عيطة: مْقابْلة البحر لا يرحل”

إن بلداً كالمغرب، غني بثروته الطبيعية، يحتاج لمراجعات حقيقية في تدبير موارده البحرية، بلد على واجهتين بحريتين، الأطلسي والمتوسط، تمتدان على طول 3500 كلم، من أغنى السواحل السمكية عالميا كمّاً وجودةً، فما بال السمك يعد من أغلى المنتوجات على المستهلك المغربي ؟؟!، لدرجة أن القدرة الشرائية للمغربي لا تستطيع وضعه على مائدته إلا ناذراً، نظراً لغلاء غير مبرر يحرم الأسر المغربية من مادة حيوية من المنطقي أن تكون في المتناول، حيث لا يتجاوز معدل الاستهلاك السنوي 10 كيلوغرامات للفرد.. مأساة فعلا، وحتى في استراتيجية تسويق الثروة السمكية المغربية، فلا يمكن إلا أن نردد مع الحاجة الحمداوية : “مْقابْلة البحر لا يرحل”، حيث في كل مرة يتم تفويت ثروتنا السمكية للإتحاد الأوربي والأساطيل الأجنبية برُخْصِ التراب، مقابل تسويق مكاسب ديبلوماسية غير مضمونة تهم وحدتنا الترابية، ونخشى أن يرحل البحر مع عيطة الحمداوية، فلا أورو ولا توازن غذائي للمغاربة..

بكل عمق ترميز كلام الحمداوية، نحاكي عيطتها بقولنا : “آجي نحضيو بحرنا لا يرحل”، فلماذا منذ الاستقلال الشكلي، لم تضع الدولة استراتيجية واضحة لبناء أسطول بحري مغربي لسفن الصيد الضخمة ؟؟!، ولما لا حتى التي تحمل مصانع للتعليب اللحظي في قلب هاته البواخر، وكذا وضع مخطط لبناء موانئ مغربية للصيد بمواصفات عالمية للتفريغ والتعليب والتصبير والتصدير وتغذية السوق المحلية، وبهاته الأوراش الطموحة سوف لن نضطر لركوب مخاطر فتحٍ مفرطٍ لمياهنا الإقليمية لاستنزاف ثرواتنا السمكية، وبنفس السطوة الكولونيالية التي لا تغذي لا خزينة المغرب ولا بطون المغاربة، أسئلة إشكالية لا تجد أجوبتها إلا في كشف المتنفذين المحليين على رخص الصيد البحري، وريع تحكمهم في وساطات بيع السمك محلياً ودوليا والتحكم في أثمانه وغلق الدائرة السرية للأيادي التي تعبث بثروتنا السمكية.

في ذات السياق، وبالرجوع للتاريخ، فالحضارة البحرية المغربية كانت رائدة منذ القدم، واشتهرت موانئ الصيد بالمغرب بتسويق السمك وتجفيفه، وبتسمياتها الأجنبية : لاغوس، مازاغان، سانتاكروز، مليلية، رأس بوجدور وواد الذهب..، ما أسال لعاب القوتين الإيبيريتين في المرحلة : إسبانيا والبرتغال للهيمنة على هاته المراسي الاستراتيجية بُغية التحكم في الثروة السمكية ومنافذ التسويق وتأمين سفنها، لهذا فحرب الاستيلاء على مقدراتنا البحرية هي ذاتها ولو غيرت جلدها من ذوي المدافع إلى هيمنة أقسى عن طريق ديبلوماسية التفاوض الكولونيالي المفروض.

ولا يسعنا إلا أن نهمس في أذن انفصاليي “البوليساريو” أن ارتكازهم على قوانين الاتحاد الأوروبي للضغط على المغرب في محاولاتهم المتكررة ليفقد المغاربة سيادتهم على الشواطئ الجنوبية، ما هو إلا سيناريو آخر لدعم تمكن الكولونيالية الأجنبية من شواطئنا، ولن نسمح بذلك تحت أي مبرر كان، مادامت سيادة المغرب بدكالييه وصحراوييه وريفييه و ملالييه ووجدييه، هي سيادة على المقدرات ومعركة مشتركة لتوزيعها العادل بين بنات وأبناء الوطن الواحد دون نزعات انفصالية، ووحدة المصير في بناء وطن ديمقراطي يتسع للجميع أولى خطوات قطع الطريق على الاستعمار الجديد الذي يحاول الدخول من النافذة وابتلاع سمكنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى