خروقات ليديك : من يوقف النزيف ؟ و هل من بدائل ؟
◆ جواد مستقبل عضو جمعية " أطاك"
موضوع التدبير المفوض في البيضاء وبالأخص ما يمكن أن نسميه فضيحة ليديك تلخص إلى حد بعيد مجموع المشاكل التي يعاني منها المواطن المغربي في علاقته بالحكام والنخبة السياسية والاقتصادية التي تسير هذه البلاد، بحيث يعتبر هذا الملف رمزا للفساد بكل أشكاله الإداري والمالي والسياسي، وكذلك رمزا لتواطؤ مكشوف لجزء كبير من هذه النخبة المتحكمة في السلطة وتقاطع مصالحها مع المصالح الاستعمارية الجديدة لفرنسا في المغرب وهو ما يفسر حرص هذه الأخير على التطبيل وتشجيع النظام على مسلسل ديمقراطية الواجهة والديمقراطية بنظام التنقيط « Goutte à goutte »، حيث لا تتردد الدبلوماسية الفرنسية في مدحه من خلال تصريحات متعددة وهو ما يبين إلى حد كبير أن المغرب شأنه في ذلك شأن مجموعة من الدول الإفريقية ما زال للأسف يشكل حديقتها الخلفية.
سأحاول أن أتناول هذا الموضوع في محورين أساسيين : الأول حول الخروقات الكبيرة التي اقترفتها شركة ليديك التابعة للشركة الفرنسية المتعددة الاستيطان سوييز SUEZوسأعتمد في ذلك على وثيقة رسمية وهي التقرير السنوي الأخير للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009.
في المحور الثاني سنحاول التطرق للبدائل الممكنة، بدائل من خارج منطق السوق، لأن المشكل في اعتقادنا ليس فقط أن هناك أشخاصا فاسدين وأن الشركة قامت بالتحايل ولكن أصل المشكل هو تفويت القطاع للخواص وإخضاع خدمات أساسية لمنطق السوق ووضعه تحت رحمة شركات خاصة عالمية أو محلية لا يهمها إلا الربح أو بتعبير أدق أكبر قدر من الأرباح. البدائل التي سنتحدث عنها ستكون من خارج السوق وسنحاول أن نستعرض بعض النماذج من مدن تخلصت من “عقدة” التدبير المفوض واستطاعت أن تحصل على جودة عالية وتحسن كافة المؤشرات خاصة التقنية والاجتماعية منها.
لنختم بمقترحات عملية حول ما لعمل هنا والآن من أجل بلورة هذه البدائل الممكنة لتتحول من أحلام إلى واقع ملموس يبنيه المواطنون والمواطنات بشكل يومي من أجل مغرب أخر ممكن أصبح اليوم ضروريا.
خروقات ليديك من خلال تقرير المجلس الأعلى للحسابات
بعد الاختلالات و التجاوزات التي سجلها الافتحاص الذي قامت به لجنة الخبرة التي تم تشكيلها بداية سنة 2008 أي عشر سنوات بعد توقيع العقد، جاء التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 لتأكيد تلك الخروقات التي اقترفتها شركة ليديك بعد استفادتها في 28 أبريل 1997 من عقد للتدبير المفوض للخدمات المتعلقة بتوزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل مدته 30 عاما، مرت منها إلى حد الآن ما يقارب 24 سنة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التفويت لم يشكل إلا عودة لسيطرة الشركات الفرنسية “المستعمر القديم/الجديد” على هذا القطاع مند سنة 1914 وإلى غاية 1964 عن طريق شركة SMD “الشركة المغربية للماء و الكهرباء” الفرنسية.
يتكون عقد التدبير المفوض من دفاتر التحملات بالإضافة إلى 14 ملحقا تمت مراجعته بواسطة عقد ملحق دخل حيز التنفيذ بتاريخ 20 ماي 2009.
يشمل تقرير المجلس الأعلى للحسابات 6 محاور هي: المشاريع، الأداء في المجال الاجتماعي، المقتضيات المالية، تسيير صندوق الأشغال، تتبع ومراقبة التدبير المفوض، نواقص تسيير المرحلة الانتقالية.
سنحاول التركيز هنا على 3 محاور الأولى الأساسية :
الخروقات في إنجاز المشاريع والمجال الاجتماعي
وقف التقرير على تملص ليديك من التزاماتها في تنفيذ العديد من المشاريع بالإضافة إلى مجموعة من الخروقات التي صاحبت تنفيذ بعض المشاريع.
و من خلال العينة المختارة لسنة 2006، لم تنجز ليديك ما يعادل 250 مليون درهم من مشاريع البنى التحتية وأشغال تقوية الشبكة المبرمجة لتلك السنة. أي ما يعادل 2.5 مليار درهم خلال عشر سنوات. و قد تبين حسب نفس التقرير أن ما يفوق 30 مشروعا لم يتم إنجازها بما فيها مشروع مكافحة التلوث بمبلغ يفوق المليار (قيمة 1996). وقد كان لعدم إنجاز هذه المشاريع وقع سيئ على جودة الخدمات وتحسين مردودية توزيع الماء التي لم تتجاوز 74 في المائة في حين أن ليديك التزمت في عقد التدبير المفوض ب 77 في المائة كهدف أدنى. كما تم تسجيل عدة حالات لأحياء سكنية يتم تزويدها بماء مشبع بالصدأ نظرا لعدم تجديد قنوات الشبكة القديمة والمصنوعة من الفولاذ الرمادي والتي بدأ استعملها منذ 1930 ولازالت تستعمل إلى اليوم وقدر طولها ب 672 كلم من القنوات وهو ما يشكل خطرا على الصحة العمومية للمواطنين.
في حين أن مشاريع أخرى تعرف تأخرا كبيرا ومنها من لا تزال منذ أكثر من عشر سنوات في طور الدراسات ومن بينها مشاريع معالجة المياه العادمة ومحاربة التلوث، بالإضافة إلى مشاريع لبنى تحتية أساسية لمكافحة الفيضانات (أحواض العاصفة Bassins d’orage، المحطات المطرية …) وخاصة مشروع “قناة الصرف الكبرى الغربية لبوسكورة Super Collecteur Ouest de Bousou-oura، …) والذي من المفترض أن يساهم في تخفيف وقع فياضانات واد بوسكورة على مدينة البيضاء. و للإشارة فقد خلف فيضان هذا الواد في نونبر من العام الماضي خسائر كبيرة وصلت إلى حد قطع كل منافذ المدينة وإلحاق العديد من الأضرار بممتلكات المواطنين… وكادت النتيجة أن تكون أسوء بكثير لولا تواجد مؤسسات كالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية EHTP وإدارة المجمع الشريف للفوسفاط OCP ومختبر LPEE التي توجد في مدخل المدينة على محور واد بوسكورة وتتوفر على مساحات واسعة ومنخفضة مما جعلها تلعب عمليا دور “أحواض عاصفة” لكن تلك الفيضانات كلفت بالمقابل هذه المؤسسات العمومية خسائر فادحة خاصة من خلال إتلاف العديد من المعطيات والحواسيب والمعدات الالكترونية..
ويذكر أن شركة ليديك تعهدت بإنجاز هذا المشروع منذ توقيعها على العقد في 1997 بقيمة مليار سنتيم، اليوم تقدر قيمة المشروع ب 60 مليار سنتيم بعد ما أعادت ليديك دراسته لعدة مرات !!
وبالتالي فإن تكلفة التأخير في إنجاز المشاريع المبرمجة والمتعاقد حولها تكون كبيرة جدا ليس فقط نظرا لارتفاع أسعار مواد البناء والخدمات أي تكلفة الإنجاز تكون مرتفعة، ولكن لأن “تكلفة عدم الإنجاز” والأضرار الناجمة عنها بالنسبة للمواطنين وسلامتهم الصحية وممتلكاتهم وتعطيل الحركة الاقتصادية يصعب تقديرها وهو ما عايشه البيضاويون في شتاء العام الماضي عندما توقفت الحياة في المدينة الاقتصادية بشكل شبه كلي ولازلنا نعيشه.
وإذ كان يحلو للبعض إلصاق انعدام الشفافية بالتسيير العمومي فمن بين ما سجله تقرير المجلس الأعلى للحسابات فيما يخص المشاريع المنجزة على قلتها هو “غياب وثائق كدراسات الجدوى والصفقات ومحاضر التسلم”. كما أن التقرير سجل تحايل ليديك وعدم احترامها للمعايير المحاسباتية من خلال تضخيم الانجازات المادية في البيانات المقدمة بنسبة تزيد عن 78 في المائة بالنسبة لنفس العينة المختارة لسنة 2006. دون الحديث عن إتلاف مجموعة من المعطيات عن السنوات الأولى وهو ما كان قد وقف عنده تقرير الخبرة في 2008.
و فيما يخص الربط الاجتماعي لم تحترم ليديك التزاماتها التعاقدية بحيث عوض 45 ألف ربط اجتماعي المتفق عليها خلال خمس سنوات لم تتجاوز النسبة 9 ألاف خلال نفس المدة وهو ما يعني حرمان ما يقارب 100 ألف من البيضاويين من حقهم في الربط بشبكة الماء الصالح للشرب منذ مجيئ ليديك.
و لم ينفع في هذا المجال العقد الإطار الذي وقعته شركة ليديك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث أن نسبة الإنجاز لم تتعدى 6 في المائة حتى تاريخ مهمة المراقبة سنة 2009 من الأهداف المسطرة والتي كان من المفروض بلوغها قبل متم نفس السنة !!
في الخروقات المالية
قامت شركة ليديك في خرق واضح لمقتضيات عقد التدبير المفوض بتوزيع أرباح على المساهمين منذ سنة 2003 في حين أن العقد الذي وقعت ووافقت عليه ينص على عدم توزيع أية أرباح قبل سنة 2006. وما يدعوا للاستغراب بالإضافة إلى غياب أي رد فعل حقيقي للسلطات والمنتخبين المكلفين بالمراقبة طيلة مدة صرف هذه الأرباح هو تواجد فرع صندوق الإيداع و التدبير وهو مؤسسة عمومية من بين المساهمين في شركة ليديك بنسبة 19 في المائة واستفادته كذلك من الأرباح قبل الأوان إلى جانب الشركة المتعددة الاستيطان سوييز التي حصلت بطبيعة الحال على حصة الأسد.
ويلخص الجدول الآتي مجموع الأرباح الموزعة إلى حدود سنة 2008 مع مقارنة مع ما كان مرتقبا في عقد التدبير الذي تم توقيعه سنة 1997:
ومن بين الخروقات المالية التي سجلها التقرير أيضا نجد كذلك ما يمكن تسميته ب ليديك كيت LYDEC GATE حيث أن المفوض له شركة ليديك لجأت وفي خرق سافر لمقتضيات العقد وبصفة أحادية إلى إبرام اتفاقية للمساعدة التقنية مع المساهمين المؤسسين لشركة ليديك وصرف تعويضات لفائدتهم تم تحديدها في :
• تعويض جزافي مرتبط برقم المعاملات على ما أسمته الشركة المساعدة التقنية المستمرة وقد قدر التقرير مبلغ هذه التعويضات ما بين سنوات 1997 و 2008 بما يقارب المليار درهم.
• مصاريف وتحملات المساعدة التقنية المباشر ومصارف المغتربين يتم فوترتها مباشرة بعد كل تدخل بطبيعة الحال ويحدد المساهمون بصفة أحادية مبلغها وحجمها وقد قدر التقرير هذه المصاريف بما يفوق 50 مليون درهم سنويا.
وتعتبر هذه التعويضات الغير قانونية تهريبا للأرباح لفائدة المساهمين وقد أكد التقرير أنها مكنتهم من استرجاع ما يعادل الرأسمال المستثمر في أقل من عشر سنوات.
وخلص التقرير إلى تجاوز المفوض له ليديك للأرباح المتعاقد عليها و قدر ارتفاع نسبة المردودية الداخلية Taux de rentabilité interne إلى 18.5 في المائة عوض 15 في المائة المنصوص عليها في العقد و التي تشمل تحمل ليديك للمخاطر.
إن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة أمام هول هذه الخروقات هو أين كانت سلطات المراقبة من منتخبين داخل مجلس المدينة وممثلي وزارة الداخلية وما الذي قاموا به من أجل إيقاف هذا النزيف ولماذا لم يتم تحريك متابعات قضائية بتبدير المال العام والربح الغير مشروع ضد هذه الشركة بعد صدور هدا التقرير. وقد ردت شركة ليديك على هذا التقرير بأن معظم التجاوزات التي وردت فيه والتي لا تنفيها كلها بالمناسبة تمت معالجتها في مراجعة 2009 وهو ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن تلك المراجعة استفادت منها أكثر ليديك بحيث تعتبرها اليوم شهادة لتبرئة ذمتها في هذه الجرائم الاقتصادية التي اقترفتها بتواطئ مع سلطات المراقبة.
و من المثير للانتباه العجرفة وعدم المبالاة التي تتعامل بها شركة ليديك ومسئوليها الفرنسيين مع سلطات المراقبة وبالمقابل نلاحظ انبطاح وخنوع معظم المسئولين عن المراقبة وصمتهم بل وحتى الدفاع عنها في بعض الحيان. فشركة ليديك لا تولي أي احترام لهذه المؤسسات وممثليها ويظهر ذلك جليا في مجموعة من المناسبات. فبالإضافة إلى القرارات التي تهم التسيير المالي للقطاع والتي اتخذتها شركة ليديك بشكل أحادي بما فيها قرار دخول البورصة، لم يكلف مدير الشركة نفسه عناء المثول أمام أعضاء المجلس بعد الأحداث المأساوية التي عرفتها المدينة شتاء العام الماضي والتي تتحمل فيها شركته قسطا كبيرا من المسؤولية.
و تجد هذه العجرفة والتعالي تفسيرهما في اعتقادنا في مستويين:
• مستوى موضوعي مرتبط بنوعية المراقبين وتورط معظمهم في عمليات فساد مباشرة أو غير مباشرة مع الشركة بما فيها شبهات تمويل حملات انتخابية لبعض المسؤولين الجماعيين مما يعطي لمديريها الانطباع بإمكانية شراء كل الذمم والتصرف كما يشاؤون في الممتلكات العامة.
• مستوى مرتبط بما يمكن تسميته بعقدة المستعمر « Le complexe du colonisé »المستبطنة لدى الطرفين بما هي إحساس دفين لدى المستعمَر و المستعمِر بسمو هذا الأخير “الطبيعي” بالمقارنة مع سكان مستعمراته القديمة/الجديدة.
في البدائل : تسيير عمومي تحت رقابة شعبية
إن حصيلة ما يقارب 24 سنة من التدبير المفوض بمدينة الدار البيضاء من طرف شركة ليديك تعد كارثية على كافة المستويات :
• في المجال الاجتماعي من خلال حرمان العديد من المواطنين من حقهم في الربط الاجتماعي والرفع الهستيري في فواتير الماء و الكهرباء سواء بشكل مباشر أو عبر تقليص الشطر الاجتماعي وهو ما أدى إلى ضرب القدرة الشرائية الضعيفة أصلا لسكان المدينة.
• في المجال التقني و جودة الخدمات: ما عدى عمليات التجميل الخارجية التي عرفتها بعض المقرات الإدارية وخاصة وكالات الأداء وتنظيم عمليات الأداء لم تكلف ليديك نقسها عناء الاستثمار من أجل تحسين جودة خدماتها كما أوضحنا ذلك سابقا.
• في المجال المالي بتهريب مبالغ هامة من الأموال بالعملة الصعبة سواء كأرباح مباشرة أو أخرى مقنعة على شكل مصاريف للشركة الأم.
• في مجال خلق مناصب الشغل تملصت ليديك من التزاماتها اتجاه حوالي 1000 من العمال العرضين السابقين والتي التزمت بترسيمهم كما تؤكد على ذلك رسالة الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي الموجهة لوزير الداخلية والتي يطالب فيها بإدماجهم.
• في المجال الإيكولوجي تبينت المردودية الضعيفة لشبكة الماء، بالتبذير الذي تتعرض له مواردنا المائية الضعيفة أصلا والمرشحة للتراجع بفعل التغيرات المناخية وغياب أي مجهود حقيقي من أجل تدارك الأمر بالإضافة إلى مواصلة قذف الجزء الأكبر من المياه العادمة في البحر بدون أية معالجة نظرا لعدم إنشاء محطات المعالجة التي تمث برمجتها منذ سنوات.
إن تجربتنا في مدينة البيضاء مع شركة ليديك والتجاوزات والتلاعبات التي عرفها تدبير هذا القطاع بعد تفويته يسقط المسلمات الليبرالية التي تبناها مسئولونا وأبدعوا في تنفيذها حتى أصبح المغرب مثالا تطلب المؤسسات المالية العالمية من الدول الأخرى اتباعه.
و يمكننا أن نلاحظ ذلك بشكل جلي في تقرير البنك الدولي لمارس 2008 حول منطقة MENA حيث يؤكد التقرير أن :
”بلدان كثيرة شرعت أيضا في تدبير مواردها المائية بشكل أكثر عقلانية، من خلال إجراء اللامركزية على مستوى اتخاذ القرار أو حتى من خلال تطوير شراكات بين القطاع العمومي والقطاع الخاص، كما هو الشأن بالنسبة المغرب.. من نواحي عديدة، ويعتبر المغرب ‘‘بطلا‘‘ في منطقة الشرق الأوسط وبلدان شمال إفريقي… كما أنه استطاع اجتذاب القطاع الخاص لتوفير التمويل والخبرة الضروريين لتدبير هذا القطاع”
ومن بين هذه المسلمات التي يتم الترويج لها من طرف دعاة الليبرالية الاقتصادية والمحافظين الجدد: سمو التدبير الخاص وفعاليته بالمقارنة مع التدبير العمومي، وتسويقهم لإطلاقية تفشي الرشوة وانعدام الشفافية في التسيير العمومي.
لدى من الضروري دحض هذه الأكاذيب وخوض هذا الصراع المفاهيمي والإيديولوجي الذي قاده الليبراليون لمدة عقود وخلف مجموعة من الأحكام المسبقة والمسلمات حتى داخل الأوساط المناضلة.
ويرافق كذلك النقاش حول البدائل المطروحة لمهزلة التدبير المفوض مجموعة من الأوهام حول صعوبة تعويض هذه الشركات العالمية وصعوبة القيام بتدبير هذه القطاعات بالاعتماد على مؤهلاتنا الداخلية. وهنا وجب التذكير بأنه لدينا من الطاقات والمؤهلات ما يكفي لتمكيننا من تدبير قطاعات حيوية من قبيل تزويد الناس بالماء الصالح للشرب و الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة..
كما أنه يمكننا الاستناد على التجارب التي خاضتها مجموعة من العواصم العالمية في العودة إلى تسيير جماعي واجتازت بنجاح هذه العودة مع تحسن ملحوظ في كل المؤشرات حتى التقنية منها.
ما العمل هنا و الآن ؟
إن التجارب السابقة تبرهن بشكل ملموس أنه بمقدورنا نحن كذلك التخلص من هذه الشركات التي تمتص خيراتنا إذا توفرت الإرادة الحقيقية وتعبئة كل الطاقات من أجل إعادة تملك مصيرنا وذلك من خلال:
• مواصلة النضال وتعبئة المواطنين للضغط من أجل محاسبة المفسدين والمتواطئين وطرد شركة ليديك ومطالبتها بتعويض البيضاويين عن الخسائر الناجمة عن سوء تسييرها وتهريبها للأموال سواء بشكل مباشر (توزيع الأرباح) أو بشكل غير مباشر (تحويلات مقنعة عن خدمات و نقل خبرة باسم الشركة الأم سوييز (SUEZ).
• إعادة هيكلة القطاع بتسيير عمومي تحت رقابة شعبية من خلال مجالس تسيير تضم تمثيلية العاملين والمستعملين والاستفادة من التجارب الناجحة في العالم السالفة الذكر.
• تشكيل جبهة وطنية واسعة من أجل استرجاع التدبير العمومي لهذه القطاعات وطرد الشركات المتعددة الاستيطان والنضال على المستوى:
• التشريعي والقانوني: دسترة الحق في الماء وضرورة تسيير موارده وتوزيعه من طرف القطاع العمومي تحت رقابة شعبية.
• العلمي والأكاديمي: البحت الجاد والنزيه حول بدائل تقدمية بمعناها الاجتماعي بما يخدم المستعملين والمستخدمين والايكولوجي بما يحافظ على ثرواتنا المائية ومحيطنا البيئي مع الاستفادة من التجارب العالمية.
• النقابي: المطالبة بالمشاركة الفعلية للمستخدمين في تسيير القطاعات العمومية والنضال من أجل تحسين أوضاعهم المعنوية والمادية من أجل أداء خدمة عمومية ذات جودة لصالح المواطنين.
• النضالي والميداني : من خلال تعبئة الشارع و الوقوف إلى جانب كافة النضالات التي يخوضها المواطنون من أجل حقهم في خدمات المياه من خلال دعمهم المباشر ورفع التعتيم الإعلامي الذي غالبا ما يحيط بمعاركهم.
ملحوظة: سيتم نشر هوامش المقالة في النسخة الالكترونية www.attari-.net