حوار مع رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف
حسان كمون رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف
ساهم المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، ومنذ نشأته بالتعريف بقضايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وفي النضال والترافع من أجل ضحايا سنوات الرصاص، ومن أجل ضمانات قانونية ودستورية، حتى لا يتكرر ذاك الماضي الأسود، نحاور رئيس المنتدى، حول الوضع الحقوقي العام والردة التي يعرفها هذا الحقل.
تعيش بلادنا مند مدة سلسلة من التراجعات تمس حقوق الإنسان والحريات، وتجري عدد من المحاكمات ضد المناضلين والنشطاء الحقوقيين والصحفيين، كيف تفسرون ما يقع؟ وما علاقته بما يجري من ثورات مضادة.. في عدد من الدول إقليميا، والتي عرفت حركات شعبية .
أظن أن التعميم لا يصح، الحالة المغربية مختلفة عن باقي الحالات في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط وشرقه. لا تشبه الحالة المغربية حالات مثل ليبيا أو سوريا أو اليمن أو حتى تونس. قاسمهم المشترك هو الانتفاض ضد الاستبداد والفساد في سياق التطور التكنولوجي المتمثل على وجه الخصوص في الدور المتزايد لشبكات التواصل الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالمغرب، ما حدث في 20 فبراير لم يكن بنظري ثورة، بل كان حراكا (بحسب ما استوردناه من تعابير مشرقية).. لقد كانت البلاد مهيأة لإحداث تغييرات بفعل العمل الذي قامت به الحركة الديمقراطية الوطنية بكل مكوناته السياسية والنقابية والمدنية والنضالات التي خاضتها مند عقود، فمطلب تعديل الدستور مثلا كان قائما وحاصلا على شبه إجماع من طرف الجميع. والامتياز الذي كان لأحداث 20 فبراير هو كسر جدار الخوف وتسريع حركة التغييرات التي كان لا مفر منها..
كما أن مجمل التحولات التي عرفها المغرب خلال العقد ما قبل هذا الحراك، مكن من مرور الأحداث بالشكل الذي مرت عليه.. الميزة الثانية لحركة 20 فبراير هي أنها أبانت لأول مرة في المغرب عن تنظيم احتجاجات بذلك الحجم خارج التأطير السياسي الحزبي والنقابي والمدني رغم الحضور البين لمناضلي هذه الإطارات في هذا الحراك. كما وجب تسجيل عجز قوى الصف الديمقراطي بمختلف مشاربها في تثبيت والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات حقوقية، ثم أيضا هشاشة البنيان الديمقراطي ببلادنا الذي مازال يعيش على نغمات ما يطلق عليه بالانتقال الديمقراطي.
ما أسمتيه ثورة مضادة أعتبره ناتجا عن السياق الدولي الذي تميز بالمد اليميني في الدول الغربية من جهة وضعف القوى الديمقراطية من جهة ثانية (ولا يتسع المجال هنا لتحليل أسباب ذلك كله) مما يقوي من اتجاه التراجعات كما يقلل من احتمالات أن تسهم الاحتجاجات ونتائجها، والتي تحدث هنا وهناك في تعميق المنحى الديمقراطي الوطني..
تنوعت أساليب القمع واتخذت المتابعات القضائية ضد النشطاء والصحفيين صيغا غير مسبوقة، وذلك بالتزامن مع حملات من التعتيم والتضليل التي تنتهجها بعض الأوساط الإعلامية، كيف تقيمون كمنظمة حقوقية هذه الظاهرة؟ وما العمل من أجل تقوية وتعزيز محيط سياسي وإعلامي وثقافي مناصر لقيم الحرية وحقوق الإنسان؟
في البداية لا بد من توضيح أن الأساليب القمعية والمتابعات القضائية ضد النشطاء والصحفيين هي صيغ مسبوقة وليس العكس، فبلادنا عاشت أشكالا وأنواعا من الأساليب القمعية الرهيبة والمتابعات القضائية الشنيعة بل تعدتها إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان (اختطافات- إعدامات خارج القانون) وهو ما يعبر عنه بسنوات الرصاص. صحيح أن هذا النوع من الانتهاكات الجسيمة وضعنا معظمه خلفنا، وهذا بفضل تضحيات ونضالات قوى الصف التقدمي وضمنه الحركة الحقوقية، ولكن بقيت عدد من أساليب التضييق والقمع : التضليل وهي غير مبررة بالمطلق ولاتتجاوب مع التزامات الدولة وخاصة مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة كإطار للعدالة الانتقالية التي نسعى من خلالها إلى القطع كليا مع تلك الأساليب وتوفير شروط ممارسة ديمقراطية تنسجم مع ماتنص عليه المواثيق الدولية والبروتوكولات الملحقة بها. ومن هنا فإننا كمنظمة حقوقية نجدد إدانتنا لكل تلك الأساليب ونشجبها ونتضامن مع ضحاياها وهذا ما عبرنا عنه سواء كمنتدى أو كائتلاف في عدة مناسبات، إذ طالبنا بإطلاق سراح معتقلي كل الحراكات الاجتماعية ومتابعة الريسوني وعمر الراضي والمعطي منجب في حالة سراح لتوفرهم على ضمانات الحضور، و تهييئ كل شروط المحاكمة عادلة. أما فيما يتعلق بمتطلبات مواجهة حالة الجزر الحقوقي ببلادنا فإننا مدعوون كقوى الصف التقدمي إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوثيق العلاقة فيما بينها وتوطيدها لأجل صياغة برنامج نضالي يقدم إجابات حقوقية ويطرح بدائل لتجاوز انتهاك الحقوق والحريات، والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف سبق له أن نظم ندوة لذات الموضوع شاركت فيها عدة هيئات حقوقية والتي عبرت عن استعدادها للانخراط في أية مبادرة من شأنها الارتقاء بأدائنا النضالي حماية للحريات والحقوق والنهوض بها.
كيف يمكن التصدي لهذه التراجعات، والدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي في مجال الحريات وحقوق الانسان ؟
لا يمكن تصور أي شكل من أشكال الديمقراطية دون أحزاب سياسية، وأساسا دون أحزاب سياسية ديمقراطية لا يمكن إنجاز مهام الديمقراطية وتحصين المكتسبات في مجال الحريات وتوسيعها وبلغة المنتدى إرساء ضمانات عدم التكرار.. لا يمكن إنجاز ذلك بدون أحزاب سياسية ديمقراطية ..
لا يمكن أيضا أن تنوب في ذلك جمعيات المدنية رغم ضرورتها في العملية الديمقراطية ولا يمكن ل” المنصات الإعلامية “ أو الشخصيات “التي تقدم نفسها كبديل عن القوى الحزبية السياسية المناضلة.. لا يمكنها أن تنوب كما قلت عن الأحزاب الديمقراطية. والحال أن الحلقة الأضعف حاليا في العمل من أجل الديمقراطية هي حلقة الأحزاب.. ضعف الأحزاب يضعف من مردود هيئات المجتمع المدني في المجال الديمقراطي..
الواجب إذا هو تقوية الأحزاب الديمقراطية.. ثم بعد ذلك العمل الذي تقوم باقي الحركات المدنية.. والواجب كذلك هو توحيد جميع مجهودات الفعل الديمقراطي على أسس احترام التعدد والاختلاف والتباين لأنه في الأخير موازين القوى هي الفيصل في مثل هذه الإشكالات.
تواجه الحركة الحقوقية تحديات حقيقية على مستوى توحيد جهودها وتفعيل أدوارها داخل المجتمع ومن أجل إقرار حقوق الإنسان، ماهي في نظركم السبل والوسائل لربح رهان وحدة الحركة الحقوقية وتقوية حضورها وفعاليتها وقطع الطريق على كل المحاولات التي تبدل من أجل تشتيتها وإضعافها ؟
الجانب الإيجابي في الحركة الحقوقية المغربية هو ما راكمته خلال سنوات الرصاص وما بعده في مواجهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا وتعدد تنظيماتها واختصاصاتها بل التعدد حتى في اختصاص واحد. لكن ضعفها يكمن في توحيد جهودها. لقد كان المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف هو المبادر في تأسيس الإتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان وظل من بين الفاعلين الأساسيين داخله إلى اليوم. كما لعب المنتدى دورا بيداغوجيا حاسما لتقريب وجهات نظر أعضاء هيأة متابعة توصيات المناظرة الوطنية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لتنظيم الندوة الدولية بمراكش في أبريل 2018 والتي خرجت بتوصيات جد هامة وجب تنزيلها على أرض الواقع. كما يعتبر المنتدى هذا الإتلاف مكسبا للحركة الحقوقية المغربية رغم كونه يشكو من نواقص ننكب حاليا على معالجتها، لأن الجميع مقتنع بإعادة النظر في المقاربات والآليات التي كان يشتغل بها، ونحن الآن بصدد إنجاز تشخيص له لمعرفة نقط قوته ونقط ضعفه لتجويد أداءه. زيادة على هذا يجب أن يسود داخله (أي الائتلاف) مبدأ تقبل الاختلاف، لأن كل إطار له مقاربته وله خصوصيته، لأن دون ذلك فسنتجه إما إلى الهيمنة أو إلى ضعف التوحيد أو غيابه. يستحب كذلك أن تضع الحركة الحقوقية أولويات في كل مرحلة تتجند لها أغلب الهيئات الحقوقية وتتوحد حولها من أجل تحقيقها وفتح المجال للابتكار والاقتراح ومقارعة المشاريع التي من شأنها التأثير في الوضع الحقوقي الوطني.
اشتغل المنتدى ومعه الطيف الحقوقي على تدابير عدم تكرار انتهاكات الماضي والضمانات الدستورية والسياسية والقانونية، ماهي حصيلة هذا الورش وماهي الإكراهات التي تواجهه ؟
في الإجمال أشياء كثيرة قد تحققت.. من قبيل تعديل الوثيقة الدستورية وتضمينها بابا كاملا ومنفردا حول الحقوق والحريات. كما تم تجريم التعذيب والاحتفاء القسري والاعتقال التعسفي وباقي الجرائم ضد الإنسانية. ثم أيضا ـفي إطار الممارسة الاتفاقية للمغرب-المصادقة على اتفاقية مناهضة الاختفاء القسري والبروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب المتعلق بالوقاية من آفة التعذيب كما تم إرساء آلية له ضمن القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في نسخته الأخيرة..
ثم تضمين التجريم الدستوري لمجمل الجرائم المذكورة سالفا في مشروع تعديل القانون الجنائي وأضيفت إليه الجرائم المضمنة في نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية..
وقد توقفت جرائم الاختفاء القسري وإن كانت هناك بعض المزاعم المتفرقة حولها.. وتتم متابعة عدد من المكلفين بإنفاذ القانون بجرائم “الاعتقال التعسفي..”
وتمت وتتم عمليات “ّّإصلاح منظومة العدالة” سواء على المستوى المؤسساتي أو على مستوى مشاريع تعديل وتغيير المدونة الجنائية..
كل هذه التغييرات وجدت نفسها أمام تحد كبير.. إثر أحداث الريف. فقد عدنا إلى الوراء بعد إشارات التراجعات مند 2014. وأصبح لدينا معتقلون على خلفية الأحداث الاجتماعية ومعتقلون سياسيون.. وننبه إلى أن الإصلاح السياسي بغض النظر عن مدى تطوره ومدى استجابته للحاجات الفعلية في المجال الديمقراطي.. ستتم ملاحقته والإمساك به ومحاصرته وتعريضه للاجدوى أمام استمرار توسع الانتهاكات.
لقد شكلت أحداث الحسيمة ونتائجها جزرا وتراجعا عن المكتسبات.. كما أظهرت عجز السلطات العمومية عن تدبير هكذا أحداث وفق قواعد تدبير النزاعات الاجتماعية على أسس ديمقراطية، لذلك فقد طالبنا دائما إلى جانب القوى الديمقراطية بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية هذه الأحداث وباقي المعتقلين على هامشها.. وكل المعتقلين بشبهة التعبير عن الرأي..
التحدي الثاني يتمثل في هذا الخندق الذي لا يريد أن يطمر بين ما يتم إقراره في الوثائق القانونية وفي التصريحات الرسمية وبين الممارسة.. وهو تحدي يطال أولا الإرادة السياسية، كما يطال الثقافة المجتمعية وتمثلاتها في تدبير الفضاء العام..
يتطلع عدد لا يستهان به من ضحايا انتهاكات الماضي لتسوية أوضاعهم وحل عدد من الملفات العالقة، نريد منكم اطلاع القراء على هذه القضايا التي تشغلكم وتشغل ضحايا انتهاكات الماضي ؟
بادر المكتب التنفيذي خلال الولاية الحالية إلى حصر هذه الملفات بعد مراجعة وتمحيص.. وكما تعلمون هناك ملفات مختلفة في هذا السياق:
- ملفات الإدماج الاجتماعي والإداري وتهم الضحايا المستفيدين من تعويض مالي مرفوق بتوصية في شأن الإدماج وأغلب ملفات هذا النوع تم حلها.. عدد منها لا زال قائما كنا على وشك التقدم فيه غير أن الجائحة وتداعياتها أوقفت التقدم بعدما اتفقنا مع المجلس الوطني في اخر لقاء معه بداية 2020 على تشكيل لجينة مختلطة لمتابعتها وخاصة ملفات تقاعد المدمجين في الوظيفة العمومية وملفات إصلاح أوضاع بعض العاملين في الوظيفة العمومية أو الملحقين بها وما يصطلح عليه بخارج الآجال.
- ملفات أهرمومو وقد تم حل عدد كبير منها على قاعدة الضحايا الذين وضعوا ملفاتهم داخل الأجل.. في حين لم يستفذ عدد منهم بسبب هذا العائق.. والحال أن أوضاعهم متشابهة في الغالب وتستحق تعاملا على الأقل متشابها.. لقد باشر المنتدى المطالبة بتسوية أوضاعهم مند صدور التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة.. واستقبل وأطر ضحايا هذه الفئة.. ونعتزم مواصلة العمل من أجل إيجاد حلول معقولة لمن لم يتمكنوا من الاستفادة من التسوية التي تمت للملف..
- وهناك أيضا الملفات التي تصنف في العادة خارج الأجل.. وهي ملفات تتعلق أساسا بضحايا الأحداث الاجتماعية من غير المنتمين وقد تم حصر المنتمين منهم للمنتدى في لائحة تم تقديمها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وتم الاتفاق بشأنها لتقديمها للحكومة قصد إيجاد تسوية معقولة لها..
ومن جهة أخرى فقد قدم المنتدى مقترحا يخص تعديل القانون 00-65 المتعلق بالتغطية الصحية ليشمل فئة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وعلى مستوى الحقيقة وتنفيذا لقرار المؤتمر الوطني الخامس ولنتائج المناظرة الدولية التي انعقدت بمراكش في أبريل 2018 والخاصة بمطلب إنشاء آلية وطنية لاستكمال الحقيقة بادر المنتدى إلى تنظيم ورشة في الموضوع في مارس 2019 انبثقت عنها لجنة خاصة واصلت أشغالها طوال هذه الفترة وتمكنت من:
- إنجاز تقرير تركيبي / مذكرة لمجمل مسار “الحقيقة” في تجربة العدالة الانتقالية المغربية؛
- وضع خطة عمل شكلت الجوانب الترافعية والإعلامية والتعبوية: بوضع المذكرة لذى الآليات الأممية المعنية (فريق العمل المعني بالاختفاء القسري- لجنة الاختفاء القسري الأممية والمقرر الخاص المكلف بالحقيقة). وفي حين تمكنا من لقاء الفريق المعني بالاختفاء القسري وتسليمه المذكرة فإن الجائحة منعت إجراءات باقي اللقاءات..
- منعت الجائحة من تنفيذ البرنامج الإشعاعي والتعبوي الذي كان مقررا تنظيمه بمناسبة اليوم العالمي للحقيقة (24 مارس) والذي كان يتضمن تنظيم لقاء موسع مع الحركة الحقوقية والمدنية الوطنية لتقديم المذكرة يتلوه بعدها تقديمها (المذكرة) للجهات الرسمية والحكومية وللأحزاب السياسية وللهيئة التشريعية والإعلامية.
نتمنى أن نتمكن في القريب العاجل من مواصلة تنفيذ هذا البرنامج..
دافعت بعض الأوساط الحقوقية ومن داخل المنتدى كذلك على أن تكون الآلية المستقلة للوقاية من التعذيب (المنبثقة عن مصادقة بلادنا على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب) كآلية داخلية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما حصل فعلا، هل في نظركم مع الجمود والصمت الذي يحيط بهذه الآلية كان ذلك الموقف صحيحا، خصوصا بعد صدور القانون المنظم للمجلس الوطني وما عاشه هذا اللأخير من تحولات ؟
ليس صحيحا أن “أوساطا” داخل المنتدى قد دافعت على أن تكون آلية الوقاية من التعذيب داخل المجلس الوطني.. بل إن المنتدى دافع عن استقلال الآلية وفق مقتضيات البروتوكول ووفق المبادئ التوجيهية ذات الصلة، بغض النظر عما إذا كانت الآلية داخل المجلس أو خارجه.. وعيا منها أن الاستقلالية عن المجلس ليست ضامنا لاستقلال الآلية وفق ما أشرت إليه أعلاه..
لقد كان من الممكن إقرار آلية مستقلة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان غير أنها لن تكون بالضرورة مستقلة عن الإدارة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن البحث عن صوابية أي من الموقفين هو في الواقع دون جدوى بل الأجدى-وفي انتظار الاطلاع على نتائج عمل الآلية الوطنية- هو العمل على خلق آلية مدنية لمرافقة عمل الوقاية من التعذيب والحرص على أن يكون عمل زيارة أماكن الاحتجاز متوافقا مع المرجعية الدولية من جهة ومع مطلب الوقاية من التعذيب من جهة أخرى..
ومع أن الآلية هي تقدم مهم في البناء الحقوقي الدولي والوطني.. فإن عدم الإقرار على مستوى البروتوكول بإلزامية نشر أشغالها وتحرياتها وتقاريرها دون موافقة الحكومات يشكل عائقا على الحركة الحقوقية وطنيا ودوليا، يجب العمل من أجل تجاوزه.