الحقوقية

حوار مع رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف

حسان كمون رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف

ساهم‭ ‬المنتدى‭ ‬المغربي‭ ‬للحقيقة‭ ‬والإنصاف،‭ ‬ومنذ‭ ‬نشأته‭ ‬بالتعريف‭ ‬بقضايا‭ ‬ماضي‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وفي‭ ‬النضال‭ ‬والترافع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضحايا‭ ‬سنوات‭ ‬الرصاص،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬ضمانات‭ ‬قانونية‭ ‬ودستورية،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتكرر‭ ‬ذاك‭ ‬الماضي‭ ‬الأسود،‭ ‬نحاور‭ ‬رئيس‭ ‬المنتدى،‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬الحقوقي‭ ‬العام‭ ‬والردة‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭.‬

تعيش‭ ‬بلادنا‭ ‬مند‭ ‬مدة‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التراجعات‭ ‬تمس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات،‭ ‬وتجري‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحاكمات‭ ‬ضد‭ ‬المناضلين‭ ‬والنشطاء‭ ‬الحقوقيين‭ ‬والصحفيين،‭ ‬كيف‭ ‬تفسرون‭ ‬ما‭ ‬يقع؟‭ ‬وما‭ ‬علاقته‭ ‬بما‭ ‬يجري‭  ‬من‭ ‬ثورات‭ ‬مضادة‭.. ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إقليميا،‭ ‬والتي‭ ‬عرفت‭ ‬حركات‭ ‬شعبية‭ .‬

‭ ‬

أظن‭ ‬أن‭ ‬التعميم‭ ‬لا‭ ‬يصح،‭ ‬الحالة‭ ‬المغربية‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬الحالات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جنوب‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬وشرقه‭. ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬الحالة‭ ‬المغربية‭ ‬حالات‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬أو‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تونس‭. ‬قاسمهم‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬الانتفاض‭ ‬ضد‭ ‬الاستبداد‭ ‬والفساد‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتمثل‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬الدور‭ ‬المتزايد‭ ‬لشبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمغرب،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بنظري‭ ‬ثورة،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬حراكا‭ (‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬استوردناه‭ ‬من‭ ‬تعابير‭ ‬مشرقية‭).. ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬البلاد‭ ‬مهيأة‭ ‬لإحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬بفعل‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الحركة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الوطنية‭ ‬بكل‭ ‬مكوناته‭ ‬السياسية‭ ‬والنقابية‭ ‬والمدنية‭ ‬والنضالات‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬مند‭ ‬عقود،‭ ‬فمطلب‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬مثلا‭ ‬كان‭ ‬قائما‭ ‬وحاصلا‭ ‬على‭ ‬شبه‭ ‬إجماع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجميع‭. ‬والامتياز‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لأحداث‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬هو‭ ‬كسر‭ ‬جدار‭ ‬الخوف‭ ‬وتسريع‭ ‬حركة‭ ‬التغييرات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭..‬

كما‭ ‬أن‭ ‬مجمل‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬المغرب‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬الحراك،‭ ‬مكن‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬الأحداث‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬مرت‭ ‬عليه‭.. ‬الميزة‭ ‬الثانية‭ ‬لحركة‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬أبانت‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬تنظيم‭ ‬احتجاجات‭ ‬بذلك‭ ‬الحجم‭ ‬خارج‭ ‬التأطير‭ ‬السياسي‭ ‬الحزبي‭ ‬والنقابي‭ ‬والمدني‭ ‬رغم‭ ‬الحضور‭ ‬البين‭ ‬لمناضلي‭ ‬هذه‭ ‬الإطارات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭. ‬كما‭ ‬وجب‭ ‬تسجيل‭ ‬عجز‭ ‬قوى‭ ‬الصف‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بمختلف‭ ‬مشاربها‭ ‬في‭ ‬تثبيت‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬مكتسبات‭ ‬حقوقية،‭ ‬ثم‭ ‬أيضا‭ ‬هشاشة‭ ‬البنيان‭ ‬الديمقراطي‭ ‬ببلادنا‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬نغمات‭ ‬ما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬بالانتقال‭ ‬الديمقراطي‭. ‬

ما‭ ‬أسمتيه‭ ‬ثورة‭ ‬مضادة‭ ‬أعتبره‭ ‬ناتجا‭ ‬عن‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬بالمد‭ ‬اليميني‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وضعف‭ ‬القوى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ (‬ولا‭ ‬يتسع‭ ‬المجال‭ ‬هنا‭ ‬لتحليل‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭) ‬مما‭ ‬يقوي‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬التراجعات‭ ‬كما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬ونتائجها،‭ ‬والتي‭ ‬تحدث‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬المنحى‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الوطني‭..‬

‭ ‬

تنوعت‭ ‬أساليب‭ ‬القمع‭ ‬واتخذت‭ ‬المتابعات‭ ‬القضائية‭ ‬ضد‭ ‬النشطاء‭ ‬والصحفيين‭ ‬صيغا‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬حملات‭ ‬من‭ ‬التعتيم‭ ‬والتضليل‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬بعض‭ ‬الأوساط‭ ‬الإعلامية،‭ ‬كيف‭ ‬تقيمون‭ ‬كمنظمة‭ ‬حقوقية‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة؟‭ ‬وما‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقوية‭ ‬وتعزيز‭ ‬محيط‭ ‬سياسي‭ ‬وإعلامي‭ ‬وثقافي‭ ‬مناصر‭ ‬لقيم‭ ‬الحرية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان؟

في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬توضيح‭ ‬أن‭ ‬الأساليب‭ ‬القمعية‭ ‬والمتابعات‭ ‬القضائية‭ ‬ضد‭ ‬النشطاء‭ ‬والصحفيين‭ ‬هي‭ ‬صيغ‭ ‬مسبوقة‭ ‬وليس‭ ‬العكس،‭ ‬فبلادنا‭ ‬عاشت‭ ‬أشكالا‭ ‬وأنواعا‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬القمعية‭ ‬الرهيبة‭  ‬والمتابعات‭ ‬القضائية‭ ‬الشنيعة‭ ‬بل‭ ‬تعدتها‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ (‬اختطافات‭- ‬إعدامات‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعبر‭ ‬عنه‭ ‬بسنوات‭ ‬الرصاص‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬وضعنا‭ ‬معظمه‭ ‬خلفنا،‭ ‬وهذا‭ ‬بفضل‭ ‬تضحيات‭ ‬ونضالات‭ ‬قوى‭ ‬الصف‭ ‬التقدمي‭ ‬وضمنه‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية،‭ ‬ولكن‭ ‬بقيت‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أساليب‭ ‬التضييق‭ ‬والقمع‭ : ‬التضليل‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭ ‬بالمطلق‭ ‬ولاتتجاوب‭ ‬مع‭ ‬التزامات‭ ‬الدولة‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬توصيات‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬كإطار‭ ‬للعدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬التي‭ ‬نسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬القطع‭ ‬كليا‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الأساليب‭ ‬وتوفير‭ ‬شروط‭ ‬ممارسة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬ماتنص‭ ‬عليه‭ ‬المواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬والبروتوكولات‭ ‬الملحقة‭ ‬بها‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإننا‭ ‬كمنظمة‭ ‬حقوقية‭ ‬نجدد‭ ‬إدانتنا‭ ‬لكل‭ ‬تلك‭ ‬الأساليب‭ ‬ونشجبها‭ ‬ونتضامن‭ ‬مع‭ ‬ضحاياها‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبرنا‭ ‬عنه‭ ‬سواء‭ ‬كمنتدى‭ ‬أو‭ ‬كائتلاف‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات،‭ ‬إذ‭ ‬طالبنا‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬معتقلي‭ ‬كل‭ ‬الحراكات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومتابعة‭ ‬الريسوني‭ ‬وعمر‭ ‬الراضي‭ ‬والمعطي‭ ‬منجب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراح‭ ‬لتوفرهم‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬الحضور،‭ ‬و‭ ‬تهييئ‭ ‬كل‭ ‬شروط‭ ‬المحاكمة‭ ‬عادلة‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمتطلبات‭ ‬مواجهة‭ ‬حالة‭ ‬الجزر‭ ‬الحقوقي‭ ‬ببلادنا‭ ‬فإننا‭ ‬مدعوون‭ ‬كقوى‭ ‬الصف‭ ‬التقدمي‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬وتوثيق‭ ‬العلاقة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬وتوطيدها‭ ‬لأجل‭ ‬صياغة‭ ‬برنامج‭ ‬نضالي‭ ‬يقدم‭ ‬إجابات‭ ‬حقوقية‭ ‬ويطرح‭ ‬بدائل‭ ‬لتجاوز‭ ‬انتهاك‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات،‭ ‬والمنتدى‭ ‬المغربي‭ ‬للحقيقة‭ ‬والإنصاف‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬نظم‭ ‬ندوة‭ ‬لذات‭ ‬الموضوع‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬عدة‭ ‬هيئات‭ ‬حقوقية‭ ‬والتي‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬أية‭  ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬الارتقاء‭ ‬بأدائنا‭ ‬النضالي‭ ‬حماية‭ ‬للحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬والنهوض‭ ‬بها‭.‬

كيف‭ ‬يمكن‭ ‬التصدي‭ ‬لهذه‭ ‬التراجعات،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مكتسبات‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬؟

لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصور‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الديمقراطية‭ ‬دون‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية،‭ ‬وأساسا‭ ‬دون‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنجاز‭ ‬مهام‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتحصين‭ ‬المكتسبات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحريات‭ ‬وتوسيعها‭ ‬وبلغة‭ ‬المنتدى‭ ‬إرساء‭ ‬ضمانات‭ ‬عدم‭ ‬التكرار‭.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إنجاز‭ ‬ذلك‭ ‬بدون‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬ديمقراطية‭ ..‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تنوب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جمعيات‭ ‬المدنية‭ ‬رغم‭ ‬ضرورتها‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ل‭” ‬المنصات‭ ‬الإعلامية‭ “  ‬أو‭ ‬الشخصيات‭ “‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬نفسها‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬القوى‭ ‬الحزبية‭ ‬السياسية‭ ‬المناضلة‭.. ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تنوب‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬عن‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭. ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬حلقة‭ ‬الأحزاب‭.. ‬ضعف‭ ‬الأحزاب‭ ‬يضعف‭ ‬من‭ ‬مردود‭ ‬هيئات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الديمقراطي‭..‬

الواجب‭ ‬إذا‭ ‬هو‭ ‬تقوية‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭.. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬باقي‭ ‬الحركات‭ ‬المدنية‭.. ‬والواجب‭ ‬كذلك‭ ‬هو‭ ‬توحيد‭  ‬جميع‭ ‬مجهودات‭ ‬الفعل‭ ‬الديمقراطي‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬احترام‭ ‬التعدد‭ ‬والاختلاف‭ ‬والتباين‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬هي‭ ‬الفيصل‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإشكالات‭.‬

‭ ‬

تواجه‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬تحديات‭ ‬حقيقية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬توحيد‭ ‬جهودها‭ ‬وتفعيل‭ ‬أدوارها‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ماهي‭ ‬في‭ ‬نظركم‭ ‬السبل‭ ‬والوسائل‭ ‬لربح‭ ‬رهان‭ ‬وحدة‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬وتقوية‭ ‬حضورها‭ ‬وفعاليتها‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬التي‭ ‬تبدل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تشتيتها‭ ‬وإضعافها‭ ‬؟

الجانب‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬المغربية‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬راكمته‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الرصاص‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ببلادنا‭ ‬وتعدد‭ ‬تنظيماتها‭ ‬واختصاصاتها‭ ‬بل‭ ‬التعدد‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬اختصاص‭ ‬واحد‭. ‬لكن‭ ‬ضعفها‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬جهودها‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬المنتدى‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحقيقة‭ ‬والإنصاف‭ ‬هو‭ ‬المبادر‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الإتلاف‭ ‬المغربي‭ ‬لهيئات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وظل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الفاعلين‭ ‬الأساسيين‭ ‬داخله‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭. ‬كما‭ ‬لعب‭ ‬المنتدى‭ ‬دورا‭ ‬بيداغوجيا‭ ‬حاسما‭ ‬لتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬أعضاء‭ ‬هيأة‭ ‬متابعة‭ ‬توصيات‭ ‬المناظرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لتنظيم‭ ‬الندوة‭ ‬الدولية‭ ‬بمراكش‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬والتي‭ ‬خرجت‭ ‬بتوصيات‭ ‬جد‭ ‬هامة‭ ‬وجب‭ ‬تنزيلها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬كما‭ ‬يعتبر‭ ‬المنتدى‭ ‬هذا‭ ‬الإتلاف‭ ‬مكسبا‭ ‬للحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬المغربية‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬يشكو‭ ‬من‭ ‬نواقص‭ ‬ننكب‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬معالجتها،‭ ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬مقتنع‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المقاربات‭ ‬والآليات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يشتغل‭ ‬بها،‭ ‬ونحن‭ ‬الآن‭ ‬بصدد‭ ‬إنجاز‭ ‬تشخيص‭ ‬له‭ ‬لمعرفة‭ ‬نقط‭ ‬قوته‭ ‬ونقط‭ ‬ضعفه‭ ‬لتجويد‭ ‬أداءه‭. ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسود‭ ‬داخله‭ (‬أي‭ ‬الائتلاف‭) ‬مبدأ‭ ‬تقبل‭ ‬الاختلاف،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬إطار‭ ‬له‭ ‬مقاربته‭ ‬وله‭ ‬خصوصيته،‭ ‬لأن‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬فسنتجه‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬الهيمنة‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬التوحيد‭ ‬أو‭ ‬غيابه‭. ‬يستحب‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬أولويات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرحلة‭ ‬تتجند‭ ‬لها‭ ‬أغلب‭ ‬الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬وتتوحد‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيقها‭ ‬وفتح‭ ‬المجال‭ ‬للابتكار‭ ‬والاقتراح‭ ‬ومقارعة‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الحقوقي‭ ‬الوطني‭.‬

     

اشتغل‭ ‬المنتدى‭ ‬ومعه‭ ‬الطيف‭ ‬الحقوقي‭ ‬على‭ ‬تدابير‭ ‬عدم‭ ‬تكرار‭ ‬انتهاكات‭ ‬الماضي‭ ‬والضمانات‭ ‬الدستورية‭ ‬والسياسية‭ ‬والقانونية،‭ ‬ماهي‭ ‬حصيلة‭ ‬هذا‭ ‬الورش‭ ‬وماهي‭ ‬الإكراهات‭ ‬التي‭ ‬تواجهه‭ ‬؟

في‭ ‬الإجمال‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬تحققت‭.. ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬تعديل‭ ‬الوثيقة‭ ‬الدستورية‭ ‬وتضمينها‭ ‬بابا‭ ‬كاملا‭ ‬ومنفردا‭ ‬حول‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تجريم‭ ‬التعذيب‭ ‬والاحتفاء‭ ‬القسري‭ ‬والاعتقال‭ ‬التعسفي‭ ‬وباقي‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬ثم‭ ‬أيضا‭ ‬ـفي‭ ‬إطار‭ ‬الممارسة‭ ‬الاتفاقية‭ ‬للمغرب‭-‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬مناهضة‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬والبروتوكول‭ ‬الملحق‭ ‬باتفاقية‭ ‬مناهضة‭ ‬التعذيب‭  ‬المتعلق‭ ‬بالوقاية‭ ‬من‭ ‬آفة‭ ‬التعذيب‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إرساء‭ ‬آلية‭ ‬له‭ ‬ضمن‭ ‬القانون‭ ‬المنظم‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬نسخته‭ ‬الأخيرة‭..‬

ثم‭ ‬تضمين‭ ‬التجريم‭ ‬الدستوري‭ ‬لمجمل‭ ‬الجرائم‭ ‬المذكورة‭ ‬سالفا‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬وأضيفت‭ ‬إليه‭ ‬الجرائم‭ ‬المضمنة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الخاص‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭..‬

وقد‭ ‬توقفت‭ ‬جرائم‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المزاعم‭ ‬المتفرقة‭ ‬حولها‭.. ‬وتتم‭ ‬متابعة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المكلفين‭ ‬بإنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬بجرائم‭ “‬الاعتقال‭ ‬التعسفي‭..”‬

وتمت‭ ‬وتتم‭ ‬عمليات‭ “‬ّّإصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬العدالة‭” ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المؤسساتي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مشاريع‭ ‬تعديل‭ ‬وتغيير‭ ‬المدونة‭ ‬الجنائية‭..‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬التغييرات‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬تحد‭ ‬كبير‭.. ‬إثر‭ ‬أحداث‭ ‬الريف‭. ‬فقد‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬بعد‭ ‬إشارات‭ ‬التراجعات‭ ‬مند‭ ‬2014‭. ‬وأصبح‭ ‬لدينا‭ ‬معتقلون‭ ‬على‭ ‬خلفية‭  ‬الأحداث‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومعتقلون‭ ‬سياسيون‭.. ‬وننبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تطوره‭ ‬ومدى‭ ‬استجابته‭ ‬للحاجات‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الديمقراطي‭.. ‬ستتم‭ ‬ملاحقته‭  ‬والإمساك‭ ‬به‭ ‬ومحاصرته‭ ‬وتعريضه‭ ‬للاجدوى‭ ‬أمام‭ ‬استمرار‭ ‬توسع‭ ‬الانتهاكات‭.‬

لقد‭ ‬شكلت‭ ‬أحداث‭ ‬الحسيمة‭ ‬ونتائجها‭ ‬جزرا‭ ‬وتراجعا‭ ‬عن‭ ‬المكتسبات‭.. ‬كما‭ ‬أظهرت‭ ‬عجز‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬عن‭ ‬تدبير‭ ‬هكذا‭ ‬أحداث‭ ‬وفق‭ ‬قواعد‭ ‬تدبير‭ ‬النزاعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬طالبنا‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القوى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المعتقلين‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬وباقي‭ ‬المعتقلين‭ ‬على‭ ‬هامشها‭.. ‬وكل‭ ‬المعتقلين‭ ‬بشبهة‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭..‬

التحدي‭ ‬الثاني‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخندق‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يطمر‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إقراره‭ ‬في‭ ‬الوثائق‭ ‬القانونية‭ ‬وفي‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬وبين‭ ‬الممارسة‭.. ‬وهو‭ ‬تحدي‭ ‬يطال‭ ‬أولا‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية،‭ ‬كما‭ ‬يطال‭ ‬الثقافة‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتمثلاتها‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭..  

يتطلع‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬انتهاكات‭ ‬الماضي‭ ‬لتسوية‭ ‬أوضاعهم‭ ‬وحل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬العالقة،‭ ‬نريد‭ ‬منكم‭ ‬اطلاع‭ ‬القراء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تشغلكم‭ ‬وتشغل‭ ‬ضحايا‭ ‬انتهاكات‭ ‬الماضي‭ ‬؟

بادر‭ ‬المكتب‭ ‬التنفيذي‭ ‬خلال‭ ‬الولاية‭ ‬الحالية‭ ‬إلى‭ ‬حصر‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬بعد‭ ‬مراجعة‭ ‬وتمحيص‭.. ‬وكما‭ ‬تعلمون‭ ‬هناك‭ ‬ملفات‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭:‬

‭- ‬ملفات‭ ‬الإدماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإداري‭ ‬وتهم‭ ‬الضحايا‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬تعويض‭ ‬مالي‭ ‬مرفوق‭ ‬بتوصية‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬الإدماج‭  ‬وأغلب‭ ‬ملفات‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬تم‭ ‬حلها‭.. ‬عدد‭ ‬منها‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬قائما‭ ‬كنا‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬التقدم‭ ‬فيه‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬أوقفت‭ ‬التقدم‭ ‬بعدما‭ ‬اتفقنا‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬اخر‭ ‬لقاء‭ ‬معه‭ ‬بداية‭ ‬2020‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬لجينة‭ ‬مختلطة‭ ‬لمتابعتها‭ ‬وخاصة‭ ‬ملفات‭ ‬تقاعد‭ ‬المدمجين‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬وملفات‭ ‬إصلاح‭  ‬أوضاع‭ ‬بعض‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬أو‭ ‬الملحقين‭ ‬بها‭ ‬وما‭ ‬يصطلح‭ ‬عليه‭ ‬بخارج‭ ‬الآجال‭.‬

‭- ‬ملفات‭ ‬أهرمومو‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬حل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬وضعوا‭ ‬ملفاتهم‭ ‬داخل‭ ‬الأجل‭.. ‬في‭ ‬حين‭  ‬لم‭ ‬يستفذ‭ ‬عدد‭ ‬منهم‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬العائق‭.. ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬أوضاعهم‭ ‬متشابهة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬وتستحق‭ ‬تعاملا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬متشابها‭.. ‬لقد‭ ‬باشر‭ ‬المنتدى‭ ‬المطالبة‭ ‬بتسوية‭ ‬أوضاعهم‭ ‬مند‭ ‬صدور‭ ‬التقرير‭ ‬الختامي‭ ‬لهيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭.. ‬واستقبل‭ ‬وأطر‭ ‬ضحايا‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭.. ‬ونعتزم‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬معقولة‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التسوية‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬للملف‭..‬

‭- ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬تصنف‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬خارج‭ ‬الأجل‭.. ‬وهي‭ ‬ملفات‭ ‬تتعلق‭ ‬أساسا‭ ‬بضحايا‭ ‬الأحداث‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المنتمين‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬حصر‭ ‬المنتمين‭ ‬منهم‭ ‬للمنتدى‭ ‬في‭ ‬لائحة‭ ‬تم‭ ‬تقديمها‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬بشأنها‭ ‬لتقديمها‭ ‬للحكومة‭ ‬قصد‭ ‬إيجاد‭ ‬تسوية‭ ‬معقولة‭ ‬لها‭..‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فقد‭ ‬قدم‭ ‬المنتدى‭ ‬مقترحا‭ ‬يخص‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬00‭-‬65‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتغطية‭ ‬الصحية‭ ‬ليشمل‭ ‬فئة‭ ‬ضحايا‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الجسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الحقيقة‭ ‬وتنفيذا‭ ‬لقرار‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الخامس‭ ‬ولنتائج‭ ‬المناظرة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬بمراكش‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬والخاصة‭ ‬بمطلب‭ ‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬وطنية‭ ‬لاستكمال‭ ‬الحقيقة‭ ‬بادر‭ ‬المنتدى‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬ورشة‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2019‭ ‬انبثقت‭ ‬عنها‭ ‬لجنة‭ ‬خاصة‭ ‬واصلت‭ ‬أشغالها‭ ‬طوال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭  ‬وتمكنت‭ ‬من‭:‬

‭-  ‬إنجاز‭ ‬تقرير‭ ‬تركيبي‭ / ‬مذكرة‭ ‬لمجمل‭ ‬مسار‭ “‬الحقيقة‭” ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬المغربية؛

‭- ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬شكلت‭ ‬الجوانب‭ ‬الترافعية‭ ‬والإعلامية‭ ‬والتعبوية‭: ‬بوضع‭ ‬المذكرة‭ ‬لذى‭ ‬الآليات‭ ‬الأممية‭ ‬المعنية‭ (‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬المعني‭ ‬بالاختفاء‭ ‬القسري‭- ‬لجنة‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬الأممية‭ ‬والمقرر‭ ‬الخاص‭ ‬المكلف‭ ‬بالحقيقة‭).  ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تمكنا‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬الفريق‭ ‬المعني‭ ‬بالاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬وتسليمه‭ ‬المذكرة‭ ‬فإن‭ ‬الجائحة‭ ‬منعت‭ ‬إجراءات‭ ‬باقي‭ ‬اللقاءات‭..‬

‭- ‬منعت‭ ‬الجائحة‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬البرنامج‭ ‬الإشعاعي‭ ‬والتعبوي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬تنظيمه‭ ‬بمناسبة‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للحقيقة‭ (‬24‭ ‬مارس‭) ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يتضمن‭ ‬تنظيم‭ ‬لقاء‭ ‬موسع‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬والمدنية‭ ‬الوطنية‭ ‬لتقديم‭ ‬المذكرة‭ ‬يتلوه‭ ‬بعدها‭ ‬تقديمها‭ (‬المذكرة‭) ‬للجهات‭ ‬الرسمية‭ ‬والحكومية‭ ‬وللأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬وللهيئة‭ ‬التشريعية‭ ‬والإعلامية‭.‬

نتمنى‭ ‬أن‭ ‬نتمكن‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭..‬

‭ ‬

دافعت‭ ‬بعض‭ ‬الأوساط‭ ‬الحقوقية‭ ‬ومن‭ ‬داخل‭ ‬المنتدى‭ ‬كذلك‭  ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الآلية‭ ‬المستقلة‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬التعذيب‭ (‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬مصادقة‭ ‬بلادنا‭ ‬على‭ ‬البروتوكول‭ ‬الاختياري‭ ‬الملحق‭ ‬باتفاقية‭ ‬مناهضة‭ ‬التعذيب‭) ‬كآلية‭ ‬داخلية‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬فعلا،‭ ‬هل‭ ‬في‭ ‬نظركم‭ ‬مع‭ ‬الجمود‭ ‬والصمت‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بهذه‭ ‬الآلية‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف‭ ‬صحيحا،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬القانون‭ ‬المنظم‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬وما‭ ‬عاشه‭ ‬هذا‭ ‬اللأخير‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬؟

‭ ‬

ليس‭ ‬صحيحا‭ ‬أن‭ “‬أوساطا‭” ‬داخل‭ ‬المنتدى‭ ‬قد‭ ‬دافعت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬آلية‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬التعذيب‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المنتدى‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬استقلال‭ ‬الآلية‭ ‬وفق‭ ‬مقتضيات‭ ‬البروتوكول‭ ‬ووفق‭ ‬المبادئ‭ ‬التوجيهية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الآلية‭ ‬داخل‭ ‬المجلس‭ ‬أو‭ ‬خارجه‭.. ‬وعيا‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الاستقلالية‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬ليست‭ ‬ضامنا‭ ‬لاستقلال‭ ‬الآلية‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أشرت‭ ‬إليه‭ ‬أعلاه‭..‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬إقرار‭ ‬آلية‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬بالضرورة‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭  ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬صوابية‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الموقفين‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬بل‭ ‬الأجدى‭-‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬عمل‭ ‬الآلية‭ ‬الوطنية‭- ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬آلية‭ ‬مدنية‭ ‬لمرافقة‭ ‬عمل‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬التعذيب‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عمل‭ ‬زيارة‭ ‬أماكن‭ ‬الاحتجاز‭ ‬متوافقا‭ ‬مع‭ ‬المرجعية‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ومع‭ ‬مطلب‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬التعذيب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭..‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬الآلية‭ ‬هي‭ ‬تقدم‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الحقوقي‭ ‬الدولي‭ ‬والوطني‭.. ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬الإقرار‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البروتوكول‭ ‬بإلزامية‭ ‬نشر‭ ‬أشغالها‭ ‬وتحرياتها‭ ‬وتقاريرها‭ ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬الحكومات‭ ‬يشكل‭ ‬عائقا‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬وطنيا‭ ‬ودوليا،‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجاوزه‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى