الحاج بنشارة.. رجل المحن والكتاب في زمن الجمر والرصاص
الطريق (م.ا)
يمر الحاج “بوعزة بنشارة ” بحالة صحية لا تدعو للقلق، وهو الآن قيد الاستشفاء بمصحة الضمان الاجتماعي بوجدة، الغرفة 105 تحت رعاية طاقم طبي وتمريضي وإداري يحيطه بكل العناية اللازمة..
من هو الحاج بنشارة؟
تعرفت على الحاج بنشارة حديثا في أوج النضال الديمقراطي بوجدة على مستوى مختلف روافده، الحقوقية بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الثقافية والجمعوية بالعديد من الجمعيات ومنتديات الثقافة والفكر والحوار، السياسية من خلال فدرالية اليسار الديمقراطي التي آمن بها وأحاطها بدعمه المتواصل، قبل وخلال وبعد المحطات الانتخابية، وخلال جميع التظاهرات والمعارك النضالية..
من مواليد 1939 بفكيك (منطقة إيش )، التحق مبكرا بصفوف الحركة الوطنية، ليجد نفسه في قلب اللحظة التأسيسية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959، واعتقل سنة 1960 بفكيك، وبعد قضاء شهر من الاعتقال بالسجن المحلي بوجدة، حيث تم طرده من العمل بالكتابة الخاصة لرئيس دائرة فكيك، ثم طرده سنة 1962 من العمل بقسم المراسلات بنيابة التعليم بوجدة، تم استدعائه من طرف الشهيد عمر بن جلون والفقيه البصري ليلتحق بالدار البيضاء، ويشتغل بالكتابة الخاصة للحزب بالمقر المركزي بالدار البيضاء، ليعتقل مرة أخرى سنة 1963 إلى جانب قياديي الحزب من داخل اجتماع حزبي بالمقر.. لم تتوقف محنة الحاج بنشارة على المستوى السياسي والحقوقي، بل حاصرته الآلة المخزنية بقيادة الوزير المخلوع وغير المأسوف على رحيله “إدريس البصري”، خاصة لما غامر في إنشاء مطبعتين لتشجيع الفكر التحرري، مطبعة “لينو النخلة” سنة 1972، ثم بشكل خاص مؤسسة بنشارة للطباعة والنشر سنة 1980 بالدار البيضاء، حيث ضغطت عليه
الآلة المخزنية بمختلف وسائل الترغيب والترهيب للتوقف عن طبع المنشورات التقدمية، والتوجه نحو طبع منشورات الأحزاب الإدارية بإغراءات مالية كبيرة، وهو يعرف جيدا أنه يغامر في قطاع غير مضمون النتائج، خاصة أمام الضائقة المالية التي كانت تواجهه، مما أدى الى وقف المطبعة سنة 1986 نتيجة الحصار والتضييق، في مرحلة كانت فيها الكلمة رصاصة موجعة للنظام السياسي.
ويبقى سجل المنشورات التي احتضنتها مطبعة “الحاج بنشارة” بعناوينها المدوية، مفخرة لهذا الرجل الذي خبر كل المحن في السياسة والكتاب والفكر ودروب الحياة، ومن بين هذه العناوين الناطقة لوحدها والتي تحيل على مرحلة معطاء ويسار يفكر قبل أن يتحرك، وهي لرموز من نساء ورجال جمعوا بشكل عجيب وفريد بين النظرية والممارسة فأبدعوا في الاثنين :
- المجلات : الثقافة الجديدة، الزمن المغربي، البديل، السؤال، المقدمة، أبحاث..
- الجرائد : المسار، 8 مارس، النهج..
هذا فقط جزء يسير من مسار طويل وغني لرجل كنا نود القيام بالتفافة رمزية إزاءه لولا جائحة الكورونا..
انهض صديقي ورفيقي، أيها الرجل الثمانيني الذي تشع الابتسامة على محياه وهو طريح الفراش، الحاج “بوعزة بنشارة “.. نعدك بلحظة اعتراف جماعية أيها الرجل الطيب الذي لا تقهره المحن مهما كان حجمها ومصدرها…بالصحة والعافية وطول العمر…