الحقوقية

قضية الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني

عنوان لمحنة حرية التعبير والصحافة

يخوض‭ ‬الصحافيان‭ ‬إضرابا‭ ‬مفتوحا‭ ‬عن‭ ‬الطعام،‭ ‬بدأه‭ ‬سليمان‭ ‬يوم‭ ‬8‭ ‬أبريل‭ ‬وعمر‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الشهر‭. ‬بعدما‭ ‬يئسا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬التي‭ ‬تأخرت‭ ‬في‭ ‬حقهما‭ ‬وهما‭ ‬معتقلان‭ ‬احتياطيا‭: ‬سليمان‭ ‬كاد‭ ‬يكمل‭ ‬سنة‭ ‬وعمر‭ ‬اقترب‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬قضيتاهما‭ ‬طريقا‭ ‬إلى‭ ‬قاعات‭ ‬المحكمة‭ ‬وهي‭ ‬تسير‭ ‬سير‭ ‬الحلزون،‭ ‬وكأن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بهما‭ ‬أطول‭ ‬مدة‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬عقابا‭ ‬لهما‭ ‬وانتقاما‭ ‬من‭ ‬عملهما‭ ‬الصحافي‭ ‬المستقل،‭ ‬لقد‭ ‬تسرب‭ ‬إلى‭ ‬قلبيها‭ ‬اليأس‭ ‬ولم‭ ‬يجدا‭ ‬غير‭ ‬تقديم‭ ‬حياتهما‭ ‬قربانا‭ ‬للحرية‭. ‬طلبهما‭ ‬بسيط‭ ‬جدا‭ ‬ومشروع‭ : ‬تمتيعهما‭ ‬بالسراح‭ ‬المؤقت‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬لأي‭ ‬دليل‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬أفعال‭ ‬خطيرة،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬محاكمة‭ ‬عادلة‭ ‬لهما‭. ‬تعرضا‭ ‬معا‭ ‬للتحرش‭ ‬الأمني‭ ‬والإعلامي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مواقع‭ ‬الكترونية‭ ‬طالت‭ ‬خصوصياتهما‭ ‬وعائلتيهما‭ ‬بالتشهير‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬اكتفت‭ ‬بالتفرج‭ ‬وهي‭ ‬ترتكب‭ ‬في‭ ‬حقهما‭ ‬جرائم‭ ‬يعاقب‭ ‬مرتكبيها‭ ‬القانون‭. ‬وبعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التحقيقات‭ ‬والمواجهات‭ ‬والمصرحين‭ ‬بعد‭ ‬الاعتقال‭ ‬وتوجيه‭ ‬تهم‭ ‬مشكوك‭ ‬في‭ ‬صحتها،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬الصحفية‭ ‬المزعجة‭ ‬والمنتقدة‭ ‬بقوة‭ ‬للسلطوية‭ ‬ولضرب‭ ‬الحريات‭ ‬وخنق‭ ‬الصحافة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعه‭ ‬إلى‭ ‬إضراب‭ ‬مفتوح‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬هذا‭ ‬الظلم‭ ‬أو‭ ‬تنتهي‭ ‬حياته‭. ‬وبعد‭ ‬مناشدات‭ ‬أوقف‭ ‬الإضراب‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬ليواصل‭ ‬إضرابه‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭.‬

أما‭ ‬الصحافي‭ ‬عمر‭ ‬الراضي‭ ‬فبدأت‭ ‬معاناته‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬تغريدة‭ ‬تنتقد‭ ‬الأحكام‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬نشطاء‭ ‬الريف،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬متابعته‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اعتقال،‭ ‬وبعد‭ ‬حملة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬التضامن‭ ‬الوطني‭ ‬والدولي‭ ‬أطلق‭ ‬سراحه‭ ‬ليتابع‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراح‭ ‬ويحكم‭ ‬عليه‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭  ‬بأربعة‭ ‬أشهر‭ ‬موقوفة‭ ‬التنفيذ‭ ‬وغرامة،‭ ‬وعندما‭ ‬نشرت‭ ‬منظمة‭ ‬أمنيستي‭ ‬تقريرا‭ ‬تعلن‭ ‬فيه‭ ‬تعرض‭ ‬هاتف‭ ‬عمر‭ ‬الراضي‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬النشطاء‭ ‬السياسيين‭ ‬والحقوقيين‭ ‬للتجسس‭ ‬بواسطة‭ ‬تطبيق‭ ‬يدعى‭ ‬pegasus‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬شركة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬NSO،‭ ‬انعقد‭ ‬مجلس‭ ‬حكومي‭ ‬بسرعة‭ ‬واتهم‭ ‬عمر‭ ‬علانية‭ ‬بالتجسس‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬جهات‭ ‬أجنبية‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بجهات‭ ‬استخباراتية،‭ ‬قبل‭ ‬القضاء‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭. ‬كما‭ ‬أصدر‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬بمحكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬بلاغا‭ ‬بفتح‭ ‬تحقيق‭ ‬حول‭ ‬شبهة‭ ‬تلقي‭ ‬تمويلات‭ ‬خارجية‭ ‬والتجسس‭. ‬وكشفت‭ ‬التحقيقات‭ ‬والمواجهات‭ ‬والمصرحين،‭ ‬وتحويل‭ ‬زميله‭ ‬من‭ ‬شاهد‭ ‬لصالحه‭ ‬إلى‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬تهمة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬المزعوم،‭ ‬فراغ‭ ‬الادعاءات‭ ‬والتهم،‭ ‬كما‭ ‬وقف‭ ‬الدفاع‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬ودوافع‭ ‬التضييق‭ ‬الأمني‭ ‬والإعلامي‭ ‬الذي‭ ‬استهدف‭ ‬عمر‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭. ‬فبعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الاعتقال‭ ‬التعسفي‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬تامة،‭ ‬وفي‭ ‬غرفة‭ ‬ضيقة‭ ‬يقضي‭ ‬بها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬ساعة‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬تدهورت‭ ‬صحة‭ ‬الراضي‭ ‬وفقد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬وزنه،‭ ‬واشتد‭ ‬عليه‭ ‬المرض‭ ‬المعوي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬شفي‭ ‬منه،‭ ‬فقرر‭ ‬خوض‭ ‬إضراب‭ ‬مفتوح‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬مطالبا‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬ومتابعته‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراح،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬مبررات‭ ‬الاعتقال‭ ‬الاحتياطي‭ ‬من‭ ‬تلبس‭ ‬أو‭ ‬أفعال‭ ‬خطيرة‭ ‬أو‭ ‬حالة‭ ‬العود‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬الحضور‭ ‬للمحاكمة‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬هو‭ ‬استمرار‭ ‬تضامن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وإصدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬صحفي‭ ‬مغربي‭ ‬بيانا‭ ‬تضامنيا‭ ‬مع‭ ‬الراضي‭ ‬والريسوني،‭ ‬كما‭ ‬عبرت‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحافة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬صادر‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭  ‬24‭ ‬أبريل‭ ‬عن‭ ‬قلقها‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬التطورات‭  ‬المتعلقة‭ ‬بمحاكمة‭ ‬سليمان‭ ‬الريسوني‭ ‬وعمر‭ ‬الراضي‭ ‬وطالبت‭ ‬بمحاكتهما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراح‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬راسلت‭ ‬جمعية‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬المغاربة‭ ‬ببلجيكا‭ ‬رابطة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ببلجيكا‭ ‬والفيديرالية‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والرابطة‭ ‬الدولية‭ ‬للمحامين‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬مطالبة‭ ‬إياهم‭ ‬بالتحرك‭ ‬والمساندة‭  ‬في‭ ‬ملف‭ ‬وضعية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالمغرب،‭ ‬ولقد‭ ‬أثارت‭ ‬الرسالة‭ ‬مسلسل‭ ‬القمع‭ ‬ومصادرة‭ ‬الحريات‭ ‬وقمع‭ ‬الاحتجاجات‭  ‬واعتقال‭ ‬ومحاكمة‭ ‬النشطاء‭ ‬السياسيين‭ ‬والحقوقيين‭ ‬والصحفيين،‭ ‬وأوردت‭ ‬وضعية‭ ‬المؤرخ‭ ‬المعطي‭ ‬منجب‭ ‬والريسوني‭ ‬وعمر‭ ‬الراضي،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاعتداء‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬المناضل‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بن‭ ‬عمرو،‭ ‬وكذا‭ ‬القمع‭ ‬الذي‭ ‬جوبهت‭ ‬به‭ ‬احتجاجات‭ ‬الأساتذة‭ ‬الدين‭ ‬فرض‭ ‬عليهم‭ ‬التعاقد،‭ ‬وحملة‭ ‬الاعتقالات‭ ‬التي‭ ‬مست‭ ‬العشرات‭ ‬منهم‭ ‬وضرورة‭ ‬متابعتهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراح‭.‬

وقد‭ ‬علمنا‭ ‬والمجلة‭ ‬تحت‭ ‬الطبع‭ ‬أن‭ ‬جلسة‭ ‬27‭ ‬أبريل‭ ‬الخاصة‭ ‬بمحاكمة‭ ‬عمر‭ ‬الراضي‭ ‬تأجلت،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬عمر‭ ‬الراضي‭ ‬المحاكمة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وانسحب،‭ ‬وأرجع‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬سبب‭ ‬عدم‭ ‬إحضار‭ ‬الراضي‭ ‬للوضع‭ ‬الوبائي‭ ‬الخاص‭ ‬بكورونا،‭ ‬واعتبر‭ ‬النقيب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬عمرو‭ ‬قرار‭ ‬المحاكمة‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬يخالف‭ ‬المسطرة‭ ‬الجنائية،‭ ‬وطالب‭ ‬بتمتيعه‭ ‬بالسراح‭ ‬المؤقت،‭ ‬وهو‭ ‬الطلب‭ ‬الذي‭ ‬رفضته‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة،‭ ‬وقد‭ ‬قرر‭ ‬رئيس‭ ‬المحكمة‭ ‬تأجيل‭ ‬المحاكمة‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬18‭ ‬ماي‭ ‬القادم‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى