عيطة

يحيى المغبون.. ابن عمنا اليهودي

منعم اوحتي

كنت‭ ‬دائما‭ ‬معجبا‭ ‬لدرجة‭ ‬الهوس‭ ‬بالثقافة‭ ‬المغربية‭ ‬اليهودية،‭ ‬على‭ ‬الإيقاعات‭ ‬الطَّرَبِيَّةِ‭ ‬والغنائية‭ ‬للمغاربة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬يهودي،‭ ‬ومتيما‭ ‬لحد‭ ‬التماهي‭ ‬بالكتابات‭ ‬المغربية‭ ‬للأدباء‭ ‬اليهود،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬إدمون‭ ‬عمران‭ ‬المالح‭.. ‬

ولا‭ ‬زالت‭ ‬محكيات‭ ‬جدي‭ ‬بقصور‭ ‬الراشدية‭ (‬قصور‭ ‬من‭ ‬طين‭)‬،‭ ‬حول‭ ‬العلاقات‭ ‬المميزة‭ ‬بين‭ ‬أسرتنا‭ ‬والأسر‭ ‬اليهودية‭ ‬المجاورة‭ ‬بالدوار‭.. ‬أبناء‭ ‬عمومة‭ ‬حقيقيين‭.. ‬على‭ ‬الحلوة‭ ‬والمرة‭.. ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬فيض‭ ‬الوادي‭ ‬ولحظات‭ ‬القحط‭ ‬والجفاف‭.. ‬وكم‭ ‬كان‭ ‬الألم‭ ‬يعتصر‭ ‬قلب‭ ‬جدي‭ ‬حين‭ ‬يصل‭ ‬في‭ ‬سرده‭ ‬لمفصل‭ ‬لحظة‭ ‬فراقه‭ ‬مع‭ ‬صديقه‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يدعى‭ “‬يحيى‭ ‬المغبون‭”‬،‭ ‬وقد‭ ‬اجتمعا‭ ‬للوداع‭ ‬وهما‭ ‬يبكيان‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬بعضهما‭ ‬ب‭ “‬ملاح‭ ‬أسرير‭”‬،‭ ‬ويحيى‭ ‬يخبر‭ ‬جدي‭ ‬أنه‭ ‬ذاهب‭ ‬ل‭ “‬بيت‭ ‬الوقت‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬الإسم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬رائجا‭ ‬إذاك‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬للرحلات‭ ‬المدبرة‭ ‬للمغاربة‭ ‬اليهود‭ ‬صوب‭ ‬فلسطين،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬أحيانا‭ ‬قسرية‭..‬‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬جدي‭ ‬حينها‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬تطورات‭ ‬الأمر‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬فقد‭ ‬صديقا‭/‬أخا‭ ‬عزيرا‭.. 

وتسارعُ‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬يقود‭ ‬لمصالحات‭ ‬قسرية‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬الدول،‭ ‬يقودها‭ ‬نافذون‭ ‬في‭ ‬المربع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي،‭ ‬لكنه‭ ‬يُطْرَحُ‭ ‬السؤال‭ ‬الأصلي‭ ‬علينا‭ ‬كمغاربة،‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تتورط‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬التهجير‭ ‬الإرغامي‭ ‬للمغاربة‭ ‬اليهود،‭ ‬في‭ ‬مؤامرة‭ ‬أفقدت‭ ‬المغرب‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬غناه‭ ‬الثقافي‭ ‬والإثني،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬عامل‭ ‬غنى‭ ‬للمغاربة‭ ‬؟‭!.. ‬ماهي‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬أخذها‭ ‬المطبعون‭ ‬للجم‭ ‬جماح‭ ‬الصهيونية،‭ ‬لتصفية‭ ‬حركة‭ ‬عنصرية‭ ‬استعمارية‭ ‬قضمت‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬باسم‭ ‬تزييف‭ ‬التوراة‭ ‬والتلمود‭ ‬؟‭!.. ‬أين‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬التطبيع‭ ‬هاته‭ ‬وحقه‭ ‬في‭ ‬أرضه‭ ‬وفي‭ ‬عودة‭ ‬اللاجئين‭ ‬؟‭!.. ‬لما‭ ‬لا‭ ‬يحرك‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬السلطة‭ ‬نفوذه‭ ‬التواصلي‭ ‬مع‭ ‬لوبي‭ ‬اليهود‭ ‬المغاربة‭ ‬لتحريك‭ ‬عملية‭ ‬سلام‭ ‬تعيد‭ ‬الحقوق‭ ‬الأصلية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬؟‭!‬‭.‬

إن‭ ‬للسلم‭ ‬والمصالحات‭ ‬ثمنا‭ ‬هو‭ ‬سماع‭ ‬صوت‭ ‬حقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أولا،‭ ‬والمرور‭ ‬إجباري‭ ‬عبرهم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬بالمنطقة‭. ‬

ملحوظة‭ ‬1‭ : ‬تستهويني‭ ‬الموسيقى‭ ‬المغربية‭ ‬اليهودية،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنه‭ ‬حين‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬مسمعي‭ ‬إحدى‭ ‬مقطوعات‭ “‬نيطع‭ ‬القايم‭”‬،‭ ‬يستفيق‭ ‬في‭ ‬دواخلي‭ ‬سؤال‭ ‬سكيزوفريني‭ : “‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬مجندة‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬قتلت‭ ‬طفلا‭ ‬فلسطينيا‭”.. ‬

ملحوظة‭ ‬2‭ : ‬الصحراء‭ ‬مغربية‭ ‬ولو‭ ‬كره‭ ‬الكارهون‭.. ‬واليهودية‭ ‬مكون‭ ‬مغربي‭ ‬أصيل‭.. ‬ومعركتنا‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬لن‭ ‬يبطلها‭ ‬مفعول‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الفوقية‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى