موروزيكا

◆ محمد خدي

يافطة‭ ‬إشهار‭ ‬فيلم‭ “‬أمنا‭ ‬الأرض‭”‬عالقة‭ ‬على‭ ‬اقواس‭ ‬أحجار‭ ‬متداعية‭ ‬على‭ ‬بعضها،‭ ‬ووجه‭ ‬الممثلة‭ ‬نرجس‭ ‬لازال‭ ‬وضاء‭ ‬لافحا‭. ‬نخلة‭ ‬باسقة،‭ ‬هزيلة‭ ‬يكاد‭ ‬جريدها‭ ‬يلامس‭ ‬الأرض‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬هبة‭ ‬ريح‭. ‬نساء‭ ‬يملأن‭ ‬القلل‭   ‬من‭ ‬عين‭ ‬يعتصرن‭ ‬دمعها‭. ‬عنزتان‭ ‬تقفزان‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬اخريتان‭ ‬تتناطحان‭ ‬هناك،‭ ‬وأخرى‭ ‬وحيدة‭ ‬هنالك‭ ‬تلتهم‭ ‬علب‭ ‬الكارطون‭.  ‬الرقاص‭*‬على‭ ‬ظهر‭ ‬جمل‭ ‬يصعد‭ ‬وينزل‭ ‬الكثبان،‭ ‬بجرابه‭ ‬الوبري‭ ‬المزركش،‭ ‬المعلق‭ ‬على‭ ‬كشحه‭. ‬ناقوس‭ ‬إنذار‭ ‬صدئ‭ ‬معلق‭ ‬على‭ ‬صومعة‭ ‬خوارجية‭. ‬سلسلة‭ ‬آبار‭ “‬فجارة‭”* ‬ناضبة‭ ‬عن‭ ‬آخرها‭. ‬خنافس‭ ‬مقعية‭ ‬على‭ ‬قوائمها‭ ‬الأمامية‭ ‬تستذر‭ ‬حبات‭ ‬ندى‭ ‬مستجمعة‭ ‬على‭ ‬بطونها‭. ‬فتيات‭ ‬يعلوهن‭ ‬الغبار،‭ ‬يتأملن‭ ‬سياحا‭ ‬أجانب‭ ‬متجهمين‭ ‬ينزلون‭ ‬بتوءدة‭ ‬من‭ ‬حافلة‭ ‬مكيفة‭. ‬أعجاز‭ ‬نخل‭ ‬هاوية،‭ ‬يجلس‭ ‬عليها‭ ‬أطفال‭ ‬يشاهدون‭ ‬مباراة‭ ‬لعبة‭ “‬الشمتة‭” ‬تجري‭ ‬اطوارها‭ ‬بين‭ ‬اقران‭ ‬لهم‭. ‬كلبة‭ ‬السيدة‭ ‬روني‭ ‬تقفز‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬وتتبول‭ ‬وتتغوط‭ ‬انى‭ ‬ومتى‭ ‬شاءت‭. ‬قطة‭ ‬جرباء‭ ‬تئن‭ ‬تحت‭ ‬صهريج‭ ‬ماء‭ ‬صدئ‭. ‬حمامة‭ ‬مكسورة‭ ‬الجناح،تتهاوى‭ ‬من‭ ‬عل،‭ ‬إثر‭ ‬طلق‭ ‬ناري‭ ‬طائش‭ . ‬جناح‭ ‬طائرة‭ ‬عسكرية‭ ‬نصفه‭ ‬مدفون‭ ‬تحت‭ ‬الرمال‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬حرب‭ ‬التحرير‭. ‬صبيان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬البط‭ ‬يعبرون‭ ‬الزقاق‭ ‬متوجهين‭ ‬إلى‭ ‬الجامع‭ ‬يتقدمهم‭ ‬شيخهم‭ ‬بعمامته‭ ‬الأفعوانية‭ ‬وعباءة‭ ‬بيضاء‭ ‬فضفاضة‭ ‬تكسوها‭ ‬حمرة‭ ‬غبار‭ ‬الرمل‭ ‬الصخري‭. ‬فرقة‭ ‬گناوة‭ ‬القرية‭ ‬تعزف‭ ‬ألحانا‭ ‬فولاذية‭ ‬مناجاتية،‭ ‬منذ‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭. ‬رجال‭ ‬ملثمون‭ ‬بأوشحة‭ ‬زرق‭ ‬يظهرون‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬ويختفون‭ ‬من‭ ‬هناك،‭ ‬تحت‭ ‬الخيام‭ ‬الرمادية‭. ‬بنايات‭ ‬طينية‭ ‬تتراءى‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬وراءها‭ ‬إعصار‭ ‬غبار‭ ‬شجري،‭ ‬ينذر‭ ‬بحلول‭ ‬الظلام‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬النهار‭. ‬تلك‭ ‬بقايا‭ ‬لوحة‭ ‬لرسام‭ ‬مغمور‭ ‬بمقاس‭: (‬56سم‭/‬19سم‭)‬،‭ ‬مطروحة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬جانبية‭ ‬مظلمة‭ ‬في‭ ‬متحف‭ ‬اللوفر‭ ‬بعاصمة‭ ‬الأنوار،‭ ‬عن‭ ‬قرية‭ ‬موروزيكا،‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬بها‭ ‬حرب‭ ‬التحرير،‭ ‬فأصبحت‭ ‬نسيا‭ ‬منسيا‭. ‬

‭—————————————————–‬

‭#‬‭ ‬تفيد‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬التراثية،‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬ينقل‭ ‬الأخبار‭ ‬والرسائل‭ ‬بين‭ ‬القرى‭ ‬والقبائل‭ ‬والمدن‭…. ‬وهو‭ ‬بمثابة‭ ‬ساعي‭ ‬البريد‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الراهن‭.‬

‭#‬‭ ‬نبع‭ ‬ماء‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬المحلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى