الكبير بنعمرو يقود كتيبة الدفاع عن الصحفي عمر الراضي

◆ خالد بكاري

شحنة‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬أخدتها‭ ‬اليوم‭  ‬عندما‭ ‬التقيت‭ ‬النقيب‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو،‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬التحقيق‭ ‬التفصيلي‭ ‬مع‭ ‬عمر‭ ‬الراضي‭ ‬أمام‭ ‬قاضي‭ ‬التحقيق،‭ ‬كان‭ ‬صحبة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬الذين‭ ‬تطوعوا‭ ‬لمؤازرة‭ ‬عمر،‭ ‬وطبعا‭ ‬أم‭ ‬وأب‭ ‬عمر‭.‬

ليس‭ ‬عندي‭ ‬ذرة‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬براءة‭ ‬عمر،‭ ‬ولن‭ ‬أكون‭ ‬مبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلت‭ ‬بأن‭ ‬إيماني‭ ‬ببراءته‭ ‬يعادل‭ ‬إيمان‭ ‬خالتي‭ ‬فتيحة‭ ‬وأبي‭ ‬ادريس‭ ‬والدي‭ ‬عمر‭. ‬ذاك‭ ‬الإيمان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬للإطلاع‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬الملف،‭ ‬لأنك‭ ‬تعرف‭ ‬الشخص‭ ‬مثل‭ ‬معرفتك‭ ‬بمسام‭ ‬جلدك‭.. ‬ولكن‭ ‬أحيانا‭ ‬تحتاج‭ ‬لمن‭ ‬يدعم‭ ‬هذه‭ ‬الثقة‭.. ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬وسط‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الانهيارات‭.‬

ما‭ ‬علاقة‭ ‬النقيب‭ ‬بنعمرو‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬؟

حضور‭ ‬بنعمرو‭ ‬للبيضاء‭ ‬لمؤازرة‭ ‬عمر‭ ‬تطوعا،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬المتقدمة،‭ ‬يعني‭ ‬لي‭ ‬الكثير‭.. ‬ليس‭ ‬لتاريخه‭ ‬الحقوقي،‭ ‬ولمصداقيته،‭ ‬ولثقله‭ ‬القانوني‭.. ‬بل‭ ‬لسبب‭ ‬آخر‭.‬

من‭ ‬يتتبع‭ ‬بنعمرو‭ ‬وتاريخه‭ ‬النضالي‭ ‬والسياسي‭ ‬والحقوقي،‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬إيمانا‭ “‬ارثودكسيا‭” ‬بأمرين‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬فيهما‭ ‬ذرة‭ ‬تنازل‭ ‬أو‭ ‬تساؤل‭ ‬أو‭ ‬تشكيك‭.. ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬جيل‭ ‬عرف‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬الثمانينات‭ ‬وبداية‭ ‬التسعينات‭ ‬كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنه‭ ‬متشدد‭ ‬فيهما،‭ ‬نحن‭ ‬ذلك‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬اكتشف‭ ‬دهشة‭ ‬العالم‭ ‬والسياسة‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬انهيار‭ ‬المعسكر‭ ‬الشرقي‭ ‬وتراجع‭ ‬الخطابات‭ ‬القومية‭ ‬وتصاعد‭ ‬النزعة‭ ‬الحقوقية‭.‬

هذين‭ ‬الأمرين‭ ‬هما‭ : ‬أولا،‭ ‬مغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬مجادلة‭ ‬بنعمرو‭ ‬حول‭ “‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭”‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬التجزئة‭ ‬هي‭ ‬مخطط‭ ‬استعماري‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬الشعوب،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬حارب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬الصحراء‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬استكمال‭ ‬التحرير،‭ ‬وأن‭ ‬مهمة‭ ‬التحرير‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الحركة‭ ‬الديمقراطية‭. ‬وبالتالي‭ ‬هاته‭ ‬القضية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬محل‭ ‬اصطدام‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬تنازلت‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭.‬

وثانيا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬المستعمرين‭ ‬السابقين،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬بالضغط‭ ‬الخارجي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أنظمة‭ ‬غربية‭ ‬يعتبرها‭ ‬استعمارية،‭ ‬ويؤمن‭ ‬بأنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬مواجهة‭ ‬مخططات‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬وبين‭ ‬مواجهة‭ ‬الاستبداد‭ ‬المحلي‭ ( ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬الحكم‭ ‬الفردي‭)‬،‭ ‬فالتناقض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬مع‭ ‬الأول‭ ‬رئيسي‭ ‬ومع‭ ‬الثاني‭ ‬ثانوي‭.‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬القائل‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬كلاسيكي،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يهمني‭ ‬أنه‭ ‬يستحيل‭ ‬للنقيب‭ ‬بنعمرو‭ ‬أن‭ ‬يتطوع‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ “‬جاسوس‭” ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬من‭ ‬يعتبرهم‭ ‬بنعمرو‭ ‬مستعمرين‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭.. ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬بنعمرو،‭ ‬سيؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬عنده‭ ‬قشة‭ ‬من‭ ‬الشك،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬أنه‭ ‬سيرفض‭ ‬التطوع،‭ ‬بل‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬حتى‭ ‬بالترافع‭ ‬المؤدى‭ ‬عنه‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأمور،‭ ‬بنعمرو‭ ‬أكثر‭ ‬تشددا‭ ‬من‭ ‬النظام،‭ ‬لذلك‭ ‬فشحنة‭ ‬الأمل‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬بتطوع‭ ‬بنعمرو،‭ ‬بل‭ ‬إيمانه‭ ‬ببراءة‭ ‬عمر،‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬لوالديه،‭ ‬مرفوقة‭ ‬بابتسامة‭ ‬فيها‭ ‬الثقة‭ ‬والأمل‭ ‬والتضامن،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬نظيره‭ ‬إلا‭ ‬عند‭ ‬الوالدين‭.‬

آخر‭ ‬ما‭ ‬ختم‭ ‬به‭ ‬النقيب‭ ‬بنعمرو،‭ ‬هو‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬إعجابه‭ ‬بردود‭ ‬عمر‭ ‬أمام‭ ‬قاضي‭ ‬التحقيق‭.. ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬لأم‭ ‬عمر‭: “‬ولدك‭ ‬تبارك‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬هو‭ ‬أصلا‭ ‬محامي،‭ ‬فران‭ ‬وقاد‭ ‬بحومة‭.”‬

فرمزية‭ ‬تطوع‭ ‬النقيب‭ ‬بنعمرو‭ ‬عندي‭ ‬أهم‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬مرافعاته‭. ‬

شكرا‭ ‬لكل‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬المتطوعة‭ ‬والتي‭ ‬حضرت‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬مختلفة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى