اغتيال الإدارة التربوية
◆ نور الدين لزرك - منسق السكرتارية الجهوية للإدارة التربوية كدش / جهة الشرق
قد نتساءل مند الوهلة الأولى عن طبيعة العلاقة بين مفهومي الإدارة التربوية كمكون أساسي في المنظومة التربوية والاغتيال كفعل إرادي متحكم في أهدافه سلفا ومخطط له ينتج عنه ضحايا.
قولنا بهاته المقاربة يأتي بناءً على خلاصات استقراء لسيرورة ملف الإدارة التربوية ولمسار نضالات الحركة الإدارية مسلكا وإسنادا مند تأسيس الجمعيات المهنية المطلبية مع بداية سنة 2000، حيث ظل التجاذب واضحا بين مؤيد “النقابات الست الأكثر تمثيلية” ورافض مناور غير معلن يتحكم في سلطة القرار… الشيء الذي جعل الجسم الإداري التربوي يلتحم ويتحد تنظيميا في تنسيق ثلاثي قوي، “يجمع مديري التعليم الابتدائي، الإعدادي، الثانوي، حراس عامون، نظار، رؤساء الأشغال” وبرامج نضالية أكثر قوة وتنوعا من السابق، جاعلا من شعار اللاعودة إلا بتحقيق المطالب خياراً نضاليا لا بديل عنه بالإجماع.
ان معالجة ملف الإدارة التربوية في المرحلة الراهنة يقتضي إجابة صريحة وتنزيلاً واضحا عبر مدخلين أساسيين، الإطار القانوني المنظم للإدارة التربوية، والإحاطة المادية والمعنوية.
فمحدودية الارتقاء بالمرتكزين يبدد الرأسمال التربوي ويعرضه للهشاشة ويضعف تدخلاته في المنظومة التربوية، وعدم المواكبة القانونية والمادية في حجمها الحالي يجعل من الإدارة التربوية جهازاً محاصراً في ركن ضيق، مجرداً من أي اندفاع إيجابي لتقوية توجهات الإصلاح، خاصة الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 والتي تعتبر من بين الخلاصات العسيرة المتوافق حولها ضمن الإصلاح في شموليته.
فانخفاض منسوب التحفيز في العلاقة بالإدارة التربوية يجعل منها جسماً نحيلا داخل المنظومة الرمزية للمجتمع، ويبعدها عن دائرة التأثير التربوي والاجتماعي الفعال والناجح.
بناءً عليه، واعتماداً على مقاربة الحكامة التربوية في شقها الإداري، لابد من رد الاعتبار لهاته الفئة التي تعتبر قطب الرحي في الإصلاح المنشود، ورافعة أساسية في تنزيل القانون الإطار، والاستجابة الفورية لمطلبي الكرامة والإطار، بدءاً من تنزيل المرسومين المتوافق حولهما مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية ـ سنة 2019 -، وإرجاع مسألة الإدارة التربوية إلى موقعها الطبيعي ومنحها مزيداً من الصلاحيات، إن على مستوى الترقية المادية، والتدرج في مناصب المسؤولية على غرار الوظيفة العمومية، وكذا استمرارية التحفيز في ظل ضيق الصلاحيات أمام أحادية وقطبية القرار.
خلاصة القول، أن حراك الإدارة التربوية قد تجاوز كل التوافقات وكل التقاطعات وأصبح أمراً واقعيا، ومعالجة ملفه المطلبي إجابة صريحة عن موقع الإدارة التربوية في المنظومة التعليمية… وبذلك يكون الاعتراف بالدور الحاسم للإدارة في إقرار الإصلاحات التي تهدف إلى تصحيح وتقوية هذه المنظومة ومن ثم الاستجابة لتطلعات وطموحات فئة المديرين التي تشكل معطى حاسماً ومؤثراً في الارتقاء بالفعل الإداري وتجويده من خلال حكامة فاعلة ومنصفة.