العمالة المغربية باسبانيا الأزمة ورعب الإصابة بفيروس كورونا

◆ حسين فاتش

كان‭ ‬إعلان‭ ‬حكومة‭ ‬بيدرو‭ ‬سانشيز‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬لمواجهة‭ ‬تفشي‭ ‬الإصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2020،‭ ‬قد‭ ‬قيد‭ ‬من‭ ‬حركة‭ ‬تنقلات‭ ‬المواطنين،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬الأوامر‭ ‬بإغلاق‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬تجمعات،‭ ‬مثل‭ ‬دور‭ ‬المسارح،‭ ‬والسينما،‭ ‬والمتاحف،‭ ‬والمنشآت‭ ‬الرياضية،‭ ‬ومراكز‭ ‬اللهو،‭ ‬والحانات،‭ ‬والمطاعم،‭ ‬وحدائق‭ ‬الأطفال‭.. ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬إعلان‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ،‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬وقع‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬السوسيو‭ ‬اقتصادي‭ ‬منها،‭ ‬قد‭ ‬تجلت‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭  ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬لكافة‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والصناعية‭ ‬والخدماتية‭  ‬الغير‭ ‬أساسية،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬ترتب‭ ‬عنه‭ ‬توقف‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬ألف‭ ‬مقاولة‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة‭ ‬عن‭ ‬مزاولة‭ ‬أنشطتها،‭ ‬بين‭ ‬عشية‭ ‬وضحاها‭ ‬ودون‭ ‬سابق‭ ‬إنذار،‭ ‬مما‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتباك‭ ‬في‭ ‬أوساط‭  ‬أربابها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اضطرارهم‭  ‬لتسريح‭ ‬عمالهم،‭ ‬إما‭ ‬تسريحا‭ ‬مؤقتا‭ ‬أو‭ ‬نهائيا‭.‬‭. ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمي‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬المغربية‭ ‬النشطة‭ ‬والمسجلة‭ ‬بصندوق‭ ‬الضمان‭  ‬الاجتماعي‭ (‬حوالي‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬عامل‭) ‬تشتغل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬والبناء،‭ ‬وعلما‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬مكونات‭ ‬النسيج‭ ‬المقاولاتي‭ ‬لجمعيات‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغرى‭ ‬والمتوسطة‭ ‬بإسبانيا،‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭  ‬وصول‭   ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬طبيعيا‭ ‬أن‭  ‬يتصدر‭ ‬العمال‭ ‬والتجار‭ ‬المغاربة‭ ‬قائمة‭ ‬ضحايا‭ ‬الأزمة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬ضحايا‭ ‬التسعمائة‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬مناصب‭ ‬الشغل‭ ‬التي‭ ‬جرفها‭ ‬تسونامي‭ ‬وباء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭  ‬باسبانيا‭.. ‬وهي‭ ‬الكارثة‭ ‬الشغلية‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬للمكتب‭ ‬الدولي‭ ‬للشغل‭ ‬بجنيف‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬تقريرا‭ ‬بخصوصها،‭ ‬حذر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭  ‬ستجرف‭ ‬نصف‭ ‬مناصب‭ ‬الشغل‭ ‬المتوفرة‭  ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬كما‭ ‬نبه‭ ‬إلي‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬ستحل‭ ‬بالفئات‭  ‬المهمشة‭ ‬التي‭ ‬يشغلها‭ ‬القطاع‭ ‬الغير‭ ‬مهيكل‭..‬

بالنسبة‭ ‬للقطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬الذي‭ ‬يغذي‭ ‬قفة‭ ‬مجموعة‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭  ‬الأوربي،‭ ‬فلم‭  ‬تشمله‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬المقاولات‭ ‬والضيعات‭ ‬عن‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتصدير،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تضحيات‭ ‬العمال‭ ‬المغاربة‭ ‬الزراعيين‭ ‬ومخاطرتهم‭  ‬بحياتهم‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬أخطر‭ ‬كارثة‭ ‬فيروسية‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ .. ‬وقد‭ ‬أماطت‭ ‬أزمة‭ ‬نقصان‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬بالقطاع‭ ‬الفلاحي،‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬المستجدات‭  ‬التي‭ ‬أفرزتها‭  ‬أزمة‭  ‬كورونا‭ ‬اللثام‭ ‬عن‭  ‬ظاهرة‭   ‬تشغيل‭ ‬أرباب‭ ‬الضيعات‭ ‬الفلاحية‭  ‬للمهاجرين‭  ‬الغير‭ ‬نظاميين،‭ ‬في‭ ‬جني‭ ‬المحاصيل‭ ‬خاصة‭ ‬بجهة‭ ‬مورسيا‭ ‬وألميريا،‭ ‬واللتان‭ ‬عرفتا‭ ‬مؤخرا‭ ‬موجة‭ ‬نزوح‭ ‬جماعية‭ ‬للمهاجرين‭ ‬بلا‭ ‬أوراق‭ ‬إقامة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يسمون‭ ‬ب‭ “‬الحراكا‭”‬،‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬وما‭ ‬صاحبها‭ ‬من‭ ‬إلزام‭ ‬المواطنين‭ ‬بالمكوث‭ ‬داخل‭ ‬بيوتهم‭ ‬وقيام‭ ‬رجال‭ ‬الحرس‭ ‬المدني‭ ‬والشرطة‭ ‬بتسيير‭ ‬دوريات‭  ‬لفرض‭ ‬تنفيذ‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭.‬

على‭ ‬أية‭ ‬حال،‭ ‬لسان‭ ‬حال‭ ‬العمال‭ ‬المغاربة‭ ‬المهاجرين‭ ‬باسبانيا‭ ‬يردد‭ ‬كلام‭ ‬الشاعر‭.. ‬عيد‭  ‬بأية‭ ‬حال‭ ‬عدت‭ ‬يا‭ ‬عيد‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى