المرجو الاتصال لاحقا خطي غير مشغل
منعم وحتي
يحكى أن شابا وشابة كانا على علاقة غرامية، وذات يوم هاتفته صديقته قائلة: “إنني حامل”، أجابها بصوت شركة اتصالات الهاتف المحمول: “المرجو إعادة الاتصال لاحقا خط مخاطبكم غير مشغل”.
أعتقد أن كل من كتب تدوينة أو حرر رأيا أو فاه بكلمة، وأولها “أصحاب الحال” بأنها إساءة، أو اشتموا فيها رائحة رأي مزعج، أو شُبهة رأي في منتوج..، ما عليه إلا أن يدعي الجنون أو أن يكرر مع شركة الاتصالات الصوت الآلي للعطب التقني أو عدم تشغيل الخط.
فمن الكلمات التي عرفت سجالا محتدما بين علماء اللغة والتفسير كلمةُ “تأويل”، حيث عرفت جدلا ولغطا طويلين لحسم معناها مع اختلاف السياقات. لهذا فما كان يُخَطَّطُ له بإنزال مشروع القانون 22.20، هو تمرير نص مفتوح على كل الاحتمالات، يكون حمال أوجه كما قال علي بن أبي طالب، ويسمح تأويله بتكييف متابعة أي كان على النوايا والحلم أو حتى زلة اللسان..
فالمشرع المخزني، وبالرعونة المعتادة، يوجه مدفعيته الثقيلة للمعارضين، ويدعي أنه سيفك شيفرة تأويل كل التدوينات، رغم إرث إشكال النحاة واللغويين والمتكلمين والمفسرين الذين تجادلوا لأزمنة حول تفكيك كلمة التأويل.
إنها عودة مسمومة إلى الظهير الاستعماري “كل ما من شأنه”، والماسكُ استبداداً بزمامِ السلطةِ، هو المتحكم في تأويل كل المعاني الملتبسة لصالحه. إن هذا التشريع، الذي سيدخلنا جميعا إلى سجن احتياطي كبير، صَكّ اتهامه بسيط جدا: لا تفكر.. لا تكتب.. لا تغفُ حتى.. فقد يعتقلونك من وسط أحلامك..
والغريب في تتبع خيوط مَنْ حَبَكَ دسيسة هذا المشروع المشؤوم، أنه ينتمي لشلة رفاق الأمس ذات قطيعة ثمانينية، والأغرب أن يستفيق بعض الرماديين، ليتنصبوا حكماء لهذا الزمن الوبائي الأغبر، بِلَيّ عنق الحقائق، وكما قلنا: “لقد أكثر أبو هريرة”.. فلا تٌكْثِرْ علينا.. فلا زلنا أحياء. لقد راوغوا هذا الزمن الوبائي العصيب، وقالوا: نؤجل نقاش مشروع 22.20.
ننبههم أنهم إذا أخرجوه من الثلاجة ثانية، يمكن أن يكون رد المغاربة أشد وطأة، فلا تجربوهم، ففي قرارة أنفسهم لازمة.. “إذا عدتم عدنا”.
ملحوظة: المرجو الاتصال لاحقا خطي غير مشغل.