ذ. عبد الغني الراقي – الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) :
«إصلاح التعليم شأن لا يعني فقط الحركة النقابية، بل هو شأن مجتمعي يهم كل القوى الديمقراطية في البلاد»
-الطريق: ما هي في نظركم أبرز الاختلالات التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين ببلادنا؟
= تعاني منظومة التربية والتكوين من اختلالات مزمنة، منها الخصاص الكبير في الموارد البشرية، التي يراد اليوم تداركها بواسطة التشغيل بموجب عقود على صعيد الاكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وقد وصل اليوم عدد المشغلين بموجب عقود 55 ألف، وسيصل هذا العدد 210 آلاف في سنة 2030، في سنة 2030، حسب مصدر رسمي للوزارة الوصية عن القطاع. وهذا اختلال إضافي بما يعنيه من زرع الهشاشة وأسباب عدم الاستقرار في المنظومة، وهو ما تعبر عنه الاحتجاجات المشروعة المشتعلة اليوم في الساحة التعليمية.
وعلى صعيد المراقبة التربوية، فالخصاص الكبير في أعداد المفتشين، في مختلف التخصصات، بسبب إغلاق مركز تكوين مفتشي التعليم، لحوالي 10 سنوات، وبسبب الأعداد القليلة التي يتم تخريجها سنويا، وبسبب محاصرة المفتشين فيما يتعلق بأدوارهم وصلاحياتهم، بل والحد من استقلاليتهم الوظيفية.
وعلى صعيد منظومة التوجيه التربوي نسجل الخصاص المهول في الأطر الذي يظل بعيدا عن الهدف الذي حدده الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بتوفير مستشار في التوجيه، في كل مؤسسة ثانوية، إعدادية أو تأهيلية، والنتيجة أن العديد من الطاقات المتميزة تهدر بسبب سوء التوجيه وانعدام المعلومة في الوقت المناسب.
كما أن المنظومة تعيش اختلالات بينة على صعيد البرامج والمناهج، وليس أدل على ذلك من أنه، وبعد أكثر من 60 سنة على الاستقلال الشكلي، مازالت لم تحسم في لغة تدريس المواد العلمية.
كما أن أخطر الاختلالات التي تعرفها المنظومة هي كونها تسير بسرعتين، سرعة المدرسة والجامعة العموميتين، وسرعة المدرسة والجامعة الخصوصيتين، مما يشكل خطرا يتهدد وحدة واستقرار الوطن.
-الطريق: كيف تنظرون إلى دينامية الاحتجاجات والإضرابات التي تعرفها الساحة التعليمية في الاشهر الأخيرة؟
الاحتجاجات والإضرابات التي يعرفها قطاع التعليم، دينامية مشروعة، بالنظر لتراكم جل المطالب المطروحة منذ 2012، وعدم تقديم الوزارة الوصية والحكومة والدولة من خلفهما للأجوبة الكافية مما ساهم في تغذية منسوب الاحتقان في الساحة التعليمية.
-الطريق: راج الحديث كثيرا في المدة الأخيرة عن إشكالية التعاقد، كيف تنظرون كنقابة إلى هذا الاختيار الذي تبنته الوزارة؟
= التوظيف بموجب عقود اختيار خاطئ للدولة المغربية، فـــهــو افــتراء علـــــى الجهوية لسبب بسيط، وهو أن الاعتمادات المخصصة لأجور الأسـاتذة الذين فــــرض عليهم التعاقد، ليست اعتمادات جهوية، بل يتم تحويلها من المركز، فبلادنا مازالت بعيدة عــــن الجهوية «المتقدمة»، كما أن الخلفية الحقيقية لهذا النوع من التوظيف هو زرع الهشاشة بغرض التحكم في الموارد البشرية، وهي خلفية انكشفت اليوم، وانقلب السحر على الساحر، والنتيجة الآن هي خلق مناخ من المقاومة من لدن الحركة النقابية المناضلة ومن لدن الأساتذة المعنيين.
- الطريق:ما تقييمكم لنتائج الحوار القطاعي مع الوزارة؟
= مع الأسف الشديد، فإن الحوار القطاعي الذي كانت تعلق عليه الشغيلة آمالا عريضة، قد أسفر عن نتائج بعيدة كل البعد عن تطلعات وانتظارات الشغيلة بمختلف فئاتها، وهذا ما عبرت عنه ردود الفعل الغاضبة بعد صدور بلاغ الوزارة في موضوع نتائج الحوار، وعبر عنه الارتياح العام الذي ساد الرأي العام بعد صدور بلاغ النقابات الخمس الرافض للعرض الوزاري.
– الطريق: ما هي المداخل أو البدائل التي ترونها في النقابة الوطنية للتعليم/ الكدش ضرورية لتجاوز ما يصطلح عليه «أزمة التعليم بالمغرب»؟
= أزمة التعليم بالمغرب مزمنة، يعبر عن ذلك تواتر الإصلاحات والإقرار الرسمي، كل مرة بفشلها، وإصلاح التعليم شأن لا يعني فقط النقابة الوطنية للتعليم/ الكدش، والحركة النقابية، بل هو شأن مجتمعي يهم كل القوى الديمقراطية في البلاد، والتي نحن في النقابة الوطنية للتعليم وفي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، جزء منها، ومن هنا نقول إن إصلاح التعليم لن يستقيم بدون إصلاح ودمقرطة النظام السياسي بالبلاد، وفي انتظار ذلك لا يمكن أن نتصور إصلاحا للمنظومة التربوية دون معالجة الاختلالات الأساسية التي استعرضناها أشرنا إليها سابقا ومنها أساس: الموارد البشرية، التأطير والمراقبة التربوية، المناهج والبرامج، التوجيه التربوي، الإدارة التربوية….