رياح تشرين

حميد ايت يوسف

رياح تشرين

أنا حزين مثلك
ومثلك أكابر
أفرد للحزن جوانحي
أمتد فيه أعلاما منكسة
وبقايا شموع منطفئة
أعاقر كؤوس الظلمة
وبطش السهاد
فيحملني الغيم بعيدا
حبات مطر تبتلعها البحار
في كل قطرة حكاية وألم
وطوابير أمل متعبة
تنتظر الإبحار
لا أشرعة ولا رياح
وسكون المراكب على الشط
صخورا مشدودة بحبال
وهدير الموج المنكسر
أنات وجع تُوَلٍّدُ الجراح
وتيه النوارس
أوراق شجر
تتراقص في انتظار السقوط
حبيبتي هذا تشرين
لا موقد لدينا ولانار
ولا قِدْر يكفي لجوعنا
الزاحف من عهر التاريخ
كسكرات الموت
وصقيع الغَرْب البارد
سم قاتل يردي الأحلام
وعواصف الشرق العاتية صرصر
يفني الوجود
كان تشرين وكنا
وصوت المطارق يوقظه الجوع
فتتراقص السنابل في نشوة
تترقب أن تمتد إليها المناجل المزهوة
بقامات تنحني وتنتصب
عازفة لعنفوانها أحلى نشيد
وعيناك تزهران ياقوتا وزمرد
يرصع المساحات السوداء
في سمائي
حسناء الحلم
يارياح تشرين
يا ابتسامة ثغر مشرقة في الظلمة
دُبّي في شرايين القلب نارا
لا تبتعدي كالغيوم المسرعة
لاتأخذي هذا العشق نحو حتفه الأخير
ابرقي أملا
واحضينيه في ابتسامتك احضنيه
اجعليه نيزكا
يضيئ قفرنا الموحش
حسناء الحلم يا رياح تشرين
لاترحلي
امكثي في حزني
في حلمي
في انكساراتي
في عنفواني
إلى أن يحين الصباح
وانبتي فوق قبري مِسْكا وعنبر
وارسمي وجوه أطفال كقرص الشمس
ونساء وجنودا
كعقد الياسمين
حبيبتي
من يوقظ فينا تشرين
لنهبه دمنا
من يشد على الجرح
ليُزهِر خريفنا ياسمين
من يبدد السحاب
ليصفو أديم السماء
تشرين ياهذا الباكي دما
هب لنا من ضلوعنا..أملا
فارسا يمتطي جذوة الحلم
لتشع الدنيا ضياء
ينزع عن الكون رداء السكون
فيزف الأغصان العارية قرابين
لشبق الشتاء
وقودا للنار المشتعلة في الصدر
لهيبا وقادا لا ينطفئ
بركانا هادرا في دواخلنا يفور
يوقظ نارتشرين المستعرة فينا
رياح تشرين هُبِّي على ربوعنا
أسقطي الورق الأصفر
واقطعي لنا وعدا بربيع أخضر
بفراشات صفر
وورد أحمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى