إعلام

في الحاجة إلى التربية الإعلامية للوقاية من بؤر التشهير

◆ حميد هيمة

يعلن‭ ‬الخطاب‭ ‬الجنائزي‭ ‬للإعلام‭ ‬الجديد،‭ ‬المحمول‭ ‬عبر‭ ‬الوسائط‭ ‬الرقمية،‭ ‬موت‭ ‬الإعلام‭ ‬التنويري‭ ‬الملتزم‭ ‬بالمعايير‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للمهنة،‭ ‬نتيجة‭ ‬إصابته‭ ‬بالوباء‭ ‬المستجد‭. ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬الموت‭ ‬المأساوي،‭ ‬ظهر‭ ‬كائن‭ ‬جديد،‭ ‬محكوم‭ ‬بدوافع‭ ‬الإثارة‭ ‬والربح،‭ ‬لقيادة‭ ‬مجتمع‭ ‬الإعلام‭ ‬الالكتروني‭. ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬التربية‭ ‬الإعلامية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬التعاقدات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬تحول‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬إلى‭ ‬ذئب‭ ‬لأخيه‭ ‬الإنسان،‭ ‬بتعبير‭ ‬توماس‭ ‬هوبز‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬الفوضى،‭ ‬تغيب‭ ‬المبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والمهنية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني،‭ ‬بالنتيجة،‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬مرشح‭(‬ة‭) ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬ضحية‭ ‬لنيران‭ ‬التشهير‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬إلكترونية‭ ‬قذرة،‭ ‬تخضع،‭ ‬فقط،‭ ‬لنزعات‭ ‬سوقية‭ ‬وربحية‭ (‬الرفع‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الإعجابات‭ ‬والزيارات‭)‬،‭ ‬لا‭ ‬تستحضر،‭ ‬بشكل‭ ‬مقصود،‭ ‬كلفة‭ ‬التدمير‭ ‬النفسي‭ ‬للضحايا‭.‬

وفي‭ ‬زمن‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬استجد‭ ‬وباء‭ (‬إعلامي‭)‬،‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬للفتك‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والمهنية‭ ‬لوسائل‭ ‬النشر‭ ‬والإعلام‭ ‬إزاء‭ ‬الفرد‭ ‬والمجتمع‭. ‬وبذلك‭ ‬أصبح‭ ‬الجميع،‭ ‬اليوم،‭ ‬أمام‭ ‬جائحتين‭: ‬الأولى،‭ ‬بيولوجية‭ ‬تتسلل‭ ‬عبر‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬والثانية‭ ‬إعلامية‭ ‬تصيب‭ ‬مكونات‭ ‬الجهاز‭ ‬النفسي‭.‬

المدونون‭…‬رسل‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭:‬

إلى‭ ‬عهد‭ ‬غير‭ ‬بعيد،‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬التأسيسية‭ ‬للإعلام‭ ‬البديل‭ ‬بالمغرب،‭ ‬قاد‭ ‬المدونون،‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬حراكا‭ ‬إعلاميا‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬عبر‭ ‬مدونات‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬جماعية‭ ‬ملتزمة‭ ‬بميثاق‭ ‬شرف‭ ‬التدوين‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي،‭ ‬قبل‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬نخبويا‭ ‬يقتصر‭ ‬فيه‭ ‬التفاعل‭ ‬على‭ ‬الفئات‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بالتعليم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬فضاء‭ ‬خصبا‭ ‬لكل‭ ‬النقاشات‭ ‬والجدالات‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية؛‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سقف‭ (‬الهامش‭) ‬الديمقراطي،‭ ‬للدولة‭ ‬ومعها‭ ‬التنظيمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية،‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬استيعابها‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬المدونون‭ ‬المغاربة‭ ‬ملائكة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬مدوناتهم‭ ‬مرآة‭ ‬صادقة‭ ‬للانقسامات‭ ‬الفكرية‭ ‬والتجاذبات‭ ‬الحزبية‭ ‬والإيديولوجية‭ ‬التي‭ ‬تخترق‭ ‬المجتمع‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬المأسوف‭ ‬على‭ ‬اندثارها،‭ ‬جسدت‭ ‬الحالة‭ ‬الثقافية‭ ‬لمجتمع‭ ‬الإعلام‭ ‬المواطن،‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬ومدونات‭ ‬أخلاقية‭ ‬تضمن‭ (‬العيش‭ ‬المشترك‭) ‬لكل‭ ‬المذاهب‭ ‬والتيارات‭ ‬النشيطة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضي‭.‬

لم‭ ‬تنته‭ ‬تجربة‭ ‬التدوين‭ ‬بميلاد‭ ‬المنتديات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬لكنها‭ ‬اختنقت‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬السلطة‭ ‬الترخيص‭ ‬بتأسيس‭ ‬جمعيات‭ ‬المدونين‭ ‬المغاربة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فرض‭ ‬الانتقال‭ ‬الاضطراري‭ ‬من‭ ‬المدونات‭ ‬إلى‭ ‬الفايسبوك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬المدون‭(‬ة‭)/ ‬الكاتب‭(‬ة‭) ‬إلى‭ ‬المؤثر‭(‬ة‭)/ ‬صانع‭(‬ة‭) ‬المحتوى‭. ‬لكن‭ ‬بأي‭ ‬مضمون؟

‭ ‬

الفايسبوك‭.. ‬حائط‭ ‬زنقاوي‭!‬

لم‭ ‬يرث‭ ‬الفايسبوك،‭ ‬في‭ ‬بدايته‭ ‬الطفولية،‭ ‬نخبوية‭ ‬النشطاء‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬المدونات،‭ ‬ولكنه‭ ‬ورث‭ ‬منها،‭ ‬أيضا،‭ ‬النقاشات‭ ‬السياسية‭ ‬والإيديولوجية‭. ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬ناجعة‭ ‬للدعاية‭ ‬ضد‭ ‬مظاهر‭ ‬السلطوية،‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬انطلاق‭ ‬الإعلانات‭ ‬الأولى‭ ‬لانتفاضات‭ (‬ربيع‭ ‬الشعوب‭).‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬توسع‭ ‬استعمال‭ ‬الفايسبوك‭ ‬والتويتر‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬لمتابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬التزم‭ ‬الإعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬حيالها‭ ‬الصمت‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تضخم‭ ‬أعداد‭ ‬نشطاء‭ ‬الفايسبوك،‭ ‬واقتحامه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أجهزة‭ ‬الدول،‭ ‬الخائفة‭ ‬من‭ ‬زحف‭ ‬شرارة‭ ‬الانتفاضات،‭ ‬حمل‭ ‬معه‭ ‬أمراض‭ ‬وأوبئة‭ ‬دمرت‭ ‬كل‭ ‬المكاسب‭ (‬الديمقراطية‭) ‬السابقة‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية،‭ ‬اختفى‭ ‬المدون،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفاخر‭ ‬برأسماله‭ ‬الثقافي‭ ‬والنضالي،‭ ‬وصعد‭ ‬إلى‭ (‬النجومية‭) ‬المؤثر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬محتويات‭ ‬التفاهة‭ ‬نظير‭ ‬تفعيل‭ ‬جرس‭ ‬الإعجاب‭ ‬والمتابعة‭ ‬لصفحته‭!‬

لم‭ ‬يكتف‭ ‬المؤثرون‭ ‬الجدد‭ ‬بإعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬تجربة‭ ‬الجرائد‭ ‬الصفراء‭ ‬الورقية،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تحتل‭ ‬هامشا‭ ‬ضيقا‭ ‬ومخفيا‭ ‬في‭ ‬الأكشاك،‭ ‬بل‭ ‬اجتهد‭ ‬المؤثرون‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬الفايسبوك‭ ‬وقنوات‭ ‬اليوتوب‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالتفاهة‭ ‬كمنتوج‭ ‬مطلوب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬استهلاكية‭ ‬واسعة،‭ ‬ومتحررة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الحواجز‭ ‬الجغرافية‭ ‬والأخلاقية‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه،‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬عفويا،‭ ‬يندرج‭ ‬ضمن‭ ‬مرحلة‭ ‬صعود‭ “‬نظام‭ ‬التفاهة‭” (‬آلان‭ ‬دونو،‭ ‬2015‭)‬،‭ ‬بوصفها‭ ‬نظاما‭ ‬اجتماعيا‭ ‬تكون‭ ‬الطبقة‭ ‬المسيطرة‭ ‬فيه‭ ‬هي‭ ‬طبقة‭ ‬الأشخاص‭ ‬التافهين‭ ‬أو‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬تتم‭ ‬فيه‭ ‬مكافأة‭ ‬التفاهة‭ ‬والرداءة‭. ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬ذلك،‭ ‬يلاحظ‭ ‬الانهيار‭ ‬الغريب‭ ‬لمنظومات‭ ‬القيم‭ ‬وانحدار‭ ‬الأذواق‭ ‬وإبعاد‭ ‬الكفاءات‭…‬الخ‭.‬

المؤلف‭ ‬ذاته،‭ ‬ينبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإعلام،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬صناعة،‭ ‬والصناعة‭ ‬يحركها‭ ‬دائما‭ ‬هاجسا‭ ‬المصلحة‭ ‬والتسويق،‭ ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬صحافة‭ ‬التبلويد‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بموضوع‭ ‬الفضائح‭ ‬ونشر‭ ‬المواد‭ ‬التافهة‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الشبكات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مجرد‭ ‬مواقع‭ ‬لتبادل‭ ‬الآراء،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬منابر‭ ‬يحتكرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬تافهي‭ ‬مشاهير‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬كنماذج‭ ‬ناجحة‭ (‬ماديا‭)‬،‭ ‬وبتغييب‭ ‬مقصود‭ ‬لمعايير‭ ‬النجاح‭ ‬التي‭ ‬تعارفت‭ ‬عليها‭ ‬الإنسانية‭. ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬نقارن‭ ‬هنا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬محدودية‭ ‬عدد‭ ‬المشاهدات‭ ‬لندوات‭ ‬فكرية‭ ‬تؤطرها‭ ‬أعلام‭ ‬أكاديمية‭ ‬وازنة‭ ‬مع‭ ‬العدد‭ ‬الغفير‭ ‬للمتابعين‭ ‬والمشاهدين‭ ‬للمسلسلات‭ ‬المبتذلة‭ (‬روتيني‭ ‬اليومي‭).‬

وفي‭ ‬النهاية،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الفايسبوك،‭ ‬ومعه‭ ‬باقي‭ ‬الفضاءات‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬المادي،‭ ‬مسارح‭ ‬للإنتاج‭ ‬والإبداع‭ ‬الفكري‭ ‬والفني،‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬حائط‭ ‬يقصده‭ ‬رواد‭ ‬التفاهة‭ ‬لقضاء‭ ‬حاجتهم‭. ‬ولتفادي‭ ‬انبعاث‭ ‬الروائح‭ ‬الكريهة،‭ ‬سيضطر‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬استنساخ‭ ‬العبارة‭ ‬المنقوشة‭ ‬على‭ ‬صدر‭ ‬جدران‭ ‬فضاءاتنا‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬غلاف‭ ‬صفحة‭ ‬الحساب‭ ‬الشخصي‭ ‬بالفايسبوك‭: (‬ممنوع‭ ‬التبول‭ ‬هنا،‭ ‬وشكرا‭!)‬

ورغم‭ ‬سيطرة‭ (‬نظام‭ ‬التفاهة‭)‬،‭ ‬على‭ ‬المحتوى‭ ‬المشاع‭ ‬في‭ ‬المنتديات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلغاء‭ ‬الإشراقات‭ ‬التثقيفية‭ ‬والتربوية‭ ‬والفنية،‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬الوعي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والجمالي‭ ‬للجمهور‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬تبقى‭ ‬محدودة‭ ‬أمام‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ (‬الإعلام‭) ‬الذي‭ ‬يتغذى‭ ‬بنشر‭ ‬الفضائح‭ ‬واحتراف‭ ‬التشهير،‭ ‬كخط‭ ‬تحريري‭ ‬رسمي،‭ ‬للحط‭ ‬من‭ ‬كرامة‭ ‬الأشخاص‭ ‬وانتهاك‭ ‬حياتهم‭ ‬الخاصة‭.‬

بؤر‭ ‬التشهير‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬المعنوي‭:‬

في‭ ‬سياق‭ ‬تفشي‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬استباح‭ (‬المؤثرون‭)‬،‭ ‬الهواة‭ ‬كما‭ ‬المحترفون،‭ ‬كل‭ ‬المعايير‭ ‬والقيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬للإعلام‭ ‬والنشر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصوير‭ ‬ونشر‭ ‬وتقاسم‭ ‬صور‭ ‬لأشخاص‭ ‬ذنبهم‭ ‬الوحيد‭ ‬زيارة‭ ‬سيارة‭ ‬تحمل‭ ‬رقم‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬الإقامة‭ ‬لإجراء‭ ‬تحاليل‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الإصابة‭ ‬بهذا‭ ‬المرض‭. ‬لقد‭ ‬أصبحنا،‭ ‬اليوم،‭ ‬أمام‭ ‬جائحتين،‭ ‬الأولى‭ ‬بيولوجية‭ ‬تتسلل‭ ‬عبر‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسي،‭ ‬والثانية‭ ‬إعلامية‭ ‬تصيب‭ ‬مكونات‭ ‬الجهاز‭ ‬النفسي‭.‬

ونتيجة‭ ‬استئساد‭ ‬إعلام‭ ‬التشهير،‭ ‬الذي‭ ‬يتغذى‭ ‬على‭ (‬الفضيحة‭) ‬بمعناها‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬سيتفادى‭ ‬المشتبه‭ ‬في‭ ‬إصابتهم‭ ‬بالوباء‭ ‬الاتصال‭ ‬بالمصالح‭ ‬الصحية‭ ‬لاعتبارات‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ (‬الإعلام‭)‬،‭ ‬غير‭ ‬المؤهل‭ ‬لتنمية‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي‭ ‬بمخاطر‭ ‬المرض‭ ‬وسبل‭ ‬الوقاية‭ ‬منه،‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬بؤر‭ ‬للتشهير‭ ‬بالمرضى‭ ‬وعائلاتهم،‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬سافر‭ ‬للأطر‭ ‬القانونية‭ ‬والقيمية‭ ‬للإعلام‭ ‬والنشر‭ ‬الإلكتروني‭.‬

إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬السلطات،‭ ‬المعنية‭ ‬بإنفاذ‭ ‬القانون،‭ (‬غير‭ ‬منتبهة‭)‬،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظرفية‭ ‬الصحية‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬للتعديات‭ ‬التي‭ ‬تطال‭ ‬حق‭ ‬الخصوصية‭ ‬للمرضى‭ ‬والتشهير‭ ‬بعائلاتهم‭ ‬والمس‭ ‬بكرامتهم،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اعتلال‭ ‬صحتهم‭ ‬النفسية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬كالأطفال‭.‬

في‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التربية‭ ‬الإعلامية‭:‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬مقاومة‭ ‬تفشي‭ ‬بؤر‭ ‬التشهير،‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬النشر‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬دون‭ ‬إدماج‭ ‬المدرسة‭ ‬باعتبارها‭ ‬الوسيلة‭ ‬الأساسية‭ ‬لتمرير‭ ‬التربية‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬ستمكن‭ ‬أجيال‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬التحليلية‭ ‬والنقدية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمقاومة‭ ‬سلطة‭ ‬الصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬وبهدف‭ ‬استعادة‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لمساره‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬المواطنة‭ (‬الإعلام‭ ‬المواطن‭).‬

ولأن‭ ‬الإعلام‭ ‬حاجة‭ ‬مجتمعية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬خدماته،‭ ‬وبوصفه‭ ‬أحد‭ ‬مقومات‭ ‬النظام‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬فإن‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحة،‭ ‬اليوم،‭ ‬لتأطير‭ ‬المجتمع،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭ ‬وما‭ ‬تعنيه‭ ‬من‭ ‬تدفق‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬ومشاعية‭ ‬حيازة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة‭ – ‬التكنولوجية،‭ ‬بتنمية‭ ‬ذكاء‭ ‬الإنسان‭(‬ة‭) ‬المستهلك‭(‬ة‭) ‬للتعامل‭ ‬النقدي‭ ‬مع‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي‭ ‬الرائج،‭ ‬والتعاقد‭ ‬على‭ ‬مدونة‭ ‬أخلاقية‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المحتويات‭ ‬الرقمية‭ ‬أو‭ ‬تقاسمها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى