العاملات الزراعيات بجهة بني ملال خنيفرة: قوة إنتاجية مهمة ضحية الاستغلال الفاحش و التهميش المفرط

حرشي حسين

تشكل العاملات الزراعيات بجهة بني ملال خنيفرة نسب 50 بالمئة من اليد العاملة بالقطاع الفلاحي اي ما يزيد عن 15000 عاملة من مختلف الاعمار بما في ذاك العجائز وحتى القاصرات احيانا . و يشتغل اغلبهن في الضيعات الزراعية الكبرى والمتوسطة حيث يزاولن في الغالب الانشطة الزراعية الموسمية أهمها :

* موسم جني الزيتون : الحلقة الاهم في الانتاج الفلاحي بالجهة و التي توفر حوالي مليوني يوم عمل سنويا . و حسب معطيات المركز الفلاحي بتادلة ،فان أشجار الزيتون تمتد على مسافة تناهز ما يفوق 70500 هكتار تنتج سنويا حوالي 150000 طن من الزيتون .

* زراعة الفلفل الاحمر /النيورة: من بين أهم القطاعات المنتجة بالجهة التي تشغل العاملات 28000 طن سنويا و تشكل 85 بالمئة من الانتاج الوطني .

* جني الحوامض: ما يفوق 55000 طن سنويا / 85 بالمئة من الانتاج الوطني .

* زراعة السمسم ( الزنجلان ): ازيد من 95 بالمئة من الانتاج الوطني .

وتعتبر الوضعية القانونية لهؤلاء العاملات غير سليمة، لأن جلهن غير مصرح بهن ولا يشتغلن بأية عقود قانونية وغير مصرح بهن لذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لكونهن موسميات أو مياومات، يشتغلن في الجني والغرس وتنقية الحقول بأجور هزيلة لا تتجاوز 70 درهما في اليوم أي اقل من أجر العمال الذكور الذين لا يتقاضى الواحد منهم إلا 80 او 100 درهم في اليوم . كما يعانين من :

* انعدام الحد الادنى للأجر في خرق سافر لأدنى الحقوق الشغلية.

* انعدام الاحترام للساعات القانونية المنصوص عليها قانونيا و حرمانهن التام من حصص الراحة وانعدام ادنى شروط النظافة بمواقع الشغل …

* تشغيل الأطفال دون السن المسموح به قانونيا .

* ضعف او انعدام الانخراط في اي اطار نقابي او جمعوي بسبب الجهل و الخوف من انتقام المشغل.

* خطورة ظروف العمل تبتدئ منذ تنقيلهن من سوق الشغل /الموقف نحو الضيعات والحقول حيث يتم تكديسهن في عربات تفتقر الى أدنى شروط السلامة، مما يجعلهن عرضة لمخاطر عديدة كالحوادث المتكررة التي تنتج عنها وفيات او عاهات مستديمة في غياب أي تامين من شأنه تعويض الضحايا …

* انعدام أبسط الوسائل الوقائية من مخاطر المبيدات الفلاحية السامة التي يستعملها غالبية الفلاحين بشكل عشوائي رغم خطورتها وأضرارها بالأرض و الإنسان والحيوان وخاصة بالفرشة المائية .

* انعدام أي تامين صحي لتسهيل علاج الامراض المزمنة التي تصاب بها جل العاملات نتيجة ظروف عملهن الغير السليم …

ومن بين الأسباب التي تجعل المشغلين خاصة الفلاحين الصغار والمتوسطين أكثر جشعا واستغلالا للعاملات وتجعلهم أكثر بعدا عن الاندماج في نظام السيادة الغذائية الذي يحترم البيئة والتنوع البيولوجي والذي يحقق نتائج إيجابية لعيش الإنسان دون إلحاق الضرر بالأرض و الإنسان والحيوان:

– كونهم يعتمدون في التمويل على مداخيل الفلاحة فقط ويرفضون التوجه الى البنوك خوفا من الاقتطاع أو المتابعات الجزرية في حالة عدم التسديد.

– رفضهم الانخراط بشكل فعال في عملية انشاء الجمعيات والتعاونيات الفلاحية والفدراليات لكونهم يعتبرونها غير مستقلة ويتحكم فيها لوبي الفلاحين الكبار الفاسدين و النافذين سياسيا .

– كونهم غير مؤطرين وجاهلين امام التعقيدات التي تقصيهم من الولوج الى لائحة المستفيدين من برامج الدعم في اطار المغرب الأخضر مثلا أو مشاريع الفلاحة التضامنية ومشاريع التجميع للمنتوجات المجالية، وكذا المشاريع التي تهم عملية الري المستفيدة من صندوق التنمية الفلاحية.

– حرمانهم من التحفيزات المالية المشجعة للاستثمار الفلاحي .

– حرمانهم من التكوينات والمواكبة والاستشارة الفلاحية للتأهيل سواء على مستوى الجودة والتدبير والتسويق التي من شأنها النهوض بالقطاع الفلاحي وتحسين مداخيل الفلاح وبالتالي توفير الشروط والظروف الصحية والقانونية والإنسانية اللائقة للشغل والإنتاج و تقوية آليات المراقبة في ما يخص احترام قوانين الشغل و احترام الحريات النقابية .

   امام استمرار هذا الوضع الذي يتخبط فيه الفلاح وفي غياب سياسة حقيقية للنهوض بالقطاع الفلاحي والاجتماعي (خلق فرص الشغل من ناحية الاستثمار والتكوين والدعم والتتبع ) وتحسين مداخيل الفلاحين من خلال تهييئ البنيات التحتية ودعم الفلاحة التضامنية لتجاوز الإشكالات التي يتخبط فيها الفلاح الصغير والمتوسط ، وفي غياب التفعيل الحقيقي للقوانين واليات المراقبة لتتبع مدى احترام القوانين الشغلية وتشجيع التأطير النقابي للعاملات والعمال وحماية المدافعين عن حقوقهن، لن تتحسن وضعية العاملات الزراعيات بل سيزداد استغلالهن استفحالا خصوصا مع ارتفاع البطالة وانعدام فرص الشغل.

ومن المعلوم أن أغلب العاملات الزراعيات اللواتي يلجن سوق الشغل (الموقف) هن من ضحايا الهشاشة والفقر المدقع نتيجة السياسات الحكومية الإقصائية التي نهجتها الدولة منذ عهد الحماية الفرنسية (1912) و التي أدت وتؤدي إلى تفقير جزء كبير من الشعب المغربي وحرمته من أبسط حقوقه. كما ان تهميش البادية المغربية والحصار الانتقامي لمناطق بكاملها جراء خلفيات سياسية استعمارية دفعا أعدادا كبيرة من المواطنين الى النزوح الجماعي في اتجاه المدن بسبب الاكراهات الاقتصادية و الاجتماعية، و بالتالي تم استنبات دواوير وأحزمة البؤس جراء البناء العشوائي بمحيط المدن وتنامي مظاهر ترييف المدن وبدونتها حتى أصبحت خزانا احتياطيا لليد العاملة الرخيصة من مختلف الأعمار ( قاصرات اضطرتهم ظروف البؤس والفقر للانقطاع عن الدراسة والالتحاق بأفواج (المواقفيات) ، عجائز لفظتهن العائلات ، أرامل أو مطلقات وفتيات في مقتبل العمر ، عوانس وأمهات يغادرن بيوتهن واطفالهن قبل طلوع الشمس و لا يعدن اليها الا بعد الغروب متعبات منهوكات جراء الشغل الشاق ولفحات الشمس الخارقة وظروف الشغل الموبوءة التي غالبا ما تكون سببا في الاصابة بأمراض مزمنة يصعب علاجها في غياب تغطية صحية حقيقية. هذا بالإضافة الى الانكسار النفسي الملازم لهن بسبب ما يتعرضن له من الاهانات والتحرش والتحقير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى