تخلف التهافت
◆ عبد المجيد مصدق
من المعروف في الأوساط السياسية ولدى منظمة BDS أن الفيزيائي والعالم الراحل ستيفن هاوكينغ له جانب إنساني وسياسي مرتبط بعمله الأكاديمي وهو موقفه الثابت بمقاطعته الأكاديمية للكيان الصهيوني والتي اعلن عنها رسميا سنة 2013 رفعا لأي لبس بانضمامه لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات التي تستهدف المراكز العلمية للكيان الصهيوني، وهو ليس بيدقا كي يستغله الصهاينة لضرب حقوق الشعوب أو المسلمين والدين الإسلامي، فالرجل أكبر من ذلك بكثير رغم ظروفه الصحية، فهو العالم والباحث الأكاديمي والمثقف والأستاذ الجامعي العابر للجامعات في كل القارات، وليس نكرة وجاهلا بالأسس الفيزيائية للكون ومناهج العلوم مثل الفقيه الذي صحى من النوم متأخرا ليعمل بوقا للإخوان والاستبداد والطغيان، لكي يسفه فكرة هوكينغ حول نفي نظرية الخلق، فقيه مرتبط بالموروث الفقهي المتخلف غير مؤهل لا فكريا ولا علميا ولا ثقافيا للكلام في العلوم والفكر والفلسفة وعلم الأديان، ويأتي بين عشية وضحاها بدون خجل ليعطي دروساً فيما هو جاهل به، تحت ستار محاربة الإلحاد، علما أنك تجد أن هذا النوع من العملاء هم من أكبر الملحدين بأحاسيس الإنسانية وبغاية وجوهر الأديان وبالتالي فهو داعية وبدون تردد يحسب على أعداء القيم الإنسانية بامتياز……
فقد قال فقيه آخر الزمان، أن العالم الفيزيائي ستيفن هاوكينغ حفر حفرة وبنى من ترابها جبلا فادعى انه خلق الجبل، وزاد بأن هذا الفعل يرتقي بالفاعل الى درجة الحمار……!
والظاهر ان الفقيه المرتبط عقله بالموروث الفقهي الذي ساد عصور الانحطاط والظلام، أراد التعالي فهوى على رأسه في المستنقع الآسن بالحيوانات المفترسة، فلا قياس ليس مع وجود الفارق بينك وبين النابغة ستيفن فحسب، بل مع وجود البون الشاسع بين الأرض والسماء، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ومع ذلك يتطفلون…..!
لعلمك ايها الفقيه والبرلماني النائم عن قضايا الشعب، أن الراحل ستيفن هاوكينغ تطرق للقوانين المنظمة للكون، ونأى بنفسه عن قضية إثبات وجود الخالق من عدمه، فقد كان يحاول أن يعطي تفسيرا ماديا لوجود الكون ليس إلا، أعمدته قوانين الفيزياء التي لا تصلح أصلا إلا لما هو مادي، أما ما وراء المادة فهو موضوع فلسفي محض طرح فيه هوكينغ وجهة نظره وعرض نظريته الفلسفية في أحد كتبه……
ولضحد افترائك على الأموات نذكرك بالوجه الآخر للعالم الراحل الذي يدعم العلم ويمقت الخرافة.
في سنة 2006، زار العالم الفيزيائي ستيفن جامعة بيرزيت، ضدا في العدو الصهيوني ،فوجد في استقباله آلاف الطلبة الذين حضروا لرؤية هذا النابغة خليفة اينشتاين، محلل نظرية الانفجار العظيم وسر الثقوب السوداء، وصاحب الرأي حول ضرورة بحث البشرية عن كوكب آخر للعيش فيه، فحسبه لن تعود الأرض صالحة للحياة بعد ألف عام……
وفي رسالة موجهة الى العصابات الصهيونية كتب مقالة تطرق فيها إلى معاناة طلبة الجامعات الفلسطينية عمومًا، وطلبة العلوم خصوصًا، بمن فيهم طلبة الفيزياء، بسبب صعوبة الحركة والتنقل في ظل الإجراءات التعسفية للاحتلال الصهيوني الذي يعيق حرية الحركة، وقال”أنا أدعم بقوة حقوق العلماء وطلبة العلم أينما كانوا، بحرية الحركة والنشر وتبادل الخبرات العلمية بعضهم مع بعض”…..
في نهاية زيارته لجامعة بيرزيت، وعد بالعودة إلى جامعة بيرزيت بفلسطين المحتلة، لكن القدر كان عكس إرادته….
رحل إلى دار البقاء وترك بصمته في علوم الكون، لقد كانت حياته بحد ذاتها معجزة مع العلة التي حطمت جهازه العصبي وأصبح عاجزا عن الكلام والحركة، ومع ذلك ظلت عيناه تراقبان الكون وعقله متقدا كشعلة نار ينشط بذكاء خارق……نقطة إلى السطر.
من الطبيعي في عصر الانحطاط أن يطفو إلى السطح نكرات ومغمورون، يتهافتون على المواقع كعملاء لخدمة قوى الاستبداد والتخلف مقابل الفتات، لكن دوام الحال من المحال……..