صمود في مواجهة الفساد والاستبداد..

قراءة في المسار الكفاحي للأستاذ عبد الرحمان بن عمرو

اقرأ في هذا المقال
  • 1- النشأة والتكوين في سياق الكفاح الوطني والنهوض القومي
  • 2ـ النجاح المهني لا يتعارض مع الالتزام النضالي
  • 3ـ تأسيس الحركة الحقوقية والصراع المزدوج
  • 4ـ وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
  • 5ـ عميد الحقوقيين المغاربة
  • 6ـ مرجع قانوني وذاكرة سياسية غنية

رغم وصوله الخامسة والثمانين من عمره، لا يزال عبد الرحمان بن عمرو يتقدم الوقفات الاحتجاجية والمسيرات الشعبية المنظمة من طرف الأحزاب التقدمية والمركزيات النقابية والجمعيات الحقوقية بهذه المناسبة أو تلك. لا يفوت أية فرصة للتنديد بالقمع وخروقات حقوق الإنسان والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين، حتى أصبح يلقب بعميد الحقوقيين المغاربة. كان مدافعا بارزا في أغلب المحاكمات السياسية والعسكرية التي عرفها المغرب على مدى نصف قرن من الزمن، منذ بداية ستينيات القرن الماضي إلى نهاية العقد الثاني من القرن الحالي. في هذه الورقة سنحاول قدر الإمكان تتبع المسار الكفاحي لهذا المناضل الاستثنائي، الذي يمكن اعتباره بحق نموذجا للإنسان المخلص أشد ما يكون الإخلاص للمبادئ التي يؤمن بها وللشعب المغربي الذي كافح ولا يزال من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعدالة الاجتماعية.

بقلم د. علي بوطوالة

 

1- النشأة والتكوين في سياق الكفاح الوطني والنهوض القومي 

 

في منزل بمدينة الرباط العتيقة ولد عبد الرحمان بن عمرو سنة 1933 من أسرة محافظة كأغلب الأسر المغربية آنذاك. كان أبوه حاملا للقرآن، شغوفا بالحضارة العربية وكتب التاريخ، أصر على تعليم أبنائه أولا بالكُتاب (ما نطلق عليه بالمسيد)، ثم بالمدارس الحرة التي أسسها الوطنيون المغاربة والتي أغلقتها السلطات الاستعمارية سنة 1944 بعد تقديم الحركة الوطنية عريضة المطالبة بالاستقلال. هكذا لم يتمكن الطفل عبد الرحمان من دخول مدرسة محمد الخامس الحرة إلا سنة 1948، والتي كان معظم أساتذتها متطوعين لا يتلقون إلا تعويضات هزيلة، في الوقت الذي كان فيه أبناء الأعيان يدرسون بالمدارس العمومية، مثل ثانوية مولاي يوسف الشهيرة التي درس بها بلافريج وعبد الرحمن اليوسفي وآخرون.

 

سنة 1952 وبعد حصوله على شهادة “لبروفي” أي ما يعادل الشهادة الإعدادية سيضطر الشاب عبد الرحمان إلى إقناع أسرته بالذهاب إلى المشرق العربي لاستكمال دراسته، وبعد جهد جهيد للحصول على جواز السفر والمرور عبر باريس، ثم الالتحاق بمرسيليا والسفر عبر الباخرة لمدة اثنا عشر يوما بمعية رفاقه، وصل إلى الإسكندرية وبعدها إلى بيروت وأخيرا إلى حلب بسوريا التي سينال بها شهادة الباكالوريا سنة 1955. المدة الزمنية التي قضاها في سوريا فتحت عقله وعيونه على أفكار ومذاهب متنوعة، بل ومتعارضة كالليبرالية والاشتراكية، والتيارات القومية التي كانت في أوج اندفاعها. لكن ما أثار انتباهه أكثر هو تأييد ومناصرة السوريين والمشارقة عموما للحركات الوطنية في المغرب العربي.

 

ستتوضح الرؤيا أكثر لبن عمرو بعد انتقاله للقاهرة لإتمام دراسته الجامعية. في تلك الفترة كانت القاهرة حسب بن عمرو “الوجهة المفضلة للطلبة من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي نظرا للامتيازات التي كانت توفرها الدولة المصرية مثل مجانية التعليم وإعطاء منح للطلبة والعلاج المجاني بمستشفيات خاصة بالطلبة” ـ مجلة زمان العدد 26 ص3، وعنها أخذت اللوحة المرفقة ـ

 

في القاهرة سيتمكن الطالب عبد الرحمان بن عمرو من التعرف على رمز مقاومة الاستعمار، الزعيم عبد الكريم الخطابي بعد القيام بزيارته مع بعض رفاقه الطلبة بمنزله. والالتقاء بالمهدي بن بركة وعلال الفاسي، وأصبح رئيسا لفرع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مرتين، في الوقت الذي كان فيه ياسر عرفات رئيسا لطلبة فلسطين. بالإضافة للانخراط في النضال السياسي، استفاد بن عمرو من الأنشطة الثقافية والفنية الكثيرة والمتنوعة بالقاهرة في نهاية الخمسينات من القرن الماضي مثل جميع زملائه من طلبة المغرب العربي.

 

وبعد عودته للمغرب في ماي 1960، أي الشهر الذي تمت فيه إقالة حكومة عبد الله إبراهيم، رغم ما حققته من منجزات في ظرف عشرين شهرا بفضل الحماس الوطني والحزم في التنفيذ والمراقبة. هكذا وجد المغرب في بداية أزمة سياسية سرعان ما ستتعمق بعد وفاة الملك محمد الخامس المفاجئة.

 

2ـ النجاح المهني لا يتعارض مع الالتزام النضالي 

 

بعد قضائه للخدمة المدنية في سلك القضاء سنة واحدة، التحق بمهنة المحاماة ضمن أقلية من المغاربة، ووجد نفسه منذ البداية في المواجهة مع القضاة والمحامين الفرنسيين بسبب إصراره على الترافع باللغة العربية أمام هيئة قضائية فرنسية بالكامل! وربح الرهان حيث أحضرت المحكمة مترجما. وهكذا أصبح يتمتع بمصداقية واحترام حتى من زملائه الفرنسيين، وانتخب في مجلس الهيئة مبكرا ولعدة مرات. وأصبح بعد اثنا عشرة سنة من مزاولة المهنة نقيبا للمحامين بالرباط سنة 1973. وبعد خمس سنوات سينتخب رئيسا لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، في فترة تميزت بالمحاكمات السياسية والعسكرية الكبرى، من محاكمة 1963 إلى محاكمة مراكش الكبرى سنة 1969 والمحاكمات العسكرية سنوات 1971 و1972 و1973، وكلها محاكمات انتهت بصدور أحكام بالإعدام في حق عشرات المناضلين والضباط، وقد كان الأستاذ بن عمرو حاضرا وشاهدا على تنفيذ تلك الإعدامات، ومنهم بعض رفاقه! ولم يتألق الأستاذ بن عمرو بمرافعاته القانونية فحسب، بل تميز أيضا بإنسانيته ومساعدته المادية سرا لأسر المعتقلين، مدنيين وعسكريين بشهادة المرحوم الرايس بعد خروجه من معتقل تزمامارت الرهيب.

 

 3ـ تأسيس الحركة الحقوقية والصراع المزدوج

 

شاءت الأقدار أن أتعرف على الأستاذ بن عمرو في نهاية شهر دجنبر 1978 خلال المؤتمر الثالث للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث انتخبت مؤتمرا عن مدينة مكناس، وكان هو مؤتمرا عن مدينة الرباط، بل وانتخبه مؤتمرو الرباط ممثلا لهم في لجنة الترشيحات. سنة بعد ذلك سيبادر بمعية بعض المناضلين البارزين إلى تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد إقدام الحكومة على طرد المئات من الأساتذة والأطباء والممرضين على إثر إضراب يومي 10و11 أبريل 1979.

وفي الحقيقة ومنذ صدور البيان السياسي للمؤتمر الوطني الثالث للاتحاد الذي صاغه المرحوم الدكتور عابد الجابري، والذي دعا لأول مرة إلى ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم، ارتفعت حدة التوتر بين النظام والمعارضة الاتحادية، وسيستمر التوتر في التصاعد إلى أن وصل إلى الإضراب العام لعشرين يونيو 1981 الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والذي أدى إلى انتفاضة الدار البيضاء وما ترتب عنها من قمع دموي، وقتل عدد غير معروف لحد الآن من المواطنين والمواطنات، واعتقال ومحاكمة مئات المناضلين من كل الفئات الاجتماعية.

وخلال تلك الحملة اعتقل الأستاذ بن عمرو، وحوكم بثلاث سنوات موقوفة التنفيذ. وضاعف القمع من الاحتقان خاصة بعد التعاطف الذي أعرب عنه الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي انتخب كاتبه الأول فرنسوا ميتران رئيسا للجمهورية الفرنسية. ووصل تصعيد النظام إلى اعتقال المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وأعضاء في المكتب السياسي يوم 7 شتنبر 1981، بعد إصدارهم لبيان ينتقد موقف الحسن الثاني الذي قبل باستفتاء تقرير المصير في الصحراء.

في أجواء تلك المواجهة مع النظام حصل اختلاف كبير في تقدير التكتيك السياسي المطلوب في مواجهة الحملة القمعية على الحزب والنقابة. فالمكتب السياسي كان يدعو إلى التهدئة والتراجع، أي الانحناء للعاصفة كما قيل آنذاك، بينما كانت مجموعة من اللجنة الإدارية للحزب وفي مقدمتهم الأستاذ بن عمرو، يرون أنه لا بديل عن الصمود ودعم المعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم. على أن ما عمق الخلاف هو عدم تنفيذ المجموعة البرلمانية للحزب قرار الانسحاب من البرلمان الذي سبق للجنة المركزية أن اتخذته. وكان من المفروض بعدما حصل من قمع سافر، وتوقيف جرائد الحزب، وإغلاق معظم مقراته، وإضافة سنتين من عمر البرلمان المزور، أن يتم الانسحاب من البرلمان كاحتجاج واضح وصريح على كل ذلك. لكن تخاذل البرلمانيين، وخيانتهم عمليا لموقف الحزب، وصمت، بل وتزكية المكتب السياسي لذلك السلوك الانتهازي، كل ذلك جعل الخلاف داخل الاتحاد يصل إلى نقطة اللاعودة، خاصة وأن الصراع الداخلي كانت له أبعاد أيديولوجية وتنظيمية أيضا.

 

4ـ وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

 

بعد الحكم على الفقيد عبد الرحيم بوعبيد ورفيقيه محمد اليازغي ومحمد الحبابي، ونقلهم إلى سجن ميسور لقطع كل اتصال لهم بباقي قادة الحزب ومناضليه، رفضت بقية المكتب السياسي بتوجيه من عبد الرحمان اليوسفي عقد أي اجتماع لا للجنة الإدارية ولا للجنة المركزية للنظر في تدبير المرحلة، وصياغة رد مناسب على تصعيد الحكم وضربه للقانون عرض الحائط بما في ذلك استفتاء 1980 القاضي بتمديد مدة الولاية التشريعية من أربع إلى ست سنوات ولكن ليس بأثر رجعي كما فعل سنة 1981، وذلك هروبا من انتخابات برلمانية جديدة يعرف مسبقا نتائجها، ولم يكن في إمكانه تزويرها كما في السابق لأن الظروف السياسية داخليا وخارجيا تغيرت رأسا على عقب. وبعدما استطاع الحكم فرض التنازل على المكتب السياسي، لجأ هذا الأخير إلى طرد الأستاذ بن عمرو وثلاثة من رفاقه من الحزب لتحويل الصراع مع الحكم حول الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى صراع داخلي مميت. ذلك القرار الغريب ما كان له إلا أن يؤدي إلى تصاعد احتجاجات القواعد الحزبية عليه. هكذا أصبحت الحياة الحزبية موسومة بالشك والعداء بين مناضلي الطرفين.

وفي جو حزبي مشحون اضطر المكتب السياسي إلى الدعوة لعقد اللجنة المركزية بعد سنتين من التجميد لاتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات الجماعية، لكنه لم يوجه الدعوة لمن اعتبر أنهم رافضين للمشاركة في ظل حالة استثناء عمليا. وحين قدموا للمقر المركزي للحزب بالرباط، نودي على قوات الأمن لحماية الاجتماع! وبطبيعة الحال اعتقلت هذه الأخيرة المعارضين لخوض الانتخابات وتم الزج بهم ومحاكمتهم بتهم ملفقة، وصدر الحكم على أغلبهم بسنة حبسا نافذا، وعلى الأستاذ بن عمرو وثلاثة آخرين بثلاثة سنوات كاملة، وكانت تلك المحاكمة سابقة في صراع حزبي داخلي قامت الدولة فيه بحسمه لصالح الطرف الموالي لها، ومنحه كل مقرات الحزب وصحافته، وقمعت الطرف الآخر وحاصرته سياسيا وإعلاميا لعدة سنوات، وسمته جماعة بن عمرو إمعانا في تقزيمه، والمراهنة على بث الحزازات في صفوفه.

خلال سنوات الاعتقال، التقى الأستاذ بن عمرو بالأستاذ عبد السلام ياسين مؤسس جماعة العدل والإحسان، ومع قادة لليسار الجديد كانوا معه في نفس المعتقل، واكتسب تجربة جديدة وغنية في مواجهة الظلم والطغيان، ونال احترام وتقدير الأصدقاء والخصوم على السواء.

 

5ـ عميد الحقوقيين المغاربة

 

بعد قضاء ثلاث سنوات وراء القضبان، لا لشيء إلا رفضه تزوير قرار حزبه بالدخول في انتخابات مزورة لتزكية سياسية التقويم الهيكلي التي أملاها صندوق النقد الدولي، والتي ستكون لها بعد تطبيقها لمدة عشر سنوات نتائج كارثية على القطاعات الاجتماعية، بشهادة البنك الدولي في تقريره الشهير لسنة 1995، خرج الأستاذ بن عمرو أكثر إصرارا على مواصلة النضال بكافة أشكاله حتى تتحقق كافة الأهداف التي ضحى من أجلها شهداء الشعب المغربي.

وهكذا ولأن الحكم كان يمارس حظرا على كل التنظيمات السياسية والحقوقية الجادة، بادر النقيب بن عمرو بتعاون مع النقيب عبد الهادي لقباب إلى تأسيس لجنة تنسيق بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان، كما اتصل بمن تبقى من أعضاء قيادة الجمعية للشروع في تحضير مؤتمر داخلي استثنائي بعد منع مؤتمرها الثاني وبشكل متكرر. وفعلا، وتحت تأثير التحولات الدولية في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، ستتمكن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من عقد مؤتمرها الاستثنائي

ومرة أخرى سيلعب الأستاذ بن عمرو دورا حاسما في إعادة تنظيم حزبه، وتغيير اسمه إلى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وذلك في اجتماع للجنة المركزية بمنزله في6 أكتوبر 1991، بل وفي اقتناء أول مقر للحزب بالرباط في نفس الفترة.

وبغض النظر عن نشاطه السياسي البارز، وعطائه المهني الغزير، فإن ما ميز الأستاذ بن عمرو هو تمسكه الشديد بالعدالة ودفاعه المستميت عن حقوق الإنسان بدون أي تمييز للجنس أو العرق أو اللون أو الجنسية. فاقتناعه بالرؤية الكونية لحقوق الإنسان لا تتناقض مع تشبثه واعتزازه بهويته المغربية العربية الإسلامية. ورغم سنه، وتعدد مهامه الحزبية والجمعوية والمهنية، لايتخلف عن أية تظاهرة، سواء كانت ذات بعد مطلبي أو احتجاجي. كما يكون دائما في مقدمة المحامين المتطوعين للدفاع عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والسلمية.

وخلال المناظرة الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي نظمها كل من المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالرباط في نونبر 2001، تقدم حزب الطليعة بمذكرة في الموضوع كانت من صياغة الأستاذ عبد الرحمان بن عمرو، كما كان ضمن هيئة الادعاء العام التي أعدت صك الاتهام ورافعت ضد الدولة المغربية والمتورطين معها في الانتهاكات الجسيمة التي عرفها المغرب، وذلك أثناء المحاكمة الرمزية التي انعقدت بالرباط في صيف سنة 2005.

وعلى الصعيد القومي  يعد من أبرز العاملين في المجال الحقوقي بفضل ما قدمه من مساهمات في الدفاع عن حقوق الشعوب العربية في فلسطين والعراق وسوريا، وفي محاربة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني بصفته عضوا مسؤولا بسكرتارية مجموعة العمل الوطنية لمساندة العــــراق وفلسطـــين.

وكان أيضا ضمن هيئة المحكمة الشعبية الدولية التي انعقدت بالقاهرة في نونبر 2005 من أجل محاكمة بوش وبلير وشارون عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها وتسببوا في ارتكابها بكل من فلسطين والعراق. وعضو في هيئة الدفاع التي قدمت في غشت 2006 شكاية لدى النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، ضد عمير بيريز، وزير الدفاع الإسرائيلي أنداك، وذلك من أجل متابعته جنائيا عن الجرائم الخطيرة المرتكبة ضد الشعب اللبناني ومنشآته وأراضيه، بواسطة الجيش الإسرائيلي.

كما طالب الدولة المغربية بالسحب التلقائي للجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين اختاروا العيش على أرض فلسطين والتمتع بالجنسية «الإسرائيلية»، وذلك بتطبيق مقتضيات قانون الجنسية المغربية.

وقد حضي بالتكريم عدة مرات، من المنظمات الحقوقية والسياسية، ويساهم بعدة منابر في نشر المعرفة القانونية والحقوقية، ولا يمكن حصر عدد العروض والمحاضرات التي قدمها في هذا المجال على مدى أربعين سنة من نضاله الحقوقي. وكذا المذكرات والرسائل المفتوحة ضد كل مظاهر القمع والحيف والغبن. دفاعا عن العدالة ولتمكين وإرساء منظومة قضائية نزيهة كفؤة مستقلة وجديرة بكرامة الإنسان المغربي، وفي هذا الصدد قام بمعية رفاق ورفيقات له بتأسيس مرصد العدالة بالمغرب والذي من بين أهدافه الأساسية رصد كل الخروقات الماسة باستقلال القضاء وبسيادة القانون والمرتكبة من قبل السلطة التنفيذية، وهي الخروقات التي عاشها ومازال يعيشها المغرب منذ الاستقلال وذلك بالرغم من الضمانات الدستورية المحدودة بهذا الخصوص…

ويعد من المدافعين الشرسين عن سيادة اللغة العربية في كل المرافق، وقد قام برفع دعاوي كثيرة ضد الدولة المغربية وتوجيه إنذارات إلى بعض الإدارات التي لا تستعمل اللغة العربية، ولا زال يشغل منصب مستشار في التنسيقية الوطنية للغة العربية.

 

6ـ مرجع قانوني وذاكرة سياسية غنية

 

يشهد جميع القضاة والمحامين الذين تعرفوا على الأستاذ عبد الرحمان بن عمرو بسعة ثقافته القانونية، وعمق وغنى مرافعاته، وقد نشر عدة دراسات حول العدالة ومهنة المحاماة. وسبق أن أصدر مجلة “اقلام” الثقافية بتعاون مع الأستاذين السطاتي وعابد الجابري سنة 1964، والتي لها صدى واسع وسط المثقفين المغاربة طيلة سنوات. ونظرا لمعايشته أحداث سياسية هزت المغرب، ورافق كل القادة البارزين تقريبا منذ بداية ستينيات القرن الماضي،وشارك بالخصوص في جل المحاكمات السياسية والعسكرية التي عرفها المغرب، فإنه من القلائل الذين يختزنون في ذاكرتهم، وفي الوثائق التي يتوفرون عليها الكثير من الأسرار والتفاصيل الدقيقة لقضايا لا زال يلفها الغموض لدى عموم النشطاء السياسيين. إنه كما قيل عنه في بعض الأحيان “خزانة متنقلة”!.

من أهم أعماله كتاب بعنوان “المحاماة في المغرب نضال في خضم أزمة” سنة 1993، وأصدر سنة 2014 كتابا آخر تحت عنوان “من أجل ذاكرة عادلة: محطات من حياة المناضل الأستاذ النقيب عبد الرحمن بن عمرو”. ويسرد فيه أبرز المحطات من حياته كفاعل سياسي وحقوقي ويقدم شهادة عن مرحلة صعبة من تاريخ المغرب الحديث… وفي سنة 2019، أصدر كتابا تحت عنوان “مؤامرة 8 ماي الفاشلة: الأسباب – الحدث – المحاكمة – التقييم – الاستمرار” وبملحق توثيقي للمحاكمة. ويبقى في النهاية، بن عمرو الإنسان الذي لا يسع المجال للإحاطة بكل مناقبه، وخصاله وأخلاقه التي تجعله متفردا بين القادة السياسيين بتضحياته، وزهده واستقامته وصموده ولمحاربته للزيف والنفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى