صخرة أيّوب

◆ زهرة عز

◆ زهرة عز

بكهفه‭ ‬المظلم‭ ‬تمدّد‭ ‬أيوب‭ ‬مهموما‭ ‬يدغدغ‭ ‬كوابيسه،‭ ‬بعدما‭ ‬أرسل‭ ‬أحلامه‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬اقتناص‭ ‬لأشعة‭ ‬الشمس،‭ ‬حين‭ ‬اندلعت‭ ‬شرارة‭ ‬أضاءت‭ ‬عالمه‭ ‬المظلم‭.‬

بروميتيوس‭ ‬كان‭ ‬كريماً‭ ‬وهو‭ ‬يمنحه‭ ‬شعلة‭ ‬المعرفة‭ ‬وينير‭ ‬كل‭ ‬العتمة‭ ‬المحيطة‭ ‬به،‭ ‬عانق‭ ‬أيوب‭ ‬ظلّه‭ ‬أخيرا‭ ‬و‭ ‬أحلامه‭ ‬المتشبعة‭ ‬بالنور‭ ‬وتوجه‭ ‬لمدخل‭ ‬الكهف‭ ‬حيث‭ ‬صخرة‭ ‬العبث‭ ‬والبلاهة‭ ‬تسد‭ ‬منفذه،‭ ‬يرتجي‭ ‬معانقة‭ ‬الفضاء‭ ‬الرحب‭ ‬وكرامته،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬الصخرة‭ ‬عائقاً‭ ‬لحريته‭ ‬بعدما‭ ‬أنيرت‭ ‬كل‭ ‬زوايا‭ ‬عالمه‭ ‬المظلم،‭ ‬باستطاعته‭ ‬الآن‭ ‬لمسها‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬والتعرج‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ملامحها‭ ‬المشوهة‭. ‬استجمع‭ ‬قوته‭ ‬وبإرادة‭ ‬حديدية‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬زعزعتها‭ ‬ودحرجتها‭ ‬خارج‭ ‬الكهف،‭ ‬سؤال‭ ‬محيّر‭ ‬نغّص‭ ‬عليه‭ ‬لوهلة‭ ‬فرحه‭ ‬بأمل‭ ‬خلاصه،‭ ‬اين‭ ‬سيرمي‭ ‬بصخرته‭ ‬الملعونة؟‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬كثيراً‭ ‬وهو‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬قراره،‭ ‬سيرمي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬السفلي‭ ‬خارج‭ ‬زمانه‭ ‬ومكانه‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحجب‭ ‬الشمس‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأيوبيين،‭ ‬فبذلك‭ ‬العالم‭ ‬أسفل‭ ‬السافلين،‭ ‬وقد‭ ‬يستأنسون‭ ‬بعبثهم‭ ‬وبلاهتهم‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬غبائهم‭ ‬ويتحسرون‭ ‬على‭ ‬تسرب‭ ‬النور‭ ‬والحكمة‭ ‬بين‭ ‬أصابعهم‭ ‬الهلامية‭.‬

‎اتسعت‭ ‬ابتسامة‭ ‬أيوب‭ ‬إشراقا‭ ‬وقد‭ ‬تشبّع‭ ‬بكل‭ ‬أسلحة‭ ‬النضال‭ ‬والتحدي‭ ‬لإزعاج‭ ‬البلاهة‭ ‬والعبث‭ ‬ومجابهتها‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬أصبح‭ ‬بعيداً‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬العقل‭ ‬والعقلانية‭.‬

‎أدرك‭ ‬أيوب‭ ‬أخيراً‭ ‬وهو‭ ‬يرمي‭ ‬بالصخرة‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬حياته‭ ‬الأسمى‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مصيره‭ ‬وصناعة‭ ‬قدره‭ ‬وأن‭ ‬في‭ ‬موقفه‭ ‬الشجاع‭ ‬تكمن‭ ‬قوته‭ ‬و‭ ‬قيمة‭ ‬مايقدمه‭ ‬من‭ ‬تحدي‭ ‬وإصرار‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى