ميزانية الضرائب

ميزانية الدولة، او ميزانية الحكومة، هي وثيقة موازناتية سنوية (السنة المالية) تعدها أي حكومة، لتحدد من خلالها مجموع الإيرادات والنفقات التي تتوقعها خلال سنة مالية، يوافق عليها رئيس الدولة، وتصادق عليها السلطة التشريعية لذلك البلد، أخذا بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد واعتمادا أيضا على البرنامج الحكومي الذي تكون قد تقدمت به الحكومة.

بالنسبة للمغرب ، جرت عادة  الدولة أن تخضعها في أهم أبوابها إلى إملاءات المؤسسات المالية الدولية، وإلى الجباية ، وتأخذ بالتوازنات الماكرواقتصادية دون أي اعتبار للتأثيرات السلبية على المستوى المعيشي لأوسع الجماهير الشعبية؛.

فميزانية سنة 2019 جاءت في نفس السياق وبنفس الاختيارات اللاشعبية وبنفس التوجهات التي حكمت سابقاتها  .أكيد أن العديد من المختصين والفاعلين والمنابر الورقية والالكترونية تناولت بالنقد والتحليل عناصر هذه الميزانية ، لذا سأعمل فقط على إثارة ثلاث ملاحظات وهي

1- عند تقديم مشروع الميزانية أمام البرلمان، أكد وزير المالية والاقتصاد ،أن مشروعه جاء اعتمادا على التوجيهات الملكية السامية واستجابة لتطلعاته الرامية إلى النهوض بالبلاد وتقدمها ، دون أن يؤكد على أنها الترجمة

الحسابية والمالية للتصريح أوالبرنامج الحكومي الذي لم يكن قد اطلع عليه أصلا لكونه لا يمث للاغلبية الحكومية بأية صلة.

2- ميزانية الدولة المغربية لسنة 2019 كسابقاتها ميزانية ضريبية بامتياز ، خاصة فيما يتعلق بالضرائب المفروضة على الطبقة المتوسطة والقاعدة العريضة من المواطنينا لفقراء ومحدودي الدخل،بحيث أن مجموع إيرادات ميزانية الدولة التي تصل الى حوالي 253 مليار درهم خارج الإقتراضات بطبيعة الحال ،حوالي 229 مليار كلها ضرائب أي 90,50 في المائة من الإرادات في حين أن حصيلة مؤسسات الاحتكار وعائدات أملاك الدولة والهبات والوصايا وموارد مختلفة مجتمعة تشكل حوالي 24 مليار درهم , أي كل ما يملكه المغرب من خيرات طبيعية في البحر وفوق الأرض وتحتها ومختلف المؤسسات العمومية وشبه العمومية تساهم فقط بحوالي 9,5 في المائة في مداخل الميزانية أي أقل من الضريبة على الدخل لوحدها ، التي تبلغ حوالي 45 مليار درهم ، وأقل من الضريبة على القيمة المضافة، التي تصل الى حوالي 61 مليار درهم ، وأقل من الضريبة على الشركات التي تصل إلى حوالي 29 مليار درهم ، وأقل من الرسوم الجمركية ورسوم التسجيل التي تبلغ حوالي 27,5 مليار درهم. الى جانب هذه القاعدة الواسعة من الضرائب تستكمل الدولة إيرادات ميزانيتها بالإقتراضات التي تصل إلى 76,20 مليار درهم كل هذا يفرض علينا طرح سؤال ملح : أين عائدات خيرات بلادنا على غرار سؤال أين الثروة ؟ ألا يحس المخزن ومعه حكومته المحكومة من طرفه بأي حرج عند تقديم هذه الميزانية الهشة بأرقام فاضحة معتمدة على جيوب المواطنين والدين الخارجي فقط مع حوالي 9 في المائة من كل ما تملك الدولة وما يصدق عليها من بعض دول الخليج وغيرها؟.

3- فعوض أن تبذل الدولة جهدا في البحث عن الاختلالات الحاصلة في تدبير وتسيير مؤسسات الاحتكار والنزيف الحاد الحاصل في عائدات أملاكها وبالتالي أملاك  الشعب المغربي ، ونهج سياسة تهدف محاربة الفساد ونهب المال العام وتهريب الأموال ، والتهرب الضريبي ، وترشيد النفقات وحذف الغير الضروري منها ، وتخفيض أجور مدراء مؤسسات الاحتكار، وإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين والحد من الاستفراد بتعدد الوظائف والأجور من طرف أشخاص معينين …عوض ذلك لجأت مرة أخرى إلى الحائط القصير بالنسبة لها وهو الطبقات الشعبية  لسن ضرائب جديدة حيث أقرت:

– الضريبة على بيع السكن الرئيسي ,على أن لا تقل على 3 في المائة من الارباح   أي الفرق بين ثمن الشراء وثمن البيع؛

-الضريبة على القيمة المضافة على البناء الذاتي بالنسبة للأشخاص الذاتيين

والتعاونيات والشركات المدنية العقارية على ان تتعدى المساحة المبنية 300 متر

– رفع الضريبة الداخلية على الاستهلاك على السجائر لتصل الى 60 في المائة من ثمن بيع كل نوع من السجائر كحد أدنى؛

– إدخال تعديل على الضريبة على الشركات بتخفيض معدل الضريبة على الأرباح من 20 في المائة الى 17,5 في المائة بالنسبة لشطر من الأرباح بين 300001 درهم ومليون درهم والرفع من 30 في المائة الى 31 في المائة بالنسبة للشطر الذي يتعدى مليون درهم.

 

ملحوظة:

حسب تقارير وتصريحات الجهات المعنية بالمالية والضرائب تؤكد على أن نسبة هامة من الضريبة على القيمة المضافة، التي يؤديها المواطن لا تصل الى خزينة الدولة بل تبقى تحت تصرف التجار الكبار والشركات، أمام عجز وضعف أو تواطؤ الدولة وأجهزتها أمام هذه اللوبيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى