حوار مع الفقيه المقاصدي محمد عبد الوهاب رفيقي

الزوايا، التدين المغربي، الوهابية، بلعربي العلوي، اليسار، العيش المشترك، إمارة المؤمنين، تغلغل الوهابية،..

تواصل جريدة الطريق اقتحامها لتحليل الحقل الديني، لمزيد من الفهم العلمي، وللتفكيك العقلاني للفاعلين فيه، من أجل تملك رؤية مجتمعية ترفع منسوب الوعي، وتقطع مع رواسب التطرف والإرهاب التكفيري، وتفضح اختراق الفكر الوهابي للنسيج المجتمعي، وذلك بالارتكاز على الجانب المشرق في الجانب الروحي لتاريخ المغاربة الذي بني على قاعدة التسامح والتعدد والعيش المشترك وتقبل الاختلاف والتعدد العرقي والديني والثقافي. في هذا السياق أنجزت جريدة الطريق هذا الحوار مع الباحث والفقيه المتنور محمد عبد الوهاب رفيقي، في ذات التيمة المتعلقة بتشعب الحقل الديني في المغرب.

الطريق: ما‭ ‬تقييمك‭ ‬لمقاربة‭ ‬تاريخ‭ ‬الزوايا‭ ‬بالمغرب،‭ ‬بين‭ ‬سلطتها‭ ‬السياسية‭ ‬والدينية‭ ‬؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬الزوايا‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب،‭ ‬وسجلت‭ ‬حضورا‭ ‬قويا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬تعاقب‭ ‬الدول،‭ ‬بتعدد‭ ‬وظائفها‭ ‬وأدوارها‭ ‬الروحية‭ ‬والمادية‭ ‬وفي‭ ‬إشاعة‭ ‬التربية‭ ‬الصوفية،‭ ‬فيما‭ ‬عرف‭ ‬بالرباطات،‭ ‬وتوسع‭ ‬مجال‭ ‬نفوذها‭ ‬حتى‭ ‬خارج‭ ‬المغرب‭ ‬وفي‭ ‬ربوع‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وتطورت‭ ‬هياكلها‭ ‬لتتجاوز‭ ‬الجانب‭ ‬الديني،‭ ‬والاجتماعي‭ ‬لتدخل‭ ‬غمار‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أحقاب‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب،‭ ‬وقد‭ ‬اختلفت‭ ‬مشارب‭ ‬هاته‭ ‬الزوايا‭ ‬بين‭ ‬تأييد‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬الوقوف‭ ‬ضدها،‭ ‬كما‭ ‬وقع‭ ‬بين‭ ‬الدلائيين‭ ‬والدولة‭ ‬العلوية‭. ‬فالزوايا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لها‭ ‬فقط‭ ‬الوظيفة‭ ‬التربوية‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬التصوف،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬أيضا‭ ‬مكتبات‭ ‬للعلوم‭ ‬وخزانات‭ ‬للمخطوطات‭ ‬القيمة،‭ ‬وهنا‭ ‬كانت‭ ‬أدوارها‭ ‬الثقافية‭ ‬والتأطيرية‭. ‬ونسجل‭ ‬هنا‭ ‬أيضا‭ ‬الأدوار‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للزوايا‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬عرف‭ ‬عدة‭ ‬كوارث‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالأوبئة‭ ‬والمجاعات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تقدم‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والعزاء،‭ ‬الإيواء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تجتذب‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأتباع‭. ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬لبعض‭ ‬الزوايا‭ ‬وظائف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬بالجهاد‭ ‬العسكري‭ ‬لتحرير‭ ‬الثغور‭. ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬مهامها‭ ‬التحكيم‭ ‬والصلح‭ ‬بين‭ ‬المتخاصمين،‭ ‬وفي‭ ‬النزاعات‭ ‬حول‭ ‬السلطة‭.‬

الطريق: هل‭ ‬يمكن‭ ‬للزوايا‭ ‬الحديثة‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬دورها‭ ‬الصوفي‭ ‬والتأملي‭ ‬الحسي،‭ ‬بدل‭ ‬خوضها‭ ‬غمار‭ ‬لعبة‭ ‬المواقع‭ ‬السياسية‭؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬طبعا‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬مركزية‭ ‬الدولة‭ ‬وسيطرتها‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السلط،‭ ‬تقلصت‭ ‬أدوار‭ ‬الزوايا،‭ ‬وانكمشت‭ ‬أدوارها‭ ‬السياسية،‭ ‬وبحكم‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬مدنية‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أخد‭ ‬مسافة‭ ‬بين‭ ‬الأدوار‭ ‬التربوية‭ ‬الدينية‭ ‬والتأملية‭ ‬والممارسة‭ ‬السياسية،‭ ‬والاقتصار‭ ‬على‭ ‬التصوف‭ ‬العرفاني‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬المحبة،‭ ‬ونشر‭ ‬قيم‭ ‬الإخاء‭ ‬والسلام،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬أحبذ‭ ‬فيها‭ ‬أدوار‭ ‬الزاوية،‭ ‬ولا‭ ‬أميل‭ ‬لأي‭ ‬دور‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬غمار‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تحشر‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬المنافسة‭ ‬السياسية،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يضر‭ ‬بسمعتها‭.‬

الطريق: ما‭ ‬منظورك‭ ‬لمشروع‭ ‬الدين‭ ‬الوسطي‭ ‬الذي‭ ‬تبنته‭ ‬الدولة،‭ ‬داخليا‭ ‬بحصر‭ ‬الحقل‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‭ ‬ومجالسها‭ ‬العلمية،‭ ‬وخارجيا‭ ‬ببعثات‭ ‬أئمتها‭ ‬لنشر‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬بإفريقيا‭ ‬وأوربا‭ ‬؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أسجله‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬على‭ ‬المشروع‭ ‬الديني‭ ‬الوسطي‭ ‬للدولة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تجربة‭ ‬تستحق‭ ‬الإشادة،‭ ‬لأنها‭ ‬استطاعت‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬الدينية،‭ ‬حيث‭ ‬الجميع‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمرر‭ ‬أفكاره‭ ‬التكفيرية‭ ‬والهدامة،‭ ‬وتصاعد‭ ‬موجات‭ ‬التطرف‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬ضبطها،‭ ‬لهذا‭ ‬فحصر‭ ‬عملية‭ ‬الإفتاء‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬العلمية‭ ‬وتحت‭ ‬سلطة‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬تطرف‭ ‬الإفتاء‭ ‬التكفيري،‭ ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬مركزي‭ ‬تتطلع‭ ‬لتطبيقه‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭ ‬نخرتها‭ ‬الجماعات‭ ‬الجهادية‭ ‬الإرهابية‭.‬

الطريق:هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الدين‭ ‬الشعبي‭ ‬المغربي،‭ ‬المتسامح‭ ‬والمنفتح‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬الحضارات‭ ‬استنادا ‬للفسيفساء‭ ‬المتنوع‭ ‬للمغرب،‭ ‬وصفة‭ ‬فعالة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تطرف‭ ‬الإرهاب‭ ‬وغلاة‭ ‬التأويل‭ ‬الحرفي‭ ‬التكفيري‭ ‬؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬هو‭ ‬لتدقيق‭ ‬المصطلح،‭ ‬فأنا‭ ‬أسميه‭ ‬التدين‭ ‬المغربي،‭ ‬وذلك‭ ‬للتفريق‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬كأصول‭ ‬ومقاصد‭ ‬عامة،‭ ‬والدين‭ ‬الذي‭ ‬يحتك‭ ‬بالمجتمع‭ ‬وتأثره‭ ‬ببيئة‭ ‬وخصائص‭ ‬بلد‭ ‬ما‭. ‬لهذا‭ ‬المصطلح‭ ‬الأدق‭ ‬هو‭ ‬التدين‭ ‬المغربي،‭ ‬وهو‭ ‬وصفة‭ ‬فعالة‭ ‬ضد‭ ‬التطرف‭ ‬ولمواجهة‭ ‬موجات‭ ‬التكفير،‭ ‬لما‭ ‬يجمعه‭ ‬من‭ ‬تسامح‭ ‬واستيعاب،‭ ‬وهنا‭ ‬تحضرني‭ ‬مقولة‭ ‬أحد‭ ‬المستشرقين‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الأمازيغيين‭ ‬لم‭ ‬يسلموا،‭ ‬بل‭ ‬تمزغ‭ ‬الإسلام،‭ ‬فالتدين‭ ‬المغربي‭ ‬استوعب‭ ‬الاختلاف‭ ‬العرقي،‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬تعدد‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬والفسيفساء‭ ‬اللغوي،‭ ‬ولم‭ ‬يتعرض‭ ‬أي‭ ‬مكون‭ ‬للإقصاء‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المتأسلمين‭ ‬اليوم‭. ‬فمن‭ ‬يرصد‭ ‬بيئة‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬المغرب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخترقنا‭ ‬تيارات‭ ‬السلفية‭ ‬التكفيرية‭ ‬والوهابية‭ ‬المتطرفة،‭ ‬سيقف‭ ‬على‭ ‬سمو‭ ‬العيش‭ ‬المشترك‭ ‬المتعدد‭ ‬والمتنوع‭ ‬والقبول‭ ‬بالآخر‭ ‬الذي‭ ‬طبع‭ ‬المغاربة،‭ ‬وهنا‭ ‬نستعرض‭ ‬هامات‭ ‬بصمت‭ ‬تاريخنا‭ ‬المتنور‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تؤطر‭ ‬المشهد‭ ‬الديني‭ ‬المغربي،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬شيخ‭ ‬الإسلام‭ ‬بلعربي‭ ‬العلوي،‭ ‬ونقف‭ ‬عند‭ ‬فتاويه‭ ‬المخففة‭ ‬حول‭ ‬الحجاب‭ ‬والفوائد،‭ ‬وموقفه‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬البخاري،‭ ‬وكذا‭ ‬موقفه‭ ‬المقرب‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬اليساريين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬التدين‭ ‬الذي‭ ‬اختاره‭ ‬المغاربة‭ ‬حينما‭ ‬جعلوا‭ ‬العلامة‭ ‬بلعربي‭ ‬العلوي‭ ‬شيخا‭ ‬عليهم،‭ ‬ووزيرا‭ ‬لهم‭ ‬ومرجعا‭ ‬دينيا،‭ ‬وهذا‭ ‬البعد‭ ‬المغربي‭ ‬المتسامح‭ ‬والراقي‭ ‬الذي‭ ‬تَمَثَّلَ‭ ‬فصلَ‭ ‬الدين‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬والإيمان‭ ‬بالتعايش‭ ‬المتعدد‭ ‬ومسايرة‭ ‬العصر،‭ ‬يناقض‭ ‬موجات‭ ‬التكفير‭ ‬الوهابي‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والتي‭ ‬اخترقت‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭.‬

الطريق: هل‭ ‬يمكن‭ ‬لتقاطع‭ ‬البعد‭ ‬الإنساني‭ ‬وتلاقح‭ ‬الحضارات‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الملل‭ ‬المختلفة،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دينا‭ ‬جيدا‭ ‬للإنسانية،‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬بالطبع‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬دينه‭ ‬الخاص،‭ ‬فعلينا‭ ‬الدفاع‭ ‬بكل‭ ‬جوارحنا‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاعتقاد،‭ ‬والقناعات‭ ‬الخاصة‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المطالب‭ ‬الحقوقية‭ ‬الكبرى،‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬بجمعنا‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مشتركا‭ ‬بين‭ ‬المختلفين‭ ‬في‭ ‬الأعراق‭ ‬الأجناس‭ ‬والأديان‭ ‬والثقافات‭ ‬الحضارات،‭ ‬هو‭ ‬الإنسانية‭ ‬بقيمها‭ ‬الكبرى‭ ‬للتسامح‭ ‬والتعايش،‭ ‬والتعدد‭ ‬والتنوع‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬توجهاتهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬وقناعاتهم‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة،‭ ‬وذلك‭ ‬لتربية‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬تطرف،‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬تشدد،‭ ‬وغير‭ ‬قابلة‭ ‬للانجذاب‭ ‬للجماعات‭ ‬المتطرفة‭. ‬

الطريق: إن‭ ‬تفاعلكم‭ ‬الإيجابي،‭ ‬كفقيه‭ ‬متنور‭ ‬مع‭ ‬اقتراح‭ ‬حزب‭ ‬الطليعة‭ ‬لإلغاء‭ ‬شعيرة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬بسبب‭ ‬الضرر‭ ‬والخطورة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المغاربة،‭ ‬جلب‭ ‬لكم‭ ‬عداء‭ ‬بعض‭ ‬المتزمتين،‭ ‬ما‭ ‬منظوركم،‭ ‬لهاته‭ ‬النازلة‭ ‬؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬بكل‭ ‬صدق،‭ ‬لازلت‭ ‬أعتبر‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬المبادرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تسجيلها‭ ‬في‭ ‬تعاطي‭ ‬الدولة‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬فإن‭ ‬أسوأَ‭ ‬قرار‭ ‬اتخذ،‭ ‬وكان‭ ‬فيه‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬التسرع‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الارتجال،‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬تعطيل‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬لهذه‭ ‬السنة،‭ ‬لم‭ ‬أفهم‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬تعطيل‭ ‬صلاة‭ ‬الجماعة‭ ‬والجمعة‭ ‬والتراويح،‭ ‬وصلاة‭ ‬العيدين،‭ ‬ولم‭ ‬يعطلوا‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يواكبه‭ ‬من‭ ‬طقوس‭ ‬تقتضي‭ ‬الاجتماع‭ ‬المكثف‭ ‬والتزاحم،‭ ‬حيث‭ ‬يصعب‭ ‬احترام‭ ‬الاحتياطات‭ ‬والإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬والصحية‭. ‬لعله‭ ‬كان‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المصلحة‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬لكن‭ ‬دواعي‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬أستوعبه‭ ‬للآن،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬عطل‭ ‬هاته‭ ‬الشعيرة‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬سابقة،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬طقس‭ ‬ليس‭ ‬بفرض‭ ‬ولا‭ ‬واجب،‭ ‬وهو‭ ‬قرار‭ ‬خاطئ‭ ‬سبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬المصابين،‭ ‬والذي‭ ‬وصل‭ ‬للآلاف،‭ ‬وكذا‭ ‬عدد‭ ‬الوفيات‭ ‬بأرقام‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬بسبب‭ ‬قرار‭ ‬ارتجالي،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬حرج‭ ‬حتى‭ ‬ديني‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬هاته‭ ‬الشعيرة‭ ‬هاته‭ ‬السنة‭ ‬صونا‭ ‬لأرواح‭ ‬المغاربة‭.‬

الطريق: ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬فتوى‭ ‬الشيخ‭ ‬الكتاني‭ ‬الذي‭ ‬برر‭ ‬لزميله‭ ‬الفقيه‭ ‬اغتصاب‭ ‬الأطفال،‭ ‬كأنه‭ ‬حنين‭ ‬لزمن‭ ‬الغلمان؟

محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬رفيقي‭ :‬‭ ‬صراحة‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬جدا،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المخزي،‭ ‬أن‭ ‬تنصب‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المغتصب،‭ ‬هذا‭ ‬البيدوفيل،‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬باعتدائه‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬فأرى‭ ‬أن‭ ‬جريمة‭ ‬التبرير‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المغتصب،‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬جريمة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬نفسها‭. ‬فلا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الشخص‭ ‬إماما‭ ‬لمسجد‭ ‬أو‭ ‬مُحَفِّظاً‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ليكون‭ ‬قديسا‭ ‬أو‭ ‬منزها‭ ‬لندافع‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬نرفع‭ ‬عنه‭ ‬التهم،‭ ‬رغم‭ ‬اعترافه‭ ‬بارتكاب‭ ‬هاته‭ ‬الجرائم،‭ ‬فالخطيب‭ ‬والفقيه‭ ‬ليس‭ ‬شخصا‭ ‬معصوما،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وحشا‭ ‬ومريضا‭ ‬مختلا‭ ‬اجتماعيا،‭ ‬فبعضهم‭ ‬طالب‭ ‬بالإعدام‭ ‬للمغتصب‭ ‬الأول،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬نحى‭ ‬بعض‭ ‬المتأسلمين‭ ‬لتطبيق‭ ‬احتيال‭ “‬لن‭ ‬نسلمكم‭ ‬أخانا‭”‬،‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬الفقيه‭ ‬المغتصِب‭ ‬وحمايته،‭ ‬فقط‭ ‬لأنه‭ ‬يلبس‭ ‬نفس‭ ‬جبتهم‭ ‬ويفكر‭ ‬كما‭ ‬يفكرون،‭ ‬وأتعجب‭ ‬لفقهاء‭ ‬يطالبون‭ ‬بتفعيل‭ ‬قرينة‭ ‬حضور‭ ‬أربعة‭ ‬شهود،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قوانين‭ ‬مدنية،‭ ‬وليس‭ ‬قوانين‭ ‬فقهية‭ ‬تقليدية‭ ‬بائدة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد،‭ ‬بعدما‭ ‬تبين‭ ‬للمجتمعات‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬صالحة‭ ‬للحكم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬زنى‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬اغتصاب،‭ ‬إنها‭ ‬حالة‭ ‬بيدوفيليا‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬أطفال‭ ‬صغار‭ ‬في‭ ‬ريعان‭ ‬عمرهم،‭ ‬هذه‭ ‬جريمة‭ ‬كبرى،‭ ‬لا‭ ‬تقاس‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬عملية‭ ‬جنسية‭ ‬بين‭ ‬شخصين‭ ‬بالغين‭ ‬متراضيين‭. ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬ما‭ ‬اشتغلت‭ ‬عليه‭ ‬الوهابية‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭ ‬لازال‭ ‬أثره‭ ‬ماثلا،‭ ‬ولازال‭ ‬بيننا‭ ‬من‭ ‬يسمون‭ ‬أنفسهم‭ ‬شيوخا‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفكر‭ ‬الذي‭ ‬أنتج‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬التطرف‭ ‬ومن‭ ‬التشدد‭ ‬الذي‭ ‬نعاني‭ ‬منه‭ ‬اليوم،‭ ‬وتفريخ‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬أبدا،‭ ‬آخرها‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تفكيكها‭ ‬مؤخرا،‭ ‬مادامت‭ ‬هاته‭ ‬الأفكار‭ ‬المتطرفة‭ ‬تعيش‭ ‬بيننا،‭ ‬ومادام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشيوخ‭ ‬التكفيريون‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬إرهابهم‭ ‬التكفيري،‭ ‬ويمررون‭ ‬ذلك‭ ‬وسط‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬حازم،‭ ‬بفكر‭ ‬وهابي‭ ‬يهدم‭ ‬أسس‭ ‬المدنية،‭ ‬ويخلخل‭ ‬أمن‭ ‬الناس‭.‬

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى