الملف

المسألة التعليمية بين التشخيص ومعركة الآفاق

◆ يونس فراشن

مدخل‭ ‬عام‭:‬

ظل‭ ‬سؤال‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬مطروحا‭  ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الأجوبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬و‭ ‬العملية،‭  ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬المسؤول؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬مفهوم‭ ‬الإصلاح‭ ‬عند‭ ‬المسؤولين‭ ‬المغاربة؟

كل‭ ‬الخطابات‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإصلاح‭ ‬وعن‭ ‬أزمة‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬لكن‭ ‬الخطاب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬التنفيذ‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬خطاب‭ ‬ديماغوجي‭ ‬بلا‭ ‬معنى‭. ‬فهل‭ ‬يستقيم‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم‭ ‬بدون‭ ‬إصلاح‭ ‬البنيات‭ ‬السياسية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية؟‭ ‬وبدون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الإصلاح‭ ‬الشمولي‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬آلياته؟‭ ‬لأن‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬قضية‭ ‬مجتمعية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالمشروع‭ ‬المجتمعي‭ ‬الذي‭ ‬نريد‭. ‬وهو‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مبنيا‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحداثة‭ ‬والعقلانية‭ ‬والمواطنة‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬المنضوية‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬الكونفدرالية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬للشغل،‭ ‬نعتبر‭ ‬أن‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم‭ ‬حاجة‭ ‬مجتمعية‭ ‬وضرورة‭ ‬تاريخية‭ ‬موضوعية،‭ ‬لأنه‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل‭ ‬الصمت‭. ‬فالأزمة‭ ‬البنيوية‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬بنيوي‭ ‬جذري،‭ ‬ولا‭ ‬تنمية‭ ‬بشرية‭ ‬حقيقية‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭.‬

‬التشخيص‭:‬‭ ‬

إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬جديد‭ ‬يقتضي‭ ‬الوقوف‭ ‬بعمق‭ ‬على‭ ‬الأزمة‭  ‬البنيوية‭ ‬التي‭ ‬وصلناها‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والتكوين‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭. ‬ولن‭ ‬نخوض‭ ‬في‭ ‬الفرص‭ ‬التاريخية‭ ‬الضائعة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬فهي‭ ‬معروفة‭ ‬ولا‭ ‬مجال‭ ‬لذكرها‭. ‬لكن‭ ‬نريد‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬المحطات‭ ‬الأخيرة‭ ‬المهمة‭.‬

الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬للتربية‭ ‬والتكوين‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬خاصة‭ ‬دوليا‭ ‬ووطنيا‭ ‬رافعا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ” ‬الشراكة‭” ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬السوسيواقتصادي‭ ‬وبأن‭ ‬التعليم‭ ‬مسؤولية‭ ‬الجميع‭.‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬الإصلاح‭ ‬الجديد‭ ‬المبلور‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬تجاوز‭ ‬كل‭ ‬الأسباب‭ ‬والمعوقات‭ ‬التي‭ ‬تعتمل‭ ‬في‭ ‬نظامنا‭ ‬التعليمي‭ ‬تاريخيا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحديات‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيدا،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬العالقة‭ ‬والتحديات‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنظومة‭ ‬التعليمية‭ ‬بل‭ ‬تتعداه‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬المنظومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأخرى‭ (‬السياسية،‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬الثقافية‭ ‬والمجالية‭…) ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬التعليم‭ ‬جزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكل‭ ‬المجتمعي،‭ ‬يتفاعل‭ ‬معه‭ ‬بنيويا‭ ‬ووظيفيا،‭ ‬سلبا‭ ‬وإيجابا‭.‬

إلا‭ ‬أنه‭ ‬وبعد‭ ‬فشل‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬وببرودة‭ ‬دم‭ ‬هادئ‭ ‬وبدون‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬لهذا‭ ‬الإخفاق‭ ‬سيجد‭ ‬قطاع‭ ‬التربية‭ ‬والتكوين‭ ‬نفسه‭ ‬مجددا‭ ‬أمام‭ ‬برنامج‭ ‬استعجالي‭ ‬ترتكز‭ ‬منهجيته‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬الإقصاء‭ ‬والمنظور‭ ‬الأحادي‭ ‬متمثلا‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬إشراك‭ ‬الأطر‭ ‬التعليمية‭ ‬والفرقاء‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬والفاعلين‭ ‬التربويين‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬المشروع‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬وتبنيه‭ ‬وبالتالي‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬الاستعجالي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يترجم‭ ‬لا‭ ‬جزئيا‭ ‬ولا‭ ‬كليا‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬للتربية‭ ‬والتكوين،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬تجلياته‭ ‬الشرعنة‭ ‬التعسفية‭ ‬لكل‭ ‬التدابير‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬للتضييق‭ ‬على‭ ‬مجانية‭ ‬التعليم‭ ‬وتعزيز‭ ‬خوصصته،‭ ‬وضرب‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وتطويق‭ ‬المدرس‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬منفعلة‭ ‬متحكم‭ ‬فيها‭ ‬إداريا‭. ‬ولعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المخطط‭ ‬الاستعجالي‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬نقل‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬من‭ ‬مجال‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬مغاير‭ ‬تماما‭ ‬إنه‭ ‬مجال‭ ‬المقاولة‭ ‬التي‭ ‬يختلف‭ ‬موضوعها‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬المدرسة‭ ‬والمدرس‭.‬

ورغم‭ ‬إلحاحنا‭ ‬في‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬فتح‭ ‬نقاش‭ ‬حول‭ ‬المدرسة‭ ‬العمومية‭ ‬لصياغة‭ ‬مشروع‭ ‬برنامج‭ ‬كفيل‭ ‬بإصلاح‭ ‬أعطاب‭ ‬منظومة‭ ‬التربية‭ ‬والتكوين،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬وحكوماتها‭ ‬المتعاقبة‭ ‬ظلت‭ ‬مصرة‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬النهج‭ ‬و‭ ‬وفية‭ ‬لنفس‭ ‬الاختيارات‭ ‬بمرجعية‭ ‬نيوليبرالية‭ ‬متوحشة،‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تجسد‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬2015‭/‬2030‭ ‬التي‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬بين‭ ‬طياتها‭ ‬بعض‭ ‬الشعارات‭ ‬الجميلة‭ ‬فإنها‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬تشكل‭ ‬استمرارا‭ ‬لنفس‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تفويت‭ ‬التعليم‭ ‬العمومي‭ ‬عبر‭ ‬الشراكة‭ ‬قطاع‭ ‬عام‭ ‬قطاع‭ ‬خاص‭ ‬و‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬تطور‭ ‬كميا‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬جعل‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬يدرس‭ ‬تلاميذها‭ ‬في‭ ‬المستويات‭ ‬الابتدائية‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬الخصوصية‭. ‬لقد‭ ‬فضح‭ ‬القانون‭ ‬الإطار‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتربية‭ ‬و‭ ‬التكوين‭ ‬ما‭ ‬أخفاه‭ ‬النص‭ ‬الجميل‭ ‬و‭ ‬الشعارات‭ ‬البراقة‭ ‬للرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬و‭ ‬أكد‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الإصلاح‭ ‬المتعاقبة‭ ‬وهو‭ ‬غياب‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬الحقيقية‭ ‬للصلاح‭ ‬الشامل‭ ‬و‭ ‬العميق‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬تعليما‭ ‬منصفا‭ ‬ومجانيا‭ ‬و‭ ‬جيدا‭ ‬لكافة‭ ‬بنات‭ ‬وأبناء‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والقانون‭ ‬الاطار‭ ‬عمقوا‭ ‬أزمة‭ ‬نظامنا‭ ‬التعليمي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مأسسة‭ ‬الهشاشة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬عبر‭ ‬التشغيل‭ ‬بالتعاقد‭.‬

الآفـــــاق‭:‬

‭*‬أي‭ ‬إصلاح‭  ‬نريد‭ ‬لمنظومة‭ ‬التربية‭ ‬و‭ ‬التكوين؟

نريد‭ ‬إصلاحا‭ ‬مندمجا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬إصلاح‭ ‬شامل‭ ‬لكل‭ ‬المنظومة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬للبلاد‭. ‬مندمج‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬مجتمعي‭ ‬ديمقراطي‭ ‬ضامن‭ ‬للحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭.‬

فكل‭ ‬إصلاح‭ ‬لا‭ ‬يستحضر‭ ‬المشروع‭ ‬المجتمعي‭ ‬للمغرب‭ ‬ولا‭ ‬يندرج‭ ‬ضمن‭ ‬الإصلاح‭ ‬الشامل‭ ‬سيكون‭ ‬مآله‭ ‬الفشل‭.‬

وذلك‭ ‬عبر‭:‬

1‭)‬‭ ‬تعليم‭ ‬وطني‭ ‬عمومي‭ ‬يحتضن‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬المغاربة‭ ‬دون‭ ‬تميز‭ ‬ضامن‭ ‬لمبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭. ‬بدءا‭ ‬بالمرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة‭ ‬حتى‭ ‬الجامعة‭ ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬قوس‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬الأولي‭ ‬المندمج‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬الابتدائي‭ ‬الذي‭ ‬نعتبره‭ ‬إحدى‭ ‬المداخل‭ ‬الأساسية‭ ‬للارتقاء‭ ‬ب‭ ( ‬جودة‭ ) ‬التعليم‭ ‬والضامن‭ ‬لمبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬المغاربة‭ ‬خاصة‭ ‬العالم‭ ‬القروي‭ ‬وشبه‭ ‬القروي‭ ‬وذلك‭ ‬بتفعيل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬للتربية‭ ‬والتكوين‭ ‬وتوفير‭ ‬اللوجستيك‭ ‬المادي‭ ‬والبشري‭ ‬لنجاح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الهام‭.‬

2‭)‬‭ ‬التشبث‭ ‬بمجانية‭ ‬وجود‭ ‬التعليم‭ ‬باعتباره‭ ‬حق‭ ‬إنساني‭ ‬وخدمة‭ ‬عمومية‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬انتقاء‭.‬

3‭)‬‭ ‬التزام‭ ‬الدولة‭ ‬بموجب‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬كمعبرة‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬المجتمع‭ ‬وبمقتضى‭ ‬وظيفتها‭ ‬بضمان‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭.‬

4‭)‬‭ ‬وجوب‭ ‬توحيد‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أسلاكه‭ ‬وضمان‭ ‬استقلاليته‭ ‬الفكرية‭ ‬وحث‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬التعليم‭ ‬بالتحلي‭ ‬بالسلطة‭ ‬العلمية‭ ‬والبيداغوجية‭.‬

5‭)‬‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالموارد‭ ‬البشرية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الرافعة‭ ‬الأساس‭ ‬لكل‭ ‬إصلاح‭ ‬وذلك‭ ‬بتمكينها‭ ‬من‭ ‬التكوين‭ ‬الأساس‭ ‬والتكوين‭ ‬المستمر‭ ‬الوظيفي‭ ‬والنافع‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمامها‭ ‬لمتابعة‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا،‭ ‬وضمان‭ ‬استقرارها‭ ‬وتحفيزها‭ ‬بتحسين‭ ‬أوضاعها‭ ‬المهنية‭ ‬والمادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والرفع‭ ‬من‭ ‬وثيرة‭ ‬استشارتها‭ ‬وإشراكها‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬شؤونها،‭ ‬وهذا‭ ‬سيلزم‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬سيستلزم‭:‬

‭ ‬‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬كليا‭ ‬في‭ ‬التكوينات‭ ‬الحالية‭ ‬بما‭ ‬يواكب‭ ‬الثورة‭ ‬العلمية‭ ‬والمعرفية‭ ‬ويستجيب‭ ‬للحاجيات‭.‬

‭ ‬‭ ‬دعم‭ ‬وتطوير‭ ‬المراكز‭ ‬الجهوية‭ ‬للمهن‭ ‬التربية‭ ‬والتكوين‭ ‬بتمكينها‭ ‬من‭ ‬استقلالها‭ ‬المالي‭ ‬والبيداغوجي‭ ‬والإداري‭ ‬وفق‭ ‬هندسة‭ ‬للتكوين‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬التربية‭ ‬الحديثة‭.‬

‭ ‬التفاعل‭ ‬الإيجابي‭ ‬مع‭ ‬المطالب‭ ‬المهنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والمادية‭ ‬للشغيلة‭ ‬التعليمية‭.‬

‭ ‬‭ ‬ادماج‭ ‬الأساتذة‭ ‬الذين‭ ‬فرض‭ ‬عليهم‭ ‬التعاقد‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬أساسي‭ ‬موحد‭ ‬و‭ ‬محفز‭ ‬لكافة‭ ‬فئات‭ ‬الشغيلة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭.‬

‭ ‬6‭)‬‭ ‬البرامج‭ ‬والمناهج‭:‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬الفكر‭ ‬العقلاني‭ ‬الحداثي‭ ‬ومستحضرة‭ ‬للقيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الكونية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أبعادها‭ ‬المستجيبة‭ ‬لحاجيات‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬التحرر‭ ‬والنمو‭ ‬والبناء‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحداثي،‭ ‬وهي‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توكل‭ ‬إلى‭ ‬كفاءات‭ ‬وخبرات‭ ‬وطنية‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الاختصاص‭ ‬المنشغلين‭ ‬بقضايا‭ ‬التربية‭ ‬والتكوين‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬مشروع‭ ‬مجتمعي‭ ‬متوافق‭ ‬بشأنه،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬النظرة‭ ‬المحاسباتية‭ ‬التي‭ ‬تختزل‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬أرقام‭.‬

وفي‭ ‬نفس‭ ‬المنحى‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬اقتراح‭ ‬المقاربة‭/‬ات‭ ‬البيداغوجية‭ ‬المناسبة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬فيها‭ ‬شرط‭ ‬أو‭ ‬شروط‭ ‬الانجاز‭ ‬والملائمة‭ ‬لأهداف‭ ‬المشروع‭ ‬المجتمعي‭ ‬للتمكن‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬التعليم‭ ‬إلى‭ ‬آلية‭ ‬لبناء‭ ‬الفكر‭ ‬النقدي‭ ‬لدى‭ ‬المتعلم‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحداثي‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬التربة‭ ‬والتكوين‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬أبدا‭ ‬دون‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمكون‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬التعلمية،‭ ‬إنه‭ ‬نظام‭ ‬تقويم‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬مدى‭ ‬تحقق‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عملية‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬مكامن‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬المنهاج‭ ‬المدرسي‭ ‬وفتح‭ ‬إمكانية‭ ‬مهمة‭ ‬للدعم‭ ‬والمعالجة‭.‬

لذا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬لأنماط‭ ‬التقويم‭ ‬التي‭ ‬أضرت‭ ‬بالمردودية‭ ‬الداخلية‭ ‬للنظام‭ ‬التعليمي‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الخريطة‭ ‬المدرسية‭ ‬بهاجس‭ ‬تحسين‭ ‬مؤشرات‭ ‬التمدرس‭ ‬والنجاح‭ ‬لتقديمها‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتلميع‭ ‬صور‭ ‬المغرب‭ ‬وتحسين‭ ‬تربيته‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭.‬

وهنا‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬قضيتين‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية‭ ‬تتطلبان‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬نصيبهما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النقاش‭ ‬الدائر‭ ‬الآن‭ ‬وهما‭ ‬قضيتي‭ ‬التوجيه‭ ‬والتخطيط‭ ‬والمراقبة‭ ‬التربوية‭.‬

‭ ‬7‭)‬‭ ‬مسألة‭ ‬لغة‭ ‬التدريس‭:‬

لابد‭ ‬من‭ ‬الحسم‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬التدريس‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬التعاطي‭ ‬معها‭ ‬كأداة‭ ‬للتفكير‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬علمي‭ ‬وبعد‭ ‬تربوي‭.‬

8‭)‬  ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬وفضاءات‭ ‬الاستقبال‭ ‬في‭: ‬

‭ ‬‭ ‬المجال‭ ‬التربوي‭ : ‬حجرات‭ ‬ملائمة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬القروي‭.‬

‭ ‬‭ ‬المجال‭ ‬المادي‭ : ‬التجهيزات‭ ‬الأساسية‭ (‬الصرف‭ ‬الصحي‭- ‬الماء‭ ‬والكهرباء‭- ‬المسالك‭. ‬الطرقية‭- ‬المطاعم‭ ‬المدرسية‭- ‬الداخليات‭).‬

‭ ‬‭ ‬المجال‭ ‬الثقافي‭ : ‬عودة‭ ‬الثقافة‭ ‬الى‭ ‬المدرسة‭.‬

‭ ‬  ‬الجهوية‭ ‬واللامركزية‭. ‬

خيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬يقتضي‭ ‬توفير‭ ‬كافة‭ ‬الشروط‭ ‬السياسية‭ ‬لتجعل‭ ‬من‭ ‬الجهة‭ ‬لبنة‭ ‬في‭ ‬سيرورة‭ ‬البناء‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحقيقي‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬سليمة‭ ‬تخدم‭ ‬أهداف‭ ‬سياسة‭ ‬القرب‭ ‬وعلى‭ ‬المقاربة‭ ‬التشاركية‭ ‬الحقيقية‭ ( ‬مجالس‭ ‬الأكاديميات‭ ‬نموذجا‭). ‬فالجهة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬إطارا‭ ‬فارغا‭ ‬من‭ ‬مضمونه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أو‭ ‬شماعة‭ ‬لشرعنة‭ ‬التعاقد‭.‬

خلاصة‭:‬

في‭ ‬الأخير‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الخروج‭ ‬بالمدرسة‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬البنيوية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬تقتضي‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬تقتضيه‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬اعتبارها‭ ‬أداة‭ ‬لإعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬نفس‭ ‬البنية‭ ‬الطبقية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتمظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬توفر‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬حقيقية‭ ‬لإصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭. ‬فلا‭ ‬إصلاح‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬لهذه‭ ‬المنظومة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬الإصلاح‭ ‬كذلك‭ ‬باقي‭ ‬المنظومات‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأخرى‭ ‬وفق‭ ‬مبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحقيقية‭.‬

إن‭ ‬قضية‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬قضية‭ ‬مجتمعية‭ ‬تهم‭ ‬مستقبل‭ ‬المغرب‭ ‬والمغاربة‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬كقطاع‭ ‬وطني‭ ‬استراتيجي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بالرعاية‭ ‬الكاملة‭ ‬للدولة‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬الشروط‭ ‬المادية‭ ‬واللوجستيكية‭ ‬والبشرية‭ ‬الضامنة‭ ‬لنجاحه‭. ‬وهو‭ ‬الرهان‭ ‬الذي‭ ‬سيضع‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬المحك‭ ‬والذي‭ ‬يفرض‭ ‬التعبئة‭ ‬المجتمعية‭ ‬الشاملة‭ ‬لإنجاحه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تكرر‭ ‬خيبات‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭.‬

يونس‭ ‬فراشن‭ ‬

عضو‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للنقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم

الكونفدرالية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬للشغل

المراجع

‭-‬‭ ‬القراءة‭ ‬النقدية‭ ‬للبرنامج‭ ‬الاستعجالي‭ ( ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬كدش‭)‬

‭-‬‭ ‬مقررات‭ ‬و‭ ‬بلاغات‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتعليم‭ ‬كدش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى