رئيس الأركان الجزائري لا يقبل إلا الحكم من وراء الستار
خابت آمال الجزء الأصغر من الجموع الشعبية الجزائرية في الحراك التي كانت تعقد الآمال على رئاسة الأركان الجزائرية، لحل الأزمة السياسية، أو” لمواكبة الحراك” كما كانت قد عبرت عنه أحزاب معارضة ليبرالية واسلامية في بيان لها، في الجمعة 14 من ثورة الشعب الجزائري. لقد سيطر على الشعارات والتصريحات صوت واحد هو تحذير لرئيس الأركان قايد صالح ورفض للإنتخابات التي يلح على إجرائها في 4 يوليوز ورفض لجنة الانتخابات التي حث على تكوينها. والحقيقة أن قايد صالح الذي استبق يوم الجمعة كي لا يتهم بأن له مصلحة شخصية في الانتخابات الرئاسية حيث نفى ذلك، لا يحتاج إلى أن يتولى الرئاسة وقد بلع كل مؤسسات الدولة وأصبح الآمر الناهي، وعاد بالبلد إلى فترة ما قبل بوتفليقة لما كانت رئاسة الأركان ومن خلاله المجلس الأعلى للأمن هما الكل في الكل.
لقد استعاد قايد صالح جهاز الاستخبارات وكذلك الدرك والأمن وسيطر على رئاسة الجمهورية والحكومة وعلى القضاء والمجلس الدستوري ويروض حاليا كل الأحزاب التي كانت المستفيدة من فترة بوتفليقة، وهو في نشوة سياسية أعمته عن البحث عن الحلول الممكنة والضرورية وصار يبحث عن طرق لتفتيت الحراك وخلق التناقضات وسطه ببث الإشاعات والتهديد والوعيد والاحتماء بالمواد الدستورية التي تفيد تصوراته السياسية التي تنحصر في العودة بالجزائر إلى القبضة الحديدية للعسكر والاستخبارات.
ظهرت وساطة بقيادة احمد طالب الابراهيمي 87 سنة تولى عدة حقائب وزارية في نهاية الستينات وفي السبعينات والثمانينات والذي سبق أن رفض المشاركة في ندوة بنصالح الذي لا يعتبره إلا دمية في يد قايد صالح، واقترح على الجيش في رسالة موجهة لشباب الحراك : “الجمع بين المرتكزات الدستورية في المادتين السابعة والثامنة وما يتسع التأويل فيهما على اعتبار أن الهبة الشعبية استفتاء لا غبار عليه، وببن بعض المواد الإجرائية التي تساهم في نقل السلطة دستوريا”. وأضاف، في تلميح غير مباشر بعد أن وصف النظام السابق بالفاسد لكي يكون وسيطا للحل : ّ ليس هدفي الاصطفاف مع جزائري ضد آخر، وإنما شغلي الشاغل الذي أشترك فيه مع كل المخلصين لهذا الوطن، هو كيفية إنقاذ بلادي من هذا المأزق السياسي بأقل التكاليف لأن استمراره قفزة في المجهول..”. لكن لحد الآن لا يرى قايد صالح إلا حلا واحدا هو أن يمرر نفس النظام العسكري على الثورة الشعبية، وأن يحكم من وراء الستار بأفراد طيعين منضبطين للأوامر والتعليمات، وهو يعتقد أنه تمكن من بوتقة آمال الجنود والضباط في الجيش وفق تصوراته لأنه يحارب نماذج من الفساد، وأنه يمكنه بذلك أن يضرب بقوة إذا ما ازدادت حدة التناقضات مع الشارع، لكن كل تصوراته ستسقط لأن الجسم الكبير من الجيش يعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ من طموحات وآمال الشعب الجزائري الذي نزل إلى الشارع وطالب بتغيير النظام وتحقيق الجمهورية الثانية.