الملف

مملكة الفوسفاط المغربي

◆ صفي الدين البدالي

كلما خرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات إلا وكان من شعاراتها “فلوس الفوسفاط فين مشات، الفوسفاط وجوج بحورا والعيشة مقهورة”، وقد كانت حركة 20 فبراير في كل مظاهراتها ترفع شعارات عن مآل الثروة “الفوسفاطية”، هي شعارات لها دلالاتها السياسية والاجتماعية في القرن الواحد والعشرين بالنسبة للشعب المغربي. إنها شعارات تعكس الحس الشعبي حول مآل مداخيل الفوسفاط كما تجسد المطلب الديمقراطي في التوزيع العادل للثروات الوطنية. فمن يمتلك الفوسفاط بالمغرب؟ ومن يحاسب القائمين عليه، وأين تذهب عائداته؟ إنها أسئلة مشروعة تتطلب الوقوف على هذا القطاع وعلى سياسة امتداده.

الفوسفاط‭ ‬والاكتشاف

قام‭ ‬الباحث‭ ‬الجيولوجي‭ ‬Brives‭ ‬بين‭ ‬سنوات1901‭ ‬و1907‭ ‬باستكشاف‭ ‬جيولوجي‭ ‬لمختلف‭ ‬مناطق‭ ‬المغرب،‭ ‬لحساب‭ ‬شركة‭ ‬فرنسية‭ ‬تسمى‭ (‬Compagnie marocaine‭) ‬تبين‭ ‬منه‭ ‬وجود‭ ‬طبقات‭ ‬من‭ ‬الفوسفاط‭ ‬لها‭ ‬نفس‭ ‬التركيبة‭ ‬الجيولوجية‭ ‬لمناجم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بالجزائر‭ ‬وتونس‭. ‬وسيلاحظ‭ ‬كومبلاس‭ ‬Combelas‭ ‬أحد‭ ‬العاملين‭ ‬بشركة‭ ‬فوسفاط‭ ‬قفسة‭ ‬بتونس،‭ ‬سنة‭ ‬1912،‭ ‬وجود‭ ‬طبقات‭ ‬جيولوجية‭ ‬من‭ ‬معدن‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بمنطقة‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬البروج،‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬150‭ ‬كلم‭ ‬جنوب‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬شاع‭ ‬خبر‭ ‬اكتشاف‭ ‬مناجم‭ ‬للفوسفاط‭ ‬حتى‭ ‬سارعت‭ ‬شركات‭ ‬أجنبية‭ ‬بوضع‭ ‬طلبات‭ ‬التنقيب‭ ‬المنجمي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأراضي‭ ‬غير‭ ‬الخاضعة‭ ‬لأحكام‭ ‬السلطان،‭ ‬وهي‭ ‬أراضي‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬والعشائر‭ ‬التي‭ ‬انتفضت‭ ‬ضد‭ ‬منح‭ ‬أي‭ ‬امتياز‭ ‬للتنقيب‭. ‬فاضطرت‭ ‬حكومة‭ ‬السلطان‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬الظهير‭ ‬المنظم‭ ‬للتنقيب‭ ‬والاستغلال‭ ‬المنجمي‭ ‬وذلك‭ ‬بالاستعانة‭ ‬بخبراء‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬وإنجلترا‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬فتم‭ ‬إصدارالظهير‭ ‬الشريف‭ ‬بتاريخ‭ ‬19‭ ‬يناير‭ ‬1914،‭ ‬بالجريدة‭ ‬الرسمية‭. ‬والذي‭ ‬نص‭ ‬بوضوح‭ ‬على‭ ‬الطابع‭ “‬المنجمي‭” ‬للفوسفاط‭. ‬وعلى‭ ‬إحداث‭ ‬لجنة‭ ‬تحكيم‭ ‬دولية‭ ‬للبث‭ ‬في‭ ‬طلبات‭ ‬التنقيب‭ ‬وفك‭ ‬النزاعات‭. ‬لكن‭ ‬فرنسا‭ ‬استفردت‭ ‬بالأمر‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهدافها‭ ‬استغلال‭ ‬الثروات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬وتنمية‭ ‬بلادها‭. ‬فبعد‭ ‬اكتشاف‭ ‬الفوسفاط‭ ‬ومنافعه‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الاحتلال‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالانتداب‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬وسوريا‭ ‬ثم‭ ‬تونس‭ ‬والجزائر‭ ‬راهنت‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بالمغرب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬خريبكة‭ ‬ووواد‭ ‬زم‭. ‬وأدرك‭ ‬الجنرال‭ ‬ليوطي،‭ ‬المقيم‭ ‬العام‭ ‬بالمغرب،‭ ‬الطابع‭ ‬الاستثنائي‭ ‬لاحتياطات‭ ‬الفوسفاط‭ ‬التي‭ ‬يتوفر‭ ‬عليها‭ ‬المغرب،‭ ‬فقرر‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬البحث‭ ‬إصدار‭ ‬ظهير‭ ‬27‭ ‬يناير‭ ‬1920‭ ‬الذي‭ ‬بموجبه‭ ‬تم‭ ‬إسناد‭ ‬عمليات‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والاستغلال‭ ‬إلى‭ “‬الدولة‭ ‬الشريفة‭ ‬ولحسابها‭”‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬القوى‭ ‬والشركات‭ ‬الأجنبية‭ ‬من‭ ‬بسط‭ ‬يدها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭. ‬فتم‭ ‬تأسيس‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬Office Chérifien des phosphates،‭ ‬وتم‭ ‬تعيين‭ ‬أول‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬للمكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬وهو‭ ‬ألفريد‭ ‬بوجي‭ (‬Alfred Beaugé‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬عالم‭ ‬مُتخصص‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬التقنية‭ ‬ولديه‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬كمسؤول‭ ‬في‭ ‬مناجم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بشركة‭ ‬قفسة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬اختياره‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجنرال‭ ‬ليوطي‭. 

الاستغلال‭ ‬بعد‭ ‬الاكتشاف‭ ‬

يخضع‭ ‬استغلال‭ ‬الفوسفاط‭ ‬المغربي‭ ‬لاحتكار‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬عهدت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬وهو‭ ‬مؤسسة‭ ‬عمومية‭ ‬أنشئت‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1920،‭ ‬وفي‭ ‬شتنبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1924،‭ ‬كانت‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يزور‭ ‬فيها‭ ‬عاهل‭ ‬مغربي‭ ‬منشآت‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬نشر‭ ‬خبر‭ ‬جولة‭ ‬السلطان‭ ‬مولاي‭ ‬يوسف‭ ‬على‭ ‬الصفحة‭ ‬الأولى‭ ‬لصحيفة‭ ‬السعادة،‭ ‬وهي‭ ‬جريدة‭ ‬تصدر‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬وهي‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬سلطات‭ ‬الحماية‭. ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬قام‭ ‬السلاطين‭ ‬الأربعة‭ ‬الذين‭ ‬عرفهم‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬بتدشين‭ ‬وافتتاح‭ ‬أهم‭ ‬منشآته‭ ‬الصناعية‭ ‬والمنجمية‭. ‬وستتحول‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ “‬مجموعة‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭” (‬مجموعة‭ ‬م‭.‬ش‭.‬ف‭.) ‬في‭ ‬1975،‭ ‬وقد‭ ‬انطلقت‭ ‬بداية‭ ‬استغلال‭ ‬مناجم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬سلطات‭ ‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مارس‭ ‬1921‭ ‬ببوجنيبة‭ ‬ناحية‭ ‬خريبكة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬احترام‭ ‬المادة‭ ‬112‭ ‬من‭ ‬معاهدة‭ ‬الجزيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬توصي‭ ‬باحترام‭ ‬الثروات‭ ‬الوطنية‭ ‬للبلد‭ ‬تحت‭ ‬الحماية‭ ‬الفرنسية‭. ‬

‭ ‬ومع‭ ‬بدء‭ ‬اشتغال‭ ‬كيماويات‭ ‬المغرب‭ ‬بأسفي،‭ ‬ستصبح‭ ‬المجموعة‭ ‬أيضا‭ ‬مصدرا‭ ‬لمشتقات‭ ‬الفوسفاط‭. ‬وستمر‭ ‬المجموعة‭ ‬سنة‭ ‬1998‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬بالشروع‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الحامض‭ ‬الفسفوري‭ ‬المخلص‭ ‬وتصديره،‭ ‬وبالموازاة‭ ‬ستعقد‭ ‬المجموعة‭ ‬شراكات‭ ‬متعددة‭ ‬مع‭ ‬فاعلين‭ ‬صناعيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‭ ‬ومن‭ ‬خارجه‭.‬

مؤسسة‭ ‬خارج‭ ‬السياق‭ ‬

في‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬يتم‭ ‬استخراج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬معدن‭ ‬الفوسفاط،‭ ‬حيث‭ ‬يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬الاحتياطات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭. ‬‭ ‬ويتم‭ ‬استخراجه‭ ‬بمواقع‭ ‬خريبكة‭ ‬وبنجرير‭ ‬واليوسفية‭ ‬وبوكراع‭ ‬والعيون‭. ‬ويخضع‭ ‬معدن‭ ‬الفوسفاط‭ ‬للمعالجة‭ ‬عبر‭ ‬عملية‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬العمليات،‭ ‬حسب‭ ‬الحالة،‭ ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬تصديره‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬أو‭ ‬يسلم‭ ‬لوحدات‭ ‬الصناعة‭ ‬الكيماوية‭ ‬التابعة‭ ‬للمجموعة‭ ‬بالجرف‭ ‬الأصفر‭ ‬أو‭ ‬آسفي‭ ‬لكي‭ ‬يتم‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬منتجات‭ ‬مشتقة‭ ‬قابلة‭ ‬للتسويق،‭ ‬كالحامض‭ ‬الفسفوري‭ ‬العادي‭ ‬أو‭ ‬الحامض‭ ‬الفسفوري‭ ‬المخلص‭ ‬أوالأسمدة‭ ‬الصلبة‭. ‬وبهذا‭ ‬تكون‭ ‬مجموعة‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ (‬م‭.‬م‭.‬ش‭.‬ف‭) ‬تتصدر‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬للفوسفاط‭ ‬والمصدرة‭ ‬له،‭ ‬وتبلغ‭ ‬كمية‭ ‬الفوسفاط‭ ‬الخام‭ ‬المسوق‭ ‬13‭,‬39‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬2‭,‬5‭ ‬طن‭ ‬واسبانيا‭ ‬1‭,‬7‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬والمكسيك‭ ‬مليون‭ ‬طن‭).‬

كما‭ ‬تصدر‭ ‬المجموعة‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬الكمية‭ ‬المستخرجة‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬معدن‭ ‬خام‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬أربعين‭ ‬بلدا‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬وقد‭ ‬سجل‭ ‬رقم‭ ‬معاملات‭ ‬المجموعة‭ ‬5‭,‬48‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2017‭.‬

كيف‭ ‬توسعت‭ ‬مداخيل‭ ‬الفوسفاط؟‭ ‬

بعد‭ ‬إحداث‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬غشت‭ ‬سنة‭ ‬1920،‭ ‬انطلقت‭ ‬عملية‭ ‬الاستغلال‭ ‬سنة‭ ‬1921،‭ ‬أولا‭ ‬باطنيا‭ ‬بناحية‭ ‬وادي‭ ‬زم‭ ‬في‭ ‬ركازة‭ ‬أولاد‭ ‬عبدون‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬1931‭ ‬بدأ‭ ‬الاستخراج‭ ‬الباطني‭ ‬باليوسفية‭ (‬لوي‭ ‬جانتي‭ ‬سابقا‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬إنشاء‭ ‬أول‭ ‬وحدة‭ ‬للتحميض‭ ‬باليوسفية،‭ ‬وانطلاق‭ ‬أول‭ ‬قطار‭ ‬للفوسفاط‭ ‬من‭ ‬اليوسفية‭ ‬نحو‭ ‬ميناء‭ ‬أسفي‭ ‬سنة‭ ‬1936،‭ ‬فأصبح‭ ‬استنزاف‭ ‬الثروة‭ ‬الفوسفاطية‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬الاستعمار‭ ‬يغطي‭ ‬كل‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬فوسفاط‭. ‬

في‭ ‬سنة‭ ‬1951‭ ‬انطلقت‭ ‬عملية‭ ‬استخراج‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بالطريقة‭ ‬المكشوفة‭ ‬بسيدي‭ ‬الضاوي‭ (‬خريبكة‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬منشآت‭ ‬التجفيف‭ ‬والتحميص‭ ‬بخريبكة‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬تقويم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬مع‭ ‬انطلاق‭ ‬الإنتاج‭ ‬بمعمل‭ ‬كيماويات‭ ‬المغرب‭ ‬بأسفي‭ ‬سنة‭ ‬1965،‭ ‬وإدخال‭ ‬المكننة‭ ‬للمناجم‭ ‬الباطنية‭ ‬بخريبكة‭ ‬سنة‭ ‬1967،‭ ‬ثم‭ ‬إعطاء‭ ‬الانطلاقة‭ ‬لأشغال‭ ‬تشييد‭ ‬المركز‭ ‬المنجمي‭ ‬ببنجرير‭ ‬سنة‭ ‬1974‭. ‬هذا‭ ‬ومنذ‭ ‬اكتشاف‭ ‬مناجم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بالمغرب‭ ‬تمت‭ ‬عملية‭ ‬استكمال‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لجودة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ولم‭ ‬يحظ‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬بأدنى‭ ‬حق‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬في‭ ‬ثروته‭ ‬الوطنية‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬يعتقد‭ ‬بأنها‭ ‬مملكة‭ ‬فوسفاطية‭ ‬والحديث‭ ‬عنها‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الطابوهات‭.‬

الاستغلال‭ ‬المزدوج‭ ‬للمملكة‭ ‬الفوسفاطية

لقد‭ ‬وقفنا‭ ‬وباختصار‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬استغلال‭ ‬مناجم‭ ‬الفوسفاط‭ ‬وأرقام‭ ‬المعاملات‭ ‬التي‭ ‬تتحقق‭ ‬يوما‭ ‬عن‭ ‬يوم‭. ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬استغلال‭ ‬الإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬لتحقيق‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الأرباح‭ ‬قبل‭ ‬وبعد‭ ‬الاستقلال‭.‬

ـ‭ ‬أولا‭: ‬استغلال‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بالحفر‭ ‬واستخراج‭ ‬الفوسفاط‭ ‬بطرق‭ ‬بدائية‭ ‬يتحمل‭ ‬فيها‭ ‬العامل‭ ‬العبء‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬استخراج‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬التي‭ ‬تتسبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أمراض‭ ‬الصدر،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬شروط‭ ‬مناسبة‭ ‬للعمل‭. ‬هكذا‭ ‬ويسري‭ ‬على‭ ‬عمال‭ ‬الفوسفاط‭ ‬إبان‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭ ‬ما‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬عمال‭ ‬مناجم‭ ‬الفحم‭ ‬بفرنسا،‭ ‬وكلهم‭ ‬من‭ ‬المستعمرات‭ ‬الفرنسية‭ ‬الذين‭ ‬كتب‭ ‬عنهم‭ ‬الكاتب‭    ‬ZOLA‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬Germinal،‭ ‬والذي‭ ‬يصف‭ ‬فيه‭ ‬محنة‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناجم‭ ‬وعنونها‭ ‬مناجم‭ ‬الجحيم‭ ‬Les mines de l’enfer‭. ‬لقد‭ ‬استغلت‭ ‬فرنسا‭ ‬الوضع‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بالأمية‭ ‬والفقر‭ ‬والسيبة‭ ‬لتستغل‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬أبشع‭ ‬استغلال‭. ‬فرغم‭   ‬المجمعات‭ ‬السكنية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬المناجم‭ ‬لتوفير‭ ‬شروط‭ ‬الاستقرار‭ ‬للعمال‭ ‬ومدارس‭ ‬لأبنائهم،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬بطريقة‭ ‬هندسية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬عزل‭ ‬العمال‭ ‬من‭ ‬الاختلاط‭ ‬بالمواطنين،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬انتفاضة‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬القاسية‭. ‬واستمر‭ ‬استغلال‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬تنظيم‭ ‬نقابي‭ ‬قوي‭ ‬أو‭ ‬سند‭ ‬سياسي‭. ‬

ثانيا‭ : ‬استغلال‭ ‬الفلاحين‭ ‬الصغار‭ ‬حيث‭ ‬انتزعت‭ ‬منهم‭ ‬أراضيهم‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬بحاضرة‭ ‬الفوسفاط،‭ ‬وانضموا‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬البطالة‭ ‬أو‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬بالمدن،‭ ‬مما‭ ‬ضاعف‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬نحو‭ ‬مدن‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬والرباط‭ ‬والمحمدية‭ ‬والقنيطرة،‭ ‬وليسكنوا‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الصفيح‭ “‬الكاريانات‭”. ‬ولم‭ ‬يستفد‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬الثروة‭ ‬الفوسفاطية،‭ ‬بل‭ ‬المستفيدون‭ ‬هم‭ ‬الأطر‭ ‬العليا‭ ‬للمكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬من‭ ‬حاشية‭ ‬الأسر‭ ‬النافذة،‭  ‬والشركات‭ ‬الريعية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬للتجهيز‭ ‬والبناء‭ ‬والنقل‭ ‬واللوجستيك‭. ‬

‭ ‬و‭ ‬غداة‭ ‬الاستقلال‭ ‬استمر‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭. ‬و‭ ‬قد‭ ‬سبق‭ ‬للجماهير‭ ‬الشعبية‭ ‬أن‭  ‬تداولت‭  ‬بعد‭ ‬عودة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ثروة‭ ‬الفوسفاط‭ ‬تستطيع‭ ‬تمكين‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬صباح‭  ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬فرنك‭ ‬أي‭ ‬10‭ ‬دراهم‭ ‬ـ‭ ‬بمستوى‭ ‬معيشة‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬ـ‭. ‬لقد‭ ‬عاش‭ ‬المواطنون‭ ‬والمواطنات‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭. ‬لكن‭ ‬التحليل‭ ‬السيكولوجي‭ ‬المرتبط‭ ‬بهذه‭ ‬المعلومة‭ ‬يبين‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬ثروة‭ ‬الفوسفاط‭ ‬عند‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي،‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬الثابتة‭ ‬أن‭ ‬الفوسفاط‭ ‬هو‭ ‬مملكة‭ ‬محصنة،‭ ‬وخارج‭ ‬رقابة‭ ‬واستفادة‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭. ‬فاستمر‭ ‬بذلك‭   ‬الاستغلال‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬الاستغلال‭ ‬الفرنسي‭ ‬وستذهب‭ ‬أحلام‭ ‬المغاربة‭ ‬أدراج‭ ‬الريح‭.‬

قطاع‭ ‬خارج‭ ‬نظم‭ ‬المحاسبة‭ ‬والمسائلة‭ ‬

لقد‭ ‬تعالت‭ ‬أصوات‭ ‬الجماهير‭ ‬الشعبية‭ ‬والمعارضة‭ ‬اليسارية‭ ‬طالبة‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬الثروة‭ ‬الفوسفاطية‭ ‬وعن‭ ‬مآل‭ ‬الأرباح‭ ‬التي‭ ‬تراكمها‭ ‬سنويا،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الأصوات‭ ‬ظلت‭ ‬كصيحة‭ ‬في‭ ‬واد‭. ‬لأن‭ ‬الفوسفاط‭ ‬يعتبر‭ ‬مملكة‭ ‬تعيش‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يمسها‭ ‬سوء‭ ‬ولا‭ ‬تقربها‭ ‬يد‭ ‬المحاسبة‭ ‬أو‭ ‬المسائلة‭. ‬بل‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬البرلمان‭ ‬يلتزم‭ ‬بالحياد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬حق‭ ‬للمواطن‭ ‬المغربي‭. ‬فالصفقات‭ ‬التي‭ ‬يعقدها‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬تظل‭ ‬داخلية‭ ‬ولا‭ ‬تلتزم‭ ‬بقانون‭ ‬الصفقات‭ ‬العمومية،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬شركات‭ ‬لأشخاص‭ ‬نافذين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحظى‭ ‬بكل‭ ‬الصفقات‭ ‬بدون‭ ‬منافسة‭ ‬تذكر‭. ‬وما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأعمال‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوافل‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ ‬يذكر،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬أعمال‭ ‬لتبديد‭ ‬مالية‭ ‬الفوسفاط‭ ‬ولتغطية‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة،‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ضابط‭ ‬محاسبتي‭ ‬أو‭ ‬مراقب‭ ‬متتبع‭ ‬لعملية‭ ‬التصدير‭ ‬والمصاريف‭ ‬وتحديد‭ ‬النفقات‭ ‬حسب‭ ‬الحاجيات‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬اكتفى‭ ‬قضاة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬خلال‭ ‬افتحصاهم‭ ‬للمكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬بمراقبة‭ ‬النشاط‭ ‬المنجمي‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬خريبكة،‭ ‬وموقع‭ ‬الكنتور،‭ ‬دون‭ ‬التطرق‭ ‬للجانب‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتدبير‭ ‬المالي‭ ‬والإداري‭ ‬لإمبراطورية‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭. ‬وقد‭ ‬انحصرت‭ ‬مهمة‭ ‬مراقبة‭ ‬التسيير‭ ‬المالي‭ ‬والإداري‭ ‬والمحاسبات‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬لدى‭ ‬المجمع‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬النشاط‭ ‬المنجمي‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬خريبكة‭ (‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬مناجم‭ ‬لمراح‭ ‬وسيدي‭ ‬شنان‭ ‬وسيدي‭ ‬الضاوي‭ ‬وبني‭ ‬عمير‭)‬،‭ ‬وموقع‭ ‬الكنتور‭ (‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬مناجم‭ ‬ابن‭ ‬جرير‭ ‬وبوشان‭ ‬ومزيندة‭). ‬فانصبت‭ ‬مهمة‭ ‬قضاة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتخطيط‭ ‬والبرمجة،‭ ‬وكذلك‭ ‬معالجة‭ ‬الفوسفاط‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الغسل‭ ‬والتعويم،‭ ‬واستخدام‭ ‬وصيانة‭ ‬المعدات‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬الاستغلال‭ ‬المنجمي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجوانب‭ ‬البيئية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذا‭ ‬النشاط‭. ‬‭ ‬ولم‭ ‬يتناول‭ ‬التقرير‭ ‬بتاتا‭ ‬جوانب‭ ‬التدبير‭ ‬الإداري‭ ‬والحسابات‭ ‬المالية،‭ ‬من‭ ‬مداخيل‭ ‬وتكاليف‭ ‬وديون‭ ‬والنفقات‭ ‬ومجال‭ ‬صرفها،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬الصفقات‭ ‬التي‭ ‬عقدها‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬كشف‭ ‬حقيقة‭ ‬ميزانية‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان،‭ ‬مدعيا‭ ‬أن‭ ‬المعطيات‭ ‬لها‭ ‬حساسية‭ ‬فلا‭ ‬يجب‭ ‬الإدلاء‭ ‬بها،‭ ‬وبهذا‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسه‭ ‬دستورية‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد‭ ‬تأكد‭ ‬بأن‭ ‬ثروة‭ ‬الفوسفاط‭ ‬سرية،‭ ‬وبعيدة‭ ‬بفعل‭ ‬فاعل‭ ‬عن‭ ‬رقابة‭ ‬واستفادة‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭.‬

  ‬بما‭ ‬أن‭ ‬هده‭ ‬المؤسسة‭ ‬الفوسفاطية‭ ‬هي‭ ‬ملك‭ ‬للدولة‭ ‬منذ‭ ‬النشأة‭ ‬في‭ ‬1920‭ ‬فإنها‭ ‬أولى‭ ‬بالمراقبة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البرلمان‭ ‬بغرفتيه‭. ‬بل‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬هناك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لوزارة‭ ‬المالية‭ ‬حول‭ ‬تدبير‭ ‬مالية‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬الدولة،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التتبع‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المديرية‭ ‬المكلفة‭ ‬بشركات‭ ‬الدولة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬العمومية‭. ‬فكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬جيوب‭ ‬مملكة‭ ‬الفوسفاط‭. ‬ويكتفي‭ ‬المكتب‭ ‬الشريف‭ ‬للفوسفاط،‭ ‬بتقرير‭ ‬مالي‭ ‬يبين‭ ‬الإيرادات‭ ‬من‭ ‬تصدير‭ ‬الفوسفاط‭ ‬نحو‭ ‬الخارج‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬حيث‭ ‬اكتفي‭ ‬بإعطاء‭ ‬أرقام‭ ‬عامة‭ ‬فقط،‭ ‬مثل‭ ‬مبلغ‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬42‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬4‭ ‬ملايير‭ ‬دولار‭ ‬كإرادات،‭ ‬لكن‭ ‬دون‭ ‬ربطه‭ ‬بحجم‭ ‬التكاليف‭ ‬أو‭ ‬الأرصدة‭ ‬المالية‭ ‬للمكتب‭. ‬

إننا‭ ‬بحق‭ ‬أمام‭ ‬مملكة‭ ‬داخل‭ ‬مملكة؟؟؟‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى