مهدي عامل.. عاشق التحرر العمالي في سطور

مفكر‭ ‬ومناضل‭ ‬يساري،‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬عام‭ ‬1936‭ ‬من‭ ‬بلدة‭ ‬حاروف‭ ‬قضاء‭ ‬النبطية‭.‬

اسمه‭ ‬الحقيقي‭ ‬حسن‭ ‬عبدا‭ ‬لله‭ ‬حمدان‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬1955‭ ‬أنهى‭ ‬مرحلة‭ ‬الدراسة‭ ‬الثانوية‭ ‬من‭ ‬مدرسة‭ ‬المقاصد‭ ‬في‭ ‬بيروت‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬1956‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬ونال‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ليون‭ ‬شهادتي‭ ‬الإجازة‭ ‬والدكتوراه‭ ‬في‭ ‬الفلسفة‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬1960‭ ‬انتسب‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬اللبناني‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬1963‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬الجزائر‭ ‬واشتغل‭ ‬لمدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬المعلمين‭ ‬بمدينة‭ ‬القسطنطنية،‭ ‬وكتب‭ ‬بالفرنسية‭ ‬عدة‭ ‬مقالات‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬“الثورة‭ ‬الإفريقية”‭ ‬الصادرة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬1968‭ ‬درّس‭ ‬مادة‭ ‬الفلسفة‭ ‬في‭ ‬ثانوية‭ ‬صيدا‭ ‬الرسمية‭ ‬للبنات‭ ‬وبقي‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انتقل‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬إلى‭ ‬الجامعة‭ ‬اللبنانية‭-‬معهد‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ليدرّس‭ ‬فيها‭ ‬مواد‭ ‬الفلسفة‭ ‬والسياسة‭ ‬والمنهجيات‭.‬

تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ (‬1968-1976‭) ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬حسن‭ ‬حمدان،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬فيها‭ ‬ممارسة‭ ‬مشروعه‭ ‬الفكري‭ ‬والكتابة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬وطنه،‭ ‬لدراسة‭ ‬واقعه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬دراسة‭ ‬علمية‭ ‬وتمييز‭ ‬كونية‭ ‬قوانين‭ ‬الماركسية‭ ‬فيه،‭ ‬لتبدأ،‭ ‬بحسب‭ ‬حسن‭ ‬حمدان،‭ ‬‮«‬صيرورة‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭ ‬فكرًا‭ ‬علميًا‮»‬‭ ‬مبتعدًا‭ ‬عن‭ ‬القولبة‭ ‬وتكرار‭ ‬المقولات‭ ‬الجاهزة‭. ‬ولقد‭ ‬أدرك‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬بقوله‭ :”‬إنها‭ ‬لمخاطرة‭ ‬كبرى‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬الواحد‭ ‬منا‭ ‬واقعه‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭”.‬

ولقد‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬حسن‭ ‬حمدان‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬“الطريق”‭ ‬اللبنانية‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬مهدي‭ ‬عامل،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يُعرف‭ ‬به‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭.‬

عام‭ ‬1972،‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ ‬الأول‭ ‬“مقدمات‭ ‬نظرية‭ ‬لدراسة‭ ‬اثر‭ ‬الفكر‭ ‬الاشتراكي‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني”‭. ‬وقسّمه‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭: ‬القسم‭ ‬الأول‭ ‬“في‭ ‬التناقض”‭ ‬والقسم‭ ‬الثاني‭ ‬“في‭ ‬نمط‭ ‬الإنتاج‭ ‬الكولونيالي”‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عام‭ ‬1976‭. ‬وتكمن‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬مهدي‭ ‬بحث‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الماركسي،‭ ‬هو‭ ‬إنتاج‭ ‬أدوات‭ ‬المعرفة،‭ ‬وتحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭. ‬وهناك‭ ‬جزء‭ ‬ثالث‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬بعنوان‭ ‬“في‭ ‬تمرحل‭ ‬التاريخ”‭ ‬لم‭ ‬يكمله‭ ‬مهدي‭ ‬عامل‭. ‬باختصار‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬مهدي‭ ‬عامل‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬“مقدمات‭ ‬نظرية”‭ ‬على‭ ‬تمييز‭ ‬كونية‭ ‬القوانين‭ ‬الماركسية‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬لينتج‭ ‬ويرسي‭ ‬الأساس‭ ‬النظري‭ ‬لسيستامه‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬وجّه‭ ‬جميع‭ ‬كتبه‭ ‬ومقالاته‭.‬

عام‭ ‬1973،‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ ‬“أزمة‭ ‬الحضارة‭ ‬العربية‭ ‬أم‭ ‬أزمة‭ ‬البرجوازيات‭ ‬العربية”،‭ ‬وفيه‭ ‬انتقد‭ ‬أعمال‭ ‬الندوة‭ ‬الفكرية‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬أزمة‭ ‬التطور‭ ‬الحضاري‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬كاشفًا،‭ ‬بنقده‭ ‬لأعمال‭ ‬تلك‭ ‬الندوة،‭ ‬الشق‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬بين‭ ‬الفكر‭ ‬العربي‭ ‬والتطور‭.‬

عام‭ ‬1979،‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ ‬“النظرية‭ ‬في‭ ‬الممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬بحث‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬لبنان”،‭ ‬ويعبّر‭ ‬عنوان‭ ‬الكتاب‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬الربط،‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مهدي‭ ‬عامل،‭ ‬بين‭ ‬النظرية‭ ‬والممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬والتي‭ ‬مارسها‭ ‬في‭ ‬نضاله‭ ‬اليومي‭ ‬وكشف،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬للقانون‭ ‬الذي‭ ‬يحكم‭ ‬الأحداث‭ ‬ويولدها‭.‬

ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬نضال‭ ‬مهدي‭ ‬على‭ ‬الكتابة،‭ ‬بل‭ ‬مارس‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬بتنقله‭ ‬بين‭ ‬القرى‭ ‬والمدن،‭ ‬محاضرًا‭ ‬ومناقشًا‭ ‬وشارحًا‭ ‬للناس‭ ‬وبلغة‭ ‬واضحة‭ ‬وبسيطة،‭ ‬قضايا‭ ‬متعددة‭ ‬مثل‭ ‬مسألة‭ ‬الوطنية‭ ‬وحركة‭ ‬التحرر…وكان‭ ‬يُعرف‭ ‬بنقاشاته‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬باسم‭ ‬الرفيق‭ ‬طارق‭.‬

عام‭ ‬1980،‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ ‬“مدخل‭ ‬إلى‭ ‬نقض‭ ‬الفكر‭ ‬الطائفي‭-‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬إيديولوجية‭ ‬البرجوازية‭ ‬اللبنانية”،‭ ‬عرض‭ ‬فيه‭ ‬المفاهيم‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تكوّن‭ ‬إيديولوجية‭ ‬البرجوازية‭ ‬اللبنانية،‭ ‬وانتقدها‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬نقيض‭ ‬لها،‭ ‬هو‭ ‬موقع‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة،‭ ‬مظهرًا‭ ‬بنقده‭ ‬البعد‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تغيّبه‭ ‬إيديولوجية‭ ‬البرجوازية‭ ‬في‭ ‬نظرتها‭ ‬إلى‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

عام‭ ‬1982،‭ ‬بقي‭ ‬مهدي‭ ‬عامل‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬المحاصرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬اجتاحها‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬وفي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬قاوم‭ ‬وناضل‭ ‬وكتب‭ ‬مقالاً‭ ‬رائعًا‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الطريق‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ “‬لست‭ ‬مهزومًا‭ ‬ما‭ ‬دمت‭ ‬تقاوم‭”.‬

عام‭ ‬1984‭ ‬صدر‭ ‬ديوانه‭ ‬شعره‭ ‬الثاني‭ “‬فضاء‭ ‬النون‭” ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬هلال‭ ‬بن‭ ‬زيتون‭.‬

عام‭ ‬1985‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ “‬في‭ ‬علمية‭ ‬الفكر‭ ‬الخلدوني‭” ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تمرين،‭ ‬بحسب‭ ‬قوله،‭ ‬لقراءة‭ ‬نص‭ ‬تراثي‭ ‬بفكر‭ ‬مادي‭ ‬علمي‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬صدر‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭”‬هل‭ ‬القلب‭ ‬للشرق‭ ‬والعقل‭ ‬للغرب‭ – ‬ماركس‭ ‬في‭ ‬استشراف‭ ‬ادوارد‭ ‬سعيد‭” ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ “‬الاستشراق‭” ‬في‭ ‬“ماركس‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالفكر‭ ‬الاستشراقي‭ ‬وبالشرق‭ ‬الأسيوي‭.‬

عام‭ ‬1986‭ ‬صدر‭ ‬كتابه‭ “‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الطائفية‭” ‬الذي‭ ‬حلل‭ ‬فيه‭ ‬طبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭-‬الطائفي‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬بهدف‭ ‬كشف‭ ‬الصراع‭ ‬الطبقي‭ ‬الذي‭ ‬تحجبه‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬الطائفية‭ ‬بمظهر‭ ‬طائفي،‭ ‬لتؤيد‭ ‬الانتماء‭ ‬للطائفة‭ ‬لا‭ ‬للوطن،‭ ‬لتأييد‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭-‬الطائفي‭ ‬وإعادة‭ ‬إنتاجه‭.‬

عام‭ ‬1987‭ ‬كان‭ ‬مهدي‭ ‬عامل‭ ‬يعتزم‭ ‬إنهاء‭ ‬القسم‭ ‬الأخير‭ “‬في‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬نمط‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬يمكن‭ ‬تمييزه‭ ‬بأنه‭ ‬نمط‭ ‬إنتاج‭ ‬إسلامي‭” ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬القيّم‭ “‬نقد‭ ‬الفكر‭ ‬اليومي‭”‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رصاصات‭ ‬الاغتيال‭ ‬الآثمة‭ ‬منعته‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬واردته‭ ‬شهيدًا‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬الجزائر،‭ ‬احد‭ ‬شوارع‭ ‬بيروت‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬ماي‭ ‬1987‭. ‬وكتابه‭ ‬“نقد‭ ‬الفكر‭ ‬اليومي”‭ ‬يتميز‭ ‬بأنه‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬النادرة‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تناقش‭ ‬وتتعقب‭ ‬الفكر‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬المجلات‭ ‬والصحف،‭ ‬بهدف‭ ‬نقده‭ ‬وكشف‭ ‬توجهاته‭ ‬الفكرية‭ ‬والسياسية‭. ‬وعلى‭ ‬إثر‭ ‬استشهاد‭ ‬مهدي‭ ‬عامل،‭ ‬أجمعت‭ ‬الهيئات‭ ‬الثقافية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والجامعية‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬ماي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ “‬يوم‭ ‬الانتصار‭ ‬لحرية‭ ‬الكلمة‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭.”‬

بعد‭ ‬استشهاد‭ ‬مهدي‭ ‬عامل‭ ‬جُمعت‭ ‬مقالاته‭ ‬وكتاباته‭ ‬التربوية‭ ‬والتعليمية‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬من‭ ‬1968‭ ‬إلى‭ ‬1973‭ ‬ونُشرت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭ “‬في‭ ‬قضايا‭ ‬التربية‭ ‬والسياسة‭ ‬التعليمية‭”‬،‭ ‬حلل‭ ‬فيها‭ ‬الآلية‭ ‬السياسية‭ ‬التعليمية‭ ‬للدولة،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬ضرب‭ ‬التعليم‭ ‬الرسمي‭ ‬وتعميق‭ ‬الانتماء‭ ‬الطائفي‭ ‬لإعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭-‬الطبقي‭-‬الطائفي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى