الأعوان “العرضيون” بالجماعات الترابية
◆ مسكيتو حدو
انتخبت عضوا بمجلس جماعة أزيلال لولايتين متتاليتين، و تعاطيت عن قرب مع قضايا الشأن المحلي سواء من موقع الأغلبية كنائب للرئيس في الولاية السابقة وسواء من موقع المعارضة خلال الولاية الحالية التي تشرف على نهايتها، و إن كانت من قضية من قضايا الشأن المحلي التي أرقتني وتؤرقني وأشعرتني وتشعرني بالضجر فهي قضية وضعية الأعوان المياومين والعرضيين المشغلين من طرف الجماعات الترابية ـ الذين هم مياومون و عرضيون على الورق فقط، وفي الواقع فهم أعوان دائمون ـ، والذين يقدر عددهم بالآلاف ويسخرون لإنجاز خدمات حيوية وجليلة، وقد لاحظنا كيف كانوا هم أيضا في الصف الأمامي لمواجهة مرض كورونا. تتوزع تلك الخدمات بين خدمات النظافة والكنس، و هو ما يجعلنا نبتهج كل صباح لنقاوة الشوارع و الأزقة، و خدمات جمع النفايات المنزلية وما يصاحبها من خطر الإصابة بالأمراض ومن روائح كريهة سواء خلال التجميع أو التفريغ بالمطرح الجماعي، وخدمات البستنة من غرس وسقي وعناية بالمغروسات و المساحات الخضراء، مما يتيح لنا مساحات للفسحة التي تبعث الراحة في النفوس والطاقة والحيوية في الأجساد، وخدمات الحراسة بالليل والنهار للممتلكات الجماعية، و خدمات صيانة الطرقات الجماعية، وخدمات سياقة الشاحنات و سيارات الإسعاف ونقل الأموات.. غير أن كل هذا الكم الهائل من الخدمات الحيوية والضرورية يخفي كما هائلا من المعاناة والمآسي التي يكتوي بنارها وفي صمت هؤلاء الأعوان العرضيون، معاناة مع الأجرة الهزيلة التي لا تصل الى الحد الأدنى للأجر، و معاناة مع الحرمان من التغطية الصحية وهم عرضة للأمراض، فليس من حقهم المرض وكلما مرضوا تخصم أجرة أيام المرض وإذا طال المرض يفصلون من العمل بدون تعويض و يعوضون بأشخاص آخرين، ليواجهوا مصيرهم المجهول، ومعاناة مع الحرمان من معاش التقاعد وهو ما يحكم عليهم بالاستمرار في العمل مهما كان عمرهم ولا يوقفهم عن ذلك سوى الموت أو وهن الجسم ليواجهوا بعد ذلك واقع العوز والحاجة، ومعاناة مع الحرمان من التعويضات العائلية، رغم هزالتها، مما يعينهم على قضاء جزء يسير من حاجيات فلذات الأكباد، معاناة مع العمل حتي في العطل والأعياد وعيد الشغل ولأيام لا يتقاضون عنها كلها أجرا، معاناة مع الخوف من الطرد من العمل على رأس كل ثلاثة أشهر بدون تعويض ولا حقوق مكتسبة، و معاناة مع بعض المنتخبين الذين يشترون منهم أصوات عائلاتهم مقابل العمل وإلا فالطرد جاهز ….
انها جملة من المعاناة تجعل وضعية هؤلاء الأعوان العرضيين شبيهة بوضعية العمال في بداية الإنتاج الصناعي المحرومين من كل الحقوق اللهم أجر هزيل يسدون به الرمق لإبقائهم على قيد الحياة ليعودوا ثانية الى العمل. لقد سمحت الدولة للجماعات الترابية بتشغيل الأعوان العرضيين، رغم توقيفها لتشغيل الاعوان المؤقتين، دون أن تلتفت إلى أوضاعهم المهنية والاجتماعية التي هي أدنى مما تنص عليه مدونة الشغل و قانون الوظيفة العمومية وهذا يحرمه القانون. لقد حان الوقت لإماطة اللثام عن وضعية هؤلاء الأعوان، التي هي وصمة عار على جبين كل الحكومات المتتالية، وتمتيعهم بكل الحقوق المشروعة وبأثر رجعي لان عددا منهم تقدم به السن، ونعني بذلك الحد الأدنى للأجر والتقاعد والتغطية الصحية والتعويضات العائلية والرخص والعطل والترقية والتأمين من حوادث الشغل والتعويض عن الأعمال الشاقة والمخاطر.. وقبل هذا و ذاك هم في حاجة الى رد الاعتبار وتغيير النظرة التحقيرية لعملهم والاعتراف بنبل خدماتهم التي تساهم في تأمين جودة العيش للساكنة. وكم دمعت عيني عندما عاينت شبابا وشابات بجماعة أزيلال أقدموا على مبادرة تنم عن حس إنساني رفيع، حيث قاموا بتعويض أعوان النظافة والكنس في العمل لمدة يوم واحد على أن تؤدى أجرة اليوم لفائدة الأعوان وتوج اليوم بتنظيم حفل تكريمي متواضع وتوزيع شواهد تقديرية على هؤلاء الأعوان اعترافا بخدماتهم الجليلة والنبيلة، وقد كانت التفاتة مليئة بالدروس و المعاني.
ملحوظة لها علاقة بما سبق: نفس الوضع الاجتماعي يعيشه آلاف الاعوان في إدارة الإنعاش الوطني.