زوووم: وداعا محسنة توفيق.. وداعاً بهية

◆ رياض حسن محرم (بتصرف)

كان‭ ‬آخر‭ ‬ظهور‭ ‬جماهيري‭ ‬للراحلة‭ ‬محسنة‭ ‬توفيق‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬الماضى،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تكريمها‭ ‬ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬الدورة‭ ‬الثالثة‭ ‬لمهرجان‭ ‬أسوان‭ ‬السينمائى‭ ‬الدولى،‭ ‬وفى‭ ‬كلمتها‭ ‬بالمهرجان‭ ‬قالت‭ ‬محسنة‭ ‬توفيق‭: “‬أنا‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬هي‭ ‬صانعة‭ ‬التاريخ‭ ‬وليس‭ ‬الأفراد‭..”.‬

هي‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬1939‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬الزراعة‭ ‬عام‭ ‬1968،‭ ‬وعرفت‭ ‬بتعاونها‭ ‬الفني‭ ‬مع‭ ‬المخرج‭ ‬الراحل‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬أعماله‭: “‬اسكندرية‭ ‬ليه،‭ ‬العصفور،‭ ‬وداعا‭ ‬بونابرت‭”‬،‭ ‬ومنذ‭ ‬فيلم‭ “‬العصفور‭” ‬الذى‭ ‬جسّد‭ ‬حرب‭ ‬1967،‭ ‬وغنى‭ ‬فيه‭ “‬الشيخ‭ ‬إمام‭ ‬عيسى‭” ‬من‭ ‬كلمات‭ “‬أحمد‭ ‬فؤاد‭ ‬نجم‭” (‬مصر‭ ‬يامه‭ ‬يا‭ ‬بهية‭). ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬الدراما‭ ‬التليفزيونية‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬مسلسلاتها‭: “‬ليالي‭ ‬الحلمية،‭ ‬الشوارع‭ ‬الخلفية،‭ ‬الوسيه،‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬المرسى‭ ‬و‭ ‬البحار‭”.‬

من‭ ‬مذكرات‭ ‬المناضلة‭ ‬الشيوعية‭ “‬ماري‭ ‬روزنتال‭”: “‬عندما‭ ‬كنا‭ ‬بسجن‭ ‬القناطر،‭  ‬كانت‭ ‬الأبواب‭ ‬توصد‭ ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬الثامنة‭ ‬ليلا،‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬صباحا،‭ ‬ونبدأ‭ ‬في‭ ‬سماع‭ ‬أصوات‭ ‬من‭ ‬السجن،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نراها‭… ‬من‭ ‬زنازين‭ ‬السجينات‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬معتقلة‭ ‬جديدة‭ ‬تغني‭ ‬لنا‭ ‬أم‭ ‬كلثوم،‭ ‬كنا‭ ‬نصمت‭ ‬وننتشي‭ ‬بسماعها‭ ‬من‭ ‬الزنازين‭. ‬سألت‭ ‬من‭ ‬تكون؟‭ ‬قالوا‭ ‬لي‭ ‬إنها‭ ‬ممثلة‭ ‬جديدة‭ ‬موهوبة‭ ‬اسمها‭ ‬“محسنة‭ ‬توفيق‭..”.‬

في‭ ‬معرض‭ ‬حديث‭ ‬الراحلة‭ ‬محسنة‭ ‬عن‭ ‬علاقتها‭ ‬باليسار‭ ‬وبالحركة‭ ‬الوطنية،‭ ‬قالت‭ “‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬بدأ‭ ‬عندى‭ ‬سنة‭ ‬1946،‭ ‬كنت‭ ‬عندها‭ ‬طفلة‭ ‬عمرها‭ ‬8‭ ‬سنوات،‭ ‬وأتذكر‭ ‬الطلبة‭ ‬اللذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتظاهرون‭ ‬على‭ ‬جسر‭ ‬عباس،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬البوليس‭ ‬أطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬وحاصر‭ ‬المظاهرة‭… ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬وعيي‭ ‬ونظرتي‭ ‬للمقاومة‭.”‬

أهم‭ ‬مشهد‭ ‬وحوار‭ ‬ملهم‭ ‬أدته‭ ‬محسنة‭ ‬توفيق،‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬مشهد‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬العصفور‭ ‬للمخرج‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين،‭ ‬الذى‭ ‬أدت‭ ‬فيه‭ ‬دور‭ ‬“بهية”‭ ‬وهي‭ ‬تصرخ‭ (‬لأ،‭ ‬هنحارب‭.. ‬هنحارب‭.. ‬هنحارب‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬المشهد‭ ‬الذى‭ ‬ارتبط‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬كل‭ ‬الأحرار‭ ‬برفض‭ ‬الهزيمة،‭ ‬وفى‭ ‬عهد‭ ‬السادات‭ ‬شاركت‭ ‬مع‭ ‬اليسار‭ ‬والقوى‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬معاهدة‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ “‬كامب‭ ‬ديفيد‭” ‬والتطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬وضعها‭ ‬في‭ ‬القوائم‭ ‬السوداء‭ ‬للسادات‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭.‬

شاركت‭ ‬بفعالية‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬25‭ ‬يناير‭ ‬و30‭ ‬يونيو‭ ‬رغم‭ ‬تجاوز‭ ‬عمرها‭ ‬70‭ ‬عاما،‭ ‬وصورة‭ ‬الفنانة‭ ‬محسنة‭ ‬توفيق‭ ‬بصحبة‭ ‬الفنان‭ ‬القدير‭ ‬الراحل‭ ‬جميل‭ ‬راتب‭ ‬في‭ ‬المظاهرات‭ ‬وسط‭ ‬الشباب،‭ ‬أو‭ ‬صورتها‭ ‬وحدها‭ ‬وسط‭ ‬الأمن‭ ‬يوم‭ ‬جمعة‭ ‬الغضب‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬مصطفى‭ ‬محمود‭ (‬28‭ ‬يناير‭)‬،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬الأيقونية‭ ‬للثورة،‭ ‬كتلخيص‭ ‬لعمر‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬النضال‭ ‬والكفاح‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى