الجمعية المغربية لحقوق الانسان مؤتمر ناجح وتحديات كبرى

◆ رشيد الادريسي

عقدت‭ ‬الجمعية‭ ‬المغربية‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬مؤثمرها‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬أيام‭  ‬26‭/‬27‭/‬28‭ ‬أبريل‭ ‬2019‭ ‬بالمركز‭ ‬الدولي‭ ‬للشباب‭ ‬ببوزنيقة،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬التضييق‭ ‬والحصار‭ ‬والقمع،‭ ‬الذي‭ ‬ظلت‭ ‬تتعرض‭ ‬اليه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الاخيرة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدولة،‭ ‬بهدف‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬وتحجيم‭ ‬إشعاعها‭ ‬وتأثيرها‭.‬

فالترخيص‭ ‬بعقد‭ ‬المؤتمر‭ ‬لم‭ ‬تتوصل‭ ‬به‭ ‬الجمعبة‭ ‬إلا‭ ‬قبل‭ ‬48‭ ‬ساعة،‭ ‬حيث‭ ‬اضطرت‭ ‬لعقد‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة‭ ‬26‭ ‬ابريل‭ ‬بالمركز‭ ‬الدولي‭ ‬ببوزنيقة،‭ ‬كما‭ ‬عقدت‭ ‬صبيحة‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬ندوة‭ ‬فكرية‭ ‬حقوقية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ : “‬حركة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭: ‬الادوار‭ ‬والتحديات‭”‬،

وقد‭ ‬تميزت‭ ‬الجلسة‭ ‬الافتتاحية‭  ‬التي‭ ‬ترأسها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬أحمد‭ ‬الهايج‭ ‬بحضور‭ ‬مهم‭ ‬للتنظيمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والشبكات‭ ‬والائتلافات‭ ‬الحقوقية،‭ ‬كما‭ ‬ألقيت‭ ‬فيها‭ ‬كلمات‭  ‬الهيئات‭ ‬وعائلات‭ ‬المعتقلين‭ ‬السياسين‭ ‬والمختطفيين‭ ‬ومجهولي‭ ‬المصير،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تكريم‭ ‬الرؤساء‭ ‬السابقين‭ ‬للجمعية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬المناضل‭ ‬عبد‭ ‬الرحمان‭ ‬بنعمرو‭.‬

ولقد‭ ‬تواصلت‭ ‬أشغال‭ ‬المؤتمر،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صودق‭ ‬على‭ ‬التقريرين‭ ‬الادبي‭ ‬والمالي،‭ ‬وقد‭ ‬ركزت‭  ‬التدخلات‭ ‬على‭ ‬اهمية‭ ‬تقوية‭ ‬الجمعية‭ ‬تنظيميا،‭ ‬للتصدي‭ ‬لحملة‭ ‬القمع‭ ‬والتضييق‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها،‭ ‬من‭ ‬منع‭ ‬الانشطة‭ ‬وعدم‭ ‬تسليم‭ ‬وصولات‭ ‬الإيداع‭ ‬للفروع‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬القاعات‭ ‬العمومية،‭ ‬ومحاصرتها‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬أدوارها‭.‬

‭ ‬ولقد‭ ‬ظهر‭ ‬واضحا‭ ‬ان‭ ‬جميع‭  ‬المكونات‭ ‬والحساسيات،‭ ‬التي‭ ‬تشتغل‭ ‬داخل‭ ‬الجمعية‭ ‬مقتنعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬العصيب،‭ ‬بضرورة‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬للوقوف‭ ‬ضد‭ ‬المخططات‭ ‬المخزنية،‭ ‬والتي‭ ‬تستهدف‭ ‬وجود‭  ‬الجمعية‭ ‬ومستقبلها‭.‬

لقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬اشغال‭ ‬المؤتمر‭ ‬حولي‭ ‬500‭ ‬مؤتمر‭ ‬وملاحظ،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬المتتبعين‭ ‬يمثلون‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والمدنية،‭ ‬واعتمد‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬المادي‭ ‬على‭ ‬مساهمة‭ ‬المؤتمرين‭ ‬والدعم‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬ومؤسسة‭ ‬الوسيط‭ ‬ووزراة‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬ووزارة‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬ان‭ ‬المؤتمرين‭ ‬عرضت‭ ‬عليهم‭ ‬وثائق‭ ‬ومشاريع‭ ‬المقررات،‭ ‬همت‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ : ‬التنظيم،‭ ‬التربية‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة،‭ ‬المهاجرين،‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية،‭ ‬الحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭..‬

ولقد‭ ‬ناقشت‭ ‬اللجان‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭  ‬التي‭ ‬صادق‭ ‬عليها‭ ‬المؤتمر‭ ‬في‭ ‬الجلسات‭ ‬العامة،‭ ‬كما‭ ‬انتخب‭ ‬المؤتمر‭ ‬لجنة‭ ‬ادارية‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬95‭ ‬عضوا‭ ‬وعضوة‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬32‭ ‬إمرأة‭ ‬و24‭ ‬شابا،‭ ‬باعتماد‭ ‬طريقة‭ ‬لجنة‭ ‬الترشيحات،‭ ‬كما‭ ‬صادق‭ ‬المؤتمر‭ ‬على‭ ‬البيان‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬والوطني،‭ ‬تنتصر‭ ‬للقيم‭ ‬الحقوقية‭ ‬والديمقراطية‭. ‬

خرج‭ ‬المؤتمر‭ ‬بعدد‭ ‬الخلاصات‭  ‬وقضايا‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬مقدمتها،‭ ‬موضوع‭ ‬المدافعين‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬والاهتمام‭ ‬اكثر‭ ‬بالحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬والبيئية،‭ ‬وتطوير‭ ‬العمل‭ ‬الوحدوي‭ ‬بين‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬وتفعيل‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬لحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬تحدٍ‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬ربح‭ ‬معركة‭ ‬فك‭ ‬الحصار‭ ‬وسياسة‭ ‬خنق‭ ‬وتحجيم‭ ‬دور‭ ‬الجمعية،‭ ‬وهنا‭ ‬تطرح‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬وحدة‭ ‬الجمعية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬صمام‭ ‬أمان‭ ‬في‭ ‬مسارها،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تطوير‭ ‬البعد‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والتعددي‭ ‬لحماية‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الهيمنة‭ ‬بكل‭ ‬أضرارها‭ ‬ومخاطرها‭ ‬الواضحة،‭ ‬ونهج‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتداول‭ ‬على‭ ‬المسؤوليات،‭ ‬والذي‭ ‬تكرس‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المجهود‭ ‬البنائي‭ ‬الذي‭ ‬عاشته‭ ‬الجمعية‭ ‬منذ‭ ‬مرحلة‭ ‬التأسيس‭ ‬وفي‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وانعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سمعة‭ ‬ومصداقية‭ ‬الجمعية‭ ‬وشكل‭ ‬ذلك‭ ‬أكبر‭ ‬حماية‭ ‬وتحصين،‭ ‬كما‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬علاج‭ ‬النزيف‭ ‬الذي‭ ‬عاشته‭ ‬الجمعية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الاخيرة‭ ‬والذي‭ ‬هم‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأطر‭ ‬والكفاءات‭  ‬الحقوقية‭ ‬ذات‭ ‬الخبرة‭ ‬والتجربة‭ ‬الحقوقية‭.‬

كما‭ ‬تبرز‭ ‬ملحاحية‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬أدوار‭ ‬ووظائف‭ ‬العمل‭ ‬الحقوقي‭ ‬وتطوير‭ ‬أساليبه‭ ‬وتنظيمه‭ ‬لكي‭ ‬ينسجم‭ ‬والطبيعة‭ ‬الحقوقية‭ ‬بكل‭ ‬رهاناتها‭ ‬وخصوصياتها،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمة‭ ‬ذلك‭ ‬النهوض‭ ‬بالتكوين‭ ‬وأداء‭ ‬الفروع‭  ‬وإعطاء‭ ‬برامجها‭ ‬الأسبقية،‭ ‬و‭ ‬إعطاء‭ ‬الأهمية‭ ‬للتقاربر‭ ‬الحقوقية‭ ‬الموضوعاتية‭ ‬والخاصة‭ ‬والتقارير‭ ‬الموازية‭ ‬والآليات‭ ‬الدولية‭ ‬التعاقدية‭ ‬وغير‭ ‬التعاقدية،‭ ‬والانتاح‭ ‬الفكري‭ ‬الحقوقي‭ ‬المثمر‭ ‬ليشكل‭ ‬أرضية‭ ‬صلبة‭ ‬للقوة‭ ‬الترافعية‭ ‬حول‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬والقانوني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭.‬

لقد‭ ‬شكلت‭ ‬الجمعية‭ ‬عبر‭ ‬تاريخها‭ ‬النضالي‭ ‬مدرسة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الحقوقي‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬اليوم‭ ‬لتقييم‭ ‬نقدي‭ ‬شامل‭ ‬لهذه‭ ‬التجربة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عمل‭ ‬حقوقي‭ ‬متطور‭ ‬واكثر‭ ‬فعالية‭  ‬حتى‭ ‬تواصل‭ ‬مسيرتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الحماية‭ ‬والنهوض‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والمساهمة‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الحركة‭ ‬الحقوقية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬الحق‭ ‬والقانون‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ورهان‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭. ‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬انتخبت‭ ‬اللجنة‭ ‬الادارية،‭ ‬مكتبا‭ ‬مركزيا،‭ ‬أسندت‭ ‬فيه‭ ‬الرئاسة‭ ‬للمناضل‭ : ‬عزيز‭ ‬غالي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى