عمر بلافريج ومصطفى الشناوي، أو جدلية ربط الشارع بالمؤسسات
◆ مصطفى الرابحي - عضو الهيئة التنفيذية المحلية لفدرالية اليسار الديمقراطي. وجدة
دبّرا معا التحرك في المشهد التشريعي والرقابي بطاقة عالية من المواكبة النقدية. لم يتجردا أبدا من نباهة الموقف المناسب في القضايا المناسبة..
لم يُعر مصطفى وعمر أي اهتمام لضيق حيز الدقائق الذي حاولت به الضوابط الداخلية الضاغطة تسييج مساهماتهما الثرية في المكان والزمان. استطاعا ترويض الحيز لصالح مقام الموقف.
ترسانة من المرافعات والنزالات العالية. وجودة في الأداء التشريعي رابطت على وجع وجوه الريع والكارتيلات التي زحفت على المؤسسة التي أريد لها أن تكون بؤرة لكائنات تفترس المغاربة في ما تبقى من دقيقهم.. حيث شيد الثنائي الشريف الجبهة المؤسساتية لرسالة ” الرسالة ” بتفان و نبل و عزم .
عرفت مصطفى في لقاء الندوة النقابية في العام 2003 زمن “اليسار الاشتراكي الموحد” في المقر المركزي. وجدته ميالا لصياغة قوة يسارية تجمع شتاتنا النقابي. أكبرت فيه هدوء الطبيب المناضل الميال للإنصات. واعتبرت ومازالت قدرته على التجميع فعالة جدا..
قادا البرلمانيان حوار الألف قضية بجأش و كبرياء. فتحا ملفات التعليم والصحة والحرية و الثروة والتضامن والمساواة و الكرامة.. بثقافة مؤسساتية تُدرس و بعنفوان وطني غير قابل للمزايدات. شكلا معا قدرة تشخيصية لآلام المجتمع وخسائره أمام رؤوس الأشهاد. وبسطا سلة اقتراحات تنبع من الرؤية السياسية الصادقة .
سجل الشناوي وبلافريج اعترافا لدى مختلف المراقبين بنجاعة النسق التحليلي اليساري. لم تكن لغتهما من خشب ولا حضورهما من ذات الوصف. كانا ناطقين باسم قضايا المهمشين والمحرومين والمقصيين.
حاربا من أجل قطاع عام بشخصية قطرية حداثية ومنتجة. كانا كما هو المعروف تجسيد التماس المؤسساتي النضالي مع الحيتان المفترسة ..
لم يتسنى لي معرفة عمر إلا وأنا أقتسم معه منصة ندوة إشعاعية بوجدة قبل أربع سنوات بعد زيارته المثيرة للجدل لمدينة جرادة غداة الحراك الشعبي الساخن. يسجل لبلافريج سبق زيارة تضامنية لنائب برلماني في زمن تهديدات وزارة الداخلية. كسر عمر التهديد واستقبله في المدينة المعطوبة نشطاء حراك اجتماعي يتطلع الى بديل اقتصادي يضمن الحق في الوجود الاجتماعي في مواجه إصرار قديم /جديد على إقبار مدينة بكاملها إنسانا ومجالا. بعد ذلك.. نعم كسر عمر التهديد بعناد اليساري الذي يحفر في المعنى تضامنا مع حفار ساندريات الفحم العنيد. التضامن مع ضحايا الفقر والقهر تلحفه الكادر الشاب بمروءة و إنسانية وموقف.
لست مادحا هنا للثنائي النيابي اليساري. أنا هنا أرفع عريضة اعتزاز لهما ولمن لم يصبه الجحود جراء العلل الطائفية التي تُلبد أجواءنا.
التنويه بعمر ومصطفى لايضر أحدا بيننا بل هوتنويه برصيد غني سكبا فيه عرضا جديدا من جيل جديد. وأبرقا لمن يهمه الأمر قاعدة مرجعية لكيفية ربط الشارع بالمؤسسات ..
تجربة الرجلين كانت هي الضوء الساطع الذي هزم الظلام و جحور الأزلام. من المؤسف أن نجد من أزعجه الضوء وراح يبحث عن مفتاح إطفائه. من المؤسف حقا ..
اليسار لم يكن عقيما ولذلك أنجب عمر ومصطفى والآخرين.
برافو عمر بلافريج. برافو مصطفى الشناوي ..