الإقتصادالسياسة

مناخ الأعمال بالمغرب: رهانات الإستثمار بين المنافسة والشفافية

نظمت الجمعية المغربية لحماية المال العام ندوة فكرية، في إطار افتتاح فعاليات مؤتمرها الأول، يوم السبت 30 مارس، بالرباط، تحت عنوان :
«مناخ الأعمال بالمغرب : رهانات الإستثمار بين المنافسة والشفافية».
والتي نشطتها الإعلامية ليلى بلعربي.
افتتحت الندوة بكلمة رئيس الجمعية محمد الغلوسي الذي رحب بالضيوف، وذكر بشعار المؤتمر :
«محاربة الفساد ونهب المال العام، معركة وحدوية من أجل تنمية مستدامة وديمقراطية حقيقية».
والذي  دقق أن الشعار يكثف المعركة ضد الفساد والرشوة والاحتكار، وهي معركة كل الديمقراطيين، وقناعة جماعية بمدخل تكتل كل القوى الديمقراطية لربح رهان إسقاط الفساد، بدل التوسع السرطاني لشراء النخب وزبونية الريع، وإضعاف الأحزاب الديمقراطية وإفراغ مؤسسات «الحكامة» من مضمونها الرقابي وذلك بتحجيم أدوارها، رغم خطابات الدولة بمحاربة الفساد والرشوة،  وسكوت القضاء وطول مساطر الملفات بدون جدوى،
كلمة الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني أشارت إلى المفارقة بين خطاب الدولة التي تدافع على عن تطور محاربة الفساد، والواقع الذي يكذب ذاك، ومن الأمثلة الصارخة التحكم في المعلومة وفي الوصول إليها، وطرح رغبات المستثمرين الضاغطة من أجل الإعفاء الضريبي وحماية مصالحهم من أي منافسة محتملة، وكذا حماية الدولة لمصالح المستثمرين الخارجيبن بشكل تفضيلي، وأضاف كيف أمكن للقصر أن ينتظر كل هذه المدة الطويلة قبل تعيين أعضاء مجلس المنافسة، هل يمكن ان نثق في المجلس الجديد، إنه قرار مرتبط بالإرادة السياسية للقطع مع الريع، هل تنتظر الدولة انفجارا محتملا لتتحرك ؟!، و أشار إلى أن أي مؤسسة لا تحاسب لا يمكن تتبعها وتفتح مجالا للريع والفساد، فالنيابة العامة تعين من طرف الملك، وتوابعها من شرطة تابعة لها، فكيف نضمن الاستقلالية من دون ان تكون المؤسسات تحت الرقابة الشعبية، وأكد أن التقسيم الجهوي بالمغرب لا معيار تنموي ولا اقتصادي له، ولن يخدم لا التشغيل ولا تطور المناطق والعدالة المجالية، فالمجتمع يرفض الحلول الترقيعية، ولهذا ينفجر ملف التعاقد والتقاعد والصحة والبطالة،.. فالتنافسية تفرض سوقا كبيرا وضغوطا أقل، أمام توجيه الاستثمار في مجالات غير منتجة، أساسها الريع وشراء الذمم، وهذا مطروح على الصعيد المغاربي أيضا، فالدولة أكلت الثوم بفم حكومة المصباح وتم القصاص من جيوب المواطنين، واستفحل الفساد بشكل أكبر.
فيما كانت مداخلة مستشار رئيس مجلس المنافسة العربي ذ. بنعبد الله، قد ركزت على أن المؤسسة التي ينتمي إليها فتية وهي في بداية الطريق، والأدوار التي تلعبها، بالنسبة للتنقيط على المستوى الدولي مهمة، فالغياب السابق لمجلس المنافسة عن الرقابة على الاحتكار وضمان الشفافية كان ثغرة كبرى، وهناك إرادة حقيقية لتطبيق اختصاصات مجلس المنافسة الآن، وهي مسؤولية الجميع،  والمجلس أمامه حوالي 100 ملف، أولها سوق المحروقات، ونرمي كمجلس للتطبيق الدستوري للتنافس الحر، ومبدأ تكافئ الفرص، وهو طموح لنا كمغاربة، وهي تدافع ايضا على حق المستهلكين، وذلك بمنع التصرفات المنافية للمنافسة، وبمتابعة التركيز الاقتصادي.
ذ.عزالدين اقصبي عن مؤسسة ترانسبرانسي، أكد أنه بالنسبة لمناخ الأعمال، فرغم تقدم المؤشر الطفيف، هناك مؤشرات دقيقة لتفكيك المؤشر العام، تعري عن واقع التراجعات الحقيقية، فقط للمثال فمنح القروض فيه مشكل، ونفس الإشكال بالنسبة للالتزام بالعقود، ومن الملحوظ تدهور في مؤشرات الرشوة والريع، فيما يخص معيقات الاستثمار فأولها فقدان الثقة في الدولة والمؤسسات القضائية، وغياب رؤية استراتيجية لمناخ الأعمال بين الفاعلين الداخليين والأجانب، خصوصا وان هناك أعطابا هيكلية في نموذجنا التنموي، أما مجلس المنافسة فالإشكال أعقد، مثلا في ملف الاحتكار بسوق المحروقات، فرغم الانهيار العالمي لثمن المحروقات يتمسك السوق الداخلي بارتفاع الأثمان، أما القضاء كبنية فهو يطرح نفس الإشكال فيما يخص مناخ الأعمال، وفي هذا السياق نورد المتابعات في حق ناشطي الحسيمة فقط لأنهم طالبوا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولازلنا نعاني من عدم الفصل بين السلط ومنها القضائية في مجال تطبيق المقتضيات القانونية، ونورد هنا مثال حماية المبلغين، حيث لا يحمي القانون من يفضح الفساد، حيث هناك تلغيم لهذا الفصل، نفس الشيء بالنسبة لتكييف فصول الوصول للمعلومة في الاتجاه الجنائي، بذات السياق فالمجلس الأعلى للحسابات مثلا قد صرح أنه لا يملك اي معلومات عن المكتب الشريف للفوسفاط رغم الافتحاص الذي تم وهذا منتهى الغرابة، نفس الشيء بالنسبة للبرنامج الاستعجالي للتعليم، فهناك هفوات خطيرة في افتحاص المجلس ونسجل أن الملايير صرفت في مخططات لم تستعمل بالبث والمطلق، أين ذهبت هاته الملايير ؟!، مثال آخر هو الاستفراد بالتعيينات في المراكز الاقتصادية الحساسة للتحكم في الثروة ومركزة توزيعها، وحين تقرير منطق المحاسبة في الاختلالات الكبرى، يتم البحث فقط عن الحيتان الصغيرة والتغطية عن الحيتان الضخمة.
تدخل ذ. عبد اللطيف معتضد عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أشار إلى أن التصدي للرشوة مسألة أساسية تقتضي تعاون الدولة ومؤسساتها وكذا الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني، فعلا المؤشرات لا تعكس الواقع، فالفساد مسألة مرتبطة بالنسيج الثقافي، لكن لا ننفي تطورا ملموسا في بعض المؤشرات الفرعية لمناخ الأعمال، وأكد عدم تناسق التكوينات والتمدرس مع سوق الشغل، وغياب التناسق بين الاستثمار وفعاليته ونجاعته، وصرح بأن بلادنا لها من المؤهلات ما يكفي لإنجاح ورش محاربة الفساد وضمان خدمات مبسطة وتضمن التكافؤ بين المواطنين، والأساسي انه لا يمكن القضاء على الفساد قانونيا، بل بمقاربة توعوية وتحسيسية، ونوه باستقلال النيابة العامة، والقضاء كضرورة لتفعيل الزجر، والحصيلة لنكون واقعيين هزيلة نظرا للتصلب في تطبيق القانون فيما يخص الزجر، وقد ذكر بأن هناك رقما أخضرا للتبليغ عن الفساد لكنه غير كاف، لكننا في البداية، وهناك أمور سلبية، لكننا مصرون على السير والتغيير بإيجابية، ونورد أننا باشرنا تفعيل مشروع تقليص نظام الرخص، ونشر المعلومات حول الصفقات العمومية، وكذا الحد من السلطة التقديرية للإدارة برقمنتها، وهذا يستوجب تطوير النصوص والممارسة للوصول لتفعيل المساءلة والمحاسبة، وأختم ان قيم النزاهة والشفافية أساسها الإدراج في مناهج التربية والتعليم منذ المدرسة لصالح الناشئة في نظرة مستقبلية نتقاسمها جميعا، ومن المهم أيضا تشجيع الشباب على ولوج المقاولة والاستفادة من التسهيلات المطروحة في هذا المجال بإعمال قيم الشفافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى