أضواء: التعليم .. أولوية الأولويات؟
◆ محمد تيكونسى
تصنف العديد من الخطب الرسمية التعليم ضمن أولوية أولويات الحكومات المتعاقبة، بل هي” الأولوية الأولى بعد الوحدة الترابية”، ويبدو أنه بسبب ما حققته وزارة التربية الوطنية خلال الموسم الدراسي الجاري من إنجازات غير مسبوقة، يستحق تعليمنا ،لأول مرة ربما، أن يحتل أولوية الأولويات بجدارة وإصرار، ليس بالنظر للإنجازات التي تم تحقيقها، وليس بالنظر للاعتراف الدولي بقيمة الشواهد التعليمية المغربية، وليس لمعدلات تلاميذنا في الاختبارات الوطنية والدولية… بل بسبب الموسم الدراسي الكارثي الذي “سهرت ” الحكومة على تحقيقه مع سبق الإصرار.
لقد أدى تغيير التوقيت بالمملكة إلى احتجاجات التلاميذ، وبعد عدة بلاغات وزارية متناقضة احيانا، ومقابل عودة التلاميذ إلى أقسامهم، ثم السكوت عن هدر زمن يومي لا يقل عن ثلاث ساعات أسبوعيا، وهو ما يعني أكثر من 6000 دقيقة لقسم متوسط.. وكأن ذلك لا يكفي، فبعد ستة أسابيع من الإضراب غير المسبوق للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والإضرابات المتواصلة للنقابات التعليمية، وأساتذة الزنزانة 9 وحاملي الشواهد… عاد الأساتذة إلى أقسامهم، وكأن شيئا لم يكن، واكتشف الجميع أن مسرحيات الدعم خلال العطلة البينية لم تحقق شيئا، بل زادت من تفاقم وضعيات التلاميذ المقبلين على الامتحانات الإشهادية بصفة خاصة، وتبين أنه من المستحيل تعويض الدروس المهدورة خلال هذا الوقت الضيق الذي يفصلنا عن نهاية ماي، مع ما يتخلله من وقت مستقطع لفروض المراقبة المستمرة. السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف ستتعامل الوزارة مع الامتحانات الاشهادية؟ هل سيتم تقويم المتعلمين في البرنامج الدراسي إلى غاية مارس فقط؟ وأية مصداقية لمثل هذا الامتحان؟ أم أن الوزارة ستجري امتحانات عادية، وليذهب المتضررون إلى الجحيم.
في هذا السياق المهني المتسم بالاحتقان والتوتر، لا تزال وزارة التربية والتعليم ببلادنا مصرة على سياسات التجاهل والآذان الصماء تجاه المطالب المهنية المشروعة والعادلة للعديد من فئات الموظفين، المتضررين من تملص الحكومة من اتفاق 26 أبريل 2011 ( الدرجة الجديدة)، والإجراءات التي سنتها بعد 2011: توقيف الترقي بالشواهد، وتوقيف التوظيف في السلم التاسع.. بل إن الوزارة ترفض الاستجابة لمطالب غير مكلفة ماليا (ملف التفتيش نموذجا). في مقابل ذلك، تصر على مواجهة قرارات الإضراب الذي دعت إليه النقابات التعليمية بالاقتطاع من الأجرة، رغم عدم مشروعية هذا الإجراء، في تكريس واضح لدولة القوة.
وماذا بعد، طلبة كلية الطب يتجهون نحو سنة بيضاء، وماذا بعد؟ هل يمكن أن نتصور موسما أسوأ مما نحن عليه الآن ؟