شعر: نُوناتٌ مِنْ كِتَابِ أَمْنَاي
◆ د.أحمد بلحاج آية وارهام
1- نُونُ الاِنشبَاكِ
عُجُولُ الكِنايَةِ
تَقْضُمُ مِنْ سُرَّةِ الْكَوْنِ أَعْشابَهَا
والسَّماوَاتُ مُنْفَطِرَهْ
بِغِلاَلِ الْمَجَازِ،
فَمَنْ ذَا يَفُكُّ الْمَعَانِيَ مِنْ حَبْلِ مَخْمَصَةٍ؟
لِلْجِبَالِ التي أَوْقَدَ النّجْمُ فيهَا دَمِي
تَطْرُزُ الأُمَّهَاتُ قَفَاطِينَ دَمْعٍ
ولاَ لَيْلَ يَخْرُج عَنْ لَيْلِهِ
بِخُيُول التَّآويلِ
سَرْوُ الْمشيئَةِ مُنْشَبِكٌ بِوُعُولِ التَّوارِيخِ
تأْتِي الظِّلاَلُ خِياماً
وَتَأْتِي الْمُدَامُ طَلاَسِيمَ
فِي قِرَبِ الْبَرْقِ
نَايٌ يَشُكُّ مَحَارِيثَهُ فِي سُهُوبِ الظَّلاَمْ
ونَارٌ تُمَسِّدُ رَاحَتُهَا كَفَلَ السِّرِّ
يُورِقُ فِي هَاجِسِ الكَائِنَاتِ اَلْحَنِينْ.
2- نُونُ الاِصْطِلام
أَأَنْتَ عَلَى جُرُفِ اَلْيُتْمِ
تَشْحَذُ خَطْوَكَ؟!
(أَمْنَايُ) غَلَّقَ فَجَّ الصَّنَوْبَرِ
خُذْ كَفَّ(هِيرُو)
عَلَى قَوْسِهِ سَوْفَ تَلْقَاكَ(تَانِيتُ)
كُلُّ الْمِياهِ
سِوَى هَذِهِ
لَونُهَا وَاحِدٌ كَالغَرَقْ.
فَلِأيّ الْجِهَاتِ تَلُتُّ سَوِيقَكَ؟
إنَّ الْأوَانِي اغْتِصَابٌ
وَإِنَّ الْجِفَانَ حِرَابٌ
يُقَاسِمُكَ الطَّالِعُونَ مِنَ الْإفْكِ أَفرَاخَ زاَدِكَ
عِنْدَ الغُرُوبِ
وَفِي مَوْهِنٍ
يَصْطلُونَ بِعَظْمِك
مَسْنُودَةً رُوحُهُمْ
بِعُوَاءِ السِّنينْ.
3- نُونُ الطُّقُوسِ
كَمَا مَطَرٌ مِنْ سُهَادْ
ينـزُّ غَدُ الْأمَّهَاتْ
تُعَرِّي الْمُرُوجُ لَهُ جُرْحَهَا
خَلْفَهَا نَشْوَةٌ مِنْ كُهُوف
مُمَنطَقَةٌ بالْجَوَى الْوَثَنِيِّ
اللُّبَانُ بَدَاهَتُهَا
وَالْقُرُونُ تَعَاويذُهَا
كُلَّمَا نَفَخَتْ
نَهَضَ الْوَشمُ صَقْراً
وَحَوَّمَ كالشَّمْسِ بَازُ الْفُحُولَةِ
وَخْذٌ هُنَا
وَهُنَاكْ
شِعَابٌ تُمَدِّدُ أَعْنَاقَهَا سُبْحَةً
رَقْصَةٌ فَائِرَهْ
طَعْنَةٌ فِي مَرَائِي الْجَبينْ.
4- نُونُ التَّرَقُّبِ
مَدَابغُ مِنْ غَسَقٍ
تَتَشَرَّبُ أَنْفَاسُهَا دَغْلَ عُمْرِي
الْمَنَاجلُ ظَامِئَةٌ
وَالْحَصِيدُ الظّبَاءُ
الّتي غَرَّرَتْ بِاَلْغَوَاشِي،
هِيَ الرِّيحُ
سَيِّدَةٌ في الْأسَافِلِ
تُفْرِدُ ثَدْيَ الْجَرَاءَةِ
لِلْعَتَبَاتِ الْأيَامَى
وأَعْرَافَ مَوْجٍ
لِبَحْرِ الرِّغَابْ،
فَمَسِّحْ عَلَى خَاصِرِ الطَّبْعِ
حِرْبَتُكَ اَلنَّجْمُ
لَيْلَتُهُمْ مِنْ شُقُوقِ اَلدِّمَاءِ تُطِلُّ
التَّرقُّبُ نَهْرٌ
يُشَمْشِمُ مَاءَ اَلْخُطَى
أُذُنٌ
تَكْتُبُ الْخَشْخَشَاتِ
بِشِفْرَتِهَا
والضَّفادِعُ فَوْقَ الْجَذَامِيرِ
مُثْقَلةٌ بنَسِيجِ الظُّنُونْ.
5- نُونُ الصرَاطِ
فسَدِّدْ زِنَادَ سَجَايَاك
ثَمَّةَ مَوتٌ يَراَك
وَيَفْرَقُ مِنْ نُبْلِكَ اَلْمُتَحَفِّزِ
غِبَّ صَلاَةِ الْإبَاءْ
عَلَى عَيْنِ (تَانِيتَ) أَنْتَ
تُسَافِرُ فِيكَ الْبِلاَدُ
أَحَاسِيسُهَا ضَوءُ حُلْمِك
لَسْتَ هَبَاءَ الزَّمانْ
وَلاَ قِشرةً في جُذُوعِ الْحُدُوس
اسْمُكَ النُّسْغُ
مُؤْتَلِقاً في جُذُورِ النُّفُوس،
أَقِمْ لِلْأَمَانِي صِرَاطَ شُمُوخٍٍ
صِراطُ الَّذينَ انْحَنَى دَمُهُمْ خَائِنٌ
لاَ مَشَاهدَ في جَنًّةِ الْوَهْمِ
سَكَّرَتِ الرُّوحَ عَيْنُ الْجَحِيمْ
أتَعْصِرُ صَخْرَةَ ظِِلِّكَ
فِي شَفَةِ الْمَحْلِ
نَبْضاً فنَبْضاً
وَحِرْبَاؤُهُمْ
تَنْسِجُ الرَّهَبَ الأَزَلِيَّ
تُسَلِّي سُلاَلَتَهَا
بِانْجِرَاحِك
تَحْتَ سَنابِكِ أحْلاَفِهَا؟!
لَكَ (أَمْنَايُ) أَعْطَى النُّبُوءَةَ
فِي مَلَكُوتِ الدَّيَاجِي
لَكَ النَّبْعُ غَنَّى
ليُزْهِرَ وَجْهُ الزَّمَنْ
ولَكَ اصطَفَّ سِرْبُ النّجُومْ
وَأخْفَتْ تَوَاريقَهَا
مُهَجُ اَلْمُخْتَفينْ.
6- نُونُ الْخُرُوج
قُرًى مِنْ جِبَالِ الْبَسَالَةِ
تُغْمِدُ في خَافِقِي صَوْتَهَا
وَطَنٌ لِدَمِي
أَتَلَفَّتُ فِيهِ اكتِئَاباً
حَدَائِقُهُ أطْلَعَتْ ثَمَراً مِنْ رؤُوسْ،
أَأَسْلَخُ جِلْدي
إذَا فِي جُذَامِ اَلْكَلاَمْ
أَقَامَتْ لَهُ فَخَّهَا الْعَسْعَسَاتْ
وَأُهدِي إلَى عَطَشِ الذّاتِ عَارِضَ مَحْقٍ خَلُوبْ؟!
مَسَافاتُ مَا أَشْتَهِي
أَطْفَأْتْ نَبْضَهَا جُنْدُهُمْ
يَا يَداً طَرَّزَتْ قَدَرِي
باللَّهَبْ
مِنْ تُرَابِ ابتدَائِي أَجِيءُ
تُغَذِّي تَضَاريسَ عَافيَتِي
عُشْبَةٌ
مِنْ بَنَاتِ اَلْهَدِيلْ
وَمَنْقَبَةٌ
مِنْ صَهيلٍ خَضيلْ
لزَهْوِ الْجِبَالِ مُعَانَقَتِي
وَلِحَرْفِ السَّوَاقِي مُشَافَهَتِي
لاَ أكُونُ الْحَطَبْ
تَحْتَ قِدْرِ الَّذِينَ بِحِكْمَتِهِمْ
خَرَطَ الْأَرْضَ سَيْفُ الْكَبَدْ
فَهَوَتْ
فِي
مِيَـاهِ
الْجُنُونْ.
—————–
* أَمْنَايْ: رمزُ الريح عند الأمازيغ
* هِيرُو: رمز المطَرِ عند الأمازيغ
* تَانِيتْ: رمزُ الجمال والعِشْقِ والإخصابِ عند الأمازيغ.