المغرب و”إسرائيل” تحالف مزعزع للاستقرار في المنطقة

 غريب محمد

    ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سرا‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬لأن‭ ‬المغرب‭ ‬حافظ‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬سرية‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬المغربي‭ ‬لم‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭ ‬عن‭ ‬تطبيع‭ ‬علاقتها‭ ‬والتحالف‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬تعتبر‭ ‬رأس‭ ‬حربة‭ ‬القوى‭ ‬الإمبريالية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬والمرفوضة‭ ‬شعبيا‭ ‬بسبب‭ ‬احتلالها‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والتي‭ ‬تواصل‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭. ‬

      ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬للسلطات‭ ‬المغربية‭ ‬يبرر‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬بضرورة‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬بتعزيز‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬تخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وأمنها،‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬المهددة‭ ‬بالسياسة‭ ‬العدائية‭ ‬للجارة‭ ‬الجزائر‭. ‬لقد‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬التطبيع‭ ‬بعد‭ ‬اعتراف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬تميزّ‭ ‬بتوقيع‭ ‬اتفاقات‭ ‬أبراهام‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مما‭ ‬شجع‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬والتوقيع‭ ‬على‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬

        ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬القوية‭ ‬بالدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬بيادقها‭ ‬على‭ ‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إسبانيا‭ ‬وألمانيا‭. ‬وقد‭ ‬انحاز‭ ‬هذان‭ ‬البلدان‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬الرباط‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الرسمية‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬خدمة‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمملكة‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فالمغرب‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لأن‭ ‬التحالفات‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لاعتبارات‭ ‬مبدئية‭ ‬وأخلاقية،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬حساسيات‭ ‬ايديولوجية،‭ ‬بل‭ ‬بالأحرى‭ ‬لاعتبارات‭ ‬المصلحة‭. 

إن‭ ‬الحقائق‭ ‬التاريخية‭ ‬تؤكد‭ ‬ذلك،‭ ‬وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬عن‭ ‬تحالفات‭ ‬دولية‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭.. ‬ويمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الاتفاق‭ ‬الألماني‭ ‬السوفيتي‭ ‬أبرز‭ ‬مثال‭ ‬يمكن‭ ‬الاستشهاد‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬

  ‬‭   ” ‬في‭ ‬عام‭ ‬1939،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬توقع‭ ‬الجميع‭ ‬مواجهة‭ ‬مسلحة‭ ‬بين‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬الشيوعي،‭ ‬لكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬23‭ ‬أغسطس‭ ‬1939‭ ‬في‭ ‬الكرملين،‭ ‬حيث‭ ‬وقع‭ ‬مفوض‭ ‬الشعب‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬فياتشيسلاف‭ ‬مولوتوف‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الألماني‭ ‬واكيم‭ ‬فون‭ ‬ريبنتروب‭ ‬ميثاق‭ ‬عدم‭ ‬اعتداء‭”‬‭ ‬1‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ “‬البروتوكولات‭ ‬السرية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تبنيها‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬واكيم‭ ‬فون‭ ‬ريبنتروب‭ ‬الثانية‭ ‬لموسكو‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬سبتمبر‭ ‬والتي‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬تقسيم‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذ‭”‬‭ ‬2‭ . ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬لكلا‭ ‬الجانبين‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬الودية،‭ ‬نوايا‭ ‬ومصالح‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬سعيا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬احتلال‭ ‬بولندا‭ ‬وكسب‭ ‬الوقت‭ ‬لمواجهة‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ ‬لاحقاً‭. ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو‭ ‬1941‭ ‬مع‭ ‬اندلاع‭ ‬عملية‭ “‬بارباروسا‭” ‬التي‭ ‬غزا‭ ‬خلالها‭ ‬الألمان‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬

      ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الانقلاب‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬جعل‭ ‬ونستون‭ ‬تشرشل،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مناهضًا‭ ‬بشدة‭ ‬للشيوعية،‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ “‬إذا‭ ‬غزت‭ ‬ألمانيا‭ ‬الجحيم،‭ ‬فسوف‭ ‬أجد‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ظروفاً‭ ‬مخففة‭ ‬للشيطان‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬بذلك‭ ‬يظهر‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحالف‭ ‬مع‭ ‬عدوه‭ ‬المعلن‭ ‬ستالين‭ ‬لمواجهة‭ ‬هتلر‭. ‬

      ‬إذن‭ ‬وفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬المنطق،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاختلاف‭ ‬الواضح‭ ‬بين‭ ‬السياقات‭ ‬التاريخية‭ ‬وطبيعة‭ ‬الفاعلين،‭ ‬فإن‭ ‬استراتيجية‭ ‬المغرب‭ ‬تبدو‭ ‬عقلانية‭ ‬وتحظى‭ ‬بدعم‭ ‬مكيافيلي‭ ‬لأنها‭ ‬تستهدف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للمملكة‭. ‬

      ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الغايات‭ ‬والمصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تحفز‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تتعارض‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمغرب‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬استراتيجية‭ “‬إسرائيل‭” ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬قديمة‭ ‬جدا‭ ‬وتجد‭ ‬ترجمتها‭ ‬في‭” ‬عقيدة‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬تصورها‭ ‬رؤوفين‭ ‬شيلوح،‭ ‬مؤسس‭ ‬الموساد،‭ ‬ونفذها‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭”‬3‭.  ‬هذه‭ ‬العقيدة،‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ “‬إسرائيل‭” ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬عزلتها‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وإقامة‭ ‬تحالفات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬نظرها‭ ‬‭”‬وجهاً‭ ‬أقل‭ ‬تطرفاً‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.” ‬4‭  ‬لكن‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬هو‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬تفككه،‭ ‬لأن‭ ‬فكرة‭ ‬تجزئة‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬وحدات‭ ‬صغيرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬هي‭ ‬فكرة‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬تفكيرها‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬ويتأكد‭ ‬الارتباط‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وفكر‭ ‬المحافظين‭ ‬الجدد‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تفكيك‭ ‬السودان‭ ‬والعراق‭ ‬وكذلك‭ ‬التوترات‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬

    ‬من‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬مخاوف‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬المغربي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عندما‭ ‬يتخذ‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬أبعاداً‭ ‬خطيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الاتفاق‭ ‬الإطار‭ ‬الذي‭ ‬وقعه‭ ‬الوزير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بيني‭ ‬غانتس‭ ‬ونظيره‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬لوديي،‭ ‬‭”‬يشمل‭ ‬،‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬،‭ ‬ونقل‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬وبيع‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمنية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬التجسس‭  ‬خاصة‭  ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستعمال‭ ‬معدات‭ ‬المراقبة‭ ‬السيبرانية‭ ‬مثل‭  .‬”‭ ‬5Pegasus‭” 

    ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬وتونس‭ ‬قلقتان‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬لأنه‭ ‬تحالف‭ ‬لا‭ ‬يهدف‭ ‬الى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬يأتي‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لمواجهة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬خارج‭ ‬مجال‭ ‬هذا‭ ‬الحلف،‭ ‬وبالتالي‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬منطقة‭ ‬متأثرة‭ ‬بصراع‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬منطقة‭ ‬تنافس‭ ‬لأهميتها‭ ‬الجيو‭-‬استراتيجية‭. ‬

      ‬لذلك‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تلجأ‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬تحالفات‭ ‬مضادة‭ ‬وحتى‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭ ‬أو‭ ‬صينية‭ ‬على‭ ‬حدودها‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬أصلا‭ ‬مصدر‭ ‬كل‭ ‬التوترات‭. ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نستنتج‭ ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى‭ ‬تقوم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الصراع‭ ‬الدائر‭ ‬بينها‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬النفود‭ ‬بتوظيف‭ ‬واستعمال‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬القوة‭ ‬هذه،‭ ‬والتي‭ ‬تحاول‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬عدوها‭ ‬المعلن،‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬يشكل‭ ‬تقدمها‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬وتطور‭ ‬ترسانتها‭ ‬الصاروخية‭ ‬الهاجس‭ ‬الكبير‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الاستقطاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬يأتي‭ ‬إعلان‭ ‬رئيس‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬يائير‭ ‬لبيد،‭ ‬الذي‭ ‬أعرب‭ ‬في‭ ‬آب‭ / ‬أغسطس‭ ‬2021‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للمغرب‭ ‬عن‭ ‬‭”‬مخاوفه‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتقارب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.”‬‭ ‬6‭ ‬وقد‭ ‬اعتبرت‭ ‬الجزائر‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬بمثابة‭ ‬تهديد‭ ‬إسرائيلي‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬دولة‭ ‬مجاورة‭. ‬

    ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬تؤكد‭ ‬الحقائق‭ ‬التاريخية‭ ‬سجل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭. ‬وتعتبر‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬سبتمبر1978‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مناحيم‭ ‬بيغن،‭ ‬نموذجا‭ ‬لذلك‭ ‬لأنها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬سلام‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الحروب‭. ‬وهكذا‭ ‬وبعد‭ ‬تأمين‭ ‬الجبهة‭ ‬الجنوبية،‭ ‬قامت‭ “‬إسرائيل‭” ‬بغزو‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1982‭ ‬لتدمير‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬شنت‭ ‬حرباً‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬بهدف‭ ‬إخراج‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬الصراع‭. ‬وعلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الشمالية‭ ‬شكل‭ ‬الجولان‭ ‬المحتل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬منذ‭ ‬حزيران‭ / ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬الشديد،‭ ‬ويمثل‭ ‬مستقبلها‭ ‬ومستقبل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬يعيق‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

      ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ “‬إسرائيل‭” ‬شيئاً‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬العدوانية‭ ‬تجاه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتجاه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأخيرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬مواقفها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬يتسم‭ ‬بخلل‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬لصالح‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والإسرائيليين‭. ‬

      ‬ومن‭ ‬المسلم‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬المغرب‭ ‬هي‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬أراضيه،‭ ‬واعتراف‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمغربية‭ ‬للصحراء،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬للأمام‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المغربية،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تخفي‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ “‬إسرائيل‭” ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مقابل‭  ‬هذا‭ ‬الاعتراف،‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬فقد‭ ‬استقلاله‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬متعددة‭ ‬المخاطر،‭ ‬حيث‭ ‬تكمن‭ ‬مصالحه‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬التوترات‭ ‬مع‭ ‬جيرانه،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬ترتيبات‭ ‬تسمح‭ ‬لدول‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬بالتعاون‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تلقي‭ ‬بثقلها‭ ‬على‭ ‬مستقبلها،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بسبب‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي،‭ ‬وكذا‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬الشريط‭ ‬الصحراوي‭ ‬والساحل‭ ‬الذي‭ ‬تنشط‭ ‬فيه‭ ‬مجموعات‭ ‬مسلحة‭ ‬مختلفة‭. ‬

      ‬لذلك‭ ‬وبمنطق‭ ‬المصالح‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬المغرب‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬منطقة‭ ‬أضعفتها‭ ‬الصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬والتنافس‭ ‬والتوترات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬الصحراء،‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أنه‭ ‬ممكن‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬وحدة‭ ‬بلدان‭ ‬المغرب‭ ‬الكبير،‭ ‬وليس‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬يطمح‭ ‬إلى‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية،‭ ‬لديه‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحالفات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬جيرانه‭ ‬وأكثر‭ ‬شمولاً،‭ ‬والجمع‭ ‬بين‭ ‬عناصر‭ ‬قوته،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬جبهته‭ ‬الداخلية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬للجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬أن‭   ‬قال‭ ‬إنه‭ “‬من‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬مصيرها‭ ‬لقرارات‭ ‬وأعمال‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما‭ ‬ودية‭”. ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬رجل‭ ‬الدولة‭ ‬العظيم‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬عن‭ ‬إنزال‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬نورماندي‭ ‬6‭ ‬يونيو‭ ‬1944‭ “‬إنها‭ ‬معركة‭ ‬فرنسا،‭ ‬وهي‭ ‬معركة‭ ‬فرنسية‭”. 

لقد‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬قد‭ ‬حررها‭ ‬الفرنسيون‭. ‬

إن‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المنطق،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عالقة‭ ‬بمنطق‭ ‬الخصومات‭ ‬ولعبة‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ليس‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬سياسة‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭ ‬جديرة‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬تحولت‭ ‬كلها‭ ‬الى‭ ‬أدوات‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬تستعملها‭ ‬في‭ ‬صراعها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬تحالف‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ “‬إسرائيل‭” ‬دليلا‭ ‬على‭ ‬تبعيته‭ ‬وعدم‭ ‬كفاءة‭ ‬سياسته‭ ‬الخارجية،‭ ‬ويلقي‭ ‬بظلال‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬دبلوماسيته‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمنه‭ ‬ووحدته‭ ‬الترابية‭.. ‬ولقد‭ ‬بدأت‭ ‬فعلا‭ ‬تظهر‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬لسياسة‭ ‬التطبيع‭ ‬هذه‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬استقبل‭ ‬رئيسها‭ ‬زعيم‭ “‬البوليزاريو‭” ‬استقبال‭ ‬رؤساء‭ ‬الدول‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬طوكيو‭ ‬للتنمية‭ ‬في‭ ‬افريقيا‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬غشت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭. ‬

        ‬إن‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تتنبأ‭ ‬وتنتظر‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬السلبي‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬لأنها‭ ‬عندما‭ ‬أدخلت‭ ” ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭” ‬كفاعل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬فهي‭ ‬بذلك‭ ‬خلقت‭ ‬واقعا‭ ‬جديدا‭ ‬ترفضه‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬أولا‭ ‬وترفضه‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬أيضا،‭ ‬ليس‭ ‬لأنها‭ ‬أكثر‭ ‬ارتباطا‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬المغرب،‭ ‬ولكن‭ ‬خوفا‭ ‬على‭ ‬استقرارها‭ ‬وأمنها‭ ‬الوطني‭. ‬وهي‭ ‬لهذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬مضادة‭ ‬ستزيد‭ ‬حتما‭ ‬في‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية،‭ ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬الامبريالية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وحليفها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬

        ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬يتأكد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬النظر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬القائد‭ ‬الأممي‭ ‬الشهيد‭ ‬المهدي‭ ‬بنبركة‭ ‬عندما‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬الطابع‭ ‬الاستعماري‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأعتبر‭ ‬أنه‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭.. ‬وكذلك‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬نضال‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بالثورة‭ ‬العربية‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬المخططات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬تعصب‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬عرقي‭. ‬

اليوم‭ ‬المثال‭ ‬المغربي‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يشكل‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬تهديدا‭ ‬للثورة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وللمصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬كلها‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬تهديدا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬للمغرب‭ ‬ولوحدته‭ ‬الترابية‭.‬‭ ‬

‭ ‬

الهوامش

1‭. ‬Gabriel Gorodetsky‭, ‬‮«‬‭  ‬les dessous du pacte germano-sovietique‭ ‬‮»‬‭, ‬le monde diplomatique‭, ‬juillet 1997

2-3-4-5-6‭. ‬Olivier Pirouet‭, ‬‮«‬‭ ‬Israel source de déstabilisation régionale‭ ‬‮»‬‭,‬Manière de voir fevrier-mars 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى