النظام الضريبي: المؤدي والمستفيد
افتتاحية العدد 315
انتهت المناظرة الوطنية حول النظام الضريبي المغربي المطبوع باختلالات عميقة قطاعية وجهوية والتي نظمت بالصخيرات ما بين 3 و4 ماي 2019. ومن مفارقات هذه المناظرة والتي سبقتها أن المسؤوليين عن اختلالات المنظومة الجبائية هم أنفسهم من يتحدث عن إصلاحها!
وبغض النظر عن كل ما قيل وكتب حول ضرورة الإصلاح وأهميته لتخفيض العبء الضريبي وتحفيز الاستثمار وتحقيق العدالة الضريبية، فإن ما سمي بالإصلاحات التي طبقت حتى الآن لم تحقق ولو جزءا من الأهداف المعلنة في مناظرة 2013، بل زاد النظام الضريبي من تعميق الفوارق الطبقية وتكريسها، ويكفي أن نذكر بالمعطيات التالية:
73 % من مداخيل الضريبة على الدخل تأتي من الأجور مقابل 5 % من المهنيين (المهن الحرة). متوسط مساهمة الأجير أعلى خمس مرات من مساهمة المهني!، فما يؤديه مثلا إطار خارج السلم في الوظيفة العمومية أو أستاذ جامعي يعادل خمس مرات متوسط ما يؤديه طبيب اختصاصي في القطاع الخاص، 6 % من أطباء القطاع الخاص يؤدون أقل من عشرة آلاف درهم كضريبة على الدخل وخمسة آلاف تاجر جملة يؤدون أقل من 5000 درهم و47 ألف مقاولة لتجارة الجملة لا تصرح بنتائجها.
ومن المعلوم أن مبلغ الإعفاءات الضريبية للأنشطة والقطاعات المستفيدة بلغ بين 2006 و2013 ما قدره 234 مليار درهم وتستفيد منها أساسا لوبيات الفلاحة والسياحة والعقار والتعليم الخاص الذي راكم ثروات على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي.
بالنسبة للشركات 1 % منها فقط تؤدي 80 % من الضريبة على الشركات، في حين أن ثلثي الشركات تصرح بأنها تعمل بخسارة ومنذ عقود! وطبعا الكل يعلم حجم التهرب والغش الضريبيين بسبب الفساد المستشري في إدارات الضرائب. ولابد من التذكير أيضا أن أهم المداخيل الضريبية تأتي من الضريبة على القيمة المضافة، وهي ضريبة يؤديها المستهلكون وهم في أغلبيتهم من ذوي الدخل المحدود. ويوجد ما يقارب نصف الأنشطة الاقتصادية أو ما يعرف بالاقتصاد غير المهيكل خارج أي استحقاق ضريبي.
هذا من جهة الأداء حيث يتبين أن ثقل الضريبة على الدخل يقع على عاتق الأجراء بينما الفئات المحظوظة تراكم الثروات ولا تؤدي شيئا أو تؤدي أقل بكثير مما يجب أن تؤديه. أما من الذين يستفيدون من المالية العمومية أي من مداخيل الدولة من الضرائب فهم المتحكمون في هندسة قوانين المالية وشبكة الأجور والتعويضات، وفي الصفقات العمومية، أي ما أصبح يعرف بالمخزن الاقتصادي وزبنائه.
إن كل ما تقدم وهو غيض من فيض يكشف لماذا تحارب الديمقراطية وتزور الانتخابات وتصادر سيادة الشعب، لأن الصراع الطبقي هو صراع مصالح، ومصالح مادية بالأساس، ودور ديمقراطية الواجهة شرعنة السيطرة على السلطة والثروة… وعليه ينبغي على القوى المناضلة من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية أن تناضل من أجل إقرار عدالة ضريبية وجعل محاربة الفساد في هذا القطاع من أولوياتها.