مشروع قانون المالية التعديلي: تمخض الجبل فولد فأرا
◆ محمد نجيب كومينة
باستثناء تعديل بعض الآجال الواردة في قانون المالية لسنة 2020 والمصادقة على المراسيم المتخذة بين دورتي البرلمان وتمكين الشركات المساهمة في صندوق كورونا من إدراج مساهماتها في التحملات للاستفادة من تخفيض الضريبة على الشركات في مدى 5 سنوات، ورفع الحماية من 30% الى 40% بالنسبة لبعض المنتجات المنتهية الصنع المستورة من البلدان التي لاتقوم بينها وبين المغرب اتفاقية للتبادل الحر ..، لايبدو أن الحكومة بدلت مجهودا لإبداع شيء يحسب لها في هذه الظرفية.
كل ماقامت به هو إعادة النظر في فرضياتها بناء على توقعات تظل مهزوزة وتنتمي للتخمين والرجم بالغيب، في سياق يجعل أي توقع قابلا للتجاوز والتقادم بمجرد صدوره، ونتيجة لذلك دخلت في حسابات يغلب عليها ميل لم يعلن عنه خطابيا الى نهج تقشفي وليس الميل الى دعم النشاط الاقتصادي بالاعتماد على تحريك الطلب كما هو مطلوب ومتبع في مختلف بلدان العالم، هذه البلدان التي عادت الى سياسات كينزية لمجابهة الدورة الاقتصادية. وما ورد بشأن الاستثمار الميزاني يظل نظريا في المجمل، ومن غير المتوقع إنجازه حتى بنسبة تتجاوز النصف.
والبين أن المنطق الذي أعد به المشروع قد بقي أسيرا للمألوف في الظروف السابقة، مند ترسخ التقويم الهيكلي ومنطقه، وكأن العالم لايشهد اليوم مراجعات تتعدى نتائج وانعكاسات الظرفية الوبائية نفسها، الشئ الذي يؤكد أن اللوبيات عندنا مؤثرة أكثر من أي مكان آخر في العالم وتشد الى العرض وليس للطلب وإلى الليبرالية المفرطة التي تلائم مصالحها الضيقة وأفقها الإيديولوجي.
هكذا نجد أنفسنا أمام تفويت فرصة استعمال أداة الميزانية بشكل فعال مثلما فوتنا فرصة استعمال السياسة النقدية على النحو المطلوب، ولو في مدى قصير، والنتيجة الطبيعية لذلك ستكون لامحالة صب الزيت على النار وخلق التدهور بدل الخروج منه. فالمعطيات الرقمية للمشروع تكاد توحي بأن الحكومة اختارت سياسة Procyclique وليس العكس المطلوب Contracyclique كما يستدعي الامر، وهذه لعمري عبقرية فريدة لايمكن ان تنتج إلا عن عقل يختزل العالم في حسابات مجردة لاتصلح حتى لتدبير ميزانيات الأسر التي تنظر إلى المدى البعيد. ويحدثونك برعونة عن الكفاءات !!، وهل من الكفاءة في شئ التعامل مع ظرفية، بالغة الصعوبة بخوف وتردد حتى لا أقول بجبن وقصر نظر !!