الملفطريق التنوير

الثَّرْوَةَ مِنْ الْمَفْهُومِ إلَى الْمُطّلِب السِّياسِيّ

◆ ذ. رشيد العلوي

عَدِيدَة‭ ‬هِي‭ ‬الْأَسْئِلَة‭ ‬الْفَلْسَفِيَّة‭ ‬الَّتي‭ ‬يَطْرَحُها‭ ‬مَفْهُوم‭ ‬الثَّرْوَة،‭ ‬وَقَدْ‭ ‬لَا‭ ‬يَهُمُّنَا‭ ‬كَثِيرًا‭ ‬تَنَاوُلُهَا‭ ‬بالدقة‭ ‬اللَّازِمَة،‭ ‬وَإِذَا‭ ‬كَانَتْ‭ ‬الْأَسْئِلَة‭ ‬الْفَلْسَفِيَّة‭ ‬مُتَعَدِّدَة‭ ‬فَإِنْ‭ ‬السُّؤَال‭ ‬السِّياسِيّ‭ ‬يَظَلّ‭ ‬وَاحِدًا‭ ‬عَلَى‭ ‬الْأَقَلِّ‭ ‬فِي‭ ‬التَّقْلِيدِ‭ ‬اليساري‭: ‬كَيْفَ‭ ‬يُمْكِنُ‭ ‬تَحْقِيقُ‭ ‬التَّوْزِيع‭ ‬الْعَادِل‭ ‬للثروات؟

لَا‭ ‬يَنْفَصِلُ‭ ‬هَذَا‭ ‬الْمَطْلَبُ‭ ‬عَنْ‭ ‬مُطَّلِبِ‭ ‬تَحْقِيق‭ ‬الْعَدَالَة‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّة‭ ‬وَمَحْو‭ ‬اللامساواة‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّة‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬أَوْ‭ ‬عَنْ‭ ‬مُطَّلِبِ‭ ‬الدِّيمُقْراطِيَّة‭ ‬الْفِعْلِيَّة‭.‬

سأطرح‭ ‬سُؤَالًا‭ ‬بَسِيطًا‭ ‬وَلَكِنَّه‭ ‬عَمِيق‭ ‬يُعَبِّرُ‭ ‬عَنْ‭ ‬حِيرَةَ‭ ‬الْيَسَار‭ ‬الْيَوْم‭ : ‬كَمْ‭ ‬كَانَ‭ ‬يُسَاوِي‭ ‬النَّاتِج‭ ‬الوَطَنِيّ‭ ‬الْمَغْرِبِيُّ‭ ‬فِي‭ ‬الْقَرْنِ‭ ‬الثَّامِنَ‭ ‬عَشَرَ‭ ‬أَوْ‭ ‬قَبْلَهُ‭ ‬فِي‭ ‬الْعَصْرِ‭ ‬المريني‭ ‬أَو‭ ‬الموحدي،‭ ‬وَهَل‭ ‬تَطَوَّر‭ ‬أَم‭ ‬أَنَّهُ‭ ‬قَدْ‭ ‬تَقَلَّص؟

لَا‭ ‬أَحَدَ‭ ‬مِنْ‭ ‬الْمُؤَرِّخِين‭ ‬والاقتصاديين‭ ‬أَو‭ ‬عُلَمَاء‭ ‬الاجْتِمَاعِ‭ ‬يَسْتَطِيعُ‭ ‬أَنْ‭ ‬يُجِيبَ‭. ‬والأكيد‭ ‬أَن‭ ‬عَائِدَ‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬الْمَوْرُوثَة‭ ‬أَكْثَرَ‭ ‬مِنْ‭ ‬عَائِد‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬المتراكمة‭ ‬فِي‭ ‬سِنِّ‭ ‬الْعُمْر‭ . ‬

قَد‭ ‬تَجِد‭ ‬دِراسات‭ ‬عَن‭ ‬الْخَرَاج‭ ‬وضرائب‭ ‬الْمِيرَاثِ‭ ‬أَو‭ ‬الجرايات‭ ‬الَّتِي‭ ‬كَانَتْ‭ ‬تمنح‭ ‬لِمُوظّفِي‭ ‬السُّلْطَان‭ ‬وَلَكِنَّك‭ ‬لَنْ‭ ‬تَجِدَ‭ ‬دِرَاسَة‭ ‬شَافِيه‭ ‬لمعضلة‭ ‬تَمَلُك‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬أَو‭ ‬المنحى‭ ‬الْعَامّ‭ ‬لتراكمها،‭ ‬وَاَلَّذِي‭ ‬تَسَارَع‭ ‬فِي‭ ‬أَوَاخِرِ‭ ‬القَرْنِ‭ ‬العِشْرِينَ‭ ‬وبداية‭ ‬الْأَلْفِيَّة‭ ‬الثَّالِثَة،‭ ‬كَمَا‭ ‬لَا‭ ‬يُمْكِنُك‭ ‬أَنْ‭ ‬تَجِدَ‭ ‬الْيَوْم‭ ‬دِرَاسَة‭ ‬حَوْل‭ ‬حَجْم‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬الْخَاصَّة‭ ‬الْمَمْلُوكَة‭ ‬لِلْأَشْخَاص‭ ‬أَو‭ ‬العائلات‭ ‬مُقَابِل‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬العُمُومِيَّة‭ ‬وعَلَيْه‭ ‬تَبْقَى‭ ‬مَسْأَلَةٌ‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬رَهِينَةٌ،‭ ‬بِأَيّ‭ ‬ثَرْوَة‭ ‬نمتلك؟‭ ‬سَوَاءٌ‭ ‬كَانَتْ‭ ‬ثَرْوَة‭ ‬طَبِيعِيَّة‭ ‬أَو‭ ‬اجْتِمَاعِيَّة‭.‬

كَيْفَ‭ ‬يُمْكِنُ‭ ‬لِلتَّمْيِيزِ‭ ‬بَيْنَ‭ ‬مُصْطَلَح‭ ‬الاسْتِعْباد‭ ‬وَمصطلح‭ ‬الإِستِبْعَادِ‭ ‬أَنَّ‭ ‬يقودنا‭ ‬إلَى‭ ‬فَهْمِ‭ ‬النّقّاش‭ ‬حَوْل‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬واللامساواة‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّة‭ ‬وانحياز‭ ‬الْعَدَالَة‭ ‬للأقوياء،‭ ‬بَدَل‭ ‬تَحْقِيق‭ ‬الْعَدْلِ‭ ‬وَالْإِنْصَافِ‭ ‬وَالْمُسَاوَاة‭. ‬لَا‭ ‬يَخْتَلِفُ‭ ‬عَبِيْد‭ ‬القُرُونِ‭ ‬الوُسْطَى‭ ‬عَنْ‭ ‬عبيْدِ‭ ‬الْقَرْن‭ ‬الْوَاحِد‭ ‬وَالْعِشْرِين‭ ‬إلَّا‭ ‬فِي‭ ‬الْكَيْفِيَّاتِ،‭ ‬بِحَيْثُ‭ ‬إنَّ‭ ‬الِاسْتِبْعَاد‭ ‬الاجْتِمَاعِيّ‭ ‬لملايين‭ ‬الْمُوَاطِنِين‭ ‬مِنْ‭ ‬دَائِرَةِ‭ ‬الإِنْتاج،‭ ‬بَل‭ ‬وَمِنْ‭ ‬دَائِرَةِ‭ ‬الْحَيَاة‭ ‬حَتَّى،‭ ‬ظَلََّ‭ ‬هُوَ‭ ‬السِّمَة‭ ‬الْغَالِبَة‭ ‬عَلَى‭ ‬ملايير‭ ‬النَّاس‭ ‬مُنْذُ‭ ‬نِهايَةِ‭ ‬الحَرْبِ‭ ‬العَالَمِيَّةِ‭ ‬الثَّانِيَةِ‭ ‬إلَى‭ ‬الْيَوْمِ،‭ ‬وستعمقه‭ ‬أَكْثَر،‭ ‬ليس‭ ‬التفاوتات‭ ‬الطبقية‭ ‬وَحْدَهَا،‭ ‬بَل‭ ‬التَّطَوُّر‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وَالتَّحَكُّم‭ ‬الْكَبِير‭ ‬لشركات‭ ‬مَعْدُودُة‭ ‬عَلَى‭ ‬مَوَارِد‭ ‬الْأَرْض‭ ‬ومنتجات‭ ‬الْإِنْسَانِيَّة‭.‬

لِمَفْهُوم‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬تَارِيخ‭ ‬لَا‭ ‬يَقُلُ‭ ‬عَنْ‭ ‬تَارِيخِ‭ ‬الْإِنْسَانِيَّةِ‭ ‬فِي‭ ‬شَيْءٍ،‭ ‬فَهُوَ‭ ‬قَرِين‭ ‬بالتَّنْظِيم‭ ‬الْبَشَرِيّ‭ ‬وقرين‭ ‬بالْمُمَارَسَة‭ ‬السِّيَاسِيَّة،‭ ‬ولطالما‭ ‬ظَلَّ‭ ‬مُرْتَبِطاً‭ ‬بِالْعُنْف‭ ‬وبحروب‭ ‬التَّمَلُّك‭ ‬الَّتِي‭ ‬حَكَمْت‭ ‬تَارِيخًا‭ ‬مَدِيدًا،‭ ‬وَلَا‭ ‬تَزَالُ‭ ‬جَارِيَةٍ‭ ‬فِي‭ ‬سَبِيلِ‭ ‬تَدْبِيرِ‭ ‬شُؤُونِ‭ ‬النَّاس‭ ‬دَاخِلٌ‭ ‬الْحُدُود‭ ‬السيادية‭ ‬وَخَارِجِهَا‭.‬

تَوْزِيع‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬لَيْسَ‭ ‬موضوعا‭ ‬مقتصرا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وَالْمُؤَرّخِين‭ ‬وَعُلَمَاء‭ ‬الِاجْتِمَاع‭ ‬وَالْفَلَاسِفَة‭ ‬بَل‭ ‬يهِم‭ ‬الْجَمِيع‭: ‬الْكُلّ‭ ‬يشعر‭ ‬وَيُلَاحِظ‭ ‬بِاسْتِمْرَار‭ ‬التَّفَاوُتُ‭ ‬بَيْنَ‭ ‬النَّاسِ،‭ ‬فِي‭ ‬الْحَيِّ‭ ‬وَفِي‭ ‬أَمَاكِن‭ ‬الْعَمَلِ‭ ‬وَفِي‭ ‬الشَّارِع‭ ‬وَفِي‭ ‬الْمَقْهَى‭ ‬وَعَلَى‭ ‬الْقَنَوَات‭ ‬السَّمْعِيَّة‭ ‬الْبَصَرِيَّة‭ ‬وشبكات‭ ‬التَّوَاصُل‭ ‬الاجْتِمَاعِيّ‭… ‬فالعديد‭ ‬مِن‭ ‬النَّظَرِيَّات‭ ‬الَّتِي‭ ‬تَبَلْوَرَت‭ ‬فِي‭ ‬الِاقْتِصَادِ‭ ‬السِّياسِيّ‭ ‬قَدْ‭ ‬تَغَيَّرَ‭ ‬مَجْرَاهَا‭ ‬مَعَ‭ ‬التَّقَدُّمِ‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الَّذِي‭ ‬يُوَفِّر‭ ‬لَنَا‭ ‬الْيَوْمَ،‭ ‬أَكْثَرَ‭ ‬مِمَّا‭ ‬مَضَى،‭ ‬بَيَانَات‭ ‬غَيْر‭ ‬حَصْرِيَّة،‭ ‬وَلَكِنَّهَا،‭ ‬تُعْطِي‭ ‬مِفْتَاح‭ ‬تَلَمَّس‭ ‬حَجْم‭ ‬الْمُشْكِلَة‭ ‬الَّتي‭ ‬يَطْرَحُها‭ ‬مَبْدَأ‭ ‬التراكم‭ ‬اللانهائي‭ ‬للثروة‭ -‬كَمَا‭ ‬صاَغَهُ‭ ‬مَارْكِس‭- ‬بَدَل‭ ‬مَفْهُوم‭ ‬الاكتظاظ‭ ‬السكاني‭ ‬عِنْد‭ ‬مالتوس‭ ‬أَو‭ ‬النَّدْرَة‭ ‬التموينية‭ ‬عَن‭ ‬رِيكارْدُو‭.‬

كَانَ‭ ‬هَمَّ‭ ‬كَارْل‭ ‬مَارْكِس‭ ‬هُو،‭ ‬فَهُم‭ ‬الْقُوَى‭ ‬الْمُحَرِّكَةِ‭ ‬للرأسمالية‭ ‬الصِّنَاعِيَّة‭ ‬وَمَنْطِقٌ‭ ‬تَرَاكَم‭ ‬الرأسمال‭ ‬الْمَالِيّ،‭ ‬انْطِلَاقًا‭ ‬مِنْ‭ ‬مَبْدَإ‭ ‬التراكم‭ ‬اللانهائي‭: ‬الْمَيْل‭ ‬اللانهائي‭ ‬لتراكم‭ ‬الرأسمال‭ ‬وتركزه‭ ‬فِي‭ ‬عَدَدِ‭ ‬أَقَلَّ‭ ‬مِنْ‭ ‬الْأَيْدِي،‭ ‬فِي‭ ‬غِيَابِ‭ ‬أَيْ‭ ‬حُدُودٌ‭ ‬طَبِيعِيَّةٌ‭ ‬لِعَمَلِيَّة‭ ‬التراكم،‭ ‬هَذَا‭ ‬هُوَ‭ ‬أَسَاس‭ ‬تَوَقَّع‭ ‬مَارْكِس‭ ‬النبوئي‭ ‬بِنِهَايَة‭ ‬الرَّأسمَاليَّة‭: ‬إمَّا‭ ‬أَنْ‭ ‬يَتَقَلَّص‭ ‬مَعْدَل‭ ‬الْعَائِدِ‭ ‬عَلَى‭ ‬رَأْسِ‭ ‬الْمَالِ‭ ‬بِشَكْل‭ ‬مُتَوَاصِلٌ،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬يُقْتَل‭ ‬مُحَرِّكٌ‭ ‬التراكم‭ ‬وَيُؤَدِّي‭ ‬إلَى‭ ‬صِرَاعٍ‭ ‬عَنِيف‭ ‬بَيْن‭ ‬الرأسماليين،‭ ‬أَو‭ ‬سيزيد‭ ‬مِنْ‭ ‬نَصِيبِ‭ ‬رَأْسِ‭ ‬الْمَالِ‭ ‬مِنْ‭ ‬الدَّخَلِ‭ ‬القَوْمِيّ‭ ‬بِلَا‭ ‬تَوَقُّفٍ،‭ ‬وَفِي‭ ‬كِلَا‭ ‬الْحَالَتَيْن،‭ ‬لَيْسَ‭ ‬هُنَاكَ‭ ‬تَوَازُن‭ ‬اِقْتِصَادِيٌّ‭ ‬أَو‭ ‬اجْتِمَاعِيٌّ‭ ‬مُمْكِنٌ‭ ‬مَادَام‭ ‬الشَّرْخ‭ ‬مُتَوَاصِلًا‭ ‬بِسُرْعَة‭ ‬جنونية‭ ‬بَيْنَ‭ ‬الطَّبَقَاتِ‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّةِ‭ ‬الْأَكْثَر‭ ‬تَفَاوَتَا‭ ‬فِي‭ ‬حُظُوظِ‭ ‬الْبَقَاء‭ .‬

يَبْقَى‭ ‬السجال‭ ‬حَوْل‭ ‬التَّوْزِيع‭ ‬الْعَادِل‭ ‬للثروة‭ ‬عَقِيمًا،‭ ‬مَا‭ ‬لَمْ‭ ‬يَسْتَرْشِد‭ ‬بالمعطيات‭ ‬الاحصائية‭ ‬الْمَلْمُوسَة‭ ‬وَاَلَّتِي‭ ‬صَارَت‭ ‬مُتَوَفِّرَةٌ‭ ‬أَكْثَرَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَيِّ‭ ‬وَقْتَ‭ ‬مَضَى،‭ ‬كَمَا‭ ‬تَبْقَى‭ ‬أَحْكَامُ‭ ‬الْقِيمَةُ‭ ‬هِيَ‭ ‬سَيِّدة‭ ‬الْمَوْقِف‭ ‬السِّياسِيّ‭ ‬الَّذِي‭ ‬يَسْعَى،‭ ‬رُبَّمَا،‭ ‬إِلَى‭ ‬تَدْبِيرِ‭ ‬الشَّأْن‭ ‬الْعَامِّ‭ ‬دُونَ‭ ‬بِوَصْلِة‭ ‬نَظَرِيَّة‭ ‬ومعرفية‭ ‬قَادِرَةً‭ ‬عَلَى‭ ‬إِحْقَاق‭ ‬الحَقِّ‭ ‬وَسِيَادَة‭ ‬الْعَدَالَة‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّة‭: ‬التَّوْزِيع‭ ‬الْعَادِل‭ ‬للثروات،‭ ‬حِفْظ‭ ‬كَرَامَة‭ ‬النَّاس،‭ ‬ضَمَان‭ ‬سَعَادَة‭ ‬أَفْرَادِ‭ ‬الْمُجْتَمَعِ‭ ‬بِالقانون‭ ‬وَحِمايَتَها‭ ‬فِعْلِيًّا‭ ‬مِنْ‭ ‬أَيِّ‭ ‬بَطْش‭ ‬تسلطي،‭ ‬لِأَنَّ‭ ‬الْغَايَةَ‭ ‬مِنْ‭ ‬تَمْلِكُ‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬وَمِنْ‭ ‬وُجُودِهَا‭ ‬أَصْلًا‭ ‬هُوَ‭ ‬رَفْعُ‭ ‬كَيْنُونَة‭ ‬الْفَرْد‭ ‬إلَى‭ ‬مُسْتَوَى‭ ‬الرفاه‭ ‬لِلْجَمِيعِ‭ ‬عَلَى‭ ‬قَدْرِ‭ ‬الْمُسْتَطَاع‭ ‬وَوِفق‭ ‬إِمْكانَات‭ ‬الدَّخَل‭ ‬القَوْمِيّ‭.‬

مِنْ‭ ‬أَيْنَ‭ ‬جَاءَتْ‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬الْفَرْدِيَّة؟‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬العُمُومِيَّة‭ ‬هِيَ‭ ‬الْأَصْلُ‭ ‬وَالْمَنْبَع‭ ‬وَقَدْ‭ ‬تَمَّ‭ ‬تَخْصِيصُهَا‭ ‬أَو‭ ‬خوصصتها‭ ‬بِاللُّغَة‭ ‬السِّيَاسِيَّة‭ ‬والقانونية،‭ ‬فَلِمَاذَا‭ ‬تَنْمُو‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬الْخَاصَّة‭ ‬وتنكمش‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬العُمُومِيَّة؟‭ ‬سُؤَال‭ ‬أَشْبَهُ‭ ‬بسُؤَال‭: ‬لِمَاذَا‭ ‬تَقَدَّم‭ ‬الْغَيْر‭ ‬وتأخرنا‭ ‬نَحْن؟

لَا‭ ‬يُوجَدُ‭ ‬الْعَدْلِ‭ ‬فِي‭ ‬ذَاتِهِ‭ ‬إلَّا‭ ‬كَمَفْهُوم‭ ‬مُتَعَال،‭ ‬لَا‭ ‬يَعْكِسُ‭ ‬بِالضَّرُورَة‭ ‬حَقِيقَة‭ ‬الْعَدَالَةِ‭ ‬كَمَا‭ ‬هِيَ‭ ‬مَوْجُودَةٌ‭ ‬فِي‭ ‬الْوَاقِعِ‭ ‬الْمَلْمُوس،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لَا‭ ‬تَتَحَقَّقُ‭ ‬الْمُسَاوَاةُ‭ ‬وَالْإِنْصَاف‭ ‬إلَّا‭ ‬فِي‭ ‬ظِلِّ‭ ‬دولة‭ ‬تحْتَكِم‭ ‬لقوانين‭ ‬الْعَقْلِ‭ ‬فِي‭ ‬سَبِيلِ‭ ‬حُرِّيَّة‭ ‬الْأَفْرَاد‭ ‬والمجموعات‭ ‬الاجْتِمَاعِيَّة‭ ‬مَعًا،‭ ‬وَتَضَع‭ ‬كُلَّ‭ ‬إِمْكانَاتِهِا‭ ‬فِي‭ ‬سَبِيلِ‭ ‬رَفَاهَ‭ ‬الْجَمِيع‭ ‬لِأَنَّنَا‭ ‬نمتلك‭ ‬كُلّ‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬بِقَدْر‭ ‬الْمُسَاوَاة،‭ ‬وَهُوَ‭ ‬مَا‭ ‬لَيْسَ‭ ‬مُمْكِنًا‭ ‬إلَّا‭ ‬بتوزيع‭ ‬عادل‭ ‬للثَّرْوَة‭.‬

مُشْكِلَةٌ‭ ‬إعَادَة‭ ‬تَوْزِيع‭ ‬الثَّرْوَة‭ ‬يُطْرَح‭ ‬بِحَدِّة‭ ‬مُعْضِلَة‭ ‬طَبِيعَة‭ ‬السُّلْطَة‭ ‬أَوْ‭ ‬عَلَى‭ ‬الْأَقَلِّ‭ ‬الِالْتِصَاق‭ ‬الْوَثِيق‭ ‬بَيْن‭ ‬السُّلْطَة‭ ‬وَالثَّرْوَة‭: ‬فَلَا‭ ‬ثَرْوَة‭ ‬بِدُون‭ ‬سَلَّطَة‭ ‬وَلَا‭ ‬سَلَّطَة‭ ‬بِدُون‭ ‬ثَرْوَة‭. ‬يَصْعُب‭ ‬تَفْكِيكٌ‭ ‬الْجَدَل‭ ‬بَيْن‭ ‬الدَّائِرَتَيْن‭ ‬وَلَكِن‭ ‬سَيَظَلّ‭ ‬مِحْوَر‭ ‬الصِّرَاع‭ ‬السِّياسِيّ‭ ‬لِأَمَد‭ ‬طَوِيلِ‭ ‬مَا‭ ‬لَمْ‭ ‬تَتَمَكَّنْ‭ ‬قِوَى‭ ‬التَّغْيِير‭ ‬الْفِعْلِيَّةِ‭ ‬مِنْ‭ ‬فَكِّ‭ ‬هَذَا‭ ‬الِارْتِبَاطِ‭ ‬الَّذِي‭ ‬يُعَدُّ‭ ‬أَسَاسَ‭ ‬التَّسَلُّطِ‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى