عاملات الجنس في زمن كورونا
◆ مينة بوشكيوة
عندما يتفق الجميع على كون هذا الفيروس اللعين قد ساوى بين الفقير والغني، بين الدول المتقدمة والأخرى المتخلفة، وبين الملوك والرعايا، بين الأمراء والعامة وبين السادة والعبيد، فلابد لنا أن نتفق، بحكم منطق الأمور، بأنه ساوى، أيضا، بين عاملات الجنس من الدرجة العليا، فتيات الشقق المفروشة والفنادق المصنفة والملابس ذات الماركات العالمية، من تقبضن أجورهن بالعملة الصعبة وتحملن شواهد عليا وتتكلمن لغات عدة، وبين عاملات الجنس، اللواتي لم تلجن المدارس، لا سكن لديهن، ولا احتياطات ضد الحمل أو توفيرا للمستقبل، من ولدن من رحم الفقر، وقدر عليهن أن تبعن لحومهن وفروجهن بأرخص الأثمان، مقابل ما يسد الرمق ويحفظ الجسد من قرص البلد ولفح الحر.
فإذا كانت تجارة الجسد عند الأولى اختيار واع ومسؤول، قد لا يكون الدافع إليه هو الفقر دائما، فإنه في حالة الثانية اضطرار وإجبار.
قد يقول قائل :”تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها” فأجيبه، بأن الحرية أولا وأخيرا، تعليم وصحة وشغل وتكافؤ فرص، ليس شاقا على أي أحد، أن يفهم لم تصدر دول أوروبا الشرقية وروسيا والمغرب العربي ومصر وإفريقيا جنوب الصحراء، بناتهن للدعارة، اسأل عن مكانة المرأة وفرصها في التعليم والشغل والمركز السياسي، ثم أجبني، ولذا، فكل عاملات الجنس هنا والآن، أصبحن متساويات أمام محنة هذا الوباء، واختلال قاعدة الطلب والعرض وإغلاق سوق الجنس كما أغلقت الفنادق والمراقص والحانات والملاهي والمقاهي والمطاعم، وباءت التطبيقات بالفشل بحكم الالتزام بقاعدة “أبقى فدارك” وحتى الزبائن، أغلقوا أبوابهم على أنفسهم وسط عائلاتهم، حماية لهم من العدوى وخوفا على ذويهم وأقربائهم، تاركين عاملات الجنس وحيدات في مواجهة مصيرهن، خاصة في مجتمع منافق مثل مجتمعنا، يشتغل بقاعدة “يا لطيف يا لطيف….أوبشحال ؟؟؟” ويقدس نفاقه بل ويدافع عنه ولسان حاله يقول: ” اللي تبلى يتستر”.
أيها الذكور، أنتم مسؤولون أمام ضمائركم، عن كل النساء اللواتي منحنكم لذة عابرة يوما ما، سواء كنتم زبناء مدمنين أو موسمين، عزابا أو متزوجين، تذكروا جيدا، أنهن كن موجودات لأجلكم، لأجل شهواتكم ونزواتكم واستيهاماتكم، بل منهن من كان لهن فضل رش الملح في رتابة زواجكم، يصنعن الفرح من لاشيء ويمنحنكم حرارة مابين فخذيهن كما قلوبهن، عندما تبرد أوصالكم وتتجمد الدماء في عروقكم، وهن اللواتي يخفضن من ضغط شهوانيتكم كلما استبد بكم الجوع للحم الأنثوي المباح، بقليل من الأوراق النقدية والهدايا، رخيصة للفقيرات وغالية للمقتدرات.
أيها الذكور، ابحثوا عن طرق ذكية ودافئة إنسانية، لتساعدوهن في هذه الأيام العصيبة، تماما كما كنتم قادرين على التسلل إلى أحضانهن ودفء أفرشتهن، رغم حصار زوجاتكم أو جيوبكم، كونوا رجالا حقيقيين ولا تتخلوا عن النساء اللواتي يبعن لحومهن لشراء قليل من اللحم يضفنه للخضر والمرق فوق موائد أسرهن.