كل مرحلة من المراحل الأربع (1200 في السنة)، ولعل ظهير أبريل 1943 الذي يصنف المنتجع المذكور تراثا إنسانيا كان وراء اغتيال المشروع الذي كان منتظرا أن يساهم في تحسيس الأجيال المغربية بمؤهلات الأطلس المتوسط الطبيعية ويشجع على تطوير السياحة الجبلية.
هناك إذن تساؤلات ومطالب ما تزال ساكنة إقليم خنيفرة تطرحها بإلحاح: لماذا لم يتم إحداث مندوبية إقليمية للسياحة؟ لماذا لم يتم تنشيط دور المجلس الإقليمي للسياحة الذي تحدثت عنه بعض الجهات عام 2011؟.. لماذا لم يتم إرساء مخطط عمل عام لإنعاش وترويج المنتوجات السياحية المحلية؟، ما معنى شعار «رؤية 2020» وبماذا ساهمت هذه الرؤية لفائدة هذه المناطق؟ ما مصير نداءات الفاعلين في مجال السياحة الجبلية المطالبة بإصدار «قانون للجبل»؟
إنها أسئلة وتساؤلات كثيرة ما تزال عالقة إلى أن تعترف مراكز القرار بهذه المناطق وتعطيها حقها من الاهتمام. فهل من آذان صاغية!؟ ...