الملفتربية وتكوين

شهادات من الوسط التعليمي في ظل الجائحة

شهادة‭  ‬أستاذة‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجائحة‭ ‬

بوشرة‭ ‬أبو‭ ‬العلولة‭ ‬ـ‭ ‬أستاذة‭ ‬التربية‭ ‬الإسلامية

        ‬‭ ‬شكرا‭ ‬لمجلة‭ ‬الطريقة‭ ‬على‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الشائك‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالتعليم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كورونا،‭ ‬فأول‭ ‬مشكل‭ ‬صادفناه‭ ‬كأساتذة‭ ‬هو‭ ‬تقليص‭ ‬الغلاف‭ ‬الزمني‭ ‬بدون‭ ‬تقليص‭ ‬البرنامج،‭ ‬واعتبار‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالتعلم‭ ‬الذاتي‭ “‬تعلما‭ ‬حقيقا‭ ‬ينمي‭ ‬الكفايات‭ ‬المعرفية‭”‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬جل‭ ‬التلاميذ‭ ‬يعتبرونه‭ ‬عطلة،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلاميذ‭  ‬الأحياء‭ ‬الهامشية‭ ‬مثل‭ ‬حي‭ ‬النصر‭ ‬الذي‭ ‬تتواجد‭ ‬فيه‭ ‬مؤسستي‭ ‬الثانوية‭ ‬الإعدادية‭ ‬18‭ ‬نونبر‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬حيا‭ ‬استقطب‭ ‬سكان‭ ‬دور‭ ‬الصفيح‭.‬

‭ ‬أغلبهم‭ ‬تم‭ ‬إسكانهم‭ ‬في‭ ‬علب‭ ‬سردينية‭ ‬تسمى‭ ‬سكنا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬تأدية‭ ‬أقساطه‭ ‬البنكية‭ . ‬فالحي‭ ‬يعيش‭ ‬الفقر‭ ‬المدقع‭  ‬فأغلب‭ ‬ساكنته‭ ‬لا‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬ضروريات‭ ‬العيش‭ ‬الكريم،‭ ‬بالأحرى‭ ‬أن‭ ‬توفر‭  ‬هواتف‭ ‬ذكية‭ ‬وحواسيب‭ ‬لتتبع‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬أو‭ ‬إنجاز‭ ‬أنشطة‭ ‬التعليم‭ ‬الذاتي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬انشغال‭ ‬الأسر‭ ‬نساء‭ ‬ورجالا‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬يجعل‭ ‬التلاميذ‭ ‬يقضون‭ ‬أوقات‭ ‬التعلم‭ ‬الذاتي‭ ‬بدون‭ ‬مراقبة‭ ‬الأسر،‭ ‬وباعتباري‭ ‬أستاذة‭ ‬التربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وبعد‭ ‬التفويج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعليم‭ ‬التناوبي،‭ ‬أصبحت‭ ‬ألتقي‭ ‬بالفوج‭ ‬كل‭ ‬15‭ ‬يوما،‭ ‬وأحيانا‭ ‬تطول‭ ‬المدة‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬أسابيع‭ (‬شهر‭ ‬بكامله‭) ‬عندما‭ ‬يصادف‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬فيه‭  ‬ذلك‭ ‬الفوج‭ ‬يوم‭ ‬عطلة‭.  ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬ينسى‭ ‬المتعلمون‭ ‬الواجبات‭ ‬التي‭ ‬كلفوا‭ ‬بها‭ ‬لكثرتها‭ ‬واختلافها‭ ‬مع‭ ‬كثرة‭ ‬المواد‭ ‬ولتباعد‭ ‬الحصص‭ ‬أيضا‭ ‬ولغياب‭ ‬مراقبة‭ ‬وتتبع‭ ‬الأسر‭ . ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬لم‭ ‬تراجع‭ ‬تواريخ‭ ‬الفروض‭ ‬وعددها‭ ‬وتركت‭ ‬الأمر‭ ‬كأننا‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬عادي‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الفروض‭ ‬والمراقبة‭ ‬تستنزف‭ ‬وقت‭ ‬التعلم‭ ‬المحدود‭ ‬أصلا‭ ‬بحيث‭ ‬أصبحنا‭ ‬نقضي‭ ‬مدة‭ ‬15‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬الفروض‭.‬

تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تبعات‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ (‬أكذوبة‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭) ‬أرخت‭ ‬بظلالها‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬بحيث‭ ‬وجدنا‭ ‬تلاميذ‭ ‬كثيرين‭ ‬فقدوا‭ ‬مكتسبات‭ ‬معرفية‭ ‬ومهارية‭ ‬مهمة،‭ ‬ومع‭ ‬صعوبة‭ ‬تدارك‭ ‬ما‭ ‬ضاع‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬الدعم‭ ‬الاستدراكي‭ ‬نظرا‭ ‬لكثرة‭ ‬التعثرات‭ ‬ولظروف‭ ‬الدخول‭ ‬المدرسي‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أنه‭ ‬حصل‭ ‬تراكم‭ ‬التعثر‭ ‬الذي‭ ‬عمقه‭ ‬النظام‭ ‬التناوبي‭.‬

وخلاصة‭ ‬القول‭ ‬كانت‭ ‬أن‭ ‬مردودية‭ ‬التعليم‭ ‬أصبحت‭ ‬محط‭ ‬شك‭ ‬وتساؤل‭ ‬ومساءلة‭ ‬ولا‭ ‬تسر‭ ‬أحدا‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬العادية،‭ ‬فما‭ ‬بلك‭ ‬بالوضع‭ ‬الاستثنائي‭.‬

شهادة‭  ‬تلميذة‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجائحة‭ ‬

    ‬شمس‭ ‬الضحى‭ ‬الداودي‭ ‬ـ‭ ‬تلميذة‭ ‬بالثانوي‭ ‬التأهيلي‭ – ‬مكناس

‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬تم‭ ‬تقديمها‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬الوطنية‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحقوق‭ ‬التلميذ‭/‬ة‭ ‬حول‭ ‬تقييم‭ ‬الأسدوس‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬2020‭/‬2021‭ ‬بتاريخ‭ ‬الخميس‭ ‬4‭ ‬فبراير‭ ‬2021

‭ ‬

بصفتي‭ ‬تلميذة‭ ‬بإحدى‭ ‬ثانويات‭ ‬مكناس‭ ‬العمومية‭. ‬أستغل‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬لأحيي‭ ‬وأرفع‭ ‬القبعة‭ ‬عاليا‭ ‬لبعض‭ ‬نساء‭ ‬ورجال‭ ‬التعليم‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬بواجبهم‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الأكمل‭ ‬مع‭ ‬تلاميذ‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬دون‭ ‬تفتيش‭ ‬أو‭ ‬مراقبة،‭ ‬اللهم‭ ‬مراقبة‭ ‬ضمائرهم؛‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬للموسم‭ ‬الماضي،‭ ‬فيما‭ ‬أوجه‭ ‬اللوم‭ ‬لمن‭ ‬ضيعوا‭ ‬علينا‭ ‬حقنا‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭..‬

  ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدخول‭ ‬المدرسي‭ ‬لهذه‭ ‬السنة‭ ‬أعتبر‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬المحظوظين‭ ‬النادرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬كوني‭ ‬وبمحض‭ ‬الصدفة‭ ‬كنت‭ ‬ضمن‭ ‬الفوج‭ ‬الأول‭ ‬للخيار‭ ‬الفرنسي‭ ‬بمؤسساتنا،‭ ‬وعليه‭ ‬عددنا‭ ‬قليل‭ ‬ولم‭ ‬أمضي‭ ‬سوى‭  ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬التناوب‭. ‬لتعود‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها‭ ‬وندرس‭ ‬بحصصنا‭ ‬كاملة‭ ‬بطاقم‭ ‬تربوي‭ ‬رائع‭ ‬وإدارة‭ ‬حكيمة‭. ‬وعندما‭ ‬أناقش‭ ‬أصدقائي‭ ‬في‭ ‬فصول‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مؤسسات‭ ‬أخرى،‭ ‬فالدخول‭ ‬المدرسي‭ ‬لهذه‭ ‬السنة‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬زال‭ ‬صعبا‭.‬‭ ‬بإكراهات‭ ‬شتى،‭ ‬فكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬لها‭ ‬نظام‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬الأخرى،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬يدرس‭ ‬أسبوعا‭  ‬ويتعطل‭ ‬أسبوعا‭. ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬يدرس‭ ‬يومين‭ ‬في‭ ‬الأسبوع،‭ ‬وفي‭ ‬إحدى‭ ‬المؤسسات‭ ‬يدرس‭ ‬زميل‭ ‬لي‭ ‬تخصص‭ ‬خيار‭ ‬فرنسي‭ ‬أيضا‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬أسبوعين،‭ ‬بالله‭ ‬عليكم‭ ‬أي‭ ‬المواد‭ ‬سيدرس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الثلاثة‭. ‬اضطر‭ ‬والده‭ ‬المعدم‭ ‬أن‭ ‬يدخله‭ ‬مركزا‭ ‬للساعات‭ ‬الإضافية‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬العلمية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬القوت‭ ‬اليومي‭. ‬

أين‭ ‬هو‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص؟‭ ‬كيف‭ ‬للمتعلم‭ ‬ذاتيا‭ ‬أن‭ ‬ينافس‭ ‬من‭ ‬يتلقى‭ ‬تعليمه‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬جيدة؟‭ ‬أحسست‭ ‬بضيق‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬الضحايا،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬التناوب‭ ‬سبب‭ ‬لي‭ ‬ضغطا‭ ‬كبيرا‭ ‬نتيجة‭ ‬تراكم‭ ‬الدروس‭ ‬والامتحانات‭ ‬المتوالية،‭ ‬فكيف‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يتلق‭ ‬دروسا‭ ‬أن‭ ‬يجتاز‭ ‬امتحانات‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬أساس‭ ‬سوف‭ ‬يمتحن؟

‭ ‬يعيش‭ ‬التلاميذ‭ ‬ضغطا‭ ‬مزدوجا‭ ‬أولا‭ ‬كونهم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬عمرية‭ ‬حرجة،‭ ‬وثانيا‭ ‬عليهم‭ ‬تحمل‭ ‬ضغوطات‭ ‬اكتئاب‭ ‬الأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والطاقم‭ ‬التربوي‭ .‬

من‭ ‬سيتحمل‭ ‬من‭ ‬ومن‭ ‬سيتفهم‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬متنفس‭ ‬للترويح‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬ترفيهيا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬نشاطا‭ ‬ثقافيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الجائحة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى