لا مجال للنعرات في فسيفساء المغرب المتعدد
◆ سعيد المغربي
فيما يخص المسألة الأمازيغية، فنحن كلنا أمازيغ ونفتخر، وأغلبنا تعرب وانخرط في سياق تاريخي جديد أسسه الأمازيغ أنفسهم من المرابطين والموحدين والمرينيين الذين يعتبرون وبامتياز دولا ثقافية وسياسية. هل بعد كل هذه القرون وهذا الانتماء التاريخي العظيم للمغاربة وإسهامهم في بلورة ثقافة وفكر محلي يمزج كل عناصر الهوية المحلية، يريد دعاة التفرقة أن يوجهوا الصراع من صراع حضاري وطبقي إلى صراع إثني تغذيه الصهيونية والامبريالية الجديدة بمقومات ثقافية هدامة لتاريخ الشعوب والأمم.
لكل سكان المعمور تعدد لغوي لكن سرعان ما يستقر على لغة موحِّدة للتواصل والتفاهم والابتكار. فهل على المصريين الرجوع إلى اللغة الفرعونية أو الهيروغليفية لتأصيل لغة وانتماء المصريين لمصر، وهل على العراقيين الرجوع إلى اللغة الكنعانية أو السومرية، والشاميين الرجوع إلى اللغة اللاتينية القديمة، والأمريكان للغة الهندية الأصلية. إن المسألة مضيعة للوقت، علما أننا في المغرب نتعايش بأكثر من خمس لغات دون إحساس بالدونية أو القهر اللغوي، الذي بدونه استمرت اللغات الأمازيغية لسنين في المغرب دون إكراه أو تعسف. فتجد عربيا تمزغ.. وأمازيغيا تعرب، ليس لكل واحد منا أن ينزع عن الآخر انتماءه إلى حضارة تاريخية قوامها المغرب وسكان المغرب وحضارة المغرب. فالسلطان “يوسف ابن تاشفين” لم يكن يتكلم العربية قط ومع ذلك علم ابنه “علي بن يوسف” اللغة العربية وأسس من خلال هذا الاختيار اللغوي لثقافة وعلوم لازالت حاضرة إلى اليوم. وهكذا أصبحت اللغة العربية موحِّدة ولغة علم ومعرفة في ذلك العهد.
فاللغة العربية ليست لغة عرق بل هي لغة تخاطب لسني، فالأقوام المنتسبة لهذه اللغة ليست بالضرورة من الإثنيات العربية الشرقية، وليست حتى من دين العرب فهناك اليهود العرب والمسيحيون العرب والمسلمين العرب والأفارقة العرب، فالانتماء للعرب ليس عرقيا أو إثنيا، بل فقط باللغة. فيكفي ان تتكلم اللغة العربية لتصبح عربيا.
إن كانت اللغة العربية أو دارجتها هي التي تسود في أغلب مناطق المغرب، فإنه من الناحية الطبقية الأمازيغ هم الذين يحكمون المغرب وأغلب الرأسماليين في المغرب أمازيغ، وبتمحيص التشكيلة الطبقية في المغرب، فإن أكثر من ثلاث أرباع الاقتصاد المغربي في أيدي ذوي الأصول الأمازيغية.
أما اختلاق النعرات الإثنية واللغوية داخل الشعوب فهو يهدف إلى التفرقة والهدم وتفتيت الشعوب والقضاء على كل عناصر الانصهار الثقافي واللغوي الذي هو حصيلة كل وجودنا المغربي الفعال..