الممارسة الدينية، بين الصحة والسلطة

◆ محمد امباركي

يحكي‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬الأوبئة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬بالبشرية‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬مفعول‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬يقينيات‭ ‬ومعتقدات‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬اتجاهين‭ ‬متناقضين،‭ ‬إما‭ ‬أنها‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬زعزعة‭ ‬المعتقد‭ ‬العام‭ ‬والشك‭ ‬في‭ ‬الديانة‭ ‬السائدة‭ ‬التي‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الناس‭ ‬وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬تختفي‭ ‬هذه‭ ‬الديانة‭ ‬لتحل‭ ‬محلها‭ ‬ديانة‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬العكس‭ ‬حيث‭ ‬تؤدي‭ ‬الصدمة‭ ‬الوبائية‭ ‬الى‭ ‬العودة‭ ‬القوية‭ ‬للتدين‭ ‬حيث‭ ‬يتحول‭ ‬الدين‭ ‬الى‭ ‬ملاذ‭ ‬وملجأ‭ ‬ورهان‭ ‬إنقاذ‭ ‬رباني‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الراهن‭ ‬أي‭ ‬زمن‭ ‬كورونا‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭ ‬والصحي‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬الميدانية‭ ‬المباشرة‭ ‬ويقيم‭ ‬فيه‭ ‬العلم‭ ‬والعلماء‭ ‬داخل‭ ‬المختبرات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اكتشاف‭ ‬العلاجات‭ ‬المضادة،‭ ‬لا‭ ‬تصبح‭ ‬الأولوية‭  ‬للنقاش‭ ‬حول‭ ‬تواري‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬الى‭ ‬الخلف‭ ‬والتعليق‭ ‬المؤقت‭ ‬لبعض‭ ‬الشعائر‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدينية،لأن‭ ‬هذه‭ ‬مسألة‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الأوبئة‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭ ‬فيها‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬التدين‭ ‬حرية‭ ‬شخصية‭ ‬ولا‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬إيديولوجية‭ ‬مغلقة‭ ‬تعتمد‭ ‬منطق‭ ‬التعبئة‭ ‬وتجييش‭ ‬بسطاء‭ ‬الناس‭ ‬ضحايا‭ ‬التهميش‭ ‬والتجهيل‭ ‬والتفقير،‭ ‬إما‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬غلق‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬وتعطيل‭ ‬بعض‭ ‬الطقوس‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوقائية‭ ‬ضد‭ ‬الأوبئة،‭ ‬أو‭ ‬تصريح‭ ‬بعض‭ ‬قادة‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسلاموية‭ ‬بأن‭ ‬تعطيل‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬من‭ ‬الكبائر،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬لا‭ ‬تسعفها‭ ‬المساجد‭ ‬فتمتد‭ ‬الى‭ ‬خارجها‭ ‬بالأزقة‭ ‬المحاذية‭ !‬،‭ ‬وإما‭ ‬بدعوى‭ ‬التضرع‭ ‬لله‭ ‬في‭ ‬مسيرات‭ ‬جماعية‭ ‬لدحر‭ ‬الوباء،‭ ‬وكذلك‭ ‬خروج‭ ‬بعض‭ ‬فقهاء‭ ‬الصراخ‭ ‬للترويج‭ ‬لفكرة‭ ‬أن‭ ‬الوباء‭ ‬انتقام‭ ‬إلهي،‭ ‬أو‭ ‬اقتراح‭ ‬بعض‭ ‬الوصفات‭ ‬العلاجية‭ ‬العشوائية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لتجاوز‭ ‬العلم‭ ‬وادعاء‭ ‬تفوق‭ ‬وهمي‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬دعاية‭ ‬وتضخيم‭ ‬لصاحبها‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭. ‬وهنا‭ ‬يصبح‭ ‬الدين‭ ‬بمثابة‭ ‬رأسمال‭ ‬تجاري‭ ‬لتشجيع‭ ‬الإقبال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬بضاعة‭ ‬فاسدة‭.. ‬وهكذا‭ ‬يتحول‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬أنفسهم‭ ‬الى‭ ‬مصدر‭ ‬ضرر‭ ‬حقيقي‭ ‬للدين‭ ‬نفسه،‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬الدين‭ ‬وتلجأ‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الأزمة‭ ‬كمراحل‭ ‬التمرد‭ ‬عليها‭ ‬والثورة‭ ‬ضدها،‭ ‬ألم‭ ‬يقل‭ ‬فيلسوف‭ ‬العقلانية‭ ‬العظيم‭ ‬ابن‭ ‬رشد‭ “‬إن‭ ‬التجارة‭ ‬بالأديان‭ ‬هي‭ ‬التجارة‭ ‬الرائجة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬التي‭ ‬ينتشر‭ ‬فيها‭ ‬الجهل‭.”‬

وبالتالي‭ ‬فالسؤال‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬الدين‭ ‬والوباء‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الممارسات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المعركة‭ ‬ضد‭ ‬الجائحة‭ ‬باعتبارها‭ ‬معركة‭ ‬مجتمعية؟‭ ‬بمعنى‭ ‬كيف‭ ‬يصبح‭ ‬الدين‭ ‬في‭ ‬أبعاده‭ ‬الطقوسية‭ ‬والرمزية‭ ‬وفضاءاته‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوقائية‭ ‬ضد‭ ‬الوباء؟‭. ‬أي‭ ‬كيف‭ ‬تصبح‭ ‬الممارسة‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الصحة‭ ‬وليس‭ ‬السلطة؟

يمكن‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬العزيمة‭ ‬والوعي‭ ‬المواطناتي‭ ‬أن‭ ‬ننتج‭ ‬مجتمعا‭ ‬مدنيا‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الدين‭ ‬كممارسة‭ ‬سوسيو‭ ‬ـ‭ ‬ثقافية‭ ‬ذاتية‭ ‬خارج‭ ‬الرهانات‭ ‬الإديوـ‭ ‬سياسية‭ ‬الكبرى‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصراع‭ ‬حول‭ ‬السلطة‭ ‬وتسييس‭ ‬الجوائح‭ ‬أو‭ ‬تعبئة‭ ‬احتياطي‭ ‬ديني‭ ‬خفي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحراكات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والانتفاضات‭ ‬الشعبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬كالزوايا،‭ ‬الجمعيات‭ ‬الدينية،‭ ‬وفقهاء‭ ‬الكتاتيب‭..‬،‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬خلال‭ ‬حراك‭ ‬20‭ ‬فبراير‭ ‬والحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬بالريف‭. ‬وقد‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬قيم‭ ‬التضامن‭ ‬والتعايش‭ ‬والتطوع‭ ‬و‭ ‬التجاوب‭ ‬الايجابي‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التدابير‭ ‬الاحترازية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالسلوك‭ ‬الديني،‭ ‬كإغلاق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬وتعطيل‭ ‬الطقوس‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مصدرا‭ ‬حيويا‭ ‬للوباء‭ ‬كصلاة‭ ‬الجمعة،‭ ‬صلوات‭ ‬الأعياد،‭ ‬الحج،‭ ‬شعيرة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭..‬،‭ ‬تفاديا‭ ‬لإضافة‭ “‬البؤرة‭ ‬الدينية‭” ‬إلى‭ ‬خريطة‭ ‬البؤرتين‭ ‬المهنية‭ ‬والمدرسية‭.. ‬قد‭ ‬يعكس‭ ‬هذا‭ ‬الرضى‭ ‬شبه‭ ‬الجماعي‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬شعورا‭ ‬علمانيا‭ ‬كامنا‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬السوسيولوجي‭ ‬محمد‭ ‬الناجي،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬والمريدين‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬التوعية‭ ‬الصحية‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المساجد،‭ ‬وذلك‭ ‬باستغلال‭ ‬ميكروفونات‭ ‬الآذان‭ ‬والخطب‭ ‬الدينية‭ ‬الرقمية‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ودعوة‭ ‬المواطنين‭ ‬مؤمنين‭ ‬وغير‭ ‬مؤمنين‭ (‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬الكل‭ ‬مؤمن‭ ‬لأنه‭ ‬هناك‭ ‬المؤمن‭ ‬الممارس‭ ‬والمؤمن‭ ‬غير‭ ‬الممارس‭ ‬والمؤمن‭ ‬بفكرة‭ ‬أخرى‭) ‬إلى‭ ‬التقيد‭ ‬بالإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬كالتعقيم‭ ‬وغسل‭ ‬اليدين‭ ‬وارتداء‭ ‬الكمامة‭ ‬والتباعد‭ ‬الجسدي‭ ‬وتفادي‭ ‬التجمعات‭..‬؟‭ ‬أو‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬التأهب‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬المساجد‭ ‬الى‭ ‬مستشفيات‭ ‬ميدانية‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تفشي‭ ‬واسع‭ ‬للوباء؟،‭ ‬وكذا‭ ‬الدعوة‭ ‬الى‭  ‬تحويل‭ ‬مالية‭ ‬الأوقاف‭ ‬والشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬الضخمة‭ ‬ومداخيلها‭ ‬العينية‭ ‬والمالية‭ ‬المعروفة‭ ‬والمسكوت‭ ‬عنها‭ ‬لصالح‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة؟‭..‬

فكم‭ ‬من‭ ‬ديانة‭ ‬قامت‭ ‬بالإشعاع‭ ‬لنفسها‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬مساعدة‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الجائحة‭ ‬بدل‭ ‬توزيع‭ ‬وعود‭ ‬جنات‭ ‬النعيم‭ ‬وحور‭ ‬الحين‭ ‬وفراديس‭ ‬شتى‭ ‬المتع،‭ ‬والتي‭ ‬تستوجب‭ ‬الانصياع‭ ‬لدعاوي‭ ‬الجهادية‭ ‬وفقه‭ ‬الحرب‭ ‬والقصاص؟‭  ‬وكم‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬دين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬المواجهة‭ ‬واصبحوا‭ ‬شهداء‭ ‬الواجب‭ ‬الديني‭ ‬والصحي؟،‭ ‬ولكن‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬دين‭ ‬أيضا‭ ‬قتلوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬وقتلوا‭ ‬معهم‭ ‬الناس‭ ‬بدعواتهم‭ ‬الرعناء‭ ‬إلى‭ ‬التجمعات‭ ‬وإقامة‭ ‬الشعائر‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الجوائح،‭ ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الأوروبي‭ ‬والإسلامي‭..‬

إن‭ ‬خدمة‭ ‬الدين‭ ‬للعلم‭ ‬والعلم‭ ‬للدين،‭ ‬لا‭ ‬تستقيم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬لآليات‭ ‬اشتغال‭ ‬المنطق‭ ‬العلمي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬سلطة‭ ‬الحجة،‭ ‬والمنطق‭ ‬الديني‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الإيمان‭ ‬والتسليم‭ ‬والعلاقة‭ ‬الفردية‭ ‬المحضة‭ ‬بالله‭ ‬بدون‭ ‬وساطات‭ ‬فقهية‭ ‬أو‭ ‬مؤسساتية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬سعي‭ ‬الأيدولوجية‭ ‬الفقهية‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬العلم،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الإشكالية‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬العقل‭ ‬والنقل‭ ‬والسياسة‭ ‬والدين‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافية‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬إشكالية‭ ‬غذتها‭ ‬وتغذيها‭ ‬أنظمة‭ ‬سياسية‭ ‬مستبدة‭ ‬سياسيا‭ ‬ودينيا،‭ ‬وحاولت‭ ‬تاريخيا‭ ‬أن‭ ‬تستمد‭ ‬مشروعية‭ ‬وجودها‭ ‬وأصلها‭ ‬وقراراتها‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬القداسة‭ ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬الخليفة‭ ‬ظل‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬تعرض‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والفلاسفة‭ ‬لهذه‭ ‬الإشكالية‭ ‬بالتفكيك‭ ‬من‭ ‬منطق‭ ‬أن‭ ‬عدم‭ ‬حسمها‭ ‬تاريخيا‭ ‬هو‭ ‬امتداد‭ ‬بشكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬للاستبداد‭ ‬السياسي‭ ‬والديني،‭ ‬إلا‭ ‬وتعرض‭ ‬للحصار‭ ‬والاغتيال‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬تحالف‭ ‬الفقهاء‭ ‬والسلطان‭ ‬سواء‭ ‬قديما‭ ‬أو‭ ‬حديثا‭.. ‬

من‭ ‬هنا،‭ ‬فإن‭ ‬الدعوة‭ ‬لتحرير‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬الدولة‭ ‬ومن‭ ‬سلطة‭ ‬الفقه‭ ‬المتمذهب‭ ‬والجماعة‭ ‬السياسية‭ ‬بغطاء‭ ‬ديني،‭ ‬هو‭ ‬الضامن‭ ‬لحرية‭ ‬ممارسته‭ ‬وتمثله‭ ‬كجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الوجدان‭ ‬الجمعي‭ ‬للمجتمع‭ ‬وأخلاقه‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية‭.. ‬لهذا‭ ‬لما‭ ‬اقترح‭ ‬حزب‭ ‬الطليعة‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬تعليق‭ ‬شعيرة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬كآلية‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬الاستباقية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للجائحة،‭  ‬تم‭ ‬تحميل‭ ‬المقترح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حجمه‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬دعاة‭ “‬الإسلام‭ ‬الإيديولوجي‭” ‬وأنصار‭ ‬أطروحة‭ “‬مستقبلنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نسكن‭ ‬في‭ ‬ماضينا‭ ‬المجيد‭” ‬بمحاربة‭ ‬قيم‭ ‬العقل‭ ‬والتقدم‭ ‬لكن‭ ‬بالاستمتاع‭ ‬بثمارهما‭ ‬المادية‭ ‬والرمزية‭ ‬بطريقة‭ ‬انتقائية‭ ‬فجة‭ ‬تعكس‭ ‬الأزمة‭ ‬العميقة‭ ‬للذهنية‭ “‬الأصولية‭” ‬والمشروع‭ ‬الماضوي‭ !‬،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المقترح‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬عميق‭ ‬لتاريخية‭ ‬الممارسة‭ ‬الدينية‭ ‬والمنافحة‭ ‬عن‭ ‬الرسالة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬للدين،‭ “‬وَلا‭ ‬تُلْقُوا‭ ‬بِأَيْدِيكُمْ‭ ‬إِلَى‭ ‬التَّهْلُكَة‭” ‬البقرة‭:‬195،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬المقترح‭ ‬أية‭ ‬اعتبارات‭ ‬إيديولوجية،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬أبعاد‭ ‬صحية‭ ‬وبيئية‭ ‬قحة‭ ‬أكدت‭ ‬صدقيتها‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬والتطور‭ ‬المهول‭ ‬للحالة‭ ‬الوبائية‭ ‬التي‭ ‬فاقمت‭ ‬من‭ ‬تفشيها‭ ‬جدلية‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الجماعية‭ ‬المحيطة‭ ‬بالعيد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والمقاومة‭ ‬الوبائية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬وهذه‭ ‬كلها‭ ‬تجليات‭ ‬لفشل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الاستباقية‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تنفصل‭ ‬عن‭ ‬فشل‭ ‬الدولة‭ ‬ككل‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬الحقل‭ ‬الديني‭ !.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى