توقعات صادمة عن تصويت المسلمين في مدينة سبتة
◆ عبدالحميد البجوقي
تتهيأ إسبانيا لانتخابات جهوية وجماعية يوم 26 ماي القادم، وهي الانتخابات التي يعتبرها بعض المحللين والمتابعين بمثابة الدور الثاني بعد الانتخابات التشريعية الفارطة يوم 28 أبريل الفارط، ورغم الفوز النسبي الذي حققه الحزب الاشتراكي العمالي في هذه الأخيرة، والتراجع غير المسبوق للحزب الشعبي المحافظ، تبقى مستجدات الاستحقاقات التي تعرفها الجارة الاسبانية هو الصعود الذي يعرفه اليمين المتطرف متمثلا في حزب فوكس الذي حصل ولأول مرة على تشكيلة برلمانية من 24 مقعدا، وتوقعات استطلاعات الرأي بحصوله على نتائج قد تجعل منه مفتاحا لتشكيل العديد من الحكومات الجهوية والبلديات. اعتماد حزب فوكس على خطاب عنصري متطرف على غرار أحزاب اليمين المتطرف المتصاعد في أوروبا، ورفعه لشعارات شعبوية من قبيل طرد المهاجرين والتضييق على المسلمين وبناء أسوار على حدود المدن المغربية المستلبة مع المغرب كان له وقع خاص عند الناخب الاسباني المتأثر بالأزمة الاقتصادية وبتعقيدات التعايش والاندماج التي عرفتها المجتمعات الأوروبية بعد توافد واستقرار عدد مهم من المهاجرين.
شعارات اليمين الاسباني المتطرف ضد المهاجرين والمسلمين والأقليات بشكل عام حشدت في الانتخابات التشريعية الفارطة أصوات اليسار الاسباني ووسط اليمين المعتدل والأقليات الدينية لوقف زحف فوكس والتقليل من قدرته على التأثير في السياسات، ويُنتظر نفس الحشد في الانتخابات الجهوية والمحلية القادمة، لكن تقريرا عن مدينة سبتة صدر في جريدة الباييس الإسبانية يوم الجمعة 17 ماي من هذه السنة يشير إلى توقعات صادمة تنبئ بعكس ذلك.
اليمين الشعبي المحافظ الذي يحكم مدينة سبتة بأغلبية مطلقة منذ 18 سنة، مهدد بناء على نتائج التشريعيات السابقة بفقدانه لأغلبيته وصعود صاروخي لحزب فوكس وتحوله إلى مفتاح تشكيل الحكومة السبتاوية، هذا يعني تطبيق جزء مهم من برنامج هذا الحزب العنصري ومشاركته في تدبير شؤون المدينة، لكن المفارقة التي يشير إليها تقرير جريدة الباييس أن معاقل أصوات هذا الحزب لا تقتصر فقط على الناخب الاسباني المسيحي المحافظ، بل تشمل كذلك عددا مهما من الإسبان المسلمين الذين يعتبرون أن الأزمة في الخدمات والمساعدة الاجتماعية، وفي إيجاد مناصب الشغل سببها إخوانهم من مغاربة الحدود والمهاجرين الأفارقة.
جميلة، شابة مسلمة سبتاوية تُصرِّح لجريدة الباييس ” أنا مواطنة إسبانية كاملة الحقوق، كيف سأحصل على شغل كعاملة في البيوت بأجرة لا تقل عن 10 أورو للساعة، إذا كانت الخادمات القادمات من المغرب يقمن به فقط ب3 أورو” مثل جميلة هناك العديد من الإسبان المسلمين الذي يُعبِّرون بصراحة عن تعاطفهم مع فوكس رغم تحفظهم على تصريحات هذا الحزب بشأن الإسلام، هو حسب تعليقات بعض المسلمين الإسبان بمدريد نوع من عقدة التوحد بالمعتدي. الفوارق الطبقية في المدينة تبدو بوضوح وسط المسلمين أكثر من غيرهم، وتعتبر مدينة سبتة الأولى في أوروبا من حيث بطالة الشباب بين 15 و24 سنة.
مفارقات هذه المدينة السليبة لا تختلف عن مفارقات موقعها وتعدد دياناتها وتعايشها الحذر أحيانا والمتشنج أحيانا أخرى، سكان المدينة من المسلمين والمسيحيين يفوق بقليل 85 ألف نسمة، تقام فيها كل الحفلات الدينية المسيحية والإسلامية والهندوسية واليهودية، عيد الأضحى يوم عطلة في المدينة يحتفل به الجميع، وفي خميس الأسبوع المقدس يخرج موكب المسيح بكل الطقوس المسيحية من كنيسة بحي برينسيبي (الأمير) حي المسلمين الشعبي الأكثر فقرا وتعاسة في المدينة.
الخريطة السياسية في المدينة يقتسمها الحزب الشعبي اليميني المحافظ مع الحزب الاشتراكي وحزبين لمسلمي سبتة في انتظار صعود قوي منتظر لحزب اليمين المتطرف، عدد الإسبان المسلمين في المدينة يفوق 40 في المائة من سكان المدينة لم تعط لحزب مسلمي سبتة أكثر من 3 مقاعد، مما يعني أن أصوات السبتاويين من المسلمين تتوزع على بقية الأحزاب وبالخصوص منها الحزب الشعبي، وإن صدقت التوقعات التي تتداولها وسائل الإعلام الإسبانية، فإن جزءا مهما منها سيذهب إلى حزب اليمين المتطرف.
بأصوات المسلمين تستمر المعادلة في سبتة أن لا غالب إلا اليمين.