ملف: التعليم معركة مجتمعية ورافعة للتغيير
من إنجاز : رشيد الإدريسي
يعيش المغرب في سياق حلقة أخرى من حلقات ما يعرف بإصلاح المنظومة التربوية وفق الرؤية الاستراتيجية 15- 30، والتي مرت منها سبع سنوات وما زلنا نعيش على إيقاع المشاكل نفسها قبل هذه الرؤية. ونتمنى ألا نصل سنة 2030 ونعيش لحظة فشل مرة أخرى كما حدث مع الميثاق والبرنامج الاستعجالي حيث يتم التطبيل للإصلاح في البداية، بعدها يتحدثون عن الفشل بدون خجل. هذه التجارب المريرة مع سلسلة الإصلاحات تجعل المغاربة يائسين من كل إصلاح لهذه الأعطاب المزمنة. فقد كان التعليم مجالا من مجالات الصراع ينتج قيادات وطنية تناضل من أجل نظام سياسي واقتصادي بديل، فتدخل النظام بإصلاحاته لإفراغ التعليم من البعد التثقيفي والتنويري. فإذا كان النظام يحقق أهدافه من كل إصلاح، فإن القوى الحية أصبحت عاجزة تماما عن المبادرة والفعل في هذا المجال، فباستثناء الحركات الاحتجاجية المطلبية الجزئية لفئات متضررة من تدبير القطاع، والتي غالبا ما يستجاب لمطالبها بعد سنوات تتخللها إضرابات متتالية لإيهام تلك الحركة بنصر مبين، لتترك ميدان النضال لفئة أخرى وهكذا دوليك (هذه التجربة انطلقت مع تنسيقية أساتذة الإعدادي الذين لم يسبق لهم أن كانوا معلمين، فالعرضيين وهكذا). فعلا تتحقق نتائج خبزية فئوية.
إنه عند كل فشل للإصلاحات المتتالية، يتم تبادل التهم بين الأطراف. علما أن تحميل المسؤولية في الفشل لا يتم إلا إذا كان هناك تعاقد على إنجاز مهام أو تكليف مؤسساتي تنتج عنه محاسبة سياسية أو قضائية أو إدارية. في الحالة المغربية فلا أحد يحاسب الفاشل في التدبير، بل أحيانا يتم تثمين وترقية من تحوم حولهم الشكوك في تبديد المال العام. وهذا يقودنا إلى خلاصة أساسية: إن واقع الاختيارات المتبعة في مجال التعليم يؤكد أن حالة الإفلاس التي آل إليها القطاع ليست بفعل الأخطاء أو الارتجال أو سوء التدبير. بل أن هذه الاختيارات مخطط لها، وتجد جذورها في السياسة الاستعمارية إبان الحماية والتي تلخصها مقولة جورج هاردي ” يجب إخضاع النفوس بعد إخضاع الأبدان”. ونظرا للتبعية المطلقة ثقافيا واقتصاديا لفرنسا والغرب عموما، فإن هذه الوصفة مازالت صالحة لإنتاج شخصية مغربية متناقضة ومضطربة من أجل التلاعب بعقلها وتضليلها بهدف إعادة الإنتاج.