ماذا لو كان كشك شاعرا ؟

◆ محمد العزوزي

قد‭ ‬يبدو‭ ‬التساؤل‭ ‬غير‭ ‬منطقي‭ ‬لتواجد‭ ‬ال‭”‬لو‭ ” ‬في‭ ‬أول‭ ‬التساؤل‭ ‬وما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬حمولات‭ ‬دلالية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جملة‭ ‬اعترافا‭ ‬صريحا‭ ‬بالعجز‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يتمنع‭ ‬على‭ ‬التغيير‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬و‭ ‬المؤثرات‭ ‬التي‭ ‬يبقى‭ ‬لها‭ ‬السلطة‭ ‬و‭ ‬القرار‭ ‬عليه‭ . ‬

مناسبة‭ ‬الكلام‭ ‬والداعي‭ ‬لطرح‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعرفه‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬هيمنه‭ ‬لخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬و‭ ‬الحقد‭ ‬الذي‭ ‬يروج‭ ‬له‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدعاة‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يربطهم‭ ‬بقيم‭ ‬الدين‭ ‬السمحاء‭ ‬غير‭ ‬ذقون‭ ‬و‭ ‬لحي‭ ‬تجد‭ ‬شرعيتها‭ ‬في‭ ‬متون‭ ‬ونصوص‭ ‬مشكوك‭ ‬في‭ ‬شرعتيها‭ ‬ضمن‭ ‬مدونات‭ ‬تم‭ ‬جمعها‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬تاريخية‭ ‬مشبوهة‭ . ‬

فما‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬كشك‭ ‬والشعر؟

كشك‭ ‬المعني‭ ‬بالكلام‭ ‬هو‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬كشك‭ ‬الداعية‭ ‬السلفي‭ ‬المصري‭ ‬الذي‭ ‬رحل‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬لكن‭ ‬صوته‭ ‬القوي‭ ‬و‭ ‬الجهوري‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬حاضرا‭ ‬ينبعث‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬حين‭ ‬تمر‭ ‬للمسجد‭ ‬لأداء‭ ‬صلاتك‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يرمي‭ ‬سمومه‭ ‬إليك‭ ‬من‭ ‬عربات‭ ‬يدفعها‭ ‬شباب‭ ‬بلباس‭ ‬أفغاني‭ ‬يحرضك‭ ‬على‭ ‬كراهية‭ ‬الآخر‭ ‬المختلف‭ ‬كيفما‭ ‬كانت‭ ‬نوعية‭ ‬اختلافك‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬السواء‭ ‬فالآخر‭ ‬هو‭ ‬أصل‭ ‬الشرور‭ ‬التي‭ ‬تلفنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬ملعون‭ ‬ويجب‭ ‬محوه‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬حتى‭ ‬و‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الاختلاف‭ ‬بسيطا‭ . ‬

حين‭ ‬تستقل‭ ‬وسيلة‭ ‬نقل‭ ‬لتتنقل‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬ما،‭ ‬لما‭ ‬تطلق‭ ‬سراحك‭ ‬جحافل‭ ‬المتسولين‭ ‬التي‭ ‬تمطرك‭ ‬بأدعية‭ ‬عفى‭ ‬عليها‭ ‬وعافها‭ ‬الزمن‭ ‬حتى‭ ‬يأتي‭ ‬دوره‭ ‬لتعذيبك‭ ‬بالكلام‭ ‬بالتحالف‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬سائقي‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭  ‬بصوت‭ ‬مرتفع‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬وعن‭ ‬التحريم‭  ‬وسلطة‭ ‬الحرام‭ ‬والحلال‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬على‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬من‭ ‬مساحات‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية‭ . ‬

أمام‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬المقرفة‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬يبقى‭ ‬الحلم‭ ‬بواقع‭ ‬آخر‭ ‬مشرق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيه‭ ‬جميل‭.‬

فالجمال‭ ‬و‭ ‬الحب‭ ‬و‭ ‬التسامح‭ ‬مطالب‭ ‬إنسانية‭ ‬ووجودية‭ ‬لإعطاء‭ ‬الواقع‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬إنسانية‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬سوى‭ ‬ذاك‭ ‬الكائن‭ ‬الجميل‭ ‬المفعم‭ ‬بالإحساس‭ ‬الشاعري‭ ‬بالحياة‭ ‬ومباهجها‭ ‬

فماذا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬كشك‭ ‬شاعرا؟

سيكون‭ ‬العالم‭ ‬جميلا‭ ‬صوته‭ ‬الجهوري‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضفي‭ ‬على‭ ‬الكلمة‭ ‬بعدا‭ ‬إلقائيا‭ ‬و‭ ‬يمنحها‭ ‬أجنحة‭ ‬ذهبية‭ ‬لتحلق‭ ‬بالأذهان‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الحب‭ ‬والتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬فأجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬إنسانيته‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفيض‭ ‬معينها‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬نحو‭ ‬الإنسان‭ ‬و‭ ‬كل‭ ‬كائن‭ ‬كيفما‭ ‬كان‭ ‬نوعه‭ . ‬

وحبذا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الكلمة‭ ‬شعرية‭ ‬لما‭ ‬للكلمة‭ ‬الشعرية‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬لا‭ ‬تقاوم‭ ‬لدى‭ ‬النفوس‭ ‬التواقة‭ ‬للسامي‭ ‬والجميل‭.. ‬

ولكن‭ ‬بين‭ ‬لو‭ ‬والواقع‭ ‬مسافات‭ ‬ضوئية‭ ‬يصعب‭ ‬اختراقها‭ ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬أمامها‭ ‬إلا‭ ‬السؤال‭ ‬كدافع‭ ‬للحلم‭ ‬وهذا‭ ‬أضعف‭ ‬الإيمان‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى