ثلاث لوحات لعبد الرحمان بنعمرو

- منعم وحتي

هي‭ ‬من‭ ‬الفترات‭ ‬النادرة‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يطاوعني‭ ‬قلمي‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬مدخل‭ ‬جمالي‭ ‬استثنائي‭ ‬للكتابة‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬عظيم،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬غزارة‭ ‬ما‭ ‬كُتب‭ ‬عليه،‭ ‬وحجم‭ ‬الثناء‭ ‬والتقدير‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬الكبير‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو‭ ‬وطنيا‭ ‬ودوليا،‭ ‬فلم‭ ‬أجد‭ ‬إلا‭ ‬سفينة‭ ‬الغوص‭ ‬في‭ ‬عُباب‭ ‬دواخل‭ ‬شخصيته‭ ‬الاستثنائية‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭.‬

اللوحة‭ ‬الأولى

عند‭ ‬دخولي‭ ‬لمكتب‭ ‬الأستاذ‭ ‬الكبير‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو،‭ ‬بدأت‭ ‬صغيرتي‭ ‬رٌمَيْسَة‭ ‬تعبث‭ ‬بأغراضه‭ ‬لعبا،‭ ‬ذات‭ ‬زيارة‭ ‬لمكتبه،‭ ‬فأُصبت‭ ‬بالحرج‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬لكنه‭ ‬حملها‭ ‬فجأة‭ ‬بين‭ ‬ذراعيه‭ ‬بكل‭ ‬حنان‭ ‬ودميتها،‭ ‬و‭ ‬قال‭ ‬لي،‭ ‬لا‭ ‬عليك،‭ “‬بنية‭ ‬مسرارة‭”‬،‭ ‬واحتضنها‭ ‬بكل‭ ‬براءة‭ ‬الأطفال‭ ‬التي‭ ‬يحتفظ‭ ‬بها‭ ‬رغم‭ ‬صلابته‭.‬

اللوحة‭ ‬الثانية

قطع‭ ‬النقيب‭ ‬بنعمرو‭ ‬المسافة‭ ‬ليلا،‭ ‬يوم‭ ‬الخميس،‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬العمر‭ ‬والشراسة‭ ‬التاريخية،‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬والبيضاء‭ ‬لحضور‭ ‬اجتماع‭ ‬فيدرالية‭ ‬اليسار‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وعاد‭ ‬ليلا‭ ‬إلى‭ ‬الرباط‭ ‬بشكل‭ ‬متأخر‭. ‬

حمل‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬تعب‭ ‬المسافة‭ ‬و‭ ‬السنين،‭ ‬وشد‭ ‬الرحال‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬تلبية‭ ‬لدعوة‭ ‬وحدة‭ ‬اليسار‭ ‬بفيدرالية‭ ‬طنجة،‭ ‬ذهابا‭ ‬إليها‭ ‬وعودة‭ ‬للرباط‭.  ‬لكن‭ ‬الكل‭ ‬تفاجأ‭ ‬بتواجده‭ ‬أيضا‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬بمدينة‭ ‬الفقيه‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬لتأطير‭ ‬فعاليات‭ ‬توقيع‭ ‬كتاب‭ ‬رفيقه‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬جلون‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الطليعة‭. ‬هي‭ ‬تفاصيل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬رجل‭ ‬استثنائي‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬استثنائي،‭ ‬وهب‭ ‬ذاته‭ ‬للناس‭.‬

لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬أين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متواجدا‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬؟؟

اللوحة‭ ‬الثالثة

‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبتدئ،‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬أنتهي‭ ‬لسرد‭ ‬مسار‭ ‬محارب‭ ‬صلب‭ ‬جدا،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حرية‭ ‬وطن‭ ‬ومواطنين،‭ ‬سأكتفي‭ ‬بما‭ ‬قاله‭ ‬ذات‭ ‬لجنة‭ ‬مركزية‭ ‬لحزب‭ ‬الطليعة‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬في‭ ‬فعاليات‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭: “‬إنني‭ ‬لن‭ ‬أترشح‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لمنصب‭ ‬الكاتب‭ ‬العام‭ ‬للحزب،‭ ‬بل‭ ‬وأيضا‭ ‬للكتابة‭ ‬الوطنية،‭ ‬لأنني‭ ‬كلي‭ ‬ثقة‭ ‬ويقين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جيلا‭ ‬متمكنا‭ ‬ومحنكا‭ ‬لهذه‭ ‬المهام،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يملأ‭ ‬مكاني‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬جدا،‭ ‬أنا‭ ‬أعتبر‭ ‬نفسي‭ ‬جنديا‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الحزب،‭ ‬و‭ ‬أضع‭ ‬نفسي‭ ‬رهن‭ ‬إشارة‭ ‬المناضلين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توكل‭ ‬لي،‭ ‬إنني‭ ‬عضو‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية،‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية،‭ ‬العقل‭ ‬المفكر‭ ‬والمدبر‭ ‬للآلة‭ ‬الحزبية،‭ ‬و‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬القيادية‭ ‬للكتابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للحزب،‭ ‬وسأكون‭ ‬قوة‭ ‬كبيرة‭ ‬وفاعلة‭ ‬داخل‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية،‭ ‬وداخل‭ ‬إقليمي‭ ‬بالرباط‭ ‬وداخل‭ ‬خليتي،‭ ‬وفي‭ ‬القطاعات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬وفي‭ ‬مهامي‭ ‬الحزبية‭ ‬الوظيفية‭.”‬

هرم‭ ‬استثنائي‭ ‬لا‭ ‬تستهويه‭ ‬الكراسي،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭.‬

تمسك‭ ‬كل‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية‭ ‬بالرفيق‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو‭ ‬عضوا‭ ‬بالكتابة‭ ‬الوطنية،‭ ‬تكليفا‭ ‬من‭ ‬رفاقه‭ ‬وبالإجماع‭.‬

لن‭ ‬أقول‭ ‬لكم‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو،‭ ‬فلن‭ ‬أستفيه‭ ‬حقه‭.‬

إنه‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬أسطوري،‭ ‬وهب‭ ‬نفسه‭ ‬لبناء‭ ‬وطن‭ ‬حر،‭ ‬مواطنين‭ ‬أحرار‭.‬

عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بن‭ ‬عمرو،‭ ‬وبدون‭ ‬ألقاب،‭ ‬تعددت‭ ‬مناقبها،‭ ‬إنسان‭ ‬من‭ ‬طينة‭ ‬نادرة‭ ‬جدا،‭ ‬يحترمه‭ ‬حتى‭ ‬أشد‭ ‬خصومه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى