زوووم: ناس الغيوان: إيقاعات بنبض الشارع وهمومه…
لا يمكن أن تمر بالحواري الفقيرة في سبعينيات القرن الماضي، دون أن تنجذب لدندنات أغاني ناس الغيوان على كل لسان، الظاهرة الغنائية للمجموعات التي اكتسحت كل الأرقام، بلون موسيقي نهل من فسيفساء التنوع الثقافي المغربي: صحراوي، گناوي، أندلسي، أمازيغي، إفريقي..
وقد كان لالتحام حمولة النص بالإيقاع الأثر البليغ في توسع جماهيرية فرقة ناس الغيوان، خصوصا وأنها لامست هموم معيش الطبقات المسحوقة، حيث نقلت آمالها وأحزانها وأحلامها من خلال مجموعة كبيرة من الأغاني: الصينية، مهمومة، الحال، يا صاح، غير خدوني، صبرا وشاتيلا، لبطانة…، حيث تجاوزت شهرة ناس الغيوان ربوع المغرب، إذ كان الجمهور المغاربي حضنا أساسيا لتنامي شهرة الظاهرة الغيوانية في أوساطه الشعبية والجامعية والثقافية، بل امتلأت القاعات عن آخرها في المسارح الأوربية حين إحياء الفرقة لأمسياتها هناك، حتى من الجمهور الأوربي ذاته، وتأثرت قامات إبداعية عالمية بإيقاعات الغيوان ومضمون نصوصها، من قبيل الموسيقي جيمي هندريكس والمخرج مارتن سكروسيزي.
لا يمكن الحديث عن مجموعة ناس الغيوان دون الوقوف عند جيل المؤسسين، ونشير بالضبط إلى الراحل «بوجميع» كدينامو مثقف ومسرحي وزجال من العيار الثقيل، وصاحب حمولة يسارية انعكست على كتابته لنصوص أغاني الغيوان، بربطها بمعيش فقراء المغاربة ومعاناتهم، دون أن تفقد تركيبة الأغاني جماليتها الفنية وانغراسها في الإيقاعات المغربية الأصيلة، وقد تابع العربي باطمة نفس المسار بعد الموت اللغز للكبير بوجميع، إيقاعاً وكتابة وبنفس الغنى حتى وفاته في عز عطائه.
تفرعت على الظاهرة الغيوانية، كمرجعية غنائية، مجموعات أخرى أغنت المشهد الموسيقي المغربي، وحاولت تَمَثُّلَ نجاح مجموعة الغيوان في كسب قلوب المغاربة، بمحاكاة إيقاعات من الموروث الثقافي الشعبي للمغاربة، وبكتابة النصوص بنبض الشارع وهمومه.